منروفيا > مراجعات رواية منروفيا > مراجعة Koky M. Gaber

منروفيا - أحمد فريد المرسي
تحميل الكتاب

منروفيا

تأليف (تأليف) 4.1
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
3

مراجعة رواية “منروفيا”

للكاتب أحمد فريد المرسي

دار النشر : بيت الحكمة

عدد الصفحات: ٤٥٠ علي أبجد

رواية “منروفيا” للكاتب أحمد فريد المرسي تأخذنا في رحلة إلى مدينة منروفيا في ليبيريا، حيث يروي بطل الرواية تجربته في بلد مليء بالصراعات السياسية والاجتماعية. تنطلق الرواية من حكاية رجل مغترب في مكان غريب، ما يعكس مشاعر الغربة والصراع الداخلي في البحث عن الذات. ورغم أن بداية الرواية قد تبدو مربكة بعض الشيء إلا أن السرد يتحول سريعًا ليكشف عمق الصراعات النفسية التي يخوضها البطل.

في ظاهرها، هي رواية اجتماعية تسلط الضوء على حياة المغترب في بلد يختلف تمامًا عن وطنه، وعلى ما يواجهه من تحديات في الانتماء والتأقلم مع بيئة جديدة. ولكن في عمقها، هي رواية نفسية تتوغل في مشاعر الإنسان وغربته عن ذاته، ورحلته في اكتشاف نفسه بعيدًا عن قيود المجتمع الذي نشأ فيه.

-تحليل الشخصيات

البطل: كان البطل نموذجًا واضحًا للاغتراب الذاتي الذي يعانيه الكثيرون في حياتهم. نشأته في بيئة قاسية خلت من المشاعر الطبيعية كالحب والرعاية، جعلته شخصًا ضائعًا لا يعرف ماذا يريد أو ما هو الحب والاهتمام. في غربته عن وطنه، اكتشف غربة أكبر داخل نفسه. كذئب يبحث عن شيء ليشبع جوعه، لكن لم يكن جوعه جسديًا بقدر ما كان جوعًا عاطفيًا لم يُلَبَّ في طفولته. شخصيته تمثل الصراع النفسي بين الحقيقة والوهم، فكانت الأسئلة التي يطرحها على نفسه بين تعسيفه لها وبين عدم محبته لما يفعل يعكس عدم حبه وايمانه بذاته، ولكن دائرة تلك الاجابات والاسئلة كان بمثابة الانفتاح على نور جديد اكتشف به ذاته الحقيقية.

رحمة: ظهرت طوال الرواية كشخص له مواصفات وأفكار، ولكنها كانت الرحمة التي لف بها جسده وتقبل بها ذاته وعيوبه. بها اكتشف ماذا يحب، وماذا يريد، وكيف يعبر عن مشاعره بصدق دون خوف. تلك الرحمة التي تقبع في عقل البائس والمحروم وتكون كالنور في ظلمات أفكاره، وتنتشله من غربته داخل ذاته.

منى: هي الخطيبة السابقة للبطل في مصر، والتي تمثل الماضي الذي كان يظن البطل أنه كان يعيش فيه، لكنها كانت تمثل جزءًا من حياته المفقودة، وتحولت في النهاية إلى مصدر لتساؤلاته. فخيانته لها كانت مجرد مسعى للهروب من الفراغ العاطفي في حياته، لكنها كانت تمثل في النهاية الرابط بينه وبين الذات التي حاول اكتشافها.

أبو عبدالله: التاجر الشجاع الذي تعرّف عليه البطل في منروفيا، كان صورة للأب الحكيم. رغم نفوذه وقوته، كان ينشر الطمأنينة بين الناس حتى في أحلك الظروف. شخصيته كانت رمزًا للأمان والتفاؤل، لكنه في النهاية يخضع للخوف ويهاجر ، مما يبرز هشاشة الإنسان أمام المصاعب الكبرى.

