دار خولة > مراجعات رواية دار خولة

مراجعات رواية دار خولة

ماذا كان رأي القرّاء برواية دار خولة؟ اقرأ مراجعات الرواية أو أضف مراجعتك الخاصة.

دار خولة - بثينة العيسى
تحميل الكتاب

دار خولة

تأليف (تأليف) 3.7
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم



مراجعات

كن أول من يراجع الكتاب

  • لا يوجد صوره
    3

    تملكتني الدهشة بعدما انهيت الرواية القصيرة أو القصة الطويلة "دار خولة"، ليس بسبب صدمة النهاية فقط، ولكن لأنني شعرت بأن الرواية على قصرها الشديد حملت في طياتها مواضيع عدة، وظلت أسئلة مشروعة تمر بذهني: هل هذه الرواية عن الأمومة؟ عن الشيخوخة؟ عن التنصل من الهوية؟ عن الأمركة؟ عن إقصاء النساء من المجتمع؟ فوجدت إنها عن كل ذلك، وذلك ما أدهشني أنني وجدت ما أفكر فيه وأثارته في الرواية؛ أكبر بكثير عن عدد صفحاتها، بل وحتى وجدت إنك لو جردتها من كل رمزياتها ومواضيعها، لظلت حكاية درامية اجتماعية؛ تفجرت في أخر الرواية، ليظهر لنا الدم الحار والعنف الجسدي بسبب تراكمات الماضي بل وربما الغيرة أيضاً بداخل عائلة واحدة! كل هذا، ويمكنك أن تجد مواضيع أخرى بداخل الرواية، وعلى حسب نظرتك يُمكنك أن تُضيف أو تحذف.

    لمستني شخصية "خولة" وأعجبني رسم شخصيتها، فهي العاقلة المثقفة صاحبة الآراء الهجومية على المجتمع وزيفه، قالت "خولة" كلمات حقيقية واقعية، ولكنها قوبلت بالسخرية من المجتمع، تم تحويلها إلى ميم متداول، رغم جدية طرحها، وإن كان يتسم بالجذرية والعنف في طياته، هي تريد حلول سحرية، لتجعل المجتمع يوتوبيا مرة أخرى، ولكنها في نفس الوقت، لديها عيوبها، في نطاق أسرتها، فهي تفضل ابناً على أخر، مما خلق الغيرة بين أولادها، لتتفجر في أحد المشاهد المجنونة بقرب النهاية، فمن قال أن المثقف أو المفكر أو الكاتب يُطبق أفكاره عن العدالة والمساواة بداخل نطاق أسرته أيضاً؟ فلا يهمها نجاح أحد أولادها طالما أن من تفضله أو فلنقل من رفضها كأم، لا يُفضلها وحياته -طبقاً لأحكام المجتمع وأحكامها- تتجه إلى الهاوية، وبين تناحر الولدين -هل يصح قول ولدين على بالغين؟- يأتي الأخ الثالث قبل إسدال ستار النهاية -مثل أي شرطة تحترم نفسها- مفصولاً عن الواقع، متجنباً لعائلته، مُفضلاً الألعاب الرقمية ورفقته عن تجمع عائلي، ولو نظرت في أي عائلة داخل مجتمعاتنا اليوم ستجد مثله تماماً، فهو وإن كان يرى نفسه متنيماً لعائلته، فهو ينتمي في حدود ضيقة، لا ينكرها أو يستعر منها مثلاً، ولكنه يرى واجبه تجاه عائلته لا يتخطي نطاق ضيق من التفاعل، ويُحاول أن يعوض ذلك بلفتات مُستحدثة كصورة سيلفي أو هدية تعوض غيابه المُتكرر.

    ختاماً..

    "دار خولة" هي حكاية -دعنا نسميها حكاية دون التشتت في مسمى اللون الأدبي- تعتمد على التكثيف في بناءها السردي، فتلك الحكاية القصيرة تطرح أسئلة مُربكة، عن هويتنا وعن مجتمعنا والانسلاخ الذي يتجه إليه، وعن الهروب إلى أحضان ماما أمريكا عوضاً عن مجتمعنا وقيمه، فقيم أمريكا -وإن وجدت- سهلة وروشة وجذابة للجيل القادم، تجعلنا أكثر لمعاناً ووجاهة اجتماعية، ولكن بكل تأكيد، ستجعلنا أكثر زيفاً فننفصل عن مكاننا الحالي، فلا نعرف حتى أسماء الدول المجاورة لنا.

    3.5/5

    Facebook Twitter Link .
    59 يوافقون
    2 تعليقات
  • لا يوجد صوره
    2

    تبدو الرواية لي كفخ ! هل تعمدت اختبار القراء ؟

    نحن محبوها و محبو قلمها ، هل سنطبل لها كما تطبل لنا

    او كما تقول خولة هنا عن المثقف

    مغردٍ دبقٍ يصطَفُّ مع الجماهير، حتى لو كانت ضدّ نفسها»

    هل سنصطف مع محبتنا لها و لدورها الذي نبجله و تدويناتها التي ن" سكرينشوتها " و نعيد ارسالها في كل "فضاء "

    أم سنقول لها صراحة ( ما هذا المشهد من مسلسل خليجي ركيك ! )

    و لو اخذنا الرواية للإسقاطات سنقول لها

    ماهذا التشبيه البديهي لثنائية الأم / الوطن

    و الابناء المنقسمون كالشعب

    احدهما غربي فاقد الأصالة و الاخر شرقي موغل في الكسل

    الفكري و الجسدي

    و الثالث الذي نعول عليه كقراء او مشاهدين هو الذي يفكر ف الوطن فعلا و يجلب له ما قد يبر قلبه و يصلح حاله ( سمكة ) لكن ما نفع السمكة_ سواء كانت علم أو فن أو ذرية _ طالما أن بيئة السمكة سامة و الاخرون يفسدون الوطن بتناحرهم "الولداني" ؟

    هي فكرة ايضا ليست بالقوية و لم تتعمق فيها لتجعل للمجازات ثقلها

    ايضا عودة كل شر في كل رواية إلى احتلال الكويت يبدو ك " تروما أدبية "

    صحيح أني شخصيا استطيع مد جذور لكل حدث ف حياتي إلى الثورة و ما بعدها لكن يبدو ذلك كثيرا و مبالغ فيه احيانا !

    موجة التأمرك حصلت في كل البلاد العربية بعيدا عن احتلال الكويت!

    لو كانت في زمن المجلات الثقافية و الجرائد الأسبوعية ، كما مضى و نشرت فيها لكانت فائقة الحلاوة لكن كونها كتاب و مصنف رواية يجعل الحكم أصعب

    ،

    انا احب بثينة ، لا اعرف عنها الكثير و لم اكن يوما من محبي تتبع اخبار من احب فنهم أو أدبهم ، لكن اتذكر أني نفرت مما بدا لي دعاية مضادة للتدين ، فعلى قدر كراهيتي لدعاية التدين اكره الدعايا المضادة له اكثر ! ، لانها متناقضة في ذاتها ،

    و هذا بالمناسبة يشبه خولة هنا

    ف كراهيتها للتأمرك تشبه التأمرك ! هذا التحرر و السب للمجتمع مع علمها بما يحويه ارتداء الازياء الغريبة من همز و لمز و من اقحام الكلمات المبهمة من مزيد من الهمز

    فهي تنتهج نهج أمريكي بامتياز !

    المهم أني بعد زمن من البعد عن عالم بثينة حلمت بها و لأني احبها فعلا بعد الحلم عدت لعالمها و وجدته صار أكثر نضجا و أكثر ألقا و اتزانا اغبطها عليه ، و قد انتهجت نهجا "محفوظيا " و لم نعد نخبر ما تبطنه و ما هي فلسفتها و لا ميلها ، إلا ما هو حق صراح و عدل مطلق لا يجوز السكوت عنه ، و أكثر ما أحييه فيها هذا الرقي و ما أفشل في تسميته و اقتبس من خولة لفظة "التصابي" لأقول أن ما أجده لامعا في بثينة هو ( اللاتصابي ) لا تصابي على مستوى شخصي و أدبي

    و هذة الرواية لامست في هذا الموقف من الماضي وجعلتني أُكبر ما ارتضاه أبي من الاكتفاء بكونه " أب " في دولة بوليسية على عكس خولة التي لم يكفيها كونها " أم " في مجتمعات شرقية

    النوفيلا ذكرتني بأجواء كونديرا على ثرثرة فوق النيل و من اجمل ما فيها أنها عربية ! عربية جدا

    مؤخرا لمست اللغة في الروايات تبدو كأنها معدة للترجمة ! سواء باستخدام جمل سهلة التحول للغة "البيضاء" أو بمحتواها الصالح للبلع في المعدة

    "البيضاء "

    اعجبتني طريقة الأقواس ، ذكرتني ب حنة أرندت لكني لم أجد من اتقنها بهذا الظُرف و الخفة إلا هنا

    ولوهلة شعرت انها ممازحة للقارئ الدحيح الذي تختبر صبره لتجميع ما كتب بين الاقواس ليفهم اشارة ما

    وددت لو عدنا لزمن الكتابة العراقية حيث الكتاب عمودي

    كصفحات النت حاليا 📜📜

    لأرى ما قوسته وراء بعضه فقد أفهم الإشارة 😃

    Facebook Twitter Link .
    7 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5

    دار خولة

    رواية قصيرة للمفكرة بثينة العيسى، يمكن قراءتها في جلسة واحدة. لغة بثينة كما عهدتها، سلسة كالماء العذب، ولكن ما لم أستطع فهمه هو كيف يمكن لكتاب صغير أن يثلم قلبي بهذا الشكل، ويضع عصرة ليمون على جرحي.

