ميثاق النساء - حنين الصايغ
تحميل الكتاب
شارك Facebook Twitter Link

ميثاق النساء

تأليف (تأليف)

نبذة عن الرواية

محكومةٌ بالخوف والعجز، تعيش أمل بونمر حياةً ريفيَّةً محافظةً في قريتها الدرزيَّة في جبل لبنان، حيث يهرب العديد من أسئلة الحياة إلى التديُّن والعزلة. يُمسك الأب، الذي ينتمي إلى طبقة المشايخ ويعمل حدَّادًا، بمطرقة سلطته على العائلة ليُشكِّل مستقبل بناته الأربع بصورةٍ تتناسب مع عالمه المحدود. يقف الالتزام الدينيّ لوالدَي أمل عائقًا في طريق التحاق أمل بالجامعة الأميركيَّة في بيروت. وفي هذه الأجواء، تعقد أمل صفقتها الكبيرة للانعتاق من خلال الزواج بسالم، أحد أثرياء الطائفة الدرزيَّة. فهل سيفي سالم بوعده؟ أم ستخوض أمل حربًا جديدةً من أجل تحقيق حلمها؟ هذه الرواية هي محاولةٌ للغوص في المجتمع الدرزيّ المعاصر وتفكيكه اجتماعيًّا ودينيًّا وأسطوريًّا. هي روايةٌ عن الحرِّيَّة بمعناها الأكبر، وعن الأمومة كورطةٍ وفرصة، وعن الحبّ الذي يتخطَّى الحدود الجغرافيَّة والدينيَّة والثقافيَّة.
عن الطبعة

تحميل وقراءة الرواية على تطبيق أبجد

تحميل الكتاب
4.4 594 تقييم
3893 مشاركة

اقتباسات من رواية ميثاق النساء

شعرت برغبةٍ في البكاء. الرغبة في البكاء كانت تأتي من كوني أريد شيئًا. يا لعذوبة أن نريد شيئًا بقوَّةٍ وتهبنا الحياة فرصةً لنخطو ولو خطواتٍ صغيرة في اتِّجاهه!

مشاركة من نجمة آل درويش
كل الاقتباسات
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم

  • مراجعات رواية ميثاق النساء

    604

مراجعات

كن أول من يراجع الكتاب

  • لا يوجد صوره
    5

    انا فتحت الرواية بالصدفة وشدتنى من اول كم سطر وخدت فكرة عن مجتمع منعلق علي نفسه ومذهب مكنتش اعرف غير اسمه وتفاصيل المجتمع المتدين وأثره على نفسية الستات ومصائرهم وحبيت الطريقة اللى تعاطت بيها الكاتبة مع مشاعر الأمومة وارتباطها بالشعور بالذنب واخيرا الشعر انا اكتشفت بالصدفة ان الكاتبة ليها ديوان طريقة الكتابة بتنم عن رقة شاعرة حساسة واستمتعت بوصفها للطبيعة الجبلية في لبنان انا عادة صعب اتخيل الاماكن في الروايات لكن الكاتبة نجحت توصل جو ومكان الرواية واخيرا حبيت تعاطيها مع تأثير المجتمع الأبوي علي كل شخصية مختلفة في الرواية وتاثيره حتى على الذكر نفسه رواية متميزة ورقيقة كل الحب للكاتبة حنين

    Facebook Twitter Link .
    21 يوافقون
    1 تعليقات
  • لا يوجد صوره
    5

    #قراءات٢٠٢٤

    #ميثاق_النساء

    #حنين_الصايغ

    #أبجد

    كتبت حنين عن معاناة امل الشابة الدرزية من احدى قرى جبل لبنان في مجتمع ذكوري ما زالت المرأة تكافح فيه للحصول على جزء بسيط من حريتها. حكاية أمل هي حكاية كل شابة لبنانية او لنقل عربية خرجت من بيئة قروية محافظة وسعت لتغيير ظروف حياتها والبحث عن ذاتها، لذلك وجدت تقاطعا كبيرا بين سيرة حياة الكثير من النساء اللواتي أعرفهن وبين قصة أمل التي تعلمت ان تخفض صوتها منذ طفولتها حتى ظنت ان لا صوت لها وساومت بجسدها المراهق حتى تصل لأدنى حقوقها وهو حقها بإكمال تعليمها ولكنها استطاعت ان تكسر شرنقتها وتفرد جناحيها وتتعلم الطيران بحثا عن حريتها واخيرا السعادة التي تستحقها والأهم من هذا كله ان تصل لأن تحب نفسها وتقدر ذاتها...

    كتبت حنين بلغة شاعرية عذبة، وابدعت بوصف جمال طبيعة الجبل وخصوصيته التي لا تشبه اي مكان آخر، وتأثير تلك الجبال على نفسية أمل، سلبا وإيجابا. كما أغنت معرفتنا بالكثير من التفاصيل التي يجهلها معظمنا عن طائفة الموحدين الدروز، وضمنت الرواية العديد من الافكار الفلسفية العميقة التي أغنتها وأعطتها أبعادا تخطت كونها مجرد سيرة ذاتية لأمل...

    كأمرأة من قرية لبنانية نائية درست الطب في منتصف التسعينيات وكطبيبة نسائية أتعامل مع النساء كل يوم وأحاول احيانا عن أعبر عن بعض من معاناتهن التي أستمع اليها او أكون شاهدة عل بعض فصولها، يمثلني قلم حنين الصايغ ويستفزني حتى أكتب عنهن ولهن!!!

    من الرواية:

    ❞لقد رضيَت أمَّهاتنا باللاشيء، لذلك تحتَّم علينا أن نكون ممتنَّاتٍ للقليل، وأن نشعر أنَّه أكثر من حقّنا، وأنَّنا إن لم نقدِّر القليل سنكون جاحدات. ولكنْ من له الحقّ أن يحدِّد ما هو قليلٌ وما هو كثير، حين نتكلَّم عن الحرِّيَّة؟ هل هو الزمان أو البقعة الجغرافيَّة أو نسبة التعليم، أو المصير الذي رضي به من سبقونا من النساء؟!"❝

    ❞ربما لا نخسر اصواتنا دفعة واحدة عند حدث كبير او حادثة مأسوية! ربما نخسرها بالتدريج وبالتواطؤ الصامت، في كل مرة نتظاهر ان شيئا لم يحدث لتجنب المواجهة...❝

