اقتباسات أيمن العتوم

‫ القِسمة لا تقبل الجدل؛ هكذا قسم الخالق الحُظوظ؛ الجحيم خُلِق للجبناء. اللّذّة للمجانين. الدُّنيا للملوك. الموتُ للبشر. الحِكمة للفلاسفة. النّصر للمتمرّدين. والهزيمة للمتردّدين، والنّهايات لمن يملك البدايات.

للرّائحة ذاكرة، عبرت الرّائحة الزّمن إلى الأمام، لأوّل مرّة تُقدّم الرّائحة ذكرى ما سيأتي لا ذكرى ما مضى.

تسلّلتْ من الخارج رائحة الخُبز الشّهيّة؛ ساخنةً في صباحٍ بارد زكمتْ أنوف الجَوعى الخبز حياة، والخبز موت حتّى كلاب الحيّ هرّتْ وهي تهزّ ذيولها وتنبح من بعيدٍ كأنّما تطلب من العمّة أنْ تترفّق بها ملأتْ فؤاد يوسف بالطّيب للرّائحة ذاكرة،

كم من آهاتٍ شقّتْ سكونَ الليل، وكم من آلامٍ عبرت حُجُراتِ القلب، ثمّ طاب لها المُقامُ هناك فلم تُبارِحه!! وكم من صرخاتٍ مكتومة انفجرتْ في الأحشاء ولم تجدْ أُذنًا تسمع أو قلبًا يُشارِكها ثِقْلَ المُصيبة!!

ولن يكون في معمور الأرض وفرةٌ في الطّعامِ إلاّ في مصر، فمصر يومئذٍ تحكم العالَم بما لديها من غِذاء، ومصر يومئذٍ شبعى في أقطارٍ جائعة، ومصر يومئذٍ آمنة في بلدانٍ خائفة، ومصر يومئذٍ سيّدة الأرض

وقال يوسف: «السّجنُ هنا، وهنا». وأشار إلى رأسه وقلبِه؛ «فأمّا الّذي هُنا فعبادُتكَ غيرَ الله، فمنْ عبدَ غير الله سجنَ عقلَه. وأَمّا الّذي هنا فاتّباعُكَ شهوتَك، فمن اتّبع شهوتَه سجنَ قلبَه»

كلّ حديثٍ في مجالس النّساء له بهجتُه، وطقوسه، وجمالُه، ورونقه الخاصّ؛ لكنّ أجمل ذلك الحديث في تلك المجالس هو حديث الفضيحة. الفضيحة علكةٌ حلوة، وأحلى ما تكون على ألسنة النّساء، وأحلى من ذلك كلّه حين تلوكها أنثى عن أنثى!!

كان أبوه وهو يلفظُ أنفاسه يوصيه: «أعدى أعداء مصر أفاعيها، وإنّ أشدّ أفاعيها سُمًّا أولئك المُستتِرون بلباس الدّين من الكَهَنة في المعابد، فإنْ ظفرتَ بهم فلا تبقِ لهم باقية، وإنْ تمكّنْتَ منهم فاخْفِقْهم بالسّيفِ خَفقًا!!».

وإذا سلكتَ طريق الله وجدت الله» «فكيفَ الطّريقُ إلى الله؟!» «سِرْ إليه ولا تلتفتْ» «إنّ الطّريق لبعيدة!!» «إنّها لقريبةٌ على من أراد

ولا بُدّ لهذا القلب من مِصفاة، ولا أصفى من مناجاة الله.

وسأله المعلّم: «ألا تتعب؟». وردّ يوسف سؤاله عليه بسؤال: «ألا تتعب؟». «إنّما نحن بشر، رُكّبَ فينا ما رُكّب في سائر البشر، لكنّ النّصر صبرُ ساعة، فمَن صَبَرَ غَنِم».

«أَحِدّ النّظر في خَصْمك، فإنّ نصفَ النّصر تصنعه عيناك».

وسأله المعلم بعد أن استويا على ظهر الخيل: «تُسابق أم تُقاتِل؟». فردّ يوسف: «أسابقُ وأقاتل». «فمن أينَ تأتيكَ كلّ هذه الثّقة؟». «مِمّن إذا أعطى أدهش».

«لِيْ كُلُّ هَذا المُلْكِ مِنْ زَمَنِ العُصُورِ الغَابِرَةْ… لِيْ كلُّ ما في المَجْدِ مِنْ مَجْدٍ، وَلِي هذي الدّيارُ العامرة… لِيْ كُلُّ مَنْ فِي القَصْرِ، مَنْ في مِصْرَ، هَلْ مِصْرُ الّتي يَحْكُونَ عَنْها فِي الحِكاياتِ القَدِيْمَةِ غَيْرُ سَطْرٍ مِنْ سُطُورِي السَّاحِرَةْ…

«المال سيّدٌ مُطاع للرّاقصة قلوبهم في معبده، يُغري التّائقين إليه، ويخطفهم من أنفسهم؛ فلا تقلْ لي إنّني أملك كلّ هذا المال، بل قُلْ إنّ كل هذا المال يملكني،

«وإنّني في أذى». «إنّه حُبّ الله لك». «أيحبّني ويرضى لي كلّ هذا الألم؟». «إنّما يَمتحنُكَ ليُمحّصك، ويَختبرُك ليختارَك، ويَفتِنُكَ لِيَفْتِنَكَ عن التّعلّق بسواه، ثُمّ يستصفيكَ له فلا يعودُ للشّيطان في روحك موضع».

«الأقربون طعنتهم أشدّ، إنّهم يرمونك عن قُرب، ويصوّبون نحوك عن عِلم، يتدثّرون بدثارِك، ومن تحته يوجّهون إليكَ سِهامهم في الظّلام».

والشّيطان يُنيم القلب بالغفلة فهكذا نام الإخوة، والمَلاك يُنيم القلب باليقين، فهكذا نام يوسف. والصّباح دليلٌ إلى كلّ شيء.

«سأقول ما في قلبي؛ إذا أقبلَ المرء على الآخرة تخفّف من كلّ شيءٍ. كلّ ما نملكه يملكنا بطريقةٍ ما. لن أكون حارِسًا لما أملك، سأُذلّ الدُّنيا إذا أقبلتْ، وأُعِزّ الآخرة وإنْ أدبرتْ».

«أرى أنّ ثمرة الزيتون لا تُضيءُ إلاّ بعدَ أنْ تُعصَر. وحبّة القمح لا تكون خُبزًا إلاّ بعدَ أنْ تُطحَن. والذروة لا تُبلَغ إلاّ بعد أنْ تبلغ العَقَبةُ الكَأْدأءُ من النّفس كلّ شيءٍ». «مَنْ علّمك هذا يا يوسف؟». «الله».