    في “دار خولة” تجد خولة وأولادها الثلاثة: ناصر الذي يشبهني، ويوسف، وحمد. تدور أحداث القصة حول صراع الهوية العربية بين الأمركة الاستهلاكية والأصالة العربية غير التقليدية.

    المدهش في هذه الرواية أنها جعلتني أتفق مع جميع الشخصيات وأشعر بالحزن عليهم، وفي الوقت نفسه اختلفت معهم جميعًا، لأن هذه الشخصيات موجودة في واقعنا الحالي. قد يكون الإنسان ناجحًا كأب ومعلم، ولكنه فاشل كأخ وتلميذ؛ فالعلاقة مع الآخرين هي التي تحدد على أي جانب سنكون: الناجحين أم الفاشلين.

    الرواية متماسكة من أول كلمة إلى آخرها، وقد منحتها تقييم خمس نجوم لتشابه أحداثها مع واقعي. وددت لو باستطاعتي معانقة كل ناصر وكل خولة على هذه الأرض.

    وفي كون موازٍ، قد أكون ناصر وأمي خولة.

    قرأت الرواية على تطبيق #أبجد

    Facebook Twitter Link .
    7 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    2

    قراءة اولي لقلم بثينة العيسي

    بصراحة لازم اعترف اني بدات العمل بطموحات عالية و العمل كان مخيب لظني جدا

    في راي المتواضع اني العمل رقص علي السلم الفكره كان الافضل ليها تتناول في رواية طويلة لاني حاسس اني النوفيلا مبتورة لا طرحت حل ولا عرفت تتناول المشكله صح ولا انا حسيت بامشاعر ناحيه اي حد من الابطال.

    نقاط غير مرتبطة كده عن الرواية:

    - فين تاريخ خوله اللي اتذكر عشان يتقال عليها دكتوره في الفلكور و صاحبه اراء و في فترة كانت نجم في البرامج !!

    - مدرسة بتدرس المنهج الامريكي غير مجانية و طالب ولده توفي ده هيبقي رد المدرسة ده حتي غير موجود في اي فيلم امريكي هابط.

    -شاب كويتي بقي متامرك مش عارف غير دوله واحده من الدول المجاوره لبلده دي غير مقنعه تماما بالنسبالي .

    - نيجي ل يوسف المتعلم في المدارس الحكومية فين الاختلاف او انه يبان ناجح و مختلف عن اخوه اللي التعليم الامريكي اتسبب في فشله .

    -ايه دور الابن الاصغر حمد ده طالع عشان ياكل و يلعب بادل و بلاستيشن و يقول اني السمكة ميتة جدا يعني ايه ميتة جدا هو ميت فيها نص نص و جدا !!!!

    - خوله شايفها انها غلطت مع تربية ناصر طب قدرت تصلح ده في يوسف او في حمد لا .

    - الخلاصه نوفيلا اقل من العادية نجمتين مع الرافة رغم اني الفكرة كان ممكن يطلع منها عمل قوي .

    Facebook Twitter Link .
    4 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    3

    نوفيلا تجري زمنيا على مستويين : مستوى اعداد خولة للعشاء العائلي و مستوى موازي مبني على فلاش باك فيه ذكرياتها مع زوجها المتوفي و مع أبنائها ناصر و يوسف و حمد .

    الحكاية ذات بعد مكثف في المعاني و الثيمات التي تدور حول الأسرة و العلاقة بين الأم و الأبناء و الاحساس بالاغتراب .

    الحكاية تأخذ شكلا تصاعديا على المستوى النفسي و السلوكي للأبناء لنشهد لحظة الانفجار و الانهيار داخلة هذه المنظومة الأسرية الواهية حيث الابن الأكبر ناصر يحس بالغبن الحساسه بالرفض من قبل أمه و حيث الابن الأوسط يوسف يقوم بالتوحد بدور الأب داخل الأسرة و حيث الابن الأصغر حمد غائب حاضر في المنزل لاينتهي العشاء نهاية مؤلمة للجميع .

    الحكاية ذات إيقاع درامي بلمحة ساخرة و هذا ما يظهر على مستوى اللغة التي تتمشى مع بناء الشخصيات.

    Facebook Twitter Link .
    4 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    3

    كتيب صغير ولكنه أكبر دليل على أن محتوى الكتاب لا يتماثل بالضرورة مع عدد صفحاته، ففي حوالي ١٠٠ صفحة استطاعت الحكائة الرائعة بثينة العيسى، في مشهد واحد تلخيص أزمة من أهم الأزمات والهجمات التي يتعرض لها الجيل الحالي والصاعد من شباب العرب، وهي أزمة الهوية والانتماء.

    من خلال عزومة عشاء نرى خولة وأبنائها الثلاثة وهم يشخصون الأزمة، فخولة وزوجها كانا من الجيل الذي شهد وصول الجيش الأمريكي مخلصا ومحررا الكويت من الاحتلال العراقي، ولكنهم حرروا الأرض واحتلوا العقول. الزوج كان يدق ناقوس الخطر ويحذر خولة من خطر الانسياق وراء المدارس الأمريكية وما ستخرجه من أجيال ممسوخة الهوية لاهي عربية ولا غربية، وخولة كانت تمثل تيار الانسياق وراء الحداثة الأمريكية كنظام تعليمي يليق بالأجيال الجديدة، ولا تستمع الى نداء الزوج بحفظ الهوية العربية مرموزا لها باللغة. وتمر الأعوام الى مشهد الرواية في عزيمة العشاء التي رأينا خلالها طرح هذا الزرع، وكان الحصاد ٣ نماذج مشوهة، الأول شاذ والثاني محوره نفسه والثالث لا يهتم الا بمتعته.

    مع أن الرواية خاصة بالمجتمع الكويتي، ولكن الظاهرة عامة في الوطن العربي، فالغزو الثقافي الغربي يحاصرنا من كل مكان.

    محمد متولي

    Facebook Twitter Link .
    3 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    2

    صدمت عندما انتهى الكتاب!

    الكتاب ليس قصة او رواية بل هو اقرب الى لقطة فوتوغرافيا في حياة بطلة الرواية. بدايات غير واضحة و نهاية مبتورة و كأنها لقطة اقتطعت من فيلم او حلقة من مسلسل.

    الكاتبة طرحت افكارا و قضايا كبيرة و كثيرة لكن بغير عمق و حتى وجهة نظرها لم تبد لي جلية في كل ما طرحت. و كأنها تؤيد جزء من كل طرح و ترفض جزء اخر.

    كل شيء اظهرت منه طرفا فقط -الاشخاص و الصراع و العقدة و الاحداث-و تركت الباقي بغير دليل لاستنتاجه.

    الحقيقة كانت تجربة محبطة.

    Facebook Twitter Link .
    3 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    4

    الألم .. الضحية .. الإنتماء .. الهوية.

    🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸

    في قراءة هي الأولى لقلم بثينة العيسى ، طرقت باب #دار_خولة لتصحبنا الكاتبة معها في أمسية عائلية قد يحسبها المرء للوهلة الأولى أمسية دافئة تفوح منها رائحة الدولمة الشهية و تتعطر بأطيب روائح البهارات العربية والصنوبر المحمص وتتزين بألوان أخاذة بشعيرات الزعفران.

    لم تكن لهذه الأمسية حلاوة البطاطا الحلوة ، و لم يذب أفرادها كما ذابت أصابع الدولمة المذابة بالزبد .

    فمنذ الصفحات الأولى وحتى تمام الحكاية ونهايتها وعقلي يردد عبارة واحدة واضحة وقوية من أمثال أهل نجد: "كلّن يرى الناس بعين طبعه"، تلك العبارة التي توافق معناها و قول المتنبي: إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونهُ وصدّق ما يعتاده من توهُّمِ .

    تسألني من أقصد ؟؟ أجيبك بكل أريحية ، الكل يا عزيزي

    جميع أفراد تلك العائلة إن صح لنا أن نسميها عائلة .

    💥 {الأم التي لم تكتفي أبدا بكونها أم }💥

    خولة سليمان : أستاذة الفلكلور ،التي تتعمق في الماضي ولا ترى الحاضر .

