اقتباسات محمد الغزالي

‫ فالإبعاد عن الرذائل، والتطهير من سوء القول وسوء العمل، هو حقيقة الصلاة، وقد جاء في حديث يرويه النبيّ عن ربه: (إِنَّما أَتقبَّل الصلاة مِمَّن تَواضَعَ بها لِعَظَمتِي، ولم يَسْتَطِلْ على خَلْقِي، ولم يَبِت مُصِرًّا على معصِيَتِي، وقَطَع النهارَ في ذِكْرِي، ورَحِم المسكِينَ وابْنَ السَّبيلِ والأرْملةَ، ورَحِمَ المُصَابَ)

وقد وضح صاحب الرسالة أن الإيمان القويَّ يلدُ الخلق القوي حتمًا، وأن انهيار الأخلاق مردُّه إلى ضعف الإيمان، أو فقدانه، بحسب تفاقم الشر أو تفاهته.

في سورة القصص: شرح مستفيض لعواقب الحكم الفردي والاستبداد السياسي، وشرح آخر لعواقب الطغيان الاقتصادي، والاغترار بالمال العريض، أوجزه المولى تبارك اسمه في هذه الخلاصة: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا ۚ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾

من أمد بعيد أحسست أننا مصابون من داخلنا، وأن مواريثنا الفكرية لا تنبع من ديننا، بل من تعاليم دخيلة على هذا الدين…

ولا تزيدني الأيام إلا ثقة في الخطة التي انتهجتها لخدمة الإسلام وتبليغ رسالته ورد العدوان عن حقائقه النقية.

ولولا هذه السنة العملية والقولية لكان القرآن أشبه بالفلسفات النظرية الثابتة في عالم الخيال!

ولكن العلاج الصحيح للداء العضال يكون بالتمكن من الدنيا والاستكبار على دناياها.

إذا كان الإلحاد يفرض سلطانه بالتمكين في الأرض، فإن انصرافك عن التمكن من الأرض فاحشة أشد من الزنا والربا.

الحياء أمارة صادقة على طبيعة الإنسان! فهو يكشف عن قيمة إيمانه ومقدار أدبه. وعندما ترى الرجل يتحرّج من فعل ما لا ينبغي، أو ترى حُمرة الخجل تصبغ وجهه إذا بدر منه ما لا يليق، فاعلم أنه حيّ الضمير، نقيّ المعدن، زكي العنصر، وإذا رأيت الشخص صفيقًا بليد الشعور، لا يبالي ما يأخذ أو يترك، فهو امرؤ لا خير فيه، وليس له من الحياء وازع يعصمه عن اقتراف الآثام وارتكاب الدنايا..

فالرجل المتديِّن حقًّا عصيٌّ على القلق، محتفظ أبدًا باتِّزانه، مستعدٌّ دائمًا لمواجهة ما عسى أن تأتي به الأيام من صروف.

علاج الأمور بتغطية العيوب وتزويق المظاهر لا جدوى منه ولا خير فيه، وكل ما يُحرزه هذا العلاج الخادع من رواج بين الناس أوتقدير خاطئ لن يغيِّر شيئًا من حقيقته الكريهة

غشَّ النية يفسد العمل ويحبط الأجر، والمعروف الذي يُقْبل ويُحتَرَم هو الذي يبذله صاحبه بدوافع الخير المحض لا يطلب عليه ثناءَ بشر ولا شكره، إنما يطيع به أمر الله ويطلب رضوانه ومغفرته.

(إنَّ الجحود فطرة، إنه ينبت على وجه الأرض كالأعشاب الفطرية - التي تخرج دون أن يزرعها أحد - أما الشكر فهو كالزهرة التي لا يُنْبتها إلا الريُّ وحسن التعهد…).

فليست الغاية من الطاعات مباشرة رسومها الظاهرة، واعتياد أشكالها، وتقمُّص صورها. كلا، بل الغاية منها أن تزيد حدّة العقل في إدراك الحق، وارتياد أقرب الطرق إليه، وأن تمكن الإنسان من ضبط أهوائه، وإحسان السير في الحياة بعيدًا عن الدنايا والمظالم.

والمؤمن المواظب على اتِّقاء الدنايا وفعل الواجبات يكتسب من هذا الإدْمان حدّةً في بصيرته، وحاسّة دقيقة يميز بها الخبيث من الطيب.

كل ما يتفق مع ميولنا ورغباتنا الخاصة يَبْدو معقولًا في أعيُنِنا. أمَّا ما يُناقِضُ رغباتِنا فإنَّهُ يُشْعِلنا غَضَبًا.

وعندما يكون المرء عبد رغبة تنقصه فتلك ثغرة في رجولته، وهي بالتالي ثُلْمة في إيمانه.

والتحسُّر على الماضي الفاشل، والبكاء المجهد على ما وقع فيه من آلام وهزائم هو - في نظر الإسلام - بعض مظاهر الكفر بالله والسَّخط على قَدَره.

ولا شك أنَّ الرجل الذي يضبط أعصابه أمام الأزمات، ويملك إدارة البصر في ما حوله هو الذي يظفر في النهاية بجميل العاقبة.

والوجهة التي انساق إليها العالم منذ ظهر القرآن هي التي أنشأت المنطق الحديث، وحررت أساليب المعرفة، وأمكنت من السيطرة على الكون.