منروفيا > مراجعات رواية منروفيا > مراجعة Rahel KhairZad

منروفيا - أحمد فريد المرسي
تحميل الكتاب

منروفيا

تأليف (تأليف) 4.1
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

منروفيا

Ahmed Farid

بيت الحكمة

2023

353

⭐️⭐️⭐️⭐️

رحلة البحث عن الذات والحياة

■ كل من تخلّق بشرًا راشدًا لا بد أن يقوده قدر إلى دوامات المحنة والامتحان، فتنتهك كيانه وتدفعه في غياهب من الشك والضعف ولا سبيل للنجاة إلا بأمل، فخلف كل محنة حالكة يوجد سبيل آخر، وبعد قنديل ينطفئ لابد قنديك آخر ينير أقداراً أخرى.

في رواية يغلب على بدايتها سَمت الهدوء والعادية نجد البطل شاب في مُقتبل العمر وكعادة من مثله يبحث عن الاستقرار والامان متخذا الى ذلك سبيل الزواج وتكوين اسرة مع خطيبته منى وهو ما يستدعي بعض التضحيات للحصول على المال الازم لذلك وعليه فلا مانع من ترك البلاد والسفر لبعض الوقت فيترك فرع الشركه في الاسكندرية ويتجه إلى منروفيا عاصمة ليبيريا.

لم يبخل الكاتب بتعريفنا على تاريخ هذه البلد الجديد والتي كانت تسمى ب سويسرا الغرب الافريقي لما لها من تضاريس تشبهها ثم انتقل بنا من الوصف الجغرافي للوضع السياسي من حروب اهلية ومليشيات وثوار وفقراء منسحقين بين رحى الدفتين كل ما جنوا واقترفوا انهم ولدوا في هذه الارض التي استحالت من جنة ل جحيم ولم يغفل الكاتب ذكر لوحات المطار التي تحمل ال 16 قناع والتي تمثل الطوائف في ليبيريا بالاضافة الي لوحة العم سام يداعب طفل ليبيري ذلك العم الذي اودى بحياة الملايين على مر العصور واستباح اراضي هذا الشعب البائس فأسس دولة جديدة لتكون وعد من لا يملك بما لا يملك لمن لا يستحق فتكتمل منظومة القمع والظلم على هذا الشعب الضائع.

انقسمت الرواية إلى ثلاثة فصول ما بين ذهاب وإياب من وإلى الإسكندرية ومنروفيا وفي كل رحلة تتبدل الكثير من الاحداث والخطط وتتضح الرؤية شيئًا فشيء فنجد الكاتب يتنقل بنا ما بين الماضي الذي استحال ضبابياً لكثرة التمادي في نسيانه وبين الحاضر الصاخب المليء بالأحداث وبين خطط المستقبل المجهول الملغز ووسط كل هذا تنسحق أعصاب البطل وأعصابنا معه لاسيما في الثلث الأخير من الرواية والذي اشتعل بالأحداث.

الرواية تتميز بجانب فلسفي عميق ففي حين كان البطل يسافر لتكوين مستقبله الجديد وتأسيس ركائزه تبدل كل ذلك ليكتشف ذاته ويواجهها عبر العديد من التساؤلات عن كل شيء فنجده يعود بالذاكرة ليوم سأل والده لماذا خلقنا الله؟ فكان الرد الأسهل وقتها وهو "للعبادة" فيصيغه الكاتب بلغة عذبة بديعة ليوضح رؤية البطل حول العبادة وماهيتها وطريقتها لنجد فلسفته في الدين هي

❞ يقينه أيضًا أن الدين الذي يشوش العقل فلا يهتدي به الإنسان الفرد لسر خلقه ليس بدين! ❝

ومنها لفلسفته في الحب وما هي علاماته؟ وهل يدوم؟ وكيف يدوم؟ وما أسبابه؟وما تعريفه؟ تاركاً الحب بعدها ليتسائل عن الحياة ومغزاها وكيف يعيشها هو؟ وكيف يعيشها غيره؟ وكيف كان يعيشها ابويه؟

خلال الرواية كان هناك تساؤل يلح علي كثيرا وهو كيف لشخص يحب العزلة والتواري والاختفاء مثل البطل أن يجمح لمثل هذه المغامرة ويسعى إليها بل وينغمس في تلك البلاد ويألفها وشعبها اكثر من وطنه ولكن مهلا فما هو تعريف الوطن؟ وهنا تحضرني كلمات النجيب المحفوظ حين قال:

«وطن المرء ليس مكان ولادته، ولكنه المكان الذي تنتهي فيه كل محاولاته للهروب» لذلك وجد البطل وطنه هناك في منروفيا بين ذراعي رحمه الحانيتين والتي اتخذت على عاتقها مهمة شعورة بالأمان في أحلك الظروف واكثرها بؤساً.