    ذات يوم وقعت في غرام الحلم الأمريكي وغاصت به ، وأنسجت شرنقة لأبنائها كي تجهزهم للغد الأبيض وما لبثت أن تنصلت لفعلتها ظننا منها أنها أفاقت من الوهم. محاولة استخراج أبنائها من براثن الحضارة الواهية ، لم تعبأ لمحاولات زوجها أستاذ الأدب العربي منعها من انخراط أبنائه وضياعهم ، ذاك الذي اكتفى بكلمات لم ترقى لفعل ووقف موضع المتفرج فقط لإثبات خطئها وبرهان صحة مخاوفه ، إلا أن القدر لم يمهله فحينما حاولت خولة عبثا تصحيح ما فعلت كان الأوان قد فات حتى أن مقولة ولدها الأوسط يوسف بعد زمن على هذه الأحداث لتصف بمنتهى الدقة ما فعلته عندما أخرجت أبنائها من أنياب الحداثة الأمريكية وإني لأقتبس في هذا السياق تلك الجمل المعبرة من الراوية ذاتها .

    الاكتشاف الذي جاء متأخرا ❞ «أمريكا ليست بلدًا آخر، أمريكا هي البلد، بألف لام التعريف، والآخرون هم الآخرون». ❝

    وما جاء على لسان يوسف ولكنه وصف حال خولة حينما حاولت تصحيح مسار الحياة التي رسمتها لأبنائها .

    💥 «ساعات أحسن ما توصل خير شر »💥

    🔹 خولة تلك الأم التي تبغي الكمال لأبنائها ، ولا تبذل أدنى جهد لتحقيق هذا الكمال ، ألم يعتصر أي إمرأة تقرأ تلك الصفحات أن تكون خولة أخرى دون أن تدري ، أيما أم لتبعد فلذة كبدها برضاها ليعيش مع جدته ، من تلك التي تنتظر أن يعي وليدها خطأه ويعود وحده ثم تسمى أم ، خافت عليه من انسلاخ هويته العربية ، فماذا عن انسلاخه من أحضانها ، من سريره ، من بيته ، من اخوته

    خافت عليه من الضياع فأضاعته بمليء إرادتها ، أخذتها العزة بنفسها ففقدت أمومة ابنها .

    إن خولة هي المسؤول الأول في وجهة نظري إلى ما آل إليه ناصر .

    🔹 ناصر : ذاك الطفل البريء و المراهق الضائع ، والشاب التائه ثم الرجل المسخ .

    أمريكي برداء عربي لا هو فاز بحلم الحرية الأمريكية ولا نبت له جذر في أصوله العربية ، فبدا هشاً ، ضعيفاً كحال بلادنا وأولادنا .

    لا هم تحرروا من هويتهم الحقيقية ، وانسلخوا من أصولهم وعروبتهم ودينهم وعرقهم ، ولا هم حافظوا واستمسكوا وقبضوا على معتقداتهم و اصالتهم فوقعوا فريسة لمنطقة البين بين .

    تجردوا من كل شيء يمت للأصل بصلة حتى أنهم تاهوا فأصبحت

    ❞ «خوارم المروءةِ من مخلَّفات الماضي»، ❝

    🔹يوسف : العربي الكسول المتخاذل ، عربي شكلا لا موضوعا ، فاقد لهويته مفتعلا تمسكه بها من ملبس او سبحة أو لفظا

    يتظاهر ببر والدته واحتوائها ، وداخله يصرخ لوما لأخيه أن فرض عليه ذلك بغيابه عن البيت.

    يوسف أضعف أبناء خولة ، وأكثرهم استنكارا لها و لوماً عليها وإن أبدى غير ذلك .

    🔹 حمد : الابن الضال دون هوية ، دون انتماء ، دون عائلة

    مسخ للحال الذي صرنا عليه ، غارقا في عالمه الإفتراضي بين ألعابه الإفتراضية .

    حمد هو الدليل الحي على فشل خولة في أمومتها ، حمد هو الفرصة الضائعة التي لم تستثمرها خولة لمحاولة النجاح وتكفير أخطاء الماضي مع ولديها ومع نفسها .

    خولة عاشت سجينة لأخطائها ، عاشت تندب قارتها المفقودة ، وما تسبب أحد في ضياعها سواها .

    حاربت طواحين الهواء ، ولم تنزل قط إلى أرض المعركة.

    #دار_خولة 🏚️

    خاوية على عروشها ، تسكنها الظلال ، ظلال الماضي ، وأشباح اليوم .

    القصة في حد ذاتها مؤثرة وثرية بأفكار تعتصر القلوب ، رغم قصرها إلا أنها استطاعت في أمسية واحدة أن تدمج بين الماضي والحاضر.

    ماضي العروبة البائدة ، والعملاق الأمريكي المنقذ ، الخدعة الجميلة التي استقبلتها خولة وزوجها بالبسكويت والقهوة العربية .

    أمسية واحدة دمجت فيها الكاتبة الماضي والحاضر ، فمع تجهيز العشاء وتحميص الصنوبر ، قلبت خولة في دفاترها منذ خرجت في ذلك الصباح البائس مع زوجها للترحيب بالأبيض الأمريكي ، مرورا بوفاته وفقدها ولدها ، حتى أصبحت أضحوكة الكويت كله وغدت ميم يترامى في نكات التواصل الاجتماعي .

    أظهرت الكاتبة في سياق موجز ودقيق كيف يمكن لل ❞ «الحداثة أن تدمر البيوت»، ❝

    وكيف يمكن للمرء أن يتحول إلى مجرد ❞ «مغردٍ دبقٍ يصطَفُّ مع الجماهير، حتى لو كانت ضدّ نفسها» ❝

    خولة لم تكن أبدا خاوية ، كانت ذات فكر مستنير تحافظ على أصالة جذورها ، ولكنها لم تكن محاربة ، كانت ضعيفة تعشق دور الضحية وتؤديه بجدارة ، بل وتلقى بالاتهام على ابنها أنه يمثل الدور ذاته .

    �{لكنها لم تكن يوما ضحية أحد سوى نفسها .}💥

    الرواية اجتماعية ذات بعد درامي وإنساني وثقافي وسياسي

    بها زخم من الأفكار والأطروحات ، أخذ البعض عليها قصرها ولكني رأيت هذا القصر نقطة في قوتها ، موقف حياتي واحد وعشاء أسري كفيل لإظهار معاناة وألم كل فرد جلس إلى طاولة خولة لكنه لم يشبع .

    ❞ فالتعبير عن الألمِ، في سياقاتٍ بعينها ، مرهون بوجود من يكترث. ❝

    ❞ وشعرت أنّها شاخَت عقدًا في دقيقتين. ❝

    ❞ كلمات تشبه قارَّتها المفقودة. ❝

    المجتمعاتِ «تجوعُ بشكل موسميّ لحرق امرأة بتهمة الشعوذة أو إلقاء عذراءَ في النهر» ❝

    ❞ سئمت كونها الملامة على كلِّ شيء، وأنهكها الطّوق اللعين حول عنق الكلبةِ، ومن اضطرارها الأبدي إلى أن تظهر رديئة وزائدة إن لم نقل مؤذية. ❝

    🛑 يلومون الكاتبة أن النهاية مفتوحة. 🍁

    ولكني أرى انها نهاية مثالية، فهي انفجار للصمت الذي طال

    الصمت القاتل ، الصمت الذي قطع أواصر الوصل بين خولة وناصر. كل منهما التزم قصته و رؤيته للآخر دون أن يتفوه ببنت شفه، كل منهما لازم شقه من القصة و رسم لنفسه دور الضحية

    الأم التي تخلت عن ولدها من وجهة نظره ، والإبن الذي ابتعد و رفض أمه و تمرد عليها وفر هاربا إلى دلع جدته باغيا بذلك حريته من كل شيء وكسر قيود البقاء تحت سلطة الأم و رغباتها في الهيمنة عليه . 🍃

    الصمت الذي لازم يوسف تجاه أمه وأخيه ، الصمت الذي حينما كسر حاجزه ، طاحت معه الأخوة ، وتكسرت على أعتاب دار خولة وتناثر مع تطاير الوسائد والكتب والاستكانات وحبات الفستق ، فكان الصياح والهياج والمواجهة .

    وكيفما تدور الحياة او تنتهي ستبقى دار خولة خاوية 💨

    ❞ في كل الأطباق التي لن تعدّها، والمقادير التي لن تشتريها، والأطقم الجميلة التي لن تضطر إلى استخدامها قط.. في الغد، واليوم الذي يليه، والذي يليه، والذي يليه أيضًا: حياة مديدة قاحلة، حيثُ البيتُ فارغ جدًّا، وخولة تأكل وحيدة. ❝ 🍂

    في سلاسة لغوية ، وسرد فصيح ، ممتزج بلهجة كويتية ذات طابع شرقي محبب ، أجادت بثينة العيسى صياغة روايتها حيث رسمت لنا تلك الدار القاحلة كصحراء ملتهبة ، بل كحوض أسماك فارغ تملؤه الأحجار والنباتات المائية والطحالب القزحية ، بعد أن التهمت أسماكه بعضها البعض .

    فالأسماك كي تتعايش لابد أن تتكيف أولا مع بعضها ومع بيئتها في آن واحد . 🥀

    Facebook Twitter Link .
    2 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5

    بداية هادئة…. ونهاية غير تقليدية 👌

    الرواية تصلح لقراءات قبل النوم، والعطلات.