الأسلوب الأدبي

أحمد فريد المرسي يبرع في استخدام أسلوب سردي متقن يجعل من الرواية مزيجًا من الإثارة النفسية والدرامية. بداية الرواية قد تكون مربكة بسبب المفردات الثقيلة والوصف المكثف للمشاعر والأحداث. ولكن مع تقدم السرد، يتضح أن هذه الأساليب كانت تهدف إلى بناء الجسر بين القارئ وعالم البطل الداخلي. تم توظيف الأسلوب بشكل مميز ليعكس الصراع النفسي الداخلي والتغييرات التي يمر بها البطل. كما أن التصوير الدقيق لمحيط منروفيا من الطبيعة إلى الظروف الاقتصادية، وكذلك الأحداث السياسية، أضاف عنصرًا واقعيًا إلى الرواية، مما جعلنا نعيش الأجواء بشكل حي

الحبكة :

على الرغم من أن الرواية تتحدث عن غربة بطلها في بلد بعيدة، إلا أن العمق الأكبر يكمن في غربة الشخص عن ذاته. تطرقت الرواية إلى أزمة الهوية التي يعاني منها البطل نتيجة للتنشئة غير المتوازنة، ما يجعله يواجه صراعًا داخليًا مستمرًا حول معاني الحب، والنجاح، والزواج، والاستقرار. وعندما ينغمس في علاقة مع رحمة، تكتشف الرواية بذكاء كيف أن هذا الصراع العاطفي يتفاعل مع الأحداث الخارجية من حوله، حتى لو كانت رحمة هي مجرد شخصية خيالية تمثل رحلة البطل النفسية لاكتشاف ذاته.

رايي الشخصي:

منروفيا هي أكثر من مجرد رواية عن الحرب والدمار، هي قصة عن البحث المستمر عن الذات في عالم مليء بالأسئلة التي لا تنتهي. كل شخصية في الرواية تمثل جزءًا من رحلة الإنسان الداخلية نحو الفهم والقبول. وفي النهاية، نجد أن البطل لم يكن في حاجة إلى رحمة كإنسانة، بل كان في حاجة إلى قبوله لذاته وتقديره لها.

وكما قال سيمون دوبوفوار “الإنسان لغز ينبغي أن يُحَل. ولكن لا يمكن للمرء أن يحل لغز نفسه، سوى بأن يواجهه”. هذا الاقتباس ينطبق تمامًا على شخصية بطل منروفيا،

-أوصي بقراءة منروفيا لكل من يسعى لاكتشاف ذاته، والذين يعانون من صراعات داخلية أو يبحثون عن معنى لحياتهم. الرواية تحمل في طياتها الكثير من المشاعر العميقة والأفكار التي ستثير العديد من الأسئلة حول الحب، الحياة، والوجود. كما أن الأسلوب الأدبي المميز والقدرة على رسم صور حية للبيئة المحيطة تضيف إليها قيمة أدبية وفكرية كبيرة

.

الاقتباسات :

❞ الإنسان كائن مثل كل الكائنات، غريزي إن غاب عقله وكفرت نفسه ضميره، يبحث دائمًا عن إشباع شهواته، يتحرك دائمًا للبحث عن الأمن والراحة والمتعة أيما كانت. ❝

❞ لم يكن يعلم خلال عام مضى ما يعلمه اليوم عن نفسه، ❝

❞ كل من تخلّق بشرًا راشدًا لا بد أن يقوده قدر إلى دوامات المحنة والامتحان، فتنتهك كيانه وتدفعه في غياهب من الشك والضعف ولا سبيل للنجاة إلا بأمل، فخلف كل محنة حالكة يوجد سبيل آخر، وبعد قنديل ينطفئ لا بد قنديل آخر ينير أقداراً اخري.

❞ أنت مازلت صغيرًا والعمر يمر بأسرع مما تظن، قليل التفكير مثل كثيره، استمتع بقدر ما تستطيع، لا تحمل همًّا لما مضى فلن يعود ولا يؤرقك غد فقد يأتي بما تريد، لن يهتم أحد لشجونك ولا لمعانتك، ألمك لك وحدك، الحياة لا تلين إلا للأقوياء،وما تملكه منها هو ما تمتعت به منها ، لا تكن غبياً وتضيعها! اغتنمها مادامت في يديك .

❞ تهبط الأرواح إلى أرحام النساء في لحظات يصدق فيها العشق، فنتخلق كالسحر بشرًا، نبزغ بالحب أجسادًا من أديم هذه الأرض الطيبة ونحيا لنحب ونعشق وتستمر دورة الحياة. ❝

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق