مَن لم يُرزق الفكرَ العاشقَ لم يرَ أشياء الطبيعة إلا في أسمائها وشِياتها، دون حقائقها ومعانيها، كالرجل إذا لم يعشق رأى النساء كلهن سواء، فإذا عشق رأى فيهن نساءً غيرَ مَن عرف، وأصبحن عنده أدلة على صفات الجمال الذي في قلبه.
وحي القلم > اقتباسات من كتاب وحي القلم
اقتباسات من كتاب وحي القلم
اقتباسات ومقتطفات من كتاب وحي القلم أضافها القرّاء على أبجد. استمتع بقراءتها أو أضف اقتباسك المفضّل من الكتاب.
وحي القلم
اقتباسات
-
إن الكون كله مستقرٌّ بمعانيه الرمزية في النفس الكاملة؛ إذ كانت الروح في ذاتها نورًا، وكان سر كل شيء هو من النور، والشعاع يجري في الشعاع كما يجري الماء في الماء، وفي امتزاج الأشعة من النفس والمادةِ تجاوبٌ روحاني هو بذاته تعبيرٌ في البصيرة وإدراكٌ في الذهن، وهو أساس الفن على اختلاف أنواعه: في الكلمة والصورة، والمثال والنغمة؛ أي الكتابةِ والشعرِ والتصويرِ والحفرِ والموسيقى.
مشاركة من Isr -
نسي الشاب أنه «أفندي» سيتقدم إلى «باشا»، وأعماه الحبُّ عن فرقٍ بينهما؛ وكان سامي النفس، فلم يدرك أن صغائر الأمم الصغيرة لا بدَّ لها أن تنتحل السمو انتحالًا، وأن الشعب الذي لا يجد أعمالًا كبيرة يتمجَّد بها، هو الذي تُخترع له الألفاظ الكبيرة ليتلهَّى بها؛ وأنه متى ضعف إدراك الأمة، لم يكن التفاوت بين الرجال بفضائل الرجولة ومعانيها، بل بموضع الرجولة من تلك الألفاظ؛ فإن قيل «باشا» فهذه الكلمة هي الاختراع الاجتماعي العظيم في أمم الألفاظ، ومعناها العلمي: قوة ألف فدان أو أكثر أو أقل؛ ويقابلها مثلًا في أمم الأعمال الكبيرة لفظ «الآلة البخارية»، ومعناها العلمي: قوة كذا وكذا حصانًا أو أقل أو أكثر!
مشاركة من عبد المنعم ادم -
مكان الشخصيات فوق المعاني، وإن صغُرتْ تلك وجلَّت هذه؛ ومن هنا يكذب الرجل ذو المنصب، فيُرفع شخصه فوق الفضائل كلها؛ فيكبر عن أن يكذب فيكون كذبه هو الصدق، فلا يُنكَر عليه كذبه أي صدقه …! ويخرج من ذلك أن يتقرر في الأمة أن كذب القوة صدقٌ بالقوة!
مشاركة من عبد المنعم ادم -
قال السمين : تالله لقد أكسبك الفقر حكمة وحياة، وأراني بإزائك معدومًا بزوال أسلافي مني، وأراك بإزائي موجودًا بوجود أسلافك منك. ناشدتك الله إلا ما وصفت لي هذه اللذات التي تعلو بالحياة عن مرتبة الوجود الأصغر من الشبع، وتستطيل بها إلى مرتبة الوجود الأكبر من الرضا؟
فقال الهزيل: إنك ضخم ولكنك أبله. أما علمتَ — ويحك — أن المحنة في العيش هي فكرة وقوة، وأن الفكرة والقوة هما لذة ومنفعة، وأن لهفة الحرمان هي التي تضع في الكسب لذة الكسب، وسُعار الجوع هو الذي يجعل في الطعام من المادة طعامًا آخر من الروح، وأن ما عُدِل به عنك من الدنيا لا تعوِّضك منه الشحمة واللحمة؟ فإن رغباتنا لا بد لها أن تجوع وتغتذي كما لا بد من مثل ذلك لبطوننا؛ ليُوجِدَ كلٌّ منهما حياتَه في الحياة. والأمور المطمئنة كهذه التي أنت فيها هي للحياة أمراض مطمئنة، فإن لم تنقص من لذتها فهي لن تزيد في لذتها، ولكن مكابدة الحياة زيادة في الحياة نفسها.
مشاركة من عبد المنعم ادم -
كان القط الهزيل مرابطًا في زقاق، وقد طارد فأرةً فانجحرت في شقٍّ، فوقف المسكين يتربص بها أن تخرج، ويؤامر نفسه كيف يعالجها فيبتزها، وما عقل الحيوان إلا من حرفة عيشه لا من غيرها. وكان القط السمين قد خرج من دار أصحابه يريد أن يفرِّجَ عن نفسه بأن يكون ساعة أو بعض ساعة كالقططة بعضها مع بعض، لا كأطفال الناس مع أهليهم وذوي عنايتهم، وأبصر الهزيلَ من بعيد فأقبل يمشي نحوه، ورآه الهزيل وجعل يتأمله وهو يتخلَّعُ تخلُّعَ الأسد في مشيته، وقد ملأ جلدته من كل أقطارها ونواحيها، وبسطَتْه النعمة من أطرافه، وانقلبت في لحمه غلظًا، وفي عصبه شدة، وفي شعره بريقًا، وهو يموج في بدنه من قوة وعافية، ويكاد إهابه ينشقُّ سمنًا وكدنة، فانكسرت نفس الهزيل، ودخلته الحسرة، وتضعضع لمرأى هذه النعمة مرحة مختالة. وأقبل السمين حتى وقف عليه، وأدركته الرحمة له؛ إذ رآه نحيفًا متقبِّضًا، طاوي البطن، بارز الأضلاع، كأنما هَمَّتْ عظامه أن تترك مسكنها من جلده لتجد لها مأوًى آخر.
مشاركة من عبد المنعم ادم -
وذهبت تتلو شعرها على أرمانوسة في صوت حزين يتوجَّع؛ فضحكت هذه وقالت: أنتِ واهمة يا مارية؛ أنسيتِ أن أبي قد أهدى إلى نبيهم بنت «أَنْصِنا»، ٨ فكانت عنده في مملكة بعضها السماء وبعضها القلب؟ لقد أخبرني أبي أنه بعث بها لتكشف له عن حقيقة هذا الدين وحقيقة هذا النبي، وأنها أنفذت إليه دسيسًا ٩ يُعلِمه أن هؤلاء المسلمين هم العقلُ الجديدُ الذي سيضع في العالم تمييزه بين الحق والباطل، وأن نبيهم أطهر من السحابة في سمائها، وأنهم جميعًا ينبعثون من حدود دينهم وفضائله، لا من حدود أنفسهم وشهواتها؛ وإذا سلوا السيف سلُّوه بقانون، وإذا أغمدوه أغمدوه بقانون. وقالت عن النساء: لَأنْ تخاف المرأة على عِفَّتها من أبيها أقرب من أن تخاف عليها من أصحاب هذا النبي؛ فإنهم جميعًا في واجبات القلب وواجبات العقل، ويكاد الضمير الإسلامي في الرجل منهم يكون حاملًا سلاحًا يضرب صاحبَه إذا همَّ بمخالفته.
مشاركة من عبد المنعم ادم