هكذا كان السجن، ولا يزال، مزيجًا من الأخلاق، المشاعر، الأفكار، الممارسات، الاختلافات، الخلافات، الأجساد المرصوصة، المقهورة. السجن هو، كما سمَّاه دوستويفسكي، منازل الأموات، أو مصانع إنتاج كائنات مشوهة خاضعة ومتطرفة. السجن هو تمنِّي الموت. هو الحياة، لكن برؤية أوسع.
التابع وسليمان : عن الحب والجسد والمنفى > اقتباسات من رواية التابع وسليمان : عن الحب والجسد والمنفى
اقتباسات من رواية التابع وسليمان : عن الحب والجسد والمنفى
اقتباسات ومقتطفات من رواية التابع وسليمان : عن الحب والجسد والمنفى أضافها القرّاء على أبجد. استمتع بقراءتها أو أضف اقتباسك المفضّل من الرواية.
التابع وسليمان : عن الحب والجسد والمنفى
اقتباسات
-
مشاركة من Asmaa Ramadan
-
ظهر اليوم التالي، أو يوم آخر، لن تفرق. الزمن في السجن خارج الزمن،
مشاركة من Asmaa Ramadan -
داخل الزنازين التي لا تُشجع إلَّا على الموت أو الانتحار، السجناء الجنائيون يقصون صور الفنانات، وفي كرَّاس خاص يجمعونها، صانعين بهم مجلة بلاي بوي السجن أو بلاي بوي المنبوذين.
مشاركة من Asmaa Ramadan -
صور النساء على شمس، شيء مهم كهذا يجب أن أكون سياسيًّا ودبلوماسيًّا، كنت كياسر عرفات، ألعب مع الجميع، إذ كان تصلني بضع مجلاتٍ من أصدقاء في زنازين أُخرى،
مشاركة من Asmaa Ramadan -
كان عبد الفتاح يهوى الشخبطة على صور النساء في الجرائد. كان محكومًا بعشر سنوات سجن، في تهم مُلفَّقة. لذلك، ربما، كان يشخبط، بهدف نسيان أحد أهمِّ معاني الحياة، المرأة وجسدها.
مشاركة من Asmaa Ramadan -
كان أول حُضن، وأصعب يوم مرّ على نفْسي، في سجن لمئات الأيام. هذا اللقاء، عناق واحد، دموع كثيرة كانت بمثابة تمهيد لأُخرياتٍ قادمة. مَشهدٌ صَنعته السُّلطة وتُشاهده بواسطة رجالها، وكأنَّ ليس لها في صَنيعته شيء، أو أنّها صَنعته من أجل إتمام ونفاد الحق. الحق في سجني، وسجن أهلي بداخلي، وسجني في سجنهم بداخلي.
مشاركة من Asmaa Ramadan -
عيناها كانت مُجهدة، شاردة، غَارقة بالدموع التي تلوم عقلي الذي لم يبتعد، وتُشفق على جسدي المكلبشة يداه. «لا تزعلي مني»، حضنتُها واستسمحتُها. لم ترد، كانت تبكي، بيأس تبكي. تعرف، دون أي قراءة لأي كتاب، أو فيلسوف ما بعد حداثيّ، أن جسد ابنها الآن ملك السياسة والسُّلطة، وفات الأوان، ولن يستطع أحد إنقاذه من السجن.
مشاركة من Asmaa Ramadan -
صور القائد الوزير الـمُشير، الرئيس السجين مات. قوم نادي على الصعيدي والبورسعيدي والدمياطي، وأخبرهم أن المملكة السعودية أخذت جزيرتَي تيران وصنافير. تعذيب وسجون. امتحان الفيزياء كان صعبًا. هذه الصعوبة هي مَن أدخلتني معهد الأشعة.