    .

    .

    هذه قراءتي الأول للكاتبة بثينة العيسى ، شاهدت لها لقاءات وتُعجبني أفكارها..

    الرواية كُتبت بلغة تشبه شخصية خولة، والتي كانت تتظاهر بالتحضر والثقافة وتظهر في لقاءات تلفزيونية - نسيت ماهو تخصصها أو مجال عملها ربما ناشطة اجتماعية- ، وأجدها من أولئك المُدّعين للمعرفة في شتى الأمور ويحبون الظهور، ويحتار الانسان بتصنيفهم إلى أن ينتهي الأمر بتهميشهم

    كانت خولة امرأة ناقمة على ضياع هوية مجتمعها، وتنقد الشباب وتصف الشعب بألفاظ مقعرة (فصحى غير شائعة الاستخدام) مما يثير سخرية الناس ويختصر لقاءاتها الطويلة بميمات وريكشنات يتم تداولها في مواقع التواصل، وهذا ما اسخط أولادها منها وأبعدهم عنها.

    بدأت الرواية بمشهد تحضير خولة لوجبة عشاء عائلي تجمعها بأبنائها الثلاثة، وخلاله تدور أحداث شيقة…

    Facebook Twitter Link .
    2 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    2

    أقرأ لخولة لإن سردها زجل و يشبه طعم رغوة حلوة في الفم ، و أؤجل بعض من أعمالها بُغيت مُتعة مؤجلة أتفرد بها مع الكتب و القراءة

    هذه النوفيلا الصغيرة تتحدث عن خولة و أبناءها الثلاثة الذين لم تعرف كيف تجعل منهم ما تريده ، و الخجولين من "فضيحة" أقدمت عليها في لقاء متلفز الفضيحة متمثلة في طريقة حوارها مع الاعلامي إذ أنها إختارت كلمات عصية على عقل المشاهد فجعلوا منها أضحوكة و مادة للسخرية المجتمعية ، و لكم ان تتخيلو تفاهم المجتمع الذي تعيش وسطه خولة

    وجدت الرواية مملة و غير مفهومة و سريعة جدا لكنها عميقة بدون شك و تود الكاتبة توصيل فكرة معينة ضمن سياق معين و من منطلق تجربتها ربما ، و هو ما لم أتلقفه و لم أفهمه

    Facebook Twitter Link .
    2 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    4

    كانت خولة امرأة واعية مثقفة، زوجة وأماً متنورة، ذات مبادئ. لم ترد سوى الخير والرفعة لمجتمعها وعيالها. تمسكت بتراث أمتها المجيد، بل قاتلت لكي تغرسه في نفوس أولادها غرساً. قست عليهم وعلى نفسها لأجل أن تنأى بهم عن الحضيض. بل سخّرت فكرها وقلمها لتواجه مجتمعها بوجه سافر مشيرة لعيوبه بكل تفانٍ لأن الساكت عن الحق شيطان أخرس.

    تعبت خولة على نفسها كثيراً، وعلى عيالها. ربتهم وعلمتهم وطبخت لهم بيديها لأنها آمنت برسالة الأم، ودور المثقف، وباستحقاقات الانتماء إلى النخبة التي يجدر أن تقود وتصير مثالاً يحتذى للأمة العالقة في منعطف حاد.

    ولأجل ذلك كله.. صارت خولة أضحوكة البلد.. وأولهم أبناؤها الذين أنجبتهم من بطنها.

    Facebook Twitter Link .
    2 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5

    لا يمكن أن تكون هذه الرواية أكثر كمالًا، رغم ما قابلته في بداياتي مع أعمال بثينة، ورغم اللغة البارعة التي تملكها، كنت أرى خللًا في العاطفة المفرطة التي تتبناها شخصيّاتها الروائية، لكن الموضوع اختلف هنا تمامًا.

    انطلاقًا من الفكرة التي تقول أن البيت أكثى حميمية من أي شيء آخر، تأتي شخصيّة خولة وتلقي إليك التناقضات والانسلاخ من الهُويّة ومثالياتها، تلقي التخبطات التي تتبناها السيدة التقليدية في عصر الحداثة، عن أمومة مجروحة ومتيبسة، تنتظر ماءً حتى تزهو وتخضر.

    لا يمكن أن تكون خولة أكثر وجوديّة

    ولا يمكن أن تكون الرواية أكثر كمالًا من هذا.

    5/5

    Facebook Twitter Link .
    2 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5

    أعترف بانني قررت قراءة الرواية على حين ملل، ولكن من اول جملة لم اتوقف عن الاندهاش من تماسك السرد وسلاسته، وغني اللغة و تعبيراتها حتى عندما تدخل ترجمة المصطلحات الامريكية.

    الرمزية المتقدة في كل موقف..لم استمتع بكتاب مثلما استمتعت في الساعة الماضية.. ولم استطيع ترك الكتاب ولا دقيقة حتى اكملته. وعلى الرغم من انها مثل صورة مقطعية لحياة/دار خولة الا ان غنائها وجمالها وجيش العواطف فيها كافية لان تغمرك باحساس عميق بالشخصيات.

    رائعة!

    Facebook Twitter Link .
    2 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    4

    رائعة وشيقة. اسلوب بثينة العيسى وكلماتها من اكثر الاشياء السلسة والجميلة (السهل الممتنع).

    كنت فقط اتمنى لو استفاضت اكثر عن حياة كل ولد من الاولاد اكثر لان الرواية رائعة كنت اتمنى لو تطول.

    Facebook Twitter Link .
    2 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    4

    نوفيلا موجعة .. عن الوحدة .. وعن خيبة الأمل في الذرية .. وعن الأخطاء التي من الممكن أن تفسد حياتنا للأبد

    أشبه مايكون بفيلم سينمائي قصير

    Facebook Twitter Link .
    2 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    4

    أتساءل:لماذا لم تكملى يابثينة هذا الجمال؟قصة رائعة لكننى أشعر انها فصل فى رواية لابد ان تكون اكثر إفاضة

    كنت اتمنى ان تكون رواية

    Facebook Twitter Link .
    2 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5

    نوفيلا جميلة .. ومؤلمة .. ومحكمة

    Facebook Twitter Link .
    2 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    4

    1️⃣ الموضوع : مراجـعة نقدية

    2️⃣ العمل : رواية دار خولة

    3️⃣ التصنيف : إجتماعية

    4️⃣ الكاتب : Bothayna Al-Essa

    5️⃣ الصفحات : 112 Abjjad | أبجد

    6️⃣ سنة النشر : 2024 م

    7️⃣ الناشر : منشورات تكوين

    8️⃣ التقييم : ⭐⭐⭐⭐

    📚 مقدمة :

    تكثر الكتابة في هذا المضمار ، وتتمحور في إطار الطرح الموسع للقضايا الأسرية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية للعائلة الواحدة ، وهنا نجد الكاتبة بثينة العيسى تتناول في روايتها "دار خولة" هذا الموضوع الحساس من خلال قصة تجمع بين صراع الأجيال ، والتحديات التي تواجهها الأم المثقفة في عصر الانفتاح على العالم الغربي ، تتجول في الآفاق مستنكرة هذا الانمساخ على حد وصفها ، تعلن عن سوء التصابي والتأمرك اللذان أصابا مجتمعها بعد ويلات الغزو والتحرر ، الذي أظهر ماما أمريكا بمظهر المنقذ الأبيض الجميل ، الاحتلال الناعم ، للفكر والمنطق والعقل والجسد .

    📚 الغوص في أعماق العمل:

    🔸 دكتورة في الفن الشعبي ، أرملة لدكتور في الأدب ، أم لثلاث رجال ، تصيبها شيخوخه ما بعد الخمسين ، ووحدة المتخلفين ، تركاها خاوية على عروشها ، نصبا لها الفخاخ لأمومة معطلة ، آملةً في قليل من التجمع بعد ما ضاق عليها يومها وليلها ووقتها ، فرأت العتمة في قلب الضياء ، والوحشة في عز اللقاء ، والشوق في ظلم الجفاء.

    🔸واتتها فكرة للم جمع تفرق لأسباب يضمرها أصحابها ؛ فجلبت كثيراً من المقبلات والمحببات تفكر يومها جله وكله في مائدة جامعة ، ولكن حين يجن الليل ، يفر النوم فتقبل على جميع المنومات فإذا استيقظت تعود لتفكر في هذا التجمع بعد تشتت تعددت أسبابه كل منهم يرمي بها الاخر ، تتوق لذلك يجمعهم الحب لا الإدعاء ، صورة عائلية تفخر بها بين الاصدقاء ، تجعلها ذكرى ليوم الخواء .