    ❞لم يحمني الصمت كما ظننت بل كان محاولة للهروب القصير الذي سيلاحقني طويلاً. لقد خسرت مع كلّ صمتٍ احترامي لنفسي، وغذَّيت ذلك الصوت التي يحقِّرني عبر الاستماع له بشكلٍ يوميّ «كلّ ما نركِّز عليه ينمو» - قرأت هذه العبارة يومًا، وفهمت أنَّني لم أكن وفيَّةً لشيءٍ بحجم وفائي للصوت الذي يكرهني بداخلي، هذا الصوت الذي يعلم أنَّ أحدًا لم يحبّني بحقّ. من أين لشخصٍ لم يتلقَّ حبًّا صافيًا أن يشعر بقيمة ذاته؟ وكيف لشخصٍ لم يحبّ حبًّا صافيًا أن يثق بقدرته على فعل أيِّ شيءٍ بنجاح؟❝

    ❞ الطلاق يُشبه الوشم الذي نختاره بكامل إرادتنا، ولكنَّنا نضطرّ إلى رؤيته كلّ يومٍ لما تبقَّى من حياتنا.‏ ❝

    ❞ ربَّما أدركت في تلك اللحظة أنَّ هذا هو «ميثاق النساء» الحقيقيّ. ميثاقٌ من التضامن والفهم والوجع لم يخطّه أحدٌ في كتاب، ولم يفرضه أحدٌ على النساء. ميثاقٌ يجعلنا نتواصل ونترابط على بُعدٍ آخر. بُعدٍ لا علاقة له بالدين والثقافة والجغرافيا.

    نحن متَّصلاتٍ كجذور أشجار السنديان العتيقة التي تمتدّ لعشرات

    الأميال وتتعانق تحت سطح الأرض. شيءٌ ما يتحرَّك في المرأة حين ترى امرأةً أخرى تعاني، شيءٌ ما يوقظ أنثى الذئب المتوحِّشة في أعماقها فيستيقظ تعاطفها وتتحرَّك أمومتها، حتى لو لم تكن قد أنجبت من قبل.❝

    Facebook Twitter Link .
    13 يوافقون
    2 تعليقات
  • لا يوجد صوره
    5

    الكتاب رائع… اللغة فظيعة وملهمة وتلامس داخل الانسان وتجذب القارئ ان يكمل حتى النهاية

    لم اتفق كثيرا مع مفهوم الحرية … حقيقة.. أمل نالت حريتها عندما انفصلت عن سالم.. لانها لا تتقبله

    لكن أمل لم تحصل على الحرية عندما تجردت من مسؤولياتها اتجاه طفلتها او حتى اتجاه عائلتها الاولى…

    بنظري ركض أمل نحو الحرية جعلها شخص أناني.. ينظر الى الحرية على انها الراحة المطلقة… والاختيار المطلق..

    بنطري فقدت أمل البوصلة عندما ظنت أن الحرية فردية… وان كل شخص عليه ان يسقطها على نفسه

    بكل الاحوال… جزء من الحرية ان نتقبل الاخرين

    الرواية رائعة والكاتبة بصراحة مبدعة جداا..

    Facebook Twitter Link .
    4 يوافقون
    1 تعليقات
  • لا يوجد صوره
    5

    حنين الصايغ تأخذك في رحلة غنية ومتنوعة داخل عوالم النساء وما يواجهنه من تحديات في مجتمع يرزح تحت وطأة التقاليد والقيود الصارمة. بأسلوبها السلس والعميق، تمكنت من فتح نافذة على قلوب الشخصيات، لتكشف عن صراعاتهن الداخلية والخارجية، بين رغباتهن في التحرر وتحقيق الذات وبين الالتزام بما يفرضه المجتمع من قواعد صارمة.

    ما جذبني في الرواية هو واقعية الشخصيات، حيث شعرت أنني أتعايش معهن، أرافقهن في الخوف والغضب والأمل، وحتى في لحظات الانكسار. أبطال الرواية ليسوا مجرد رموز؛ بل هم بشر حقيقيون بعيوبهم وأحلامهم، وهذا ما جعلني أشعر بصدق القصة. الكاتبة نجحت أيضًا في استخدام اللغة بطريقة سلسة، تمزج بين الوصف الدقيق والمشاعر العميقة، دون أن تغالي أو تشتت تركيز القارئ.

    قد يبدو إيقاع السرد في بعض الأجزاء بطيئًا، خصوصًا مع الوصف المطول، لكن هذا لم يُضعف الرواية بل أضاف لها بُعدًا تأمليًا يدفع القارئ إلى إعادة التفكير في كثير من المسلمات الاجتماعية. النهاية كانت مفتوحة إلى حد ما، لكنها أثارت فيّ العديد من التساؤلات: هل يمكن أن تتغير حياتنا فعلًا أم أن التقاليد أقوى منا؟

    رسالة إلى رحمة، والتي بدأت ب "عزيزتي رحمة"، سأترك لكم الاستمتاع بهذه اللوحة الفنية.

    بكل صدق، أرى أن "ميثاق النساء" ليست مجرد رواية تقرأها وتضعها جانبًا، بل هي تجربة تدفعك للتأمل والتفكير، وربما لإعادة النظر في علاقتك مع المجتمع ومع من حولك. إنها عمل مميز يستحق القراءة والنقاش.

    على الهامش، تعلمت الكثير عن الدروز وبحثت وفهمت، استطاعت حنين أن تدفعني للبحث في عمق الرواية وليس فقط القراءة.

    تحديث: مبروك حنين القائمة القصيرة للبوكر

    راهنت على روايتك ومازال الرهان مستمر ولكن المنافسة صعبة

    بالتوفيق

    Facebook Twitter Link .
    3 يوافقون
    1 تعليقات
  • لا يوجد صوره
    4

    قراءات القائمة الطويلة لبوكر ٢٠٢٥

    ❞ المشكلة لا تكمن في الدين بحدِّ ذاته، بل في الرجال الذين يتقمَّصون دور الله، ويحكمون بالنيابة عنه، وفي النساء اللاتي يقبلن بالمنطقة الرماديَّة بين المعرفة والخرافة، ويقبلن بمسرح الدجاجة كبراحٍ آمنٍ يقيهنَّ مخاطرة التخطيط لحيواتهنَّ بأنفسهنَّ ❝

    ميثاق النساء هو ميثاق الخوف، الخوف من الحرية في مجتمع الدروز الذكوري الذي يقهر النساء تحت عباءة الدين.