الماضي تلك اليد الخفية التي تشكل الحاضر والمستقبل بمنتهى الحرص في خفاء فتجد نفسك منغمس في الاحداث بسببها ولا تدري فكاكا كمن وقع في بحر من الرمال كلما حاول المعاندة انغرس اكثر ليجد انه لا سبيل للنجاة الا بالانصياع لما حدث ومحاولة الاصلاح في هدوء ذلك الشعور بالذنب الذي ورثة من ابويه جراء تلك النظرة التي تقول أنت السبب في تعاستي فالابوين كانا تعسين وغير ملائمين لبعضهما ولكنهما تحاملا وعاندا السليقة لينتج طفلا لم يجني سوى انه طفلهما.

في منروفيا تتباين الشخصيات بين هارب من ماضيه وبين حالم يحلم بالعدل وتحقيق الجنه على الأرض وبين من حتمت عليه ظروف عمله وبين اصحاب أرض ولكنها تتلاقى كلها في نقطة واحدة حينما يحتدم الصراع لنكتشف أنه وحدهم الضعفاء من يستطيعوا النجاة وليس الاقوياء فكما قال الكاتب ❞ العاصفة تقتلع الجذوع العظيمة أما الحشائش فتبقى في الأرض ❝

جاءت الشخصيات مرسومة بحرفية وعناية فقد شعرت بالتشتت مثل البطل فما بين شد وجذب اكتشفت سره الذي قلب الموازين في النهاية والذي قض مضجعي وأرقني معه وأحببت رحمة بعفويتها وحنانها وتفاؤلها رغم الواقع المرير وأشفقت على البرجي بحلمه الذي يسعى لتحقيقه في ارض الله ما بين بلد واخرى وكلهم لهم نفس المصير المؤلم وأعجبت ببسالة وحيد ورباطة جأشه وحكمته .

أحببت حبكة الرواية حتى أني في نهايتها أخذت اتذكر الأحداث لأتاكد أني لم أفوت شيء من أمر رحمة أو غيرها كان يسترعي الأنتباه حتى نقطة الفصل التي غيرت الاحداث فوجدت أن الكاتب قد أبدع فيها وكانت محكمة.

اللغة جاءت عذبة، ثرية وقوية للغاية فكنت أقف أمام الجملة اتعمن في مفرداتها وكيفية المزج البديع بينها فعلى الرغم من تجسد مشاهد عديدة للحرب ومشاهد اخرى حميمية الا ان الكاتب آثر ان تكون اللغة بلا ابتذال فجاء وصفه بديع وعميق.

جاء في الرواية أن أحد شركات الإتصالات فتحت حدود المكالمات الدولية بلا رسوم أثناء الحرب تذكرت حينها موقف Abjjad | أبجد المشابه وقدرت أنه في أحلك الظروف لابد أن يظهر لطف الله لينير ولو جزء من عتمة الطريق الموحش.

■إقتباسات:

● بدوا له كأنما يخرجون من سجل التاريخ لا من مياه المحيط، قادمون من زمن آخر عبر فجوة هناك في الأفق!

● عندما يلتقي الغرباء وتتلاطم أمواج الرغبة، يتكسر على شواطئ الأجساد المتلاحمة ألق التلاقي الأول، فلا يبقى للشاطئ غير قليل أمواج تنسحق وزبد تذروه رياح.

● الجوع الذي يهتك الأحشاء لا يشعر به حقًّا غير هذا الذي يستجدي الإطعام، ما يمكن أن يكابده أحدٌ ما من عوارض متجلدًا بصبر، قد تقشعر لها جلود آخرين وتنهار نفوسهم، من ذا يزايد على رجفة بدن إن آن الخوف ليلًا، أو اعتصر الحياة عوزٌ نهارًا!

● القلب قفر والذكرى أشواك والعشق قيظ يصليه

● لا حرمة لحياة في منروفيا، في هذه الشوارع القاسية لا عاصم ولا معصوم، القتل شبح فاجر يعربد في الأنحاء يبحث عن فرائسه غير مكترث بالذي ينتزع الحياة منه.

● تدري؟ تهبط الأرواح إلى أرحام النساء في لحظات يصدق فيها العشق، فنتخلق كالسحر بشرًا، نبزغ بالحب أجسادًا من أديم هذه الأرض الطيبة ونحيا لنحب ونعشق وتستمر دورة الحياة.

● موقع قطع وتجهيز الأشجار بدا له دراميًّا مهيبًا، جذوع مهولة أقطارها تفوق طوله، مجذوذة مسجاة فوق وجه الأرض وقد ربطت بجنازير حديدية وكأنها عبيد يُخشى فرارهم!

● لاموت حرمة ورهبة لا تعرفها الحروب.

‏#أبجد

#منروفيا

#أحمد_فريد_المرسي

#مسابقة_أفضل_ريفيو_لرواية_منروفيا

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق