اقتباسات من كتاب أنا قادم أيها الضوء

ينبع قسط وافر من إضاءة روح الإنسان أو ظلمتها من ظروف نشأته، سواء ما تربى عليه في أسرته، أو عبر تلك الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي أحاطت به.

أشعر بإحباط شديد بسبب كل هذا الارتداد.

‫ كل يوم أخسر عضوًا أو وظيفة من عضو. كأني أتساقط بالتدريج. هل أموت بالتقسيط؟

كلما اتسع عالمي أدركت مدى ضيقه السابق.

‫ كلما اتسع علمي أدركت جهلي.

‫ بعد خيبات كثيرة أصبحت أقل ملحمية، أقل يقينًا في كل شيء.

فهم صدمتي، فكرر بصوت منخفض ونبرات هادئة للغاية لكن واضحة جدًّا: عزيزي محمد، أنت الآن غير مؤهل لأي شيء! أنت لست مؤهلًا لتلقي أي علاج في العالم، ولن تقبلك أي تجربة علاجية بالعالم! فلنركز الآن على الهدف التالي وهو تحسين صحتك العامة فقط، والسيطرة على آلامك، وتحسين أرقام وظائف الكبد والكلى وغازات الدم، وحصولك على الغذاء. بعدها إذا تجاوزت ذلك كله وأصبحت مؤهلًا يمكن أن تفكر في أي شيء آخر..

«فمن هذه العاطفة (أي حنان الوالدين)، ومن الدافع الذي يحدو بها إلى الحب والرعاية، ينشأ الكرم والاعتراف بالجميل والحب والشفقة وحب الخير الحقيقي وكل أنواع الخلق المجردة من الأنانية، ففي تلك العاطفة تنبت الجذور الرئيسية لكل تلك الصفات التي لولا هذه العاطفة ما وجدت قط».

هذا الرجل البريء ـ بنص حكم أعلى محكمة مصرية ـ يوشك بالفعل على إتمام تسع سنوات سجنا، وهي عقوبة قد لا ينالها سارق أو تاجر مخدرات مدان.

سألته: أريدك أن تخبرني بوضوح، لو وصلنا إلى ذلك القرار، هل ستكون نهايتي دون ألم؟

‫ قال لي: ثق بي، أضمن لك أن تكون النهاية بلا ألم، وبلا وعي، وأن «ترتاح في سلام».

هل يمكن أن يمحو الصمت والزمن أي شيء؟

‫ يا ليت هذا كان ممكنا في حالتي؛ إذًا لخرست للأبد..

ما زال أبي يتغنى بالشعر. يحثني على التفاؤل رغم كل الحقائق العلمية، فينشدني من شعر ابن ميادة بالعصر العباسي:

‫‏منًى إِن تَكُن حَقًّا تَكُن أَحسَنَ المُنى‏

‫‏وَإِلّا فَقَد عِشنا بِها زَمَنًا رَغدا‏

أنا الذي طالما نصحت بعدم تأجيل عمل اليوم للغد، قمت بتأجيل «الأنس بالأهل» اليوم، و«العناية بالصحة» اليوم، وغيرهما من بنود طارئة إلى الغد وبعد الغد.

لسنوات بعدها سيبقى اتصالي بأسرتي في أدنى الحدود، والسبب الرئيسي هو عامل نفسي؛ حيث تشعرني المكالمات الهاتفية ومحادثات الفيديو بالبعد لا القرب، تُشعرني كأني في منفى خارج وطني، وهو ما كنت أعيش حالة إنكار له، لم أستوعبها إلا بعد سنوات.

لا يمكننا التحكم في الأحداث الأليمة بالحياة، لكن يمكننا التحكم في أنفسنا.

⁠‫المشاعر يمكن أن تُختلق، فتُصدق، فتتحول حقيقة.

الآن أصبحت أرى موعد شهر فبراير بعيدًا جدًّا.

⁠‫تتصارع داخلي صورتان غائمتان، هل أراني جالسًا لأوقِّع الكتاب وبقربي أبي وأمي وإسراء، أم أنا غائب وأرى إسراء هي من تطلق الكتاب، بينما صورتي معلقة في الخلفية وعليها شريط الرثاء الأسود؟

ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها كفى بالمرء نبلًا أن تعد معايبه

لو كان ثمن صحتي هو خطوات كبيرة للخلف في حياتي المهنية لدفعته دون تردد، ولكن من يعيد الزمن للخلف؟!

كلما فكرت فيه يتيما دمعت عيناي.

⁠‫وكلما فكرت فيه صممت على أن أحتمل لأقصى مدى ممكن، وأسعى بلا حدود لأي وسيلة بأي ثمن تجعلني أبقى معه لفترة أطول، ولو لبضعة أيام لا أكثر.

حين تصادفني كتاباتي القديمة بمرحلة ٢٠١١-٢٠١٣ أجدني أنفر من بعض المقاطع ذات الخطاب الحماسي الحالم، كأني الآن غيري.

⁠‫لكن أجدني أحيانا أفعل دون أن أتكلم.

⁠‫أهذا هو «تشاؤم العقل وتفاؤل الإرادة» اللي بيقولوا عليه،

اسعدوا بكل يوم طبيعي.

إن تجربتي السجن والموت، أو كل أشكال معايشة الموت في أثناء الحياة، «هما تجربتا الخلاص الأساسيتان»، ليولد الإنسان كخلق جديد متخلص من عيوب وسوءات الوجود السابق

عن فكرة داخلية مدهشة كانت لديه منذ ما قبل تجربة المرض الخطير، وهي رغبة خفية في تجربة السجن أو الاقتراب من الموت لأنه كان يشعر أنه بغير تجربة سلب حريته الخارجية «لن أكتشف نوعًا آخر من الحرية الداخلية، وأنني لم أتحرر بعد من الداخل