    ميثاق النساء هو ميثاق الخوف من إعمال العقل في مجتمع دينه يمجد العقل.

    ميثاق النساء هو ميثاق الخوف من الفضيحة وسط المشايخ والعشيرة قبل الخوف من  رب الناس.

    ميثاق النساء هو ميثاق الخوف،  الخوف الذي يحيط بكل شيئ ليقيد الأفعال ويحبس الأنفاس.

    ومع كل هذا، يظهر خيط من النور في عتمة الليل، وبريقه هو 'أمل' التي، مع أنها تعاني من اكتئاب مزمن، تجد في داخلها القوة لتتملك زمام حياتها، وتكافح ضد كل ما هو موروث لتحظى بأبسط الحقوق، حق أن تعيش حياة عادية وسط مجتمع يرى أن العادي للمرأة أن تحيا فقط بلا صوت ولا وجود.

    جو عام من الكآبة والحزن يخيم على الرواية، وتختلط مشاعرك وأنت تقرأ بين مؤيد ومعارض لأمل، فالثمن غالي ولكن الجائزة أيضا غالية.

    محمد متولي

    Facebook Twitter Link .
    3 يوافقون
    1 تعليقات
  • لا يوجد صوره
    5

    من أجمل وأعمق الرويات توصيفًا لحالة المرأة (خصوصاً إذا كانت تنتمي لأحد الأقليات المغبونة) في الشرق الأوسط

    بداية تسليط الضوء على هذه الأقلية التي تعيش بيننا ولكننا نجهلها ونتجاهلها، بعدها يتم سرد حياة امرأة من بداية طفولتها وخضوعها لأعراف عائلتها وطائفتها ومنطقتها حتى انعتاقها من هذا الأتون وانطلاقها إلى فضاء رحب تجد فيه ذاتها

    أنصح الجميع بالاستمتاع بهذا العمل الأدبي المتقن والناعم.

    Facebook Twitter Link .
    3 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5

    حملتني هذه الرواية الى فضاءات وعوالم غريبة وجميلة بأسلوبها السهل الممتنع الذي يتسم ببلاغة وعفوية بعيدة عن التكلف. من الصعب على القارىء ألا يستشعر كمية الصدق في وصف المواقف والمشاعر ونحت الشخصيات. الرواية مشغولة بحرفية عالية من حيث الحبكة والمضمون، مما يعطي العمل قيمة معرفية كبيرة ويمنح قارئه شغفا لا يتكرر. أعتبر هذه الرواية إضافة قيمة للرواية العربية وللأدب النسوي.

    Facebook Twitter Link .
    3 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5

    "ميثاق النساء" ل حنين الصايغ: بين الإرث الثقيل وحلم التحرر"

    قراءة نقدية: نجيب التركي.. اليمن

    مدخل: الرواية كرحلة بحث عن الخلاص

    لم تكن رحلة الوصول إلى "ميثاق النساء" سهلة، تمامًا كما لم تكن رحلة بطلتها أمل نحو الوعي والتحرر سهلة. فكما حال دوني عدم إقامة معارض الكتب في بلدي، وقفت أمام البطلة قيود العائلة والدين والمجتمع، لكنها – مثلي – وجدت طريقها، ولو عبر منعطفات غير متوقعة.

    ما إن وقعت الرواية بين يدي عبر اشتراكي في منصة "أبجد" حتى بدأت رحلتي مع نصٍّ لا يحكي فقط عن المرأة في مجتمع أبوي، بل عن صراع البقاء تحت وطأة الوعي، الخوف، والقيود المتوارثة. فهل التحرر الحقيقي ممكن؟ أم أن "التظاهر بالموت"، كما قيل للبطلة في الرواية، هو الوسيلة الوحيدة للبقاء؟

    ولعل الاعتراف بقيمة ميثاق النساء لم يتوقف عند حدود قرّائها، فقد وصلت الرواية إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) لعام 2025، مما يعكس مدى تأثيرها الأدبي وقوة طرحها لقضايا المرأة والحرية.

    العتبات النصية: مفاتيح الدخول إلى عالم الرواية

    1. الغلاف: خريطة النساء نحو التحرر؟

    الغلاف لا يطرح نفسه بسهولة، فهو غامض، أشبه بخريطة قديمة، حيث تتداخل الألوان البنية والوردية في إيحاء بالتاريخ والأنوثة والذاكرة الجمعية. صورة المرأة التي تحتضن أخرى، أو ربما مجموعة نساء متشابكات، تعكس حالة التداخل بين الذوات النسائية، حيث لا تروي الرواية فقط قصة فردية، بل سردية جماعية لمعاناة النساء في المجتمع.

    2. العنوان:

    يأخذ العنوان "ميثاق النساء" بُعدًا إضافيًا حين نعرف أنه مستلهم من فصل في كتاب "الحكمة" عند الدروز، مما يضع الرواية في إطار تاريخي وديني عميق.

    لكن السؤال يظل مطروحًا: هل الغلاف يوحي بالتحرر، أم أنه يوثق للحظة احتجاز جديدة؟

    3. الإهداء: الاعتذار كمرآة لصراع المرأة

    تبدأ الكاتبة نصها بإهداء شديد البساطة لكنه عميق:

    "أنا أربيكِ يا عزيزتي وأربيني. اعذريني لأنني لم أكن بكاملي معك."

    هذا الاعتراف الصريح بأن الأمومة ليست دورًا مقدسًا بقدر ما هي تجربة إنسانية ممتلئة بالنقص والصراع، يعكس أحد محاور الرواية: هل تستطيع المرأة أن تكون أمًا وزوجةً وإنسانةً متحررة في الوقت ذاته؟ أم أن هناك دائمًا ثمنًا تدفعه؟

    اللغة والأسلوب: بين الرمزية والواقعية

    تُوظّف حنين الصايغ لغةً محكمة، تتراوح بين الفصحى والدارجة، مما يجعل السرد أقرب إلى الواقع لكنه محمّل بالشاعرية والرمزية. منذ الجملة الأولى:

    "ربيع جديد."

    نحن أمام إحساس بالتجدد، لكنه تجدد مشوب بالتوجس، فالرواية سرعان ما تأخذنا إلى نقيض هذا الأمل حين تكتب:

    "لم أختبر خوفًا أقسى من ذلك الذي ينتج عن شعوري بالدونية وعدم الاستحقاق."

    هذه الثنائية بين البدايات الجديدة والشعور القاتل بالدونية، بين الطموح والقيد، تشكل العمود الفقري للنص.

