اقتباسات نجيب محفوظ

هناك، وقد تناوحت الغصون بأنين ريح باردة كلما كف هبوبها تعالى هسيس النبات

ولم يفلح ما سلف من تأهب في تحمل الطعنة إلا قليلًا، فيأس المتهم من النجاة لا يهون على نفسه وقع النطق بالحكم عليه،

فأسبل جفنيه على القذى كما أغلق النافذة على آلامه، واستسلم للصبر الذي استمرأه لطول ما عاناه

وأعجب بجسارته حقًّا كما أعجب به يخطر أمام عينيه بشبابه الريان وقده الممشوق منذ دقيقتين. إلا أنه إعجاب انطوى على احتقار النفس والتمرد فلم يخل من حنق وغضب، فكان كمن يسبح بخلود الخالق وهو يرثي فناء المخلوق.

وقال بشيء من الحدَّة: «إلى الكهف المظلم، كهف الوحدة والوحشة، إلى القبر البارد، قبر اليأس والقنوط، لقد ركلتني الدنيا وهي الدنية ولأركلنها وأنا المتعالي إن الخصى أزهد حيوان في المرأة فإذا استأصلت من نفسي كواذب الآمال سدت باليأس الدنيا جميعًا

فالقمار تسلية مخيفة ولذة أليمة وشهوة مجنونة، هو معابثة الغيب، ومراودة الحظ، وطرق باب المجهول، ودغدغة غرائز الخوف والهجوم والتطلع والمجازفة والطمع. ثم إنه بعد ذلك صدى لذاك الشعور– شعور كفاحنا اليومي–

والأحلام هي الفن الوحيد الذي أتقنه في دنياه– أبت أن تغيبها ساعة عنه، ولأنه جائع– جائع في الأربعين– والجوع من بواعث الأحلام!..

‫ آه يا نسمة الأمل المضيء الهائمة فوق السحاب!

ذلك أنه يحب النساء حب كهل محروم، ويخافهن خوف غرير خجول، ويمقتهن مقت عاجز يائس، فأية أنثى جميلة تترك في وجدانه انفعالًا شديدًا، يضرب في أعماقه الحب والخوف والمقت.

الانتظار محنة. في الانتظار تتمزق أعضاء الأنفس. في الانتظار يموت الزمن وهو يعي موته. والمستقبل يرتكز على مقدمات واضحة ولكنه يحتمل نهايات متناقضة. فليعبّ كلّ ملهوف من قدح القلق ما شاء.

‫ لو أن شيئًا يمكن أن يدوم على حال فلِمَ تتعاقب الفصول؟

لتمتلئ الحياة بالجنون المقدَّس حتى النفس الأخير.

«یا عقلي المقدَّس، لماذا تخليت عني؟».

فكما توجد في الحب سادية وماسوشية توجد كذلك أحيانًا أمومة ورغبة حميمة في الإنقاذ.

هجر العرش والجاه والمرأة والولد. عزل نفسه مقهورًا أمام ثورة قلبه في وقت تناسى فيه شعبه آثامه القديمة الماضية. اقتضت تربيته زمنًا غير قصير. لم يقدم على الخطوة الحاسمة حتى استفحل في باطنه الخوف وهيمنت رغبته في الخلاص. غادر قصره بليل، عليه عباءة خفيفة وبيده عصًا مستسلمًا للمقادير.

كلش حلو

إني أخاف الحب الجنوني وأفضِّل الاعتدال.

الحب هو الحب، إني أصدق جميع ما يقال عنه.

قوه

إنني أقف أمام الحياة مرفوع الرأس متحديًا، إذ إن الحياة لا تحترم إلا مَن يستهين بها…