حين رأيت عنوان الرواية حضرني مطلع معلقة طَرَفة بن العبد :'' لخولة أطلال ببرقة ثهمد / تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد. ''
هنا.. وقفت خولة على أطلالها، واستوقفتنا.. بكت واستبكتنا.. وذكرت ما يميتها وما يحييها في نوفيلا صغيرة، عيبها الوحيد أنها انتهت.
بثينة العيسى مرة أخرى بأسلوبها البسيط المركب.. السهل الممتنع، الضارب في قدم اللغة والطافي على وجهها..
تطرح علينا سؤالا يتردد كثيرا دون إجابة : هل أبناؤنا ملكية شخصية لنا؟ هل سلطتنا عليهم مطلقة أم محدودة؟!
ماهي الأمومة؟.. اليوم تحديدا ماذا تعني الأمومة؟!
تطرح الكاتبة معنا هذه التساؤلات من خلال شخصية:
* خولة: الأم التقليدية فكرا ولغة وسلوكا، فقدت زوجها.. تحكّمت وشدت وثاق أبنائها، فكرت عوضا عنهم و نفذت..
سطرت لهم حياتهم كنا تشاء.
وفي الأخير أصبحت لعنتهم، فضيحتهم الإلكترونية، رائدة النكات الذي يطلق في عوالم السوشيال ميديا..
* ناصر: بكرها، الذي كان له نصيب الأسد من أحكامها، تركها، جفاءها.. كبريائها..
ناصر الذي يعاني جرحا عميقا، طفله الداخلي يصرخ.. يستنجد.. لكنه وحيد.
* يوسف: لعب دور الزوج بعد أبيه، المسيطر على أمه بعد وقوعها.. الطيب البريء ظاهريا.. لكن داخله هل يبدو كذلك؟
* حمد: الولد المثالي بالنسبة لخولة..
خولة الأم، كيف هي أمومتها؟
ترى نفسها لا تخطئ، الجنة تحت أقدامها كيف تخطئ..
صراع كبير بين أمومة تقليدية تنتظر فيها أن يقبل أولادها يديها ويصطفون واحدا تلو الآخر بلباسهم التقليدي يهللون ويكبرون لها.. وبين أمومة مارستها فعلا عليهم أخرجت شبابا داخله مجروح يعاني يتألم..
يسعى إلى البرّ بها لكنها لم تبرّهم..
وهنا نقف على نقطة مهمة:
هل المجروح في طفولته يتجاوز وينسى في كبره؟!
الرواية القصيرة كانت تتراوح بين هزل وجدّ لكنها حتما ستداعب ذاكرة كل أم، وستحاسب كل أم، وستوقف أمومة كل أم أمام المحكمة الافتراضية لنرى هل كنا أمهات كما هي الفطرة السوية أم كنا '' خولة''؟
لكن لا أنكر أنني تألمت لألم خولة..
نوفيلا هزّتني في العمق.
شكرا بثينة على كل هذا الجمال 💕