    رمزية الدجاجة: من القيد إلى الفضاء المفتوح؟

    من بين الرموز التي تتكرر في الرواية، تأتي "الدجاجة" تأتي كإشارة ذكية إلى المرأة في مجتمعات مغلقة. تصف البطلة أمل طفولتها قائلة:

    "وكنا أنا وأخواتي نسرح كالدجاجات في الجوار، نبني حقائق موازية في ظل ما نرى ونسمع، في ظل ما سيبقى في غرف لا وعينا المظلمة في ظلِّ ما سيبقى في غرف لاوعينا المظلمة، وما سنتمسَّك به كتعويذة نجاةٍ مدى الحياة.‏❝

    هذه الصورة تلخص حالة المرأة في القرى والمجتمعات التقليدية، حيث تنمو داخل "حظيرة" محددة، يُسمح لها بالتحرك داخل حدود، لكنها لا تعرف الطيران.

    لكن حين تنتقل البطلة إلى بيروت والجامعة الأمريكية، يصبح العالم أكثر تعقيدًا، فتشعر أنها دخلت إلى معركة فكرية، حيث لم يعد هناك "سياج" يحدد لها مسارها، لكنها في المقابل لا تزال تحمل إرث الحظيرة في داخلها.

    فهل كانت تريد الحرية فعلًا، أم أنها خافت منها؟

    الصراع الديني والاجتماعي: الدين كأداة للحرية أم للقمع؟

    يتجلى الصراع بين الدين والطموح في موقف الأب عندما تقدم شاب لخطبة أمل، حيث يقول:

    "لا ينفع الإنسان إلا أن يعمل لآخرته، والعلم بحر لا ينتهي... نهاية العلم والتعليم الرضا والتسليم."

    هذا التصور يعكس رؤية ترى العلم وسيلة للمعرفة الروحية، لا للتحرر، وهو فكر شائع في المجتمعات المحافظة، حيث يُعاد توجيه طموح النساء ليكون في خدمة الإيمان والتقاليد، لا في خدمة ذواتهن.

    لكن الرواية تتساءل:

    "المشكلة لا تكمن في الدين بحد ذاته، بل في الرجال الذين يتقمصون دور الله."

    المرأة بين الصمت والمقاومة

    تقدم الرواية نموذجين للمرأة:

    1. الأم: نموذج المقاومة الصامتة، التي تواجه جبروت الأب بتضحياتها اليومية، حتى إنها تتحدى موقفه من تعليم ابنته، فتقول:

    "أنا بوفِّي الدين من خبزاتي."

    هذه الجملة تعكس كيف تتحول الأمومة إلى نضال خفي، حيث تستخدم المرأة ما لديها من موارد، ولو بسيطة، لكسر الحواجز المفروضة عليها.

    2. أمل: المرأة التي تدرك القيود لكنها لا تعرف كيف تكسرها. يسألها صديقها الأمريكي في الرواية:

    "You play dead to stay safe."

    (أنتِ تتظاهرين بالموت لتبقي في أمان.)

    فتطرح الرواية سؤالًا صادمًا:

    "ولكنْ هل حقًا نستطيع أن نتفادى الألم؟"

    هل الصمت يحمي المرأة؟ أم أنه يجعلها أكثر هشاشة أمام القمع؟

    الأب: بين صدمة الحرب وإعادة إنتاج العنف

    لا يظهر الأب كشرير تقليدي، بل كشخصية محطمة نفسيًا بسبب الحرب، مما يجعله يعيد إنتاج العنف داخل أسرته. تربى في كنف أم تؤمن بأن الذكر لا يمكن أن يتقمص إلا جسد ذكر، فكان يرى في ابنته امتدادًا لمأساة أسرته، لا شخصًا مستقلاً.

    الخوف الذي يحمله الأب ليس فرديًا، بل هو خوف مجتمع بأكمله، عاش في ظل الحروب والاضطهاد، فصار يرى التحكم والسيطرة وسيلة للبقاء.

    بين السيرة والخيال: هل أمل هي حنين؟

    الرواية كُتبت بضمير الأنا، وعلى الرغم من محاولتي كقارئ شرقي لتجنب إسقاط الرواية على الكاتبة ذاتها، إلا أن كل حرف فيها يخبرني أن أمل هي حنين، وحنين هي الأمل ذاته. وليس في ذلك غبن أبداً، بل هو دليل على أن الرواية كُتبت من مكان عميق وصادق.

    "السعادة ليست خلطةً في مختبرٍ تضيف كلّ المكوِّنات لتحصل عليها.".

    هل هناك خلاص؟

    "الرتابة تصبح قمةً أيضاً حين نسقط منها إلى حضيض الخسائر."

    هكذا تنهي الرواية جدلها المستمر حول الحرية، المصير، والإرث الثقيل الذي تحمله النساء جيلاً بعد جيل. البطلة وصلت إلى وعي جديد، لكنها لا تزال تحمل في داخلها إرث القيد الذي نشأت فيه. فهل يكفي الوعي للتحرر؟ أم أن الواقع أكثر تعقيدًا من ذلك؟

    ميثاق النساء ليست فقط عن النساء، بل عن الإنسان في صراعه المستمر مع ذاته، مجتمعه، وماضيه.

    كلمة أخيرة ل "حنين": (الجميل لازم يكثر خلفتو)

    Facebook Twitter Link .
    2 يوافقون
    1 تعليقات
  • لا يوجد صوره
    4

    تتناول حنين الصايغ بلغة شاعرية من خلال شخصية أمل أبو نمر المنتمية لطائفة الدروز، («ميثاق النساء»، وهو عنوان مستعار من إحدى رسائل كتاب الحكمة لدى طائفة الموحّدين الدروز) فعل التفكيك الاجتماعي والديني بجرأة، وتُسقط ورقة التوت عما يُسبّب السكوت عنه تعاسة جماعية.

    جمعت بين الشيء ونقيضه: بين الرضوخ المُتوارَث والمجتمع القروي والسلطة الأبوية، يقابلها نقيضها: الدراسة في الجامعة الأميركية ببيروت، والانعتاق، والحق في تقرير المصير، وحرية الجسد من أشكال انتهاكه.

    امتدد السرد عبر الأجيال من الجدّة فالأم والعمّة، إلى البطلة الشابة وطفلتها، فكان بمثابة سلسلة عذابات كان لا بدّ من كسرها، وإن كلّفت المحاولة الثمن الباهظ.

