قال السمين : تالله لقد أكسبك الفقر حكمة وحياة، وأراني بإزائك معدومًا بزوال أسلافي مني، وأراك بإزائي موجودًا بوجود أسلافك منك. ناشدتك الله إلا ما وصفت لي هذه اللذات التي تعلو بالحياة عن مرتبة الوجود الأصغر من الشبع، وتستطيل بها إلى مرتبة الوجود الأكبر من الرضا؟
فقال الهزيل: إنك ضخم ولكنك أبله. أما علمتَ — ويحك — أن المحنة في العيش هي فكرة وقوة، وأن الفكرة والقوة هما لذة ومنفعة، وأن لهفة الحرمان هي التي تضع في الكسب لذة الكسب، وسُعار الجوع هو الذي يجعل في الطعام من المادة طعامًا آخر من الروح، وأن ما عُدِل به عنك من الدنيا لا تعوِّضك منه الشحمة واللحمة؟ فإن رغباتنا لا بد لها أن تجوع وتغتذي كما لا بد من مثل ذلك لبطوننا؛ ليُوجِدَ كلٌّ منهما حياتَه في الحياة. والأمور المطمئنة كهذه التي أنت فيها هي للحياة أمراض مطمئنة، فإن لم تنقص من لذتها فهي لن تزيد في لذتها، ولكن مكابدة الحياة زيادة في الحياة نفسها.
وحي القلم > اقتباسات من كتاب وحي القلم > اقتباس
مشاركة من عبد المنعم ادم
، من كتاب