كتيب صغير ولكنه أكبر دليل على أن محتوى الكتاب لا يتماثل بالضرورة مع عدد صفحاته، ففي حوالي ١٠٠ صفحة استطاعت الحكائة الرائعة بثينة العيسى، في مشهد واحد تلخيص أزمة من أهم الأزمات والهجمات التي يتعرض لها الجيل الحالي والصاعد من شباب العرب، وهي أزمة الهوية والانتماء.
من خلال عزومة عشاء نرى خولة وأبنائها الثلاثة وهم يشخصون الأزمة، فخولة وزوجها كانا من الجيل الذي شهد وصول الجيش الأمريكي مخلصا ومحررا الكويت من الاحتلال العراقي، ولكنهم حرروا الأرض واحتلوا العقول. الزوج كان يدق ناقوس الخطر ويحذر خولة من خطر الانسياق وراء المدارس الأمريكية وما ستخرجه من أجيال ممسوخة الهوية لاهي عربية ولا غربية، وخولة كانت تمثل تيار الانسياق وراء الحداثة الأمريكية كنظام تعليمي يليق بالأجيال الجديدة، ولا تستمع الى نداء الزوج بحفظ الهوية العربية مرموزا لها باللغة. وتمر الأعوام الى مشهد الرواية في عزيمة العشاء التي رأينا خلالها طرح هذا الزرع، وكان الحصاد ٣ نماذج مشوهة، الأول شاذ والثاني محوره نفسه والثالث لا يهتم الا بمتعته.
مع أن الرواية خاصة بالمجتمع الكويتي، ولكن الظاهرة عامة في الوطن العربي، فالغزو الثقافي الغربي يحاصرنا من كل مكان.
محمد متولي