    🔸يتجمع ثلاثتهم دون الرابع فتدور الأحداث الناقمة ، والأهواء المتفاقمة ، التهكم الواضح ، والتجريح الفاضح ، يرمي صغيرهم كبيرهم ، وحقيرهم عظيمهم ، ويتبدى منهم على اللسان ما أخفاه الجنان ، تعزو الأم هذا على سوء الطبع والشر المتأصل فيهم ، والحداثة المبغضة ، والاحتلال الناعم ، التصابي والتأمرك .. ويعول ناصرعلى أنانيتها وجمودها وجنونها ، الذي كان نواة الشر الذي زرعته بالأمس ، واليوم تجنيه .. أما يوسف فيرمي الأكبر بالمجون والشرور بالبغض وعدم النزاهة وسوء الأخلاق .. ربما أحدكم يتساءل عن الأخير .. والحق أنه منشغل بعالمه الافتراضي ولا يهتم لمثل تلك التفاهات .. تخرج من اللقاء بأسوأ مما دخلت إليه ، وتعود إلى ما كانت عليه ، تستجلب النوم بكل ما تملك ، في الجوار حوض أسماك نفق سكانه .

    📚 رسائل وإشارات :_

    هذا العمل له ظاهر عجيب وباطن أعجب ، له واقع غريب ووقع أغرب ، إن مررت عليه سريعاً ، وجدته بديعاً ، وإن دققت فيه النظر ، واعملت فيه الفكر ، تراه ضئيل منحصر ، وبسيط مختصر ، وإن غصت في الأعماق ، وكتبت بالإحقاق ، استخرجت منه الدرر ، ونفيت عنه الكدر ، وطرحت عنه الشرر ، وأخذت منه العبر ، وإليك التالى:

    1️⃣ـ التفكك الأسري وصراع الأجيال:

    التصدع العميق في العلاقات الأسرية ، خاصة بين الأم وأبنائها ، حيث تعكس خولة صورة الأم التقليدية التي تجد نفسها غريبة بين أبنائها ، الذين يتأثرون بعالم التكنولوجيا والعولمة ، والحداثة بمفهوما السئ ، هذا الصراع يتجلى في

    تصوير الأبناء وهم يسخرون من والدتهم ويعتبرونها "ديناصورًا نسي أن ينقرض" يشير إلى الفجوة التي تتسع بين الأجيال ، حيث تتصادم الرؤى والتوقعات بين الماضي والحاضر.

    2️⃣ ـ أثر التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي:

    المشكلة أتت من هنا ، وما شعر الأولاد بالسوء إلا بعد استخدام التكنولوجيا في التشهير بها وجعلها مصدراً للنكات والميمات ... فضلاً عن تأثر حمد بها إلى حد الجنون لينسى كل شيء في سبيلها .

    3️⃣ ـ النقد الاجتماعي والسياسي:

    الرواية تشير إلى تأثير الاستعمار الناعم ما بعد الغزو والتحرير ، وأثر الهيمنة الغربية على تفكير الأجيال الجديدة ، الذي انخدعت وانغمست فيه خولة أولا ثم وآتاها الندم ، يوم لا ينفع الندم .

    4️⃣ ـ الاغتراب الداخلي والشعور بالضياع:

    يتجلى واضحاً في عدم القدرة على التأقلم ولا التغيير ، فتشعر هي بنبذ نفسها ، وتتحول كل محاولاتها إلى فشل وتنقلب حلولها رأساً على عقب .

    5️⃣ ـ قضايا الهوية والانتماء:

    خولة غيض من فيض من أسر وأمهات تعاني من تشتت هويتها كأم وكامرأة عربية ، وأبناؤها أيضًا يشعرون بالإنفصال عن هويتهم الأصلية نتيجة التأثيرات الخارجية.

    6️⃣ ـ الحلم والانكسار:

    هنا يمكن أن تتحول الأحلام إلى كوابيس ، خصوصًا عندما تصطدم بالواقع ، خولة كانت تأمل أن تعيش حياة هادئة ومستقرة ، ولكن الصراعات الداخلية مع الشيخوخة والوحدة والانعزال والفراغ .. والخارجية مع أبنائها ، أفشلت تلك الأحلام تمامًا.

    7️⃣ ـ النقد الثقافي:

    النص يعكس نقدًا خفيًا "للثقافة الإستهلاكية" التي أصبحت جزءًا من حياة الجيل الجديد ، حيث أصبح كل شيء قابلًا للتحويل إلى صورة أو عبارة ساخرة على الإنترنت ، مما أدى إلى تدمير القيم والمشاعر الحقيقية ، الإنزاع الذي سبب الأذى للأولاد كان ذلك مصدره .

    8️⃣ ـ تحديات الأمومة:

    تحديات "الأمومة في العصر الحديث" ، حيث تعاني الأمهات من صعوبة فهم أبنائهن في زمن التكنولوجيا والانفتاح ، الأم تجد نفسها وحيدة في محاولاتها لمّ شمل الأسرة والحفاظ على تماسكها...خولة مثال لمجتمع فقد السيطرة على أبنائه ، بإسم الحداثة والحرية والمرونة .

    9️⃣ ـ الحب والمسؤولية والغفران:

    أن العلاقات الأسرية ليست مثالية ، وهناك دائما خلافات ومشاعر مختلطة ، من خلال الصراعات الداخلية التي يعيشها الأفراد ، في الرواية تدعو الكاتبة القارئ للتفكير في مدى قدرتنا على التسامح وفهم الآخر داخل أسرنا.

    🔟 ـ الفراغ العاطفي:

    أن غياب الأب يخلق فراغًا عاطفيًا داخل الأسرة ، في هذا الإطار، تبرز الرواية كيف يتعامل كل فرد مع هذا الفراغ ، سواء بالاغتراب ، أو تحمل مسؤوليات إضافية ، أو الهروب إلى التكنولوجيا .

    📚 التحليل الأدبي والنقدي:

    💠ـ عظيم شأن الكتابة ، يضفى على الدنيا السلام ، ويشعر الكاتب بقوة ومنة ومتعة ، عندما يصل مراده للقارئ ، والقارئ يحتاج إلى ذلك المفهوم قصداً أو عرضاً ، ولذلك يجب على الأول أن يتسلح في سبيل هدفه بالمعلوم والمجهول ، ليصل بذلك للقلوب والعقول.

    💠ـ أما المعلوم فهي سلاح اللغة القوية ، والسرد الممتع ، والحوار المشبع ، والأسلوب الرائق ، والمضمون الفائق ، والعرض المشوق ، والحبك المدقق ، والتصوير المنمق ، والفائدة المرادة ، بكل إجادة ، ثم القيام بخياطة كل ذلك بخيط رفيع ، لا تبصره العينان ، ويصل للقلب ومنه للجَنان .

    💠ـ وأما المجهول فهي الفكرة المستحدثة ، والقصة المغلفة بالقالب الروائي ، والقدرة النفسية ، والقوة المعنوية على إخراجها .. فهل نجد في هذا العمل ما سبق….؟ يتضح ذلك في هذا التحليل النقدي الموجز:

    ◾ العنوان:

    "دار خولة" الإسم يحمل ضخامة وفخامة ، وهيبة وشيبة ، وتأريخ وتأصيل ، وذكريات ومقامات ولقاءات ، وأعمال وأحوال وأقوال ، وأفكار وأسرار وأخبار … بيد أن العمل جاء خالياً من جل ذلك أو كله ، كم الأفكار والموضوعات والرؤية والمشاكل ، يعكس عملاّ عملاقاً المشكلة والحلول وليس عملاً من فئة النوفيلا التى لا تسع الأهداف .

    ◾ الغلاف:

    غلاف بسيط لكنه عميق في دلالاته ،فيمكن بروية الناظر بقلبه أن تجده يُظهر حوضاً مائياً بداخله سمكة حمراء وحيدة ، رامزاً للعزلة والانحصار الذي تعيشه الشخصيات ، بلون أزرق داكن في الخلفية يوحي بالكآبة والغموض ، وسمكة حمراء تعكس التوتر الكامن في حياتهم ، وحوض كرمز للبيت ، يعكس قيود الأسرة وضغوطها التي تحاصر الشخصيات رغم قربهم الجسدي ، فكرة الوحدة والفراغ العاطفي الذي يسود الرواية ، يجعل الغلاف مرآة بصرية لمحتوى الرواية. يلفت الأنظار ويعبر عن المضمار .

    ◾ البداية:

    بأسلوب الراوي العليم بدأ الحديث عن خولة وكرهها للتصابي والتأمرك ، وما ينتج عنهما من متواليات تعاني منها البلاد والعباد ، ثم تسير رويداً رويداً عن حاجتها للقاء جامع للعائلة المشتتة .. بداية طيبة لرواية إجتماعية تنم عن قدرة عالية على لفت الأنظار .. ولكن هل تم ذلك فعلاً ؟

    ◾ العرض التشويقي:

    أسوء ما أصاب الرواية في مقتلها ؛ فإنها جاءت خالية تماماً من هذا العنصر الهام جداً ، حتى وإن كانت الرواية إجتماعية تحمل أهدافاً وتطرح رؤىً وتناقش قضايا إلا أن القارئ يحتاج إلى ذلك التشويق وتلك الإثارة وهذه الأحداث المتصاعدة التى تجعله يأكل الصفحات أكلاً ؛ لمعرفة المزيد ومن ثم النهاية ، لا يقتصر الأمر فقط على مقدمات ومعطيات دونما نتيجة ، هذه معادلة خاطئة .

