#فنجان_قهوة_وكتاب
#مع_حب_الكتب
#مسابقة_منروفيا_في_فنجان_قهوة_وكتاب
◾اسم الرواية : منروفيا
◾اسم الكاتب : أحمد فريد المرسي
◾نوع الرواية : دراما اجتماعية نفسية
◾اصدار عن دار بيت الحكمة للثقافة
◾عدد الصفحات : ٤٥٣ صفحة على أبجد
◾التقييم : ⭐⭐⭐⭐
(... وفررت خوفاً على حياة لا تساوي شيئاً بدونها، حياة ستظل كأطلال خلفتها الحرب بمنروفيا، صامتة، باردة، مظلمة، مخيفة.)
من شرق القارة الافريقية إلى غربها، وبين هدوء والبحر وعواصف المحيط ينسج الكاتب قصته.. قصة شاب مصري تاه في دوَّامة الحياة سعياً للرزق وطلباً ليُسر الحال، لتُكلِّفه الشركة التي يعمل بها بمهمة عمل في ليبيريا في غرب القارة الأفريقية على سواحل المحيط، وهناك يجد البطل نفسه في عالم مختلف تماماً عن العالم الذي عرفه، عالم مليء بالاختلافات والتناقضات التي قلَّما تلمسها في مكان واحد، وقد كانت (منروفيا) أحد هذه الأماكن التي جمعت كل معنى وعكسه في نفس المكان.
منروفيا.. عاصمة ليبيريا وأكبر مدنها، المدينة الواقعة على ساحل المحيط، الساحرة في جغرافيتها ومقوماتها الطبيعية، ولكنها تنزف تحت وطأة الفقر والحرب الأهلية التي استنزفتها واستنزفت كل جميل بها.
لقد انتقل الكاتب إلى عالم مختلف عن عالمه، وطن آخر وبلد آخر، فوجد نفسه يغوص بين أهلها، يتأثر بهم ويؤثر فيهم، رأى الجمال المخفي في الدولة المنسية التي دنّستها آثار الحرب والخراب، ليجد نفسه في صراعات متعددة، صراعات داخلية وخارجية، داخلياً حيث شعر البطل انه في وطنه رغم غربته وفي نفس الوقت كان يتنازعه الحنين إلى بلده وموطنه حيث الإسكندرية عروس البحر المتوسط، وجد نفسه مُحاطاً بالأصدقاء والاعداء، وجد الحب رغم قسوة الظروف وفي نفس الوقت ترك هو حباً في بلاده ينتظر عودته، أصبح يتنازعه شعورين وهو مُمزّق بينهما، لتزداد عليه أعباء صراعاته النفسية وآلام طفولته التي تركت أثراً لن يُمحى في نفسه رغم مرور الايام، وخارجياً كانت ذروة الحرب الأهلية تشتد والبلاد من سيء إلى أسوأ، لا أحد ينظر إلى مصلحة البلاد، الجميع يقاتل من أجل إنجاح وجهة نظره الخاصة، والنتيجة هي استنزاف دولة وانهيار اقتصاد وتفشِّي الفقر والمعاناة في شعب مُسالم غدرت به الحر*ب الأهلية وزادت من آلامه، لذا فقد استحقت منروفيا لقب (بلد الحب والحرب).
◾رأيي في الرواية :
جذبني عنوان الرواية بشدة، فلم أفهم معناه ولا ماهيته، حتى الغلاف لم أفهم دلالته، مما جعلني حريصة على معرفة ماذا تكون (منروفيا) هذه، لأُفاجأ أنها عاصمة جمهورية ليبيريا الأفريقية، وانه لجهل منِّي ألا أعلم شيء عن هذه الدولة وعلى حتى موقعها الجغرافي؛ لذا قررت أن أقرأ الرواية لمعرفة المزيد عنها.
الرواية تسير بوتيرة هادئة تماماً حتب بعد المنتصف تقريباً، حيث يستفيض الكاتب في وصف حياة البطل بين (الإسكندرية) و(منروفيا)، وهو بذلك يُرسي أُسس فكرته الأساسية، حيث يتحدث الكاتب عن طبيعة البلد، الاختلافات العقائدية والمذهبية، تفاوت السُكان واختلافهم بين سكان أصليين ومهاجرين وعاملين، كما يغوص داخل العادات والتقاليد في منروفيا ملقياً الضوء على بعض الطقوس التي يمتاز بها سكان البلد سواء كانت طقوس دينية أو وطنية من أعراف البلد.
وبذلك يُعتبر البطل الأساسي في الرواية هو المكان بلا منازع، المكان الذي كان حاضراً بقوة من بداية الأحداث وحتى نهايتها، المكان أو الوطن هو فكرة الكاتب الأساسية، الوطن الذي أعيته الصراعات والحروب الداخلية والاختلافات السياسية، ومع ذلك لم يفقد جماله او طبيعته الساحرة رغم تدنيس كل هذه الصراعات لها، وبذلك يؤكد الكاتب أن الوطن باقٍ وما غير ذلك إلى زوال.
