اقتباسات نجيب محفوظ

لتمتلئ الحياة بالجنون المقدَّس حتى النفس الأخير.

ولكن القلوب الصغيرة تتعزى بسرعة لا تتأتى إلا لكبار الحكماء.

كثيرون يرون أن من الحكمة أن نتخذ من الموت ذريعة للتفكير في الموت، والحق أنه يجب أن نتخذ من الموت ذريعة للتفكير في الحياة..

وقال وكرَّر القول– بداعٍ وبلا داع– إن أسبابهما قد انقطعت إلى الأبد، ولكن هذا الإلحاح في القول نفسه أخفى رغبة– لعلَّه لم يَدرِها– في استردادها ووصل ما انقطع من وشائجهما!

فلشدَّ ما ذكَّرني جوعه بجسمي المُكتنز ووجهي المُتورِّد، حتى استحوذ عليَّ الخجل وغلبَني استعبار.

قد بتُّ أُوثِر الشوقَ إلى الحبيب على الحبيب نفسه، ولأشواق العبادات لذَّة كقضائها.

أراني يا إخوان ضاربًا في شِعاب مكة تاليًا الآيات كما أُنزِلت أول مرة. كأنما أُسمِّع درسًا للذات العليَّة، أيُّ سرورٍ!..

وأراني ساجدًا في الروضة مُتخيلًا الوجه الحبيب كما يتراءى في المنام، أي سعادة!…

وأراني متخشعًا لقاء المقام مستغفرًا فأي طمأنينة!

وأراني واردًا زمزم أبلُّ جوارح الشوق بندى الشفاعة فأي سلام!

كلمة الحُب إذا ندَّت عن فمٍ مملول، كالبصقة!

الحب لعب ونحن جادُّون!

لكي تتمرَّغ في التِّبر ينبغي أن تتمرَّغ في التراب.

هذه أمارات الحَبَل، كما تقول أُمي، وكأن الجنين غثت نفسه تقزُّزًا من الحياة التي تنتظره فأعدى أُمَّه.

وطالما تمنى أن يسلكه الله في زُمرة المحظوظين ممَّن يموتون بالسكتة القلبية. ما أسعدَهم بين الأحياء والأموات على السواء، إنهم ليموتون وهم يتكلمون أو يأكلون، أو حين يقومون أو يقعدون، وكأنهم يمكرون بالاحتضار فيتحيَّنون منه غفلةً ثم يَنسلُّون خفية إلى باب الأبدية!

وغادر الزقاق تسُوقه قدماه الثقيلتان، وقد زعفر الأصيل هامة النهار.

أم حسبتِ أن السماء تمطر ذهبًا وماسًا؟.. كلَّا يا عزيزتي، إن السماء في أيامنا هذه لا تُمطر إلا شظايا.

ولكن شيئًا في الوجود لم يكن ليثنيها عما اعتزمت، أو يلوي بها عما اختارت، فقد اعتزمت بقوة أعماقها، واختارت بمجامع قلبها، فكانت تنحدِر إلى مصيرها المحتوم لا يَعوقها من وازعٍ إلا ما يعوق المنحدِر إلى الهاوية من دقاق الحصا.

أي واحدٍ منَّا تستقبله الدنيا كملكٍ من الملوك، ثم يصير بعد ذلك ما يشاء له نحسُه. وهذا خداع حكيم من الحياة، وإلا فلو أنها أفصحت لنا عما في ضميرها منذ اللحظة الأولى لأبَينا أن نُفارق الأرحام.

‫ قال الشيخ عبد ربه التائه:

‫ يحقُّ للزمن أن يتصوَّر أنه أقوى من أي قوَّة مدمرة، ولكنه يحقق أهدافه دون أن يُسمَع له صوت.

‫ قال الشيخ عبد ربه التائه:

‫ إن مَسَّك الشك فانظر في مرآة نفسك مليًّا.

– فقدته منذ أكثر من سبعين عامًا فغابت عني جميع أوصافه. فعُرِف بعبد ربه التائه

والحق أن كلمات الحب الحارَّة خليقة بأن تُطرب الآذان ولو لم تُرجِّع القلوب أنغامها، فهي كالأفاويه للنفس المسدودة!