    تُعكّر الرواية الراكد على صفحات العقل، بأحجار تُرمى من العمق، لا من الضفاف، لتُحدث ضجة وتُزعج، فأمل انعكاس للصوت الغائب والصرخة المكتومة. ظلّت طوال فصول السرد، تُقدِم وتتراجع، تبني وتسقط الأشياء فوق رأسها. شخصية حيّة جداً، مُفرطة في الواقعية، مُحمّلة قهر المرأة المُتربّص في أعماقها صوت رجل يؤنّب دائماً. تخوض معارك العالم الخارجي بجانب معاركها الداخلية. وكلاهما مكلف، نتج عنه إبرام الصفقات مقابل المعاشرة الزوجية، والعراك والجدال والابتزاز العاطفي، والاستباحة الجسدية في مختبرات التلقيح الاصطناعي من أجل حَمْل تحقق من تلقائه بعد فشل محاولَتي الإنجاب بالقوة.

    تعلي الرواية قيم التعدّد والاتّساع، أمام سردية اجتماعية تردّد المحفوظ من دون مساءلته، وتصدّق المفهوم بلا إخضاعه للنقد. هدير الحب بين أمل وحامد، يشفي الجروح ويُهدئ الآلام.

    Facebook Twitter Link .
    2 يوافقون
    2 تعليقات
  • لا يوجد صوره
    5

    ✨ رواية / ميثاق النساء

    ✨ الكاتبة / حنين الصايغ

    ✨ عدد الصفحات / 391

    *الميثاق الذى يسحب للعمق البغيض*

    *الدروز* *الديانة الدرزية*

    هي ديانة ذات طابع مختلف .. التقمص : اى أنهم لا يموتون و لكن تنتقل أرواحهم لأجساد آخرين ، هم قسمين المشايخ و الشيخات ، و الجسامنين ( اى غير المتدينين )

    محرم عليهم قراءة كتاب الحكمة و ينفرد بقراءته المشايخ فقط ..

    يتزوجون من بعضهم و لا يجوز الزواج من خارجهم ، يسكنون حول جبال لبنان ، و يعيشون وسط صخور عقولهم ...

    ✨ و من هناك تخرج *أمل* للحياة ، تبدأ الخروج من هذا الميثاق بعد أن تحدت تقاليد و ديانة لا تعلم عن تفاصيلها شيئا ، تخرق كل القواعد حتى تصل لأعماق نفسها لتنتشل ذلك الميثاق الذى قيد روحها و بنى بداخلها كائن مخيف يتربص بها ، يجرها و يتحايل عليها ، و لكنها تصمد و تستكمل طريق فك القيد ..

    ✨ رواية ذات معنى عميق و خلفية جديدة لم اتطرأ إليها من قبل ، لغتها رائعة ، مكتوبة بأنامل أدبية حرة و رشيقة ..

    - لقد عرفت منذ الطفولة أنَّ المرأة في مأزق. لا أستطيع أن أقتفي أثر هذه المعرفة أو أحدِّد الوقت لاكتسابها، لأنَّها معرفة تراكميَّة كبرت معي وأصبحت جزءًا منِّي، مثلما كبر جسدي وخوفي من أبي.

    - «كلّ ما نركِّز عليه ينمو» - قرأت هذه العبارة يومًا، وفهمت أنَّني لم أكن وفيَّةً لشيءٍ بحجم وفائي للصوت الذي يكرهني بداخلي.

    - لا بدَّ أنَّ التحرُّر من التوقُّعات عملٌ صعب، ولكنَّ التحرُّر من الخيال شيءٌ مستحيل.‏

    قراءة ممتعة ⚘️

    Afternoon Tea Book Club

    Facebook Twitter Link .
    2 يوافقون
    2 تعليقات
  • لا يوجد صوره
    5

    انطلاقاً ‎من مجتمع درزي مغلق أطلعتنا الكاتبة على ميثاق النساء الذي تحوّل من ميثاقٍ للألم كما كانت تعرفه وعاشته البطلة في بداية الرواية، إلى أن يكون ميثاقًا من "التضامن والفهم والوجع الذي لم يخطّه أحد في كتاب، ولم يفرضه أحدٌ على النساء. ميثاق يجعلنا نتواصل ونترابط على بعدٍ لا علاقة له بالدين والثقافة والجغرافيا. نحن متّصلاتٌ كجذور أشجار السنديان العتيقة." الرواية عبارة عن صراع البحث عن الذات، صراع الأمومة والاغتراب، والزواج التقليدي غير المتكافئ، وسلطة رجال الدين. المرأة هي المرأة بغض النظر عن الدين والهوية والجنسية آلامها واحدة يربطها ميثاق واحد مع بقية النساء دون التصريح عنه أو الوعي بوجوده.

    رغم اختلافي مع الكاتبة في العديد من وجهات النظر إلا أنه لا يسعني إلا الوقوف احتراماً وتقديراً لصدق المشاعر وشفافية طرحها، وشعرت بوجع كمن عاشها.

    Facebook Twitter Link .
    2 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    4

    إنها الشاعرة حين تقبض بيدها على السرد، تمشي في طريق الرواية وهي تعرف ما تقول، تتحرك شخصياتها بحدة أتعبتني وجعلتني أستغرق في القراءة

    حدة صراعات الشخصيات تشبه حدة المنحدرات الجبلية، هذه الحدة التي تفاجؤك بنهاية تعجز عن تصنيفها

    أهي نهاية محددة لأن الغريبين اتحدا وأصبحا قريبين؟

    أم هي مشحونة بالقسوة بسبب الاغتراب وبعد الأم وابنتها؟

    أم هي نهاية مفتوحة؟

    تعرفت على الدروز لأول مرة، قضايا الدين وإضفاء البعد الروحي كان يكسر شوكة القسوة والحدة غالبا

    تحضر التفاصيل بقوة في بداية الرواية، ثم تتكثف المشاعر والصراعات، ثم يحضر الوصف وعلاقة الشخوص بالمكان، شعرت في هذا العمل أن وراء كل كلمة أملا ووراء كل أمل تضحية ووراء كل تضحية ألم يصعب الشفاء منه

    Facebook Twitter Link .
    2 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5

    اخذت مني الرواية ٥-٦ ساعات قراءة متواصلة. على ما يقارب ٣٥٠ صفحة استمتعت بتنوع المواضيع التي طرحتها الكاتبة من الايمان، الامومة المرض النفسي ودخلت الى عالم مجتمع الدروز الذي يتميز بانه مجتمع منغلق على نفسه فتحت الكاتبة الباب وطرحت اسألة تدعو للتفكير وهي مهمة الكاتب الاولى.. التحريض على التفكير وطرح الاسألة

    المأخذ الوحيد هو لغة الحوار، اعتمدت الكاتبة بشكل اساسي على اللغة العربية الفصحى، الا ان بعض الشخصيات تحدثت باللهجة اللبنانية، استغربت هذا الخلط، الا انه لم يؤثر على انسياب الاحداث..