الكاتب أيضا يلقى الضوء على أضرار الحرب الأهلية والآثار السلبية لها من قـ*تل وتدمير وتفشي الفقر والمعاناة، بالإضافة إلى استنزاف الثروات والطبيعة وتدميرها دون استفادة فعلية منها، كما أشار الكاتب الي انتشار البلطجة والعصابات كتبعات لهذه الحروب، واستغلال هذه العصابات للأطفال والضعفاء وجعلهم وقود للحرب، بالإضافة إلى العنصرية والتمييز والوصم.. كل ذلك يحدث كتبعات للحروب، فالحرب لا يوجد بها فائز وخاسر، بل على العكس الجميع خاسر في الحروب على أي حال.
كما تشير الرواية إلى صراعات الإنسان الداخلية والمتمثلة في شخصية البطل، هذا البطل الذي كان وحيداً رغم وجوده في وطنه، ووطنياً رغم بعده عنه، هو الذي عانى من طفولة غير مستقرة بين أب غير أهلٍ للأبوة وأم كانت مُشتتة أكثر منه، وهو كطفل عانى بينهما التيه والازدواجية وعدم الانتماء، فأصبح انساناً غير مستقر تتنازعه صراعات الطفولة البعيدة ومشكلات الشباب الحالية.
اعجبني كثيراً الخط الخاص بقصة الحب الثلاثية بين البطل ورحمة ومُنى؛ لتكتمل رحلة التيه والتشتُّت التي يعانيها البطل، مبرزة كم الصراعات التي يعانيها سواء كانت صراعات نفسية او صراعات خارجية من واقع الحروب والغربة التي يحياها.
رواية مميزة جداً ومختلفة ربما شعرت بالملل والفتور في النصف الأول منها خاصة لعدم وجود نقطة صراع اساسية يرتكز عليها الكاتب، لنبدأ بعد ذلك وتيرة الأحداث في التصاعد التداخل فيما بينها حتى تصل إلى الذروة في الفصول الأخيرة حيث النهاية.
◾النهاية :
جاءت النهاية مفاجئة قوية ومنطقية، تتماشى مع الأحداث وتسلسلها، وتُعتبر أقوى أجزاء الرواية إذ تداخلت الخيوط واجتمعت ببعضها وارتكزت على فكرة اساسية تربط باقي أحداث الرواية ببعضها.
◾الغلاف :
جاء غلاف الرواية مميزاً يحمل دلال ورموزاً داخل الرواية، ربما يصعب فهمه في البداية ولكن بعد قراءتها رأيته خير مُعبِّر عنها.
◾الحبكة :
حبكة جيدة جداً مترابطة التفاصيل ومسلسلة الأحداث.
◾الأسلوب :
اعتمد الكاتب أسلوباً بسيطاً سلساً يعتمد على الوصف الدقيق للأحداث والانتقال بين الأزمنة والأماكن بسلاسة ودون تشتيت، فالاسلوب جاء مُتأنياً دون اغفال لأي تفاصيل او افكار، مما جعل كل الأحداث بنفس الأهمية وكلها تُكمل بعضها في النهاية.
◾اللغة :
في رأيي وتُعتبر اللغة هي أكثر ما ميّز العمل وأحد أهم أسباب قوته، حيث اعتمد الكاتب اللغة العربية الفصحى سرداً وحواراً، وقد امتازت اللغة بقوتها وشاعريتها النابعة من حسن توظيفها وتنوع الألفاظ والعبارات واستخدام الصور البيانية بصورة مميزة وتطويعها لخدمة الرواية دون تكلُّف أو مغالاة.
◾الشخصيات :
تنوعت شخصيات الرواية واختلفت نظراً لاختلاف زمن الرواية واختلاف أماكن الأحداث، ولكنه تنوع مقبول لا يصيب بالتشتُّت أو الملل خلال القراءة، إذ أن لكل شخصية حتى لو كانت ثانوية دورها الفعال والمؤثر في الأحداث، وما ترمز إليه من صفات، حيث كانت شخصية البطل رمزاً للغربة والوحدة والتيه، وشخصية رحمة كانت مثالاً للحب والعطاء وسط قسوة الظروف، ووالد البطل كان مثالاً لازدواج الانتماء والتخبُّط، وسمير البرجي كان رمزاً للتفاؤل والأمل في غد أفضل... وهكذا.
لقد نجح الكاتب في رسم الشخصيات ببراعة والربط بينها وبين بعضها بسلاسة من خلال الأحداث.
◾اقتباسات من الرواية :
📌"هو يعشق القراءة والكتب، ولا هواية لديه أفضل من المطالعة وارتياد المكتبات."
📌"فالألم يجعل الإنسان يتقبل ما لا يتقبله في المعتاد، والحاجة ترغم أنف صاحبها."
📌"الكل تحت سلطان الموت تلقائيون في تشبثهم بأسباب الحياة."
📌"أشقى ما في الوحدة أن يفرضها عليك من تحب."
📌"الإنسان أقسى من وحوش الأحراش وأكبر نهمًا من ضواريها."
📌"لن يهتم أحد لشجونك ولا لمعانتك، ألمك لك وحدك، الحياة لا تلين إلا للأقوياء، وما تملكه منها هو ما تمتعت به منها."
📌"كل منا يمتحنه الحزن في مناحي من الرحلة، يقسو في أحيان ويرق في أحيان، من البشر من يصاحب الحزن، ومنهم من يقاومه، وكل له ما يبرر مسلكه."
#منروفيا #أحمد_فريد_المرسي
#بيت_الحكمة_للثقافة
#مراجعات_هدير #قراءات_2024