دار خولة > مراجعات رواية دار خولة > مراجعة Mahmoud Toghan

دار خولة - بثينة العيسى
تحميل الكتاب

دار خولة

تأليف (تأليف) 3.7
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

1️⃣ الموضوع : مراجـعة نقدية

2️⃣ العمل : رواية دار خولة

3️⃣ التصنيف : إجتماعية

4️⃣ الكاتب : Bothayna Al-Essa

5️⃣ الصفحات : 112 Abjjad | أبجد

6️⃣ سنة النشر : 2024 م

7️⃣ الناشر : منشورات تكوين

8️⃣ التقييم : ⭐⭐⭐⭐

📚 مقدمة :

تكثر الكتابة في هذا المضمار ، وتتمحور في إطار الطرح الموسع للقضايا الأسرية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية للعائلة الواحدة ، وهنا نجد الكاتبة بثينة العيسى تتناول في روايتها "دار خولة" هذا الموضوع الحساس من خلال قصة تجمع بين صراع الأجيال ، والتحديات التي تواجهها الأم المثقفة في عصر الانفتاح على العالم الغربي ، تتجول في الآفاق مستنكرة هذا الانمساخ على حد وصفها ، تعلن عن سوء التصابي والتأمرك اللذان أصابا مجتمعها بعد ويلات الغزو والتحرر ، الذي أظهر ماما أمريكا بمظهر المنقذ الأبيض الجميل ، الاحتلال الناعم ، للفكر والمنطق والعقل والجسد .

📚 الغوص في أعماق العمل:

🔸 دكتورة في الفن الشعبي ، أرملة لدكتور في الأدب ، أم لثلاث رجال ، تصيبها شيخوخه ما بعد الخمسين ، ووحدة المتخلفين ، تركاها خاوية على عروشها ، نصبا لها الفخاخ لأمومة معطلة ، آملةً في قليل من التجمع بعد ما ضاق عليها يومها وليلها ووقتها ، فرأت العتمة في قلب الضياء ، والوحشة في عز اللقاء ، والشوق في ظلم الجفاء.

🔸واتتها فكرة للم جمع تفرق لأسباب يضمرها أصحابها ؛ فجلبت كثيراً من المقبلات والمحببات تفكر يومها جله وكله في مائدة جامعة ، ولكن حين يجن الليل ، يفر النوم فتقبل على جميع المنومات فإذا استيقظت تعود لتفكر في هذا التجمع بعد تشتت تعددت أسبابه كل منهم يرمي بها الاخر ، تتوق لذلك يجمعهم الحب لا الإدعاء ، صورة عائلية تفخر بها بين الاصدقاء ، تجعلها ذكرى ليوم الخواء .

🔸يتجمع ثلاثتهم دون الرابع فتدور الأحداث الناقمة ، والأهواء المتفاقمة ، التهكم الواضح ، والتجريح الفاضح ، يرمي صغيرهم كبيرهم ، وحقيرهم عظيمهم ، ويتبدى منهم على اللسان ما أخفاه الجنان ، تعزو الأم هذا على سوء الطبع والشر المتأصل فيهم ، والحداثة المبغضة ، والاحتلال الناعم ، التصابي والتأمرك .. ويعول ناصرعلى أنانيتها وجمودها وجنونها ، الذي كان نواة الشر الذي زرعته بالأمس ، واليوم تجنيه .. أما يوسف فيرمي الأكبر بالمجون والشرور بالبغض وعدم النزاهة وسوء الأخلاق .. ربما أحدكم يتساءل عن الأخير .. والحق أنه منشغل بعالمه الافتراضي ولا يهتم لمثل تلك التفاهات .. تخرج من اللقاء بأسوأ مما دخلت إليه ، وتعود إلى ما كانت عليه ، تستجلب النوم بكل ما تملك ، في الجوار حوض أسماك نفق سكانه .