مشاركة من Asmaa Ramadan -
رأيتُ المصيبةَ السوداء أمامي. المصيبة التي صنعتْ منِّي سجينًا، مهمومًا، ملعونًا، كاتبًا، منفيَّا، وعدميَّا. عربات نقل تحمل المواطنين، أجهزة صوت كبيرة، أغان وطنية، مهرجانات، طبل وزمر. كلّ هذا ينقل إلى الساحات، يتجمهر ويهتف: «ارحل يا مرسي»
مشاركة من Asmaa Ramadan -
في الدروس الخصوصية، كل أوّل شهر، بدلًا مني، كانت حبيبة تذهب للدفع؛ لأنها تُفاصل في مستحقات الدرس. بهدف التوفير، كانت تحاول خصم أي شيء من قيمته. وكنتُ لا أرضى، أخافُ من الإحراج، من الفصال، شعور مَن حولي بفقري، بضعفي. كنتُ مثل أي شاعر حقيقي، خائفًا من الفقر، والحُب. كنتُ، مثل والدي، خائفًا ولا يعرف، أو كان يعرف، أو يخاف أن يعرف.
مشاركة من Asmaa Ramadan -
سنوات مضت على هذا المشهد، ولا يزال شاخصًا أمام بصري، بكل ما فيه أتذكره، كأنَّه يحدث الآن لا أنسى افتراءاتي كما لا أنسى مَن افترى عليَّ أتمنى محادثة هذا الشخص كان اسمه سُلطان، وأطلب منه العفو لكن لا أسعى لهذا التمني يوم القيامة أمام الله، يأتي هذا الشاب وينتقم منِّي، وتشهد عليَّ يدي أنها ضربته، كما تقول النصوص الدينية هل من أجل هذا أُخلَّدُ في العذاب! لا أتمنَّى وقتها أتمنى لو كنتُ في الحياة خروفًا، أو دجاجةً فيوميَّةً يأتي الله بي يوم القيامة ولا يُعذبني، بل يأتي بمَن نطحته أو نقرته في الدنيا ليرد النّطحة أو النقرة لي وبعدها
مشاركة من Asmaa Ramadan -
يوم الجمعة الحادي عشر من فبراير 2011، يوم من أيام الله، يوم الخلاص، نزلتُ وفي المدينة، أي مدينة، لن تفرق، كنتُ ضمن مظاهرة جابت الشوارع كلها. بعد العصر، ذهبتُ إلى البيت وتناولتُ الغداء، كان الطعام فراخًا أو لحمة، لا أتذكر. لكنني أتذكر أنَّهُ لعدم كفايتها، كانت أمي تأخذ أقل منَّا في عدد القطع. صباحًا، كنتُ أذهب بنصف وجه، مُحرجًا، مثلما يذهب معظم المصريين، لشراء نصف كيلو فقط. «الله يلعن الفقر والحاكم»، مع نفْسي أثور. «الفقر ليس عيبًا»، تُحفِّظني حبيبة، كلام ليس له أي قيمة
مشاركة من Asmaa Ramadan -
قُبض عليه، ثلاثة رجال بلباس مدني اقتادوه إلى أحد الأجهزة الأمنية اللبنانية، فرع المعلومات. قلقنا، وحدّثنا الجميع: «أرجوكم. أرجوكم أنقذوه، سيُرحَّل إلى مصر، إلى السجن. السُّلطة تُريده، لسنوات أُخرى ستضع جسده في قفص». وفي مساء اليوم ذاته خرج. الحمد لله. السُّلطات اللبنانية لم تنفذ الكابوس. كابوس عودة الإنسان إلى وطنه.