    ◾ اللغة وقواعد الإملاء:

    الحق أنها قوية ورصينة ومتمكنة ، تعكس إلمام الكاتبة بقواعدها والحرص على إخراجها بغير نقائص ، نقلت المشاعر حزناً وفرحاً ، وخوفاً وثقةً ، واطمئناناً وقلقاً ، وعزماً وتوانياً ، وحباً وبغضاً ، بكل حرفية من توصيل هذه المعاني بقليل من المباني ، بسيطة بلا تكلف واضح ، وسلسة بلا خلل فاضح .. بيد أنها تعثرت في التدقيق والتحقيق فرأيت أغلب الجمل تنفصل بنقطة لا فاصلة وهي جريمة تدقيقة إملائية مع جملة من مثلها.

    ◾ السرد:

    جاء يتسم بالوضوح والتماسك والسرعة المناسبة لحجم العمل ، لا لمضمونه، والتسلسل واللغة الفصحى أجادت في تقديم الأحداث والشخصيات بطريقة بسيطة شيقة ، كما أن الأسلوب السردي فهو يميل إلى الواقعية ، مع لحظات من التأمل النفسي العميق ، فالنص مليء بالمشاهد التي تعكس الحياة اليومية للأسرة ، مما يضفي عليه واقعية وتأثيرًا عاطفيًا.

    ◾ الحوار:

    باللهجة الكويتية العامية الدارجة ، وإن أثار غضب البعض في عدم الفهم ، إلا أنه أكثر ما أعجبني لما فيه من اعتزاز بلهجتها وكذلك فيه تبادل الثقافات ، وهو أمر شائع في كل البلدان وخاصة مصر .. فضلاً عن أن العمل موجه أولاً للمجتمع الكويتي ثم الخليجي ثم العربي عامة ؛ بشكل يعكس البيئة الثقافية والاجتماعية للأشخاص ، مما ساهم في عمق الشخصيات ، وأضفى على الحوارات واقعية حقيقة .

    ◾الحبكة الروائية:

    البداية من المنتصف بلا تقديم لحياة هذه الأسرة قبل الأولاد ، جعل الحبكة في رأيي غير محكمة ، عدم إشباع الشخصيات بالوصف والطبيعة أفقد الحبكة متانتها ، طرح المقدمات والرؤى والمشاكل وعرض أسبابها ونقاشها دون حل عقد الحبكة ، عرض السئ فقط في ثنايا الحبكة ، أضفى جواً كئيباً في قلب القارئ وأفقدها تفاعله ، نهايتها الباهتة المستسلمة أوعزت بالفشل والجمود لكل أم وابن وعائلة دخلت هذا الدار وعايشت ظروفه .

    ◾ نقاط القوة:

    - التمكن اللغوي والبلاغي شديد الجودة .

    - التصوير النفسي للظروف والعلاقات والأحوال .

    ـ تضمينها خفية جملة من الرسائل والإشارت الهامة .

    - الغلاف المميز والدال على المكنون والمضمون ببراعة .

    🚫 ويكفي فيها مقال الكاتبة نفسها عنها .. خولة هي الصَّوت في رأسي، وهي نزقة ونكدة وتقليدية جدًا، تذكِّرني دائمًا بمفاهيم العيب وما لا يجوز، والصواب والخطأ، والسَّنع والأصول، وتعيد إلى أفكاري صرامة المنطق الثنائي الواضحِ الشفاف، وهي أيضًا الصوت الذي أحبُّ أن أتجاوزه وأتحداه وأفكك تماسكه، لكنه يفرضُ منطقه عليّ في أحيانٍ كثيرة، فنختلف ونتفق، ونتفق ونختلف، وهكذا.

    أنا وخولة نختلف كثيرًا ونتشابه أحيانًا، لكننا نتفق تمامًا على أمرٍ واحدٍ على الأقل، وهو أنَّ «أسوأ ما يمكن أن يحدث للأطلال، ألا يبكي عليها أحد».

    📚 اقتباسات:_

    ـ ❞ الأمرُ الذي تكرههُ خولة أكثر من الشَّيخوخة هو التَّصابي، والأمر الذي تكرهُهُ أكثر من التَّصابي هو أمريكا. ❝

    ـ ❞ «أسوأ ما يمكن أن يحدث للأطلال ألا يبكي عليها أحد»، ❝

    ـ ❞ أنَّ الناس في «هذه البلاد.. لا يحترمون أمرين مهمَّين: المواعيد والحدود»، ❝

    ـ ❞ وعرفت خولة أن الصَّمغ الذي يجمع أفراد عائلتها هو الادعاء، لا الحُب. ❝

    #أبجد

    #بثينة_العيسى

    #مراجعــــــــات_محمــــــود_توغـــــــان

    Facebook Twitter Link .
    1 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5

    أبناء بالغون لأم مختلفة، في دار خولة

    ستختلف قراءتك لـ«دار خولة» إذا كنت من الأبناء عنها إذا كنت أحد الوالدين. منَّا من تعاطف مع خولة، بل تماهى معها حد البكاء، ومنَّا من تماهى مع ناصر أو يوسف أو حمد بظهوره القصير لكن المؤثر، لأنه يبدو أنه الوحيد من بين إخوته الذي ما زال يحمل لأمه بعض مشاعر الحنان والدلال لها وعليها بإيقاظه لها ليلًا لتعد له عشاء، ربما لأنه آخر العنقود الذي ما زال طفلًا رغم أعوامه السبعة عشر، لم يبلغ مبلغ الرجال بعد، بما لهم من اعتبارات أخرى وطرق مختلفة للنظر إلى الأمور، اعتبارات وطرق توفرت بغزارة لدى أخويه الأكبر منه.

    تذكرتُ فور اجتماع الأم وولديها على طاولة الطعام رواية العشاء للهولندي هيرمان كوخ. إلى أي مدى تتحول جلسة طعام لذيذ بأصناف متعددة إلى نقاش متوتر بشأن قضية هامة تخص أفراد الأسرة، وجدال حول أثر مسألة ما عليهم جميعًا وكيف سيتصرفون بصددها. لكن الأدوار على طاولة عشاء خولة معكوسة عن الرواية الهولندية، فالأم هنا هي الموضوعة في قفص الاتهام، وبالطبع معروف من هم القضاة والجلادون، لتبقى خولة، طاهية العشاء والداعية إليه «مسمِّرةً عينيها في الصحن مثل طفلة تتعرض للتوبيخ».

    سأحاول أن أكون محايدة فلا أنحاز لخولة تمامًا رغم تعاطفي معها في حزنها أو -دراميتها كما يصفها الأصغر سنًّا- على شبابها الذي أفنته في تربية أبنائها، ورأسي الذي أمسكته لا أراديًا بكلتا يديَّ إشفاقًا عليها كما فعلت مع رأسها المتصدع عند شهودها هول تصدع أسرتها، سأحاول أن أشعر بأزمة الهوية لدى ناصر وشعوره بالفقد ثم بالصدمة والحرمان، وأشعر بضغط المجتمع على يوسف وإحساسه بالخزي وسباحته مع التيار، وأتخيل لهو حمد والتهائه عن أي أمر جاد حوله، ثم أتساءل مع خولة عن السبب، الخاص «والعام». غياب الأب «القائد»؟ تدخل الآخرين «الأجانب»؟ الصمت وغياب المكاشفة وانعدام «الشفافية»؟ اغتراب خولة داخل حدود الوطن رغم الإغراق في تاريخه وفلكلوره، فاغتربت بالتالي عن أبنائها رغم غوصها بأفكارها وكل مشاعرها في حيواتهم وإغراقها في حبهم؟ أين تبدأ حدود الأبناء التي ينبغي احترامها وأين يحق للوالدين اختراقها؟ متى نخضع لسنة الحياة و«سِلْو البلد» ومتى نقاومها لأن ليس كل ما وجدنا عليه آباءنا مناسب لزمننا؟

    قيل لخولة عن البرنامج الذي يطلبون استضافتها فيه إنهم «سيطلبون مداخلات من أشخاص في محيطها الاجتماعي، وكلمة محيط هنا مضللة، فليس لديها محيط، بل حوض أسماك بالكاد»، كلمات كافية لوصف عزلة خولة ووحدتها ومساحتها الضيقة في مطبخها العامر بمكونات إعداد الولائم وأوعية الطعام الأنيقة مع أنها «في الغالب تأكل وحيدة لأن «البيوت أضحت فندقية إلى حد كبير»» وفي بيتها الذي تكتشف فيه «أن وراء الصمت صمتًا ثانيًا، وتحدس أن وراء الصمت الثاني صمتًا ثالثًا ورابعًا وعاشرًا ومئة وألفًا، تكتشف خولة متاهة الصمت، وهي متاهة مؤلفة من غياب اللغة المحض، لا من قصورها»، وأمومتها التي تستجديها بأطباق المشهيات والحلويات التي تضعها على طاولتها دائمًا لتكون «فخاخًا منصوبة لأمومة معطلة»، وإحساسها «بالشيخوخة» رغم سنوات عمرها الخمسة والخمسين، التي لا تُعتبر شيخوخة بأي مقياس إلا في مكان يحكم على امرأة بما حُكم به على خولة، فقررت أن «تشيخ بكرامة، رغم أن الشيخوخة في جوهرها إذلال وئيد» وتتحدى الصورة النمطية لامرأة يعتبرها المجتمع في طريقها لتوديع الحياة -بعد انتهاء المطلوب منها- حين تبدأ بشرتها بحفر الغضون التي «تتباهى بها كأنواط شجاعة»، وتتساءل «إن كانت الشيخوخة والوحدة أمرين متلازمين» لتجد راحتها الوحيدة بالتحديق في حوض أسماك فارغ، فهي «لم تحظَ بالأهلية الكافية لتحافظ على أسماكها، واكتشفت متأخرة جدا، أن بعضها قد التهم البعض الآخر، رغم أن البائع زعم أنها اختارت أنواعًا قادرة على التلاؤم»، فأبقت على الحوض الفارغ اكتفاء بما يمنحه إياها من «إحساس مهدئ وفقاقيع، رغم كل ما يوحي به من هجران».