    هناك شخصية "محمود" ظهرت بقوة في البداية قم واختفت فجاة، توقعت ان يكون لها تاثير اكبر على الاحداث..

    انصح بقرائتها

    كل الشكر

    Facebook Twitter Link .
    2 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5

    الكلمة الوحيدة التي أنهيت بها هذا الكتاب هي:

    أوف..!

    أوف يا حنينن وشكرًا بنفس الوقت.

    أوف لكثافة مشاعرك، حريتك، حقيقتك، شفافتك، وعتمتك.

    شكرًا شكرًا للغتك التي أصابت كُل الحواس.

    شُكرًا للميثاق والتضامن، شكرًا للمؤازرة التي كانت بمثابة غيمة هطلت منها الحقيقة التي أفنيت عمرًا ضيئلًا من عمري من وقت قراءتي لهذه الرائعة .. وهي حقيقة أنّ الحب هو الوجود.. أن الألم هو المحتوم .. وأنّ الحرية هي قالب الحب والألم.

    شكرًا حنين على رواية حرضت الدمع في عيني .. وحركت مياه راكدة بنفسي.❤️‍🩹

    Facebook Twitter Link .
    2 يوافقون
    2 تعليقات
  • لا يوجد صوره
    5
    Facebook Twitter Link .
    2 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5
    Facebook Twitter Link .
    2 يوافقون
    1 تعليقات
  • لا يوجد صوره
    5
    Facebook Twitter Link .
    2 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5
    Facebook Twitter Link .
    2 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5
    Facebook Twitter Link .
    2 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5
    Facebook Twitter Link .
    2 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5
    Facebook Twitter Link .
    2 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5
    Facebook Twitter Link .
    2 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5

    "الأديان في حد ذاتها لا تضطهد المرأة، ولكن المؤسسات الدينية أممت فكرة الحب وجعلته رهين العادات والتقاليد، فنجحت في إقناع الرجل بضرورة مراقبة المرأة وتقييد حريتها، ثم نجحت في إقناع المرأة نفسها أن تكون جزءًا من آلة القهر، وأن تخاف من نفسها وتشعر بالذنب دائمًا، وأن تورث الشعور لبناتها وأحفادها من بعدها، وأن شعور المرأة المزمن بالذنب وبعدم استحقاقها للحرية هو لب المشكلة"

    ...

    ميثاق النساء، ميثاق غليظ، تحمل النسوة فوق كوالهن منذ قرون، اختلفت الأشكال وتباينت المسميات والاضطهاد واحد..

    أمل، اسم يحمل دلالة هامة، ضرورة أن تتحلى النساء بالأمل في الدفاع عن حقوقها وحريتها مادامت الحياة..

    ..

    (المجتمع الدرزي)

    من أهم سمات القوة في هذه الرواية يتمثل في التعمق داخل المجتمع الدرزي، هذا المجتمع المنغلق على ذاته، الذين يصعب الوصول لأعماقه ودهاليزه، حتى على معتنقي الديانة، فقراءة النصوص الدينية ليس مصرحًا للعوام، لابد من الترقي مع شروط قاسية للاضطلاع على كتاب الحكمة، الذي يمثل وثيقة وشريعة للدروز..

    نجد مثلاً فكرة الإيمان، ونظرتهم للحاكم بأمر الله، والتشابه مع المسيحية في فكرة تجسد الإله فيه بالشكل الجسدي، بالإضافة لفكرة التناسخ والتقمص المرتبطة بشكل كبير بحضارات شرق آسيا، فالدرزي حين يموت، يعود إلى الحياة من جديد من خلال جسد درزي آخر، فالجسد هو القميص، والروح تلبس عدة قمصان على مر الزمن، شريطة أن يكون الجسد لدرزي.. بالإضافة إلى الصعوبة الكبيرة في زواج الدروز من غيرهم، فالمرأة التي تتزوج رجل غير درزي تكون بمثابة الكافرة لأن:"بيصيروا ولادهم كفار، وولادهم لسبعة أجيال"

    بالإضافة إلى الجمود في العقيدة الدرزية، وحين تحولت للمؤسساتية والمشيخة صارت صارمة وجامدة في تعامل الرجل مع الأنثى، حتى عرض طريقة الاحتفال بالزواج أو حين الخلاف وامتناع الرجل من رؤية زوجته أو السماع لصوتها وغير ذلك من أمور ترتقي إلى حالة من الجمود والتعسف وتنويم للعقل والضمير..

    ...

    ومن خلال هذا المدخل الهام سنتفهم بشكل أكثر عمقًا أزمة النساء، فالمجتمع كل تجمد توحد، وكلما توحد تحولت السيطرة لدفة واحدة وصار الرجل هو المهيمن على كل شيء..

    ...

    (أمل والتوحد مع الأم)

    ربما أزمة أمل في غالبية الأوقات كانت تتمثل في إحساسها بالذنب والدونية، وأنها لا تستطيع تجاوز هذه العقبات بسهولة لسببين، الأول النص، والثاني الأم.. فالأم التي حملت ابنتها الإحساس بالدونية والعار والضعف والتماهي مع إحساس الضحية جعلت البنت في شرنقة العنكبوت، فهي تخشى الانعتاق حتى لا يكون خيانة لعهد الأم، الأم التي في نظر ابنتها ضعيفة وضحية وأسطورة.

    فقد عرفت أمل منذ الطفولة أن "المرأة في مأزق".. المأزق الأول في الأب الذكوري الصارم "كان أبي حدادًا، وكانت النار والمطرقة أهم أدواته لإصلاح ما تلف، وجبر ما انكسر"

    وطبيعة أم يستخدم النار والمطرقة، من الطبيعي أنه لن يلتفت أو يستمع لمعاناة امرأة، فهو يدرك ويؤمن إن المرأة حين يكسر لها ضلع يطلع لها أربعة وعشرين..