مشاركة من Asmaa Ramadan -
لكن مَن يُعلِّم الـمُجتمع أن السياسة هي الحل لا الضرب. السُّلطة، النظام نفْسه، ربَّى الـمُجتمع على الضرب لا السياسة. أيها الناس، اخرجوا، وثوروا، كسروا، أنا أُحرِّضُكم، حافظوا على
مشاركة من Asmaa Ramadan -
أما رغدة، فيلسوفة الطيبة، والضحك، والتي مع الوقت، العشرة، العطاء، أحبَّت زوجها؛ لأن مَن عاشره، ربما.. ربما أحبَّه. لكنها ظُلمتْ، لا تعرف أي شيء عن العالم من حولها. لا تعرف المدن والعواصم والأنظمة والحكايات والشخصيات إلَّا من خلال شاشة التلفزيون الكاذبة، العاطلة من الأساس في كثير من الأوقات، حتى شاشة التلفزيون كانت بايظة، ورغدة راضية. رغدة لا تعرف سوى التنظيف والطبخ والدعاء لإله غير مبال.
مشاركة من Asmaa Ramadan -
لكن لماذا لم أُحبها؟ شيء غريب، أو ربما، أحيانًا، أحببتها نصف حبٍّ، أو حبًّا ونصفًا. حقيقةً لا أعرف، ولن أعترف، أو مع كل الأسف اعترفتُ.
مشاركة من Asmaa Ramadan -
كان اسمه حجّاجًا، وهو صديق قديم لوالدي، ووالدي مَن أحضره للعمل في المعرض، لكنه لم يصنْ هذا؛ كان خبيثًا، يسرق، ويشعل الخلافات، هذا من وجهة نظر والدي كما كان يسرد لنا. لكن هذه المرة لم يُفوت الحزن والدي دون أن يُصيبه بمرض موَّت الدم في جسده. دفنَّاه. في جنازته مشى كثير من خلق الله، كان المشهد عظيمًا. العُقبى لـي عن قريب. جنازة في بلدٍ غير بلدي، لا يمشي فيها أحد.
مشاركة من Asmaa Ramadan -
بعد خروجي من السجن ظننتُ، بعض الوقت، أن سجني هو الـمُتسبب في جلطته. كما أصرّت حبيبة، بعض الوقت، على تركيب هذا الظن في بالي، ليس لتَحميلي ذنبًا لم أرتَكبه، بل لإقناعي بالابتعاد تمامًا عن السياسة.
مشاركة من Asmaa Ramadan -
«يا ابني، يا حبيبي، كيف حالك؟ وأنت بعيد. طردتك البلاد، لا تحزن، أنا مثلك عشتُ خارجها، تابعًا، مغتربًا، وحين عدتُ، أصبحتُ أكثر فقرًا، واختباءً. لكن أخبرني، كيف حال الفقر معك؟ طمِّنِّي، هل تخلصتَ منه؟ أم فشلتَ مثلي؟ أعرف أنك تحب القراءة والكتابة. رأيتُك تكتب قبل موتي. على الأقل ضمنتُ أنك هربتَ من الطابور، من الجهل، لم تدهسك عربة الكارو! دهستك عربات أُخرى، عربات السُّلطة والسجن والمنفى. المهم أنتَ تدرك أنني أحبك، وأدرك أنك تحبني، رأيتُ هذا منك، في كواليس كثيرة، أو على الأقل، كنتَ تحب ظهري الذي عاش ومات محنيًّا، بسبب الفقر والمرض».
مشاركة من Asmaa Ramadan -
ذات نهارٍ، مرَّ دون تعذيب، أي نهار أُغلقت فيه أقسام الشرطة في مصر. كنتُ صفًّا رابعًا، حين اجتمع حولي هؤلاء الرجال، وكشفوا عن حمامتي. فتحوا سوستة بنطالي، وأخرجوا زبِّي الصغير، وقتها، ورأوه. هذا ما حدث فقط، وانتهى الأمر. «بابا، بابا»، كنتُ أصرخ، أبكي وأنادي، وهم يضحكون، بعدها أمسح دموعي. «أنتم أولاد وسخة»، أسبُّهم في تردد، وأتأكد أنَّ عدَّة ذكورتي اختبأتْ مرةً أُخرى. لم أقبلْ هذا الفعل الوسخ.
مشاركة من Asmaa Ramadan
السابق | 1 | التالي |