    ربما قرأ كثيرون منا كتاب النبي لجبران في بدايات قراءته، خاصة فصل الأبناء الذي ربما لا نذكر من الكتاب سواه. وصفت خولة كلماته بأنها «كلمات جبران الصداحة، «إنجيل العقوق المقدس»: أولادكم ليسوا لكم، أولادكم أبناء الحياة»، لكنها تعرف أن هذا كلام غير صحيح، فالواقع أن «أولادكم ليسوا أولادكم، أولادكم أبناء النظام»». وكي لا يسارع أحد إلى إساءة الظن، فأظن أن خولة تقصد «النظام العالمي الجديد»!

    لماذا طرب بعضنا لكلمات جبران وتغنى بها؟ لأننا قرأناها حين كنا أبناء، نتوق للفكاك من سلطة الآباء. لكن، كثيرًا منا، ونحن الآن آباء، في هذه اللحظة تحديدًا من القرن الحادي والعشرين، لا نسمعها طربًا، بل عويلًا ونواحًا، ولا نعتبرها أغنية، بل مرثية.

    خسرت خولة ابنها البكري، وأرجعت أسباب تلك الخسارة إلى أمريكا. عبرت خولة بصدق عن إحساسها بأمريكا، بعد دورها بتدخل ظاهره إنقاذ بلدها من عدوان "الأخ" وباطنه مآرب أخرى -وبعد سنوات عدوانها هي نفسها ثم دورها المتفرج بل والداعم لعدوان "ابن العم" على "إخوة آخرين"، لكن هذا موضوع آخر- ثم عبرت عن إحساسها ذاك باستماتتها لتطبع أبناءها بطابعها «الأبيض» المتحضر المستنير- كإحساس طفل انبهر بأمه "أو أبيه"، ثم عبرت عن تبعات انقلاب ذلك الإحساس بعد أن تخلت تلك الأم "أو الأب" بعد زغللة العين ببريق مزيَّف ومزيِّف للتاريخ والتعليم والحرية والعدالة والمساواة و.. القوس مفتوح، مثل «طفل اتعلق بيكي في وسط السكة وتوِّهتيه»؟ كما يقول منير في أغنيته، فعاشت أول التيه على المستوى الخاص قبل العام في انشقاق ابنها وعيْشه بـ«فردانية أمريكية مطلقة»، وعانت تبعات التحلي بالتربية الإيجابية والحب غير المشروط. لكن هل كانت الأمهات تتنتظر دورات التربية الإيجابية وكتب المساعدة النفسية التي تعلمهن الحب غير المشروط؟ ألا يشعرن قبل أن يرددن مع جدات الجدات «أنا أدعي على ابني وأكره اللي يقول آمين»، لأن دعائهن لا يجاوز الشفتين مهما أجرم الابن في حق أهله أو في حق نفسه أو في حق مجتمعه؟ أليس تحيز الأم لأبنائها من أفعال الغريزة؟ ولا نقول الفطرة لأن هذه الكلمة صارت عتيقة ولم تعد تعجب الجميع.

    القطة التي تأكل أولادها لا تأكلهم جورًا أو جوعًا كما يتخيل البعض قائلين بسخرية إن «القطة كلت عيالها يا جدعان»، وابحثوا في هذا إن شئتم.

    بعكس الابن البكري، يأتي الأوسط ليبقي على «مسافة احترازية مع خولة الأستاذة، بصفتها شخصًا لا يخصه، أو أسوأ، بصفتها عاره». ولننتبه هنا إلى لفظ «لا يخصه» الذي رغم صورته الفصحى البريئة لها دلالة أخرى في العامية المصرية! في محيطات كثيرة، المرأة، أيًّا كان موقعها أو عمرها أو مكانتها العلمية والعملية، هي في العراء، ليست تحت طبقة حماية، إلا أن «تخص» رجلًا ما له وجود، ليعلن عليها حمايته ويضعها في حِماه. وعندما تقرأ ما يدور بخلد يوسف عن أمه «وعن أبيه»، وعن الصورة المثالية التي يراها لدور الرجل في الأسرة، خاصة فيما يتعلق بفتح البرطمانات واستبدال اللمبات وتغيير الإطارات، ستجد تعريفه الدقيق لمعنى الحماية والحمى. لا يفهم يوسف لماذا لا تكتفي أمه بأن «تكون أمًّا، مجرد أمّ، «لماذا لا يكفيها ذلك؟!»».

    ولنكن عادلين، فيوسف، الذي لم يعرف عن أبيه الذي مات وهو صغير سوى «ما قالته أمه، ولم تكن مصدر ثقة عنده، وعليه فقد اضطر إلى التشكيك في كل شيء»، لم يعجبه أيضًا أن أباه حوَّر أبيات الشعر ليحولها إلى شيء خاص بأمه، ولم يعجبه تغنيه بالشعر و««حساسيته» التي كان يجدها منفرة»، وهو «غير مهتم بأبيه أستاذ الأدب العربي، بقدر ما هو غير مهتم بأمه أستاذة الفلكلور» و«يريد أن يعرف إن كان أبوه مثل بقية الآباء»! يوسف لا يريد للجميع إلا صورة نمطية خافتة، صورة لا تلفت الأنظار، لا تتميز عن الآخرين، لا يشير إليها أحد بأصبع الاتهام أو السخرية وربما ولا حتى ببنان الإعجاب والتقدير، فهذا أريح لرأسه: «بصراحة أنا لا أريد أمًّا مشهورة» لا بخير ولا بشر.

    أما آخر العنقود، الذي تقول عنه خوله أنه «مو معبرني خير شر» فقد أحضر لها هدية ظنًا منه أنها ستعجبها، ربما تعويضًا عن عدم وجوده، بعد تجاهل موعدها على العشاء مع الأسرة عن قصد مفضلًا ألعاب الفيديو مع أصدقائه، متجاهلًا «عددًا هائلًا من الاتصالات التي لم يرد عليها عامدًا»، اعتمادًا على أنه سيجدها قد جنبت له عشاءه ليسخنه حين يعود في الجهاز الذي يستبدل أحد أدوراها، وربما يأخذ سيلفي مع «منابه» من الوجبة حين يعود للمنزل متأخرًا بعد أن تنام وينشره ويكتب عليه «تسلم إيدج يُمَّه».

    اليقين من بين كل ما تحسبه خولة خذلانًا من جانب أبنائها، ومن كل ما يحسبه أبناؤها قصورًا من جانبها، أن «سوء الفهم حتمي، وعلى ما يبدو أبدي جدًّا»، ولكن كيف سنفهم والجميع يقابل الجميع بالصدود؟ كيف سنفهم والجميع يعلي الحدود أمام الجميع بجدران عازلة وأسلاك شائكة؟ ربما نتدارك شيئًا من ذلك السوء ونحسن جزءًا كبيرًا منه بالمصارحة والمكاشفة بين الجانبين، ورحابة الصدر والعفو والقبول والتسامح والرحمة، من الجانبين، وموازنة الأولويات، وتطبيق قول مأثور أكثر عقلانية وإن لم تثبت صحته النقلية، قول سابق على كلمات جبران ونظريات التربية الإيجابية: «لاعبه سبعًا، وأدبه سبعًا، وصاحبه سبعًا، ثم اترك الحبل على الغارب».

    Facebook Twitter Link .
    1 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    3

    (دار لا تحمل سوى الموت)

    في الرواية الجديدة للكاتبة بثينة العيسى (دار خولة) تضعنا أمام الكثير من التساؤلات التي تفتح أمامنا عدة أبواب كانت فُقدت مفاتيحها منذ زمن- ربما لم تُفقد ولكن تم تناسيها- في دار خولة التي تضم أم وثلاثة ابناء متصلين منفصلين، يصل ما بينهم الدم والرحم الذي حملهم تسعة أشهر، ومنفصلين في كل ما عدا ذلك.