    فالمرأة في نظر الأب الذين يمثل الشق الديني في المجتمع الدرزي لا يجب أن تذهب أبعد من مسرح دجاجة بلا محرم، فميثاق النساء يرسخ لهذه الأفكار، لذلك تزرع أفكار انهزامية في الأنثى منذ الطفولة، استكانة لليأس، أن يكونوا بلا أمل، والتمسك بهذه الحالة، حتى لا يكون خلف كل أمل جديد احتمال انكساره..

    وفي ظل هذه النشأة من الطبيعي أن تكون أمل نسخة مكررة من نسوة كثيرات، لكن أمل بدأت في تحدي هذه السلطة أولا من خلال المدرسة، التي تفوقت فيها، لكن في النهاية وقفوا لها بالمرصاد حتى تتزوج سالم، لأن المجتمع الدرزي يؤمن أن: "نهاية العلم والتعليم هو الرضا والتسليم" والرضا والتسليم يحمل شقين، الأول الرضا والتسليم للنص كوسيلة أولى للإخضاع والسيطرة وتغييب العقل، والشق الآخر في تبرير وترسيخ السلطة والسيطرة الذكورية، لأن الرضا والتسليم هنا يحمل معنى استجابة أمل للزواج والرضا والتسليم لهذه المشيئة.

    ...

    (أمل والصراع بين الزواج والتعليم)

    أمل لم تستطع الانسلاخ عن ذاتها، لم تحب أن تواصل كآلة جنسية للمتعة والإنجاب، الذات هنا وصلت لمرحلة من الإدراك والنضج والوعي، ولد لديها إحساس بضرورة التحرر وإثبات الذات والنجاح، والعلم والتعليم مع الثقافة وسائل هامة في الطريق لحرية المرأة، لذلك في البداية حاولت التماهي مع وضعها الجديد كزوجة، لكن مع تجمد المشاعر ومعاملة زوجها سالم لها الذي تعامل معاها كأداة، وظهر ذلك في نقطة طفل الأنابيب، الذي استباح فيه جسدها رغم أن المشكلة ليست فيها، واضطرت أمل أن تقايض بجسدها في سبيل الحصول على فرصة لإكمال التعليم، هنا إشارة ذكية: "استحالة تحرر المرأة من دون أضرار نفسية واجتماعية"

    ومع ذلك اضطرت للمقايضة حتى وصفت حالتها: "كان من المفترض أن أنجب طفل أنبوب، فأصبحت أنا امرأة الأنبوب"

    ...

    (صراع الأمومة والأنوثة)

    مع فشل طفل الأنبوب، تفاجئت أمل بعدما عادت للدراسة بحملها، وهي محملة بعقدة الأم، حيث تقول: "رأيت أمي تطعم روحها للأمومة على مر السنوات، ولكن الأمومة لم تكتف بروحها، بل نالت من صحتها أيضًا ومن بريق عينيها ومن حبها للحياة".

    وكأن الأمومة في نظر أمل هي منح حياة إنسان لمجموعة من البشر، فالأم توزع حياتها على أولادها، كم أن الأمومة في المجتمعات الجامدة تمرر كوسيلة لاستعباد المرأة وقتل شغفها ناحية الحياة وتحقيق الذات، لذلك سنرى نساء كثيرات ناجحات ومع الأمومة تخلين عن أحلامهن، وأمل أدركت فخ الأمومة، على الرغم أنها غريزة بكل أنثى، لكن في مجتمع كهذا، تكون الأمومة هي المسمار الأخير في نعش الذات الأنثوية..

    ...

    بعد ذلك تجد أمل نفسها في صراع آخر، الأنا وابنتها، أن تحارب من أجل نجاحها وتتحرر من كل شيء أو تحسب بطوق الأمومة، وتظل مع ابنتها، هنا أمل في ذروة الصراع تختار أن تحقق ذاتها مع عدم التخلي عن زيارتها لابنتها، فهمت أمل الفخ، وأكملت دراستها في الجامعة الأمريكية وبدأت مرحلة الاستقلال، والاستقلال هو المدخل الأول والأصعب في تحرر المرأة، فلا حرية دون استقلال مادي وتثقيف فكري، لذلك بدأت أمل وتحدت كل شيء من أجل الحياة وتطلقت من سالم..

    وهنا مع الاستقلال المادي تكون كفة نجاح المرأة أكبر، خاصة حين تتحدى منظومة الأسرة، والغريب أن الأب لم يعترض، وكأنها إشارة أن هذا الأب الصارم لم يكن هو الآخر سوى ضحية للمؤسسة الدينية التي عززت فكرة الهيمنة الذكورية وأن المرأة عار الرجل..

    ...

    (التحرر والحب)

    تلتقي أمل بحامد، الباحث العالمي، يجذبهم الحب، تشعر أمل ببعثها الجديد، والحب هذه المرة نابع عن منح بحرية، أن المرأة انجذبت بإراتها ولم ترغم كما المرة السابقة، لذلك فقد بدت علاقة صحية وإن ارتدت أقنعة حتى لا تصطدم بالمجتمع الدرزي، فحامد كان بمثابة المكافأة لأمل وليس المخلص لها من الآلام، لأن هذه العلاقة نتجت عن تحرر كامل أولا لأمل وتخلصها من الرواسب والعقد لذلك أتى الحب وفقاً لاختيار وحرية، على عكس أختها نرمين التي تحررت خارجيا وظلت العقد في دواخلها فكان جاد ضحيتها، لأن التحرر الخارجي غير القائم على وعي وثقافة واستقلال هو تحرر زائف ما يلبث أن يرتد لمرحلة أسوأ من الجمود بعد فترة، لذلك فتحرر أمل كأنه إشارة ورسالة لكل النساء، لابد من التحرر ومعه الاستقلال والنضج والثقافة والفكر..

    فأمل تلخص تضامن النساء مع بعضهن فتقول:

    "ميثاق النساء الحقيقي، ميثاق من التضامن والفهم والوجع لم يخطه أحد في كتاب، ولم يفرضه أحد على النساء، ميثاق يجعلنا نتواصل ونترابط على بعد آخر. بعد لا علاقة له بالدين والثقافة والجغرافيا"

    فالنساء كما تضيف: "متصلات كجذور أشجار السنديان العتيقة، التي تمتد لعشرات الأميال وتتعانق تحت سطح الأرض".

    ...

    رواية ممتعة، بسرد ناعم، يهدم كثير من الثوابت بهدوء ونفس طويل..