📚 رسائل وإشارات :_

هذا العمل له ظاهر عجيب وباطن أعجب ، له واقع غريب ووقع أغرب ، إن مررت عليه سريعاً ، وجدته بديعاً ، وإن دققت فيه النظر ، واعملت فيه الفكر ، تراه ضئيل منحصر ، وبسيط مختصر ، وإن غصت في الأعماق ، وكتبت بالإحقاق ، استخرجت منه الدرر ، ونفيت عنه الكدر ، وطرحت عنه الشرر ، وأخذت منه العبر ، وإليك التالى:

1️⃣ـ التفكك الأسري وصراع الأجيال:

التصدع العميق في العلاقات الأسرية ، خاصة بين الأم وأبنائها ، حيث تعكس خولة صورة الأم التقليدية التي تجد نفسها غريبة بين أبنائها ، الذين يتأثرون بعالم التكنولوجيا والعولمة ، والحداثة بمفهوما السئ ، هذا الصراع يتجلى في

تصوير الأبناء وهم يسخرون من والدتهم ويعتبرونها "ديناصورًا نسي أن ينقرض" يشير إلى الفجوة التي تتسع بين الأجيال ، حيث تتصادم الرؤى والتوقعات بين الماضي والحاضر.

2️⃣ ـ أثر التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي:

المشكلة أتت من هنا ، وما شعر الأولاد بالسوء إلا بعد استخدام التكنولوجيا في التشهير بها وجعلها مصدراً للنكات والميمات ... فضلاً عن تأثر حمد بها إلى حد الجنون لينسى كل شيء في سبيلها .

3️⃣ ـ النقد الاجتماعي والسياسي:

الرواية تشير إلى تأثير الاستعمار الناعم ما بعد الغزو والتحرير ، وأثر الهيمنة الغربية على تفكير الأجيال الجديدة ، الذي انخدعت وانغمست فيه خولة أولا ثم وآتاها الندم ، يوم لا ينفع الندم .

4️⃣ ـ الاغتراب الداخلي والشعور بالضياع:

يتجلى واضحاً في عدم القدرة على التأقلم ولا التغيير ، فتشعر هي بنبذ نفسها ، وتتحول كل محاولاتها إلى فشل وتنقلب حلولها رأساً على عقب .

5️⃣ ـ قضايا الهوية والانتماء:

خولة غيض من فيض من أسر وأمهات تعاني من تشتت هويتها كأم وكامرأة عربية ، وأبناؤها أيضًا يشعرون بالإنفصال عن هويتهم الأصلية نتيجة التأثيرات الخارجية.

6️⃣ ـ الحلم والانكسار:

هنا يمكن أن تتحول الأحلام إلى كوابيس ، خصوصًا عندما تصطدم بالواقع ، خولة كانت تأمل أن تعيش حياة هادئة ومستقرة ، ولكن الصراعات الداخلية مع الشيخوخة والوحدة والانعزال والفراغ .. والخارجية مع أبنائها ، أفشلت تلك الأحلام تمامًا.

7️⃣ ـ النقد الثقافي:

النص يعكس نقدًا خفيًا "للثقافة الإستهلاكية" التي أصبحت جزءًا من حياة الجيل الجديد ، حيث أصبح كل شيء قابلًا للتحويل إلى صورة أو عبارة ساخرة على الإنترنت ، مما أدى إلى تدمير القيم والمشاعر الحقيقية ، الإنزاع الذي سبب الأذى للأولاد كان ذلك مصدره .

8️⃣ ـ تحديات الأمومة:

تحديات "الأمومة في العصر الحديث" ، حيث تعاني الأمهات من صعوبة فهم أبنائهن في زمن التكنولوجيا والانفتاح ، الأم تجد نفسها وحيدة في محاولاتها لمّ شمل الأسرة والحفاظ على تماسكها...خولة مثال لمجتمع فقد السيطرة على أبنائه ، بإسم الحداثة والحرية والمرونة .

9️⃣ ـ الحب والمسؤولية والغفران:

أن العلاقات الأسرية ليست مثالية ، وهناك دائما خلافات ومشاعر مختلطة ، من خلال الصراعات الداخلية التي يعيشها الأفراد ، في الرواية تدعو الكاتبة القارئ للتفكير في مدى قدرتنا على التسامح وفهم الآخر داخل أسرنا.

🔟 ـ الفراغ العاطفي:

أن غياب الأب يخلق فراغًا عاطفيًا داخل الأسرة ، في هذا الإطار، تبرز الرواية كيف يتعامل كل فرد مع هذا الفراغ ، سواء بالاغتراب ، أو تحمل مسؤوليات إضافية ، أو الهروب إلى التكنولوجيا .