    تُحكى الرواية في مشهد واحد ورئيسي (ماستر سين) كما يقال في عالم السينما، المشهد الذي كان يتم التخطيط له من الصفحات الأولى للرواية وحتى تمام حدوثه، تبدأ الأحداث مع الأم التي تستعد للقاء مع ابنائها، اللقاء الذي يحدث على فترات متباعدة؛ بالرغم من وجود البعض منهم في ذات المنزل معها!

    تقف الأم في المطبخ تصنع الكثير من الأطعمة الشهية التي يمكنك أن تتشمم رائحتها وتتلذذ بمذاقها في فمك من كثرة اهتمامها بتفاصيلها ورغبتها في صنع وليمة ضخمة لثلاثة أشخاص فقط، وجدير بالذكر هنا أن الكثير من اسماء الأطعمة الكويتية لم تكن ثقيلة على أذني أو غريبة، وكذلك الأمر بالنسبة للهجة الكويتية بشكل عام التي تخللت الكثير من أحداث الرواية تاليًا فكانت متماشية مع الأحداث.

    "فخاخ منصوبة لأمومة معطلة"

    في مرحلة ما بعد التحضير تجلس الأم لتفكر كيف ستخبر أبنائها بالبرنامج التلفزيوني الذي طُلب منها الظهور فيه باعتبارها أستاذة في الفلكلور الشعبي، كيف سيكون وقع الأمر عليهم خاصة بعد أن كان لقائها الماضي في برنامج مشابه بمثابة فضيحة حاول الأبناء الاختباء منها بعد أن اصبحت أمهم مصدر للنكات ومخزون للملصقات المضحكة على تطبيق الواتساب!

    من اللحظة الأولى للقاء الأبناء ناصر ويوسف مع الأم خولة على طاولة العشاء تشعر بالهواء المشحون بالترقب، جميعهم يترقبون وينتظرون أن يصدر الخطأ من أيًا منهم للبدء في المعركة، وقد كان!

    بدأت المعركة بينهم على طاولة العشاء، ولكن الأدق أنها لم تبدأ تلك الليلة، ولكنها بدأت قبلها بسنوات طويلة، في الليلة التي توفى فيها زوجها وقررت هي أن تُخرج ابنها الأكبر (ناصر) من مدرسته الأمريكية والقاءه في حضن جدته وحرمانه من حضنها ليستولى على حضنها الأبناء يوسف وحمد، ولكن الغريبة أن الحضن كان قد نضب، فلم ينفع الأبن البعيد ولا الأبناء الأقرب، لم يستطيع حضن (خولة) أن يروى ابنائها المحبة! وبعدها أصبح جميعهم يتعاملون معها لغرض ما ليست من ضمنة الامومة والبنوة.

    ❞أنَّ العَلاقات معقدَّة، وأنَّ على الولد أحيانًا أن يتولى تربية والديه، وأنَّ العالَم مقلوبٌ على عقِبيه. ❝

    الرواية تتبع نهج التكثيف عن جدارة سواء من حيث الحدث أو الزمن، فهي الرواية الأصغر في تاريخ روايات بثينة العيسى، وعلى الرغم من أنني من محبي هذا النهج للغاية ولكن في بعض الأحيان تشعر وكأنه تم إلقائك داخل النص فجأة، ما هو تاريخ الشخصيات وما هي تبعات كل ما يحدث؟.

    الرواية بالفعل تطرح الكثير من التساؤلات، ومن المعروف أن الأدب لا يجب أن يطرح الإجابة، ولكن بثينة العيسى القت الضوء على كل فكرة سريعًا وبشكل مقتضب – على الرغم من أن بعض الأفكار تحتمل التطويل والتوضيح- ما بين فكرة الامركة التي أوضحتها بشكل صريح في البداية والتي توغلت إلى كرهها لاستمرار ابنها في المدرسة الأمريكية الذي بررته بتعامل المُدرسة غير المفهوم معه بعد وفاة والده، والقاء الضوء على كل الموضوعات الجادة والبرامج التي يتم اقتطاع أجزاء منها لتصبح في لحظة تريند ومادة خام لإلقاء النكات.

    المشكلة الأكبر من وجهة نظري هي موت الأب الذي كان سبب في تفكك الأسرة ومؤشر قوي أن كل واحدًا منهم لم يستطيع التعامل مع هذا الحدث المهم وظهرت اختلافات وتقبل الأشخاص في التعامل مع هذا الحدث فيما بعد، فخولة فقدت بوصلة التوجيه لتربية ابناءها، وناصر كره أمه وشقيقاه وتحول إلى شاب لا يعرف هويته الشخصية ولا الجنسية، ويوسف الذي أصبح يكره كل شيء ويستغل أمه لمراعاة ابناءه فقط، وحمد الذي كان خارج عن هذا العالم من الأصل تائه في العابه، الفلاش باك الذي كان يحدث في بعض الأحيان كان سريع لأن مازال التركيز على الحدث أو المشهد الحالي فقط، على الرغم من أن الحالي متعلق بشكل كلي بكل ما سبق وبماضي الأشخاص أمامنا.

    ‏❞«أسوأ ما يمكن أن يحدث للأطلال ألا يبكي عليها أحد» ❝

    في وضوح تام ومن المدخل الأول للنص وهو الغلاف سنجد أن الرواية تحكي عن هذا الحوض الصغير الذي تسبح فيه السمكة، إشارة واضحة لكل الحديث الذي سيأتي في الرواية عن حوض الأسماك في منزل خولة، الذي كان هو نقطة الارتكاز فيه، وهو يعبر عنه بوضوح، فكما قالت خولة أن الأسماك على الرغم من تأكيد البائع إمكانية أن تعيش مع بعضها البعض متألفة في نفس الحوض، إلا أن الواقع كان مغاير فالأسماك في النهاية أكلت بعضها! وهو ما اعتبرته إشارة واضحة لخولة وابنائها، فعلى الرغم من أنها أم وابنائها ويمكنهم أن يتألفوا في منزل واحد، إلا أنهم أكلوا بعضهم حتى ما.توا وهم على قيد الحياة!

    في الإشارة الثانية لحوض الأسماك في الرواية وفي أخر مشاهدها حينما جاء (حمد) بالسمكة الأخيرة ووضعها في الحوض وصعد ليرى أمه ليعود في اللحظة التالية ويجدها ميته، الحوض كان ميت كما كان البيت، ولكن في تأويل أخر توقعت أنها إشارة واضحة لمو. ت خولة نفسها أو ربما انتحا. رها، ففي المشهد السابق لذلك يدخل (حمد) لغرفة (خولة) ليجدها نائمة وبجوارها حبوب من اقراص مهدئة للقلق، فلم يهتم لمعرفة سبب الاتصالات الكثيرة منها له طول الليلة المشحونة، في تلك اللحظة كنت أريد أن أخبره "أذهب لترى أمك.. تفقدها!" ولكنه لم يسمعني كما لم يُسمع نداء خولة طوال حياتها، في هذا المشهد تحديدًا توقعت مو.ت (خولة)، وفي المشهد التالي ظهرت السمكة التي جاء بها حمد مـ يته، وكأن هذا المنزل لا يحوى سوى المو.ت منذ ما.ت الأب!

    ❞وأنَّ العالم غير عادل، وأن سوء الفهم حتميٌّ وعلى ما يبدو: أبديٌّ جدًّا. ❝

    الرواية مكتوبة كالماء.. تشعر بالسلاسة في رسم الحدث وتفاصيله، ولكنني خرجت من الرواية وأنا أحمل داخلي مشاعر متناقضة، ثقل من كره الأم لفشلها، وكره الأبناء لأمهم أو على الأقل عدم الاكتراث بها، بجانب شعوري بالتعاطف تجاه (ناصر) لأنه أكثر شخص تعرض للضرر في كل أشخاص الرواية. والشعور الثاني هو شعور بالبتر، الرواية هي رواية مواجهة ومنذ الصفحات الأولى تخطط (خولة) للقاء يعيد الوصال مع ابنائها لتجده لقاء مواجهة واشتعال الخلاف أكثر على عكس ما كانت تتمنى، لقد نظرت من بعيد على مشهد بدأ وانتهى ورحل اشخاصه دون أن اتوغل أو اتعايش معهم، لا يجب أن تكون صفحات الرواية تصل إلى خمسمائة صفحة حتى أندمج في الأشخاص، ولكن اللمحات من تاريخ كل منهم بقدر كافي قد تجعلني كذلك.

    منحت المبررات لـ (ناصر) ولكنني لم أجد مبررات لكره (يوسف) لأمه أو حتى تظاهره فقط بمحبتها على الرغم من أنه تربى تربية مختلفة تمامًا عن اخيه الأكبر، فالتحق من البداية بالمدارس الحكومية ولم يترك حضن أمه يومًا، لذا كرهه أو عدم اكتراثه كان غير مبرر، وكذلك (حمد) الذي يعتبر هو أكثر من حصل على الاهتمام والمحبة من أمه ولكن في المقابل لم يمنحها شيء.

    #مسابقة_أفضل_مراجعة_لرواية_دار_خولة

    #مسابقات_مكتبة_وهبان

    Facebook Twitter Link .
    1 يوافقون
    اضف تعليق
1 2 3 4 5 6 ... 54
المؤلف
كل المؤلفون