    Facebook Twitter Link .
    1 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    4

    رحلة جديدة مع الأدب اللبناني ، نتعرف فيه هذه المرة على جانب آخر و طائفة الدروز .

    و مع أمل الفتاة الدُرزية التي تزوجت بعمر السادسة عشر كانت الحكاية ، رحلة طويلة على مدار عدة سنوات ، من حلم بإكمال الدراسة كان سببًا لقبولها الزواج ، فإنتقال من سلطة الأب لسلطة الزوج ، ثم محاولات إنجاب تأخر عدة سنوات حتى أتت رحمة ، لتنتهي فترة معاناة و تبدأ فترة جديدة من معاناة الأمومة ، الاكتئاب ، افتقاد الحب ، فقدان التواصل مع الجميع و كأن ما تراكم طوال سنوات الطفولة ظل محركًا لهذا الألم و تلك المعاناة ... فنحن لا تنفصل عن ذواتنا .

    بلغة شاعرية و مشاعر متدفقة و وصف أكثر من رائع برعت الكاتبة في نسج خيوط الحكاية ، و ما بين الخاص بحياة الدروز و العام عن المرأة في المجتمع العربي نقلت لنا الكاتبة صورة حية لنماذج المعاناة و الوجع الذي تعيشه معظم النساء ، و من سلطة المجتمع لسلطة الدين ، و سلطة الأبوة ، الزوج ، و حتى الأمومة ، تنوعت الحكايات و النماذج من الجدة ، للعمة ، للأم ، للأخت الكبرى ، لأمل بطلة قصتنا .. تتحقق أحلام ، و تتكسر آمال ، ما بين الصعود و الهبوط ، الاندفاع و الانكسار. تستمر محاولات السعي و التغيير ، لتكافىء الحياة البعض كما حدث مع بطلتنا ، و تستمر في هزيمة البعض أو حتى إنتكاسه كما حدث البعض الآخر .

    رحلة شاعرية بلغة هي الأجمل ، وصف يأثرك ، مشاعر متدفقة ، ستغلبك الدموع في معظم صفحتها ... هي رحلة عن النساء بكل ما تحويه نفوسهن من تحديات و أوجاع .

    ❞ ‏ربَّما أدركت في تلك اللحظة أنَّ هذا هو «ميثاق النساء» الحقيقيّ. ميثاقٌ من التضامن والفهم والوجع لم يخطّه أحدٌ في كتاب، ولم يفرضه أحدٌ على النساء. ميثاقٌ يجعلنا نتواصل ونترابط على بُعدٍ آخر ❝

    #قراءات_٢٠٢٥

    #قراءات_وترشيحات #كتب_في_كتب

    #روايات_عربية #روايات_مترجمة

    #ميثاق_النساء

    #حنين_الصايغ

    #القائمة_الطويلة_لجائزة_البوكر_العربية_٢٠٢٥

    Facebook Twitter Link .
    1 يوافقون
    1 تعليقات
  • لا يوجد صوره
    5

    أنا ادرك بأن الرحلة فردية ولكن أحياناً تتجلى أمامي كل الفتيات اللواتي عرفتهم يوماً اللواتي تشاركت معهن الطعام ومقاعد الدراسة وقمم الحزن ووهم السعادة أولئك اللواتي تركتهن خلفي دون الحصول على ذات الامتياز الذي حصلت عليه في الحياة دون العيش مع هذه الحرية المنقوصة التي أعيش من خلالها والتي استطيع معها المضي يوماً بعد يوم مع أمل متجدد نحو القادم.. ففي كل مرة اقرأ هذا النوع من القصص أعود لهذا الشعور الحزين، هذا الشعور الممتلئ باليأس والإحباط الذي يعتصرني فأنا أعلم تمام العلم وأعرف تمام المعرفة بأن ما يحدث فيها صحيح وواقعي ومن الممكن أن يكون أكثر من ذلك أيضاً.. ولأن ما كتب بها أشد شبهاً بالواقع ولأن ما جاء بها رأيته وأعلمه ولا يغيب عني في الوعي واللاوعي فإن هذا النوع من القصص خارج نطاق التقييم.

    Facebook Twitter Link .
    1 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5

    دموعي سُكبت مع اندماجي بطريقة السرد التي أثارت عاطفة الأمومة، واحتمالية التخلي عن وجودك كأم من أجل راحتك واستجماع نفسك قبل ضياعها في غياهب الوجع والإجبار.

    وصف الحالة المجتمعية والدينية لطائفة لم نكن نعرف عنها إلا القليل، وإبراز ملامح الطبيعة الجميلة في لبنان.. كلها مثيرة للإعجاب بإثراء معلوماتنا بواقع موجود ولكنه مُبهم.

    تنقلت بين الصفحات بكل شغف لإشباع فضولي لمعرفة نهاية هذا الوعي الذي وصلت إليه أمل بكل مثابرتها وجبروتها وتحديها لعادات وتقاليد وقوانين الطائفة الدرزية.

    Facebook Twitter Link .
    1 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5

    " الحب إذن هو من يعيد الصور المشوهه إلى طبيعتها ، الحب إذا هو الطريق إلى حقيقة الأخر "

    "تقبل اعتذارنا يا خلدون، لأنَّك عشت بيننا وتألمت ولم يشعر بألمك أحد. لأنَّنا أمَّمنا الحبّ وكبلناه وأعلينا عليه الدين والقبيلة؛ وهكذا، أصبح الطائر تحت رحمة السجان. لا تليق بك السجون يا صديقي . حلّق بعيدًا من هنا ! لا تتذكر هذه الحياة ولا تعد! ليس هناك انتماءات وأوطان لأمثالنا "

    " علمت منذ البدايه أن الحب هو مصير كل من آمن به "

    Facebook Twitter Link .
    1 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    0

    الرواية ليست مجرد حكاية.

    بل هي دعوة مفتوحة للتأمل في واقع النساء وإعادة التفكير في ميثاقهن مع انفسهن ومع الحياة.

    عمل ادبي عظيم يناقش مشاعر المرأة وقضاياها، تستعرض الكاتبه حنين الصايغ رحلة امل في تحرير الذات وإيجاد هويتها بلغة شعرية عظيمة.

    ونقدًا كبير للسلطة الابوية، وإثقال اعباء التقاليد والقيود الذي فرضها المجتمع.

    أمل تجسد صوت المراة الباحثة عن هويتها

    وسط مجتمع يمجد السلطة.

    Facebook Twitter Link .
    1 يوافقون
    اضف تعليق