📚 التحليل الأدبي والنقدي:

💠ـ عظيم شأن الكتابة ، يضفى على الدنيا السلام ، ويشعر الكاتب بقوة ومنة ومتعة ، عندما يصل مراده للقارئ ، والقارئ يحتاج إلى ذلك المفهوم قصداً أو عرضاً ، ولذلك يجب على الأول أن يتسلح في سبيل هدفه بالمعلوم والمجهول ، ليصل بذلك للقلوب والعقول.

💠ـ أما المعلوم فهي سلاح اللغة القوية ، والسرد الممتع ، والحوار المشبع ، والأسلوب الرائق ، والمضمون الفائق ، والعرض المشوق ، والحبك المدقق ، والتصوير المنمق ، والفائدة المرادة ، بكل إجادة ، ثم القيام بخياطة كل ذلك بخيط رفيع ، لا تبصره العينان ، ويصل للقلب ومنه للجَنان .

💠ـ وأما المجهول فهي الفكرة المستحدثة ، والقصة المغلفة بالقالب الروائي ، والقدرة النفسية ، والقوة المعنوية على إخراجها .. فهل نجد في هذا العمل ما سبق….؟ يتضح ذلك في هذا التحليل النقدي الموجز:

◾ العنوان:

"دار خولة" الإسم يحمل ضخامة وفخامة ، وهيبة وشيبة ، وتأريخ وتأصيل ، وذكريات ومقامات ولقاءات ، وأعمال وأحوال وأقوال ، وأفكار وأسرار وأخبار … بيد أن العمل جاء خالياً من جل ذلك أو كله ، كم الأفكار والموضوعات والرؤية والمشاكل ، يعكس عملاّ عملاقاً المشكلة والحلول وليس عملاً من فئة النوفيلا التى لا تسع الأهداف .

◾ الغلاف:

غلاف بسيط لكنه عميق في دلالاته ،فيمكن بروية الناظر بقلبه أن تجده يُظهر حوضاً مائياً بداخله سمكة حمراء وحيدة ، رامزاً للعزلة والانحصار الذي تعيشه الشخصيات ، بلون أزرق داكن في الخلفية يوحي بالكآبة والغموض ، وسمكة حمراء تعكس التوتر الكامن في حياتهم ، وحوض كرمز للبيت ، يعكس قيود الأسرة وضغوطها التي تحاصر الشخصيات رغم قربهم الجسدي ، فكرة الوحدة والفراغ العاطفي الذي يسود الرواية ، يجعل الغلاف مرآة بصرية لمحتوى الرواية. يلفت الأنظار ويعبر عن المضمار .

◾ البداية:

بأسلوب الراوي العليم بدأ الحديث عن خولة وكرهها للتصابي والتأمرك ، وما ينتج عنهما من متواليات تعاني منها البلاد والعباد ، ثم تسير رويداً رويداً عن حاجتها للقاء جامع للعائلة المشتتة .. بداية طيبة لرواية إجتماعية تنم عن قدرة عالية على لفت الأنظار .. ولكن هل تم ذلك فعلاً ؟

◾ العرض التشويقي:

أسوء ما أصاب الرواية في مقتلها ؛ فإنها جاءت خالية تماماً من هذا العنصر الهام جداً ، حتى وإن كانت الرواية إجتماعية تحمل أهدافاً وتطرح رؤىً وتناقش قضايا إلا أن القارئ يحتاج إلى ذلك التشويق وتلك الإثارة وهذه الأحداث المتصاعدة التى تجعله يأكل الصفحات أكلاً ؛ لمعرفة المزيد ومن ثم النهاية ، لا يقتصر الأمر فقط على مقدمات ومعطيات دونما نتيجة ، هذه معادلة خاطئة .

◾ اللغة وقواعد الإملاء:

الحق أنها قوية ورصينة ومتمكنة ، تعكس إلمام الكاتبة بقواعدها والحرص على إخراجها بغير نقائص ، نقلت المشاعر حزناً وفرحاً ، وخوفاً وثقةً ، واطمئناناً وقلقاً ، وعزماً وتوانياً ، وحباً وبغضاً ، بكل حرفية من توصيل هذه المعاني بقليل من المباني ، بسيطة بلا تكلف واضح ، وسلسة بلا خلل فاضح .. بيد أنها تعثرت في التدقيق والتحقيق فرأيت أغلب الجمل تنفصل بنقطة لا فاصلة وهي جريمة تدقيقة إملائية مع جملة من مثلها.

