مُنروفيا
رواية للكاتب أحمد فريد المرسي
صادرة عن مجموعة بيت الحكمة للصناعات الثقافية
منروفيا هي عاصمة ليبيريا دولة أفريقية تقع في غرب أفريقيا على ساحل الأطلسي تأسست كمحاولة من الولايات المتحدة لإعادة توطين الأمريكيين ذوي البشرة السوداء في قارتهم الأم في دولة جديدة وكالعادة على حساب أصحاب الأرض الاصليين مما أدى إلى نشوب الحروب الأهلية بين الوافدين الجدد وأصحاب الأرض.
تنتقل الرواية من الإسكندرية حيث نشأ بطل الرواية الهارب من وطنه إلى وطن جديد يبحث فيه عن هويته وعن حلمه وعن نفسه ليشهد بداية حرب أهلية بين المتمردين وأنصار الرئيس الليبيري وبداية قصة حب لرحمة الملاك المنروفي الحارس. الحرب هي الحرب، تجرد الإنسان من إنسانيته فيتحول إلى كائن بدائي يبحث عن أبسط مقومات الحياة، أو وحش شرس شعاره إن لم تقتل تُقتل، كل حسب موقعه من تلك الحرب.
شخصيات الرواية متباينة ومرسومة بدقة تجمعهم كلهم تقريباً أزمة هوية، فمنهم هارب من وطن فقد فيه من أحب، ومنهم من هرب من براثن حرب أهلية إلى أخرى ولكنه لازال يحلم بغد سعيد يقاتل من أجل حلمه، ومنهم أهل الأرض الزاهدين تنحصر أحلامهم في أكل ونوم وأمان مؤقت، وأجملهم رحمة الملائكية.
لا تتعجل الحكم على الرواية في منتصفها أو حتى قرب نهايتها، فالنهاية تفسر كل الأحداث وتجعلها تبدو منطقية ومترابطة.
كعمل روائي أول للكاتب أجده موفق جداً، وبالتأكيد في انتظار الرواية القادمة.
أقتبس من الرواية...
" يتعجب كثيراً لما يرى من نحو أهل هذه البلدة، هم يفرحون ويضحكون لأي شيء بقدر مايستطيعون لأطول وقت ممكن، ويبكون بحرقة وعمق، ولكن لأقصر وقت ممكن!
يتلقون الحياة ببِشر والموت بتسليم!"
" الحرب تعيد النفس الإنسانية إلى غرائزها المجردة، لا فرق بين إنسان يعيش في هذا الزمن أو أزمان خلت، الكل تحت سلطان الموت تلقائيون في تشبثهم بأسباب الحياة، تختفي كل المشاغل إلا الإنشغال بالبقاء، الحرب تضع المسلمات محل شك تمتحن الإرادة وتختبر خيرية النفوس.تمحو كل خطوط التحضر من الذاكرة البشرية."
و يظل تساؤل الكاتب قائماً لدينا جميعاً
" هذه الإنسانية إلى أين؟ كيف لم يتعلم البشر وقد استهلوا ألفية أخرى تركت وراءها تاريخاً من دماء خضبت وجوه كل الأمم من أقصى الأرض لأدناها!
الإنسان أقسى من وحوش الأحراش وأكبر نهماً من ضواريها!"