اقتباسات غسان كنفاني

فأنا لست صوتاً انتخابياً، وأنا لست مواطناً، بأي شكل من الأشكال، وأنا لست منحدراً من صلب دولة تسأل بين الفينة والأخرى عن أخبار رعاياها.. وأنا ممنوع من حق الاحتجاج، ومن حق الصراخ فماذا ستربح؟ لا شيء…

إننا حين نقف مع الإنسان فذلك شيء لا علاقة له بالدم واللحم وتذاكر الهوية وجوازات السفر.. هل تستطيع أن تفهم ذلك؟

نذهب إلى حيفا.. لماذا؟

‫وجاءه صوتها خافتاً:

‫־ نرى بيتنا هناك. فقط نراه.

واقفة مثل شارة الضوء في بحر لا نهاية له من الظلام

وتنفست الصعداء مثلما يفعل الإنسان حين يريد أن يهيل على الغيوم السوداء في صدره هواءاً نقياً.

شعرت بذلك النصل الذي ينبثق فجأة من أحضان الكلمة البسيطة، وينقذف في صدورنا بسرعة الرصاصة وتصويب الحقيقة،

يبدو لي أن كل فلسطيني سيدفع ثمناً، أعرف الكثيرين دفعوا أبناءهم، وأعرف الآن أنني أنا الآخر دفعت ابناً بصورة غريبة، ولكنني دفعته ثمناً…

عاجزون! عاجزون! مقيدون بتلك السلاسل الثقيلة من التخلف والشلل! لا تقل لي إنكم أمضيتم عشرين سنة تبكون! الدموع لا تسترد المفقودين ولا الضائعين ولا تجترح المعجزات! كل دموع الأرض لا تستطيع أن تحمل زورقاً صغيراً يتسع لأبوين يبحثان عن طفلهما المفقود

أليس الإنسان هو ما يحقن فيه ساعة وراء ساعة ويوماً وراء يوم وسنة وراء سنة؟ إذا كنت أنا نادماً على شيء فهو أنني اعتقدت عكس ذلك طوال عشرين سنة !

وانفتح الباب بشيء من البطء، ولأول وهلة لم يصدق، فقد كان الضوء عند الباب باهتاً، ولكن الرجل الطويل القامة خطا إلى الأمام. كان يلبس بزة عسكرية، ويحمل قبعته بيده.

إنه كان يتعين عليكم، إن أردتم استرداده، أن تستردوا البيت، ويافا، ونحن… الصورة لا تحل مشكلتكم، ولكنها بالنسبة لنا جسركم إلينا وجسرنا إليكم.

‫وعاد فارس وحده إلى رام الله،

كما لو أن العشرين سنة الماضية وضعت بين مكبسين جبارين وسحقت حتى صارت ورقة شفافة لا تكاد ترى

وحين دوى الرصاص وانطلق الناس يقولون إن الإنكليز واليهود أخذوا يكتسحون حيفا، راودها خوف يائس.

هل كان يعرف؟ هل أحس ذلك الشيء الفاجع قبل أن يحدث؟ أحياناً يقول لنفسه: بلى، عرفت ذلك قبل أن يحدث، وأحياناً أخرى يقول لنفسه: لا أنا أتصور ذلك بعد أن حدث، لم يكن من الممكن أن أتوقع شيئاً مروعاً من ذلك أن يحدث

وحين كان يقود سيارته وسط شوارع حيفا كانت رائحة الحرب ما تزال هناك، بصورة ما، غامضة ومثيرة ومستفزة، وبدت له الوجوه قاسيةً ووحشيةً

سلمان احمد

لقد عرفت المرحومة أمي قبور كل الأولياء صحيح، ولكنها لم تعرف فيها إلا الخيبة..

إن المدن مثل الرجال، تشعر بالحزن وتشعر بالوحدة تفرح وتنام، وتعبر عن نفسها بصورة فريدة تكاد لا تصدّق، وتتعاطف بغموض مع الغرباء أو تركلهم. بل إن الأحياء في المدينة مثل الأولاد في العائلة، لكل منهم شخصيته ومنزلته ومزاجه، فثمة شوارع.

الفتات الذي يتبقى على موائد الزبائن.. السمك أحق به من سلة القمامة..

«لقد وجدوا عشرات الأرطال من الذهب في قبر فرعون.. فكم يساوي فرعون؟»