◾ السرد:

جاء يتسم بالوضوح والتماسك والسرعة المناسبة لحجم العمل ، لا لمضمونه، والتسلسل واللغة الفصحى أجادت في تقديم الأحداث والشخصيات بطريقة بسيطة شيقة ، كما أن الأسلوب السردي فهو يميل إلى الواقعية ، مع لحظات من التأمل النفسي العميق ، فالنص مليء بالمشاهد التي تعكس الحياة اليومية للأسرة ، مما يضفي عليه واقعية وتأثيرًا عاطفيًا.

◾ الحوار:

باللهجة الكويتية العامية الدارجة ، وإن أثار غضب البعض في عدم الفهم ، إلا أنه أكثر ما أعجبني لما فيه من اعتزاز بلهجتها وكذلك فيه تبادل الثقافات ، وهو أمر شائع في كل البلدان وخاصة مصر .. فضلاً عن أن العمل موجه أولاً للمجتمع الكويتي ثم الخليجي ثم العربي عامة ؛ بشكل يعكس البيئة الثقافية والاجتماعية للأشخاص ، مما ساهم في عمق الشخصيات ، وأضفى على الحوارات واقعية حقيقة .

◾الحبكة الروائية:

البداية من المنتصف بلا تقديم لحياة هذه الأسرة قبل الأولاد ، جعل الحبكة في رأيي غير محكمة ، عدم إشباع الشخصيات بالوصف والطبيعة أفقد الحبكة متانتها ، طرح المقدمات والرؤى والمشاكل وعرض أسبابها ونقاشها دون حل عقد الحبكة ، عرض السئ فقط في ثنايا الحبكة ، أضفى جواً كئيباً في قلب القارئ وأفقدها تفاعله ، نهايتها الباهتة المستسلمة أوعزت بالفشل والجمود لكل أم وابن وعائلة دخلت هذا الدار وعايشت ظروفه .

◾ نقاط القوة:

- التمكن اللغوي والبلاغي شديد الجودة .

- التصوير النفسي للظروف والعلاقات والأحوال .

ـ تضمينها خفية جملة من الرسائل والإشارت الهامة .

- الغلاف المميز والدال على المكنون والمضمون ببراعة .

🚫 ويكفي فيها مقال الكاتبة نفسها عنها .. خولة هي الصَّوت في رأسي، وهي نزقة ونكدة وتقليدية جدًا، تذكِّرني دائمًا بمفاهيم العيب وما لا يجوز، والصواب والخطأ، والسَّنع والأصول، وتعيد إلى أفكاري صرامة المنطق الثنائي الواضحِ الشفاف، وهي أيضًا الصوت الذي أحبُّ أن أتجاوزه وأتحداه وأفكك تماسكه، لكنه يفرضُ منطقه عليّ في أحيانٍ كثيرة، فنختلف ونتفق، ونتفق ونختلف، وهكذا.

أنا وخولة نختلف كثيرًا ونتشابه أحيانًا، لكننا نتفق تمامًا على أمرٍ واحدٍ على الأقل، وهو أنَّ «أسوأ ما يمكن أن يحدث للأطلال، ألا يبكي عليها أحد».

📚 اقتباسات:_

ـ ❞ الأمرُ الذي تكرههُ خولة أكثر من الشَّيخوخة هو التَّصابي، والأمر الذي تكرهُهُ أكثر من التَّصابي هو أمريكا. ❝

ـ ❞ «أسوأ ما يمكن أن يحدث للأطلال ألا يبكي عليها أحد»، ❝

ـ ❞ أنَّ الناس في «هذه البلاد.. لا يحترمون أمرين مهمَّين: المواعيد والحدود»، ❝

ـ ❞ وعرفت خولة أن الصَّمغ الذي يجمع أفراد عائلتها هو الادعاء، لا الحُب. ❝

#أبجد

#بثينة_العيسى

#مراجعــــــــات_محمــــــود_توغـــــــان

Facebook Twitter Link .
1 يوافقون
اضف تعليق