اقتباسات محمود درويش

إذن، هكذا نكفُّ قليلاً عن عبث الغربة ونخترع لأنفسنا لقاء ما

وتموتُ وحدَكَ

سوف تتركك البحار على شواطئها

‫وحيداً كالحصى!

نعمْ تُسَمّي

خصلةَ‫ القمح البلادَ وزرقةَ البحر البلادَ

نعم تسمّي‫ الأرض سيِّدةً من النسيانِ

ثم تنام وحدَك بين

رائحة الظلال

وقلبكَ المفقود في الدرب الطويلْ.

أَيُّهَا البَرْقُ أَوْضِحْ لَنَا اللَّيْلَ، أَوْضِحْ قَلِيلَا

وَهَا أَنَذَا أَسْتَطِيعُ الذَّهَابَ إِلَى آخِرِ العُمْرِ فِي اثْنَيْنِ: وَحْدِي، وَوَحْدِي ‫

وَلاَ أَسْتَطِيعُ التَّوَاطُؤَ إِلاَّ مَعَ الكَلِمَاتِ التِي لَمْ أَقُلْهَا،

لأُفْدِي مُكُوثِي عَلَى حَافَةِ الأَرْضِ، بَيْنَ حِصَارِ الفَضَاءِ وَبَيْنَ جَحِيمِ التَّرَدِّي ‫سَأَحْيَا كَمَا تَشْتَهِي لُغَتِي أَنْ أَكُونَ … سَأَحْيَا بِقُوَّةِ هذا التّحَدّي

كَمْ حُلُمٍ ضَاعَ مِنْ نَوْمِنَا حِينَ كُنَّا نُفَتِّشُ عَنْ خُبْزِنَا فِي الصُّخُورِ وَنَعْمَلْ

‫وكَمْ طَائِرٍ رَفَّ حَوْلَ نَوَافِذِنَا حِينَ كُنَّا نُدَاعِبُ أَغْلاَلَنَا فِي نهارٍ مُؤجَّلْ

فَمَاذَا فَعَلْتُ أَنَا يَا أَبِي؟

وَلِمَاذَا أَنَا؟ أَنْتَ سَمَّيْتَنِي يُوسُفاً،

وَهُمُ أَوْقعُونِيَ فِي الجُبِّ، وَاتَّهَمُوا الذِّئْبَ؛

وَالذِّئْبُ أَرْحَمُ مِنْ إِخْوَتِي..

يُرِيدُونَنِي أَنْ أَمُوتَ لِكَيْ يَمْدَحُونِي. وَهُمْ أَوْصَدُوا بَابَ بَيْتِكَ دُونِي..

‫وَكَانَ الرِّوَائِيُّ فِينَا يَشُدُّ السَّفينَةَ نَحْوَ الوَرَاءِ،

يرِيدُ الرُّجُوعَ إِلَى صَوْتِ ‫بَيْرُوت: لاَ تَخْرُجُوا.

كانَ يكْتُبُ فَصْلاً جَدِيداً عَنِ المُعْجِزَاتِ، وَعَنْ قَاتِلِهْ ..

لِدِينِي… لِدِينِي لأَعْرفَ فِي أَيِّ أَرْضٍ أَمُوتُ وَفِي أَيِّ أَرْضٍ

‫سَأُبْعَثُ حَيَّا

‫سَلاَمٌ عَلَيْكِ وَأَنْتِ تُعِدِّينَ نَارَ الصَّبَاحِ, سَلاَمٌ عَلَيْكِ… سَلاَمٌ

‫عَلَيْكِ. أَمَا

‫آنَ لِي أَنْ أُقَدِّمَ بَعْضَ الهَدَايَا إِلَيكِ: أَمَا آنَ لِي أَنْ أَعُودَ إِلَيْكِ؟

عِنْدَمَا يَذْهَبُ الشُّهَدَاء إِلَى النَّوْمِ أَصْحُو، وَأَحْرُسُهُم مِنْ

هُوَاةِ ‫الرِّثَاءْ

‫أَقُولُ لَهُم: تُصْبِحُونَ عَلَى وَطَنٍ، مِنْ سَحَابٍ وَمِنْ شَجَرٍ،

منْ ‫سَرَابٍ وَمَاءْ

‫أُهَنِّئُهُمْ بِالسَّلاَمَةِ مِنْ حَادِثِ المُسْتَحِيلِ، وَمِنْ قِيمَةِ المَذْبَحِ

‫الفَائِضَهْ

يُحِبُّونَنِي مَيِّتاً لِيَقُولُوا: لَقَدْ كَان مِنَّا, وَكَانَ لَنَا.

وَهَلْ أَسْتَطِيعُ الوُصُولَ إِلَى قِمَّةِ الجَبَلِ الصَّعْبِ؟ وَالسَّفْحُ هَاوِيَةٌ

‫أَوْ حِصَارْ

وَأَسْأَلُ: يَا سَيِّدَاتِي، وَيَا سَادَتِي الطَّيِّبِينَ: أَأَرْضُ البَشَرْ / لِجَمِيعِ

‫البَشَرْ

‫كَمَا تَدَّعُون؟ إِذاً، أَيْنَ كُوخِي الصَّغِيرُ وأَيْنَ أَنَا!

‫وَمَا زالَ فِي الدَّربِ دربٌ. وما زالَ في الدربِ مُتَّسَعٌ للرَّحِيلْ

‫سَنَرْمِي كثيراً من الوردِ في النَّهْرِ كَيْ نَقطَعَ النَّهْرَ.

حَنِيني يئنُّ إِلَى أَيِّ شيءٍ، حَنِيني يُصَوِّبنِي قاتلاً أو قتِيلْ

‫وَما زَالَ في الدَّرْبِ دربٌ لِنَمشِي ونَمْشِي. إِلَى أَيْن تأخُذُنِي

‫الأَسْئِلَهْ؟

‫أَنا مِنْ هُنَا، وأَنَا مِنْ هُنَاكَ. وَلَسْتُ هُنَاكَ وَلَسْتُ هُنَا

مع محمد

‫- ألو ..

‫- أُريد محمّد العربِ

‫- نعم! من أنت؟

‫- سجين في بلادي

بلا أرض

‫بلا علم

‫بلا بيتِ

‫رموا أهلي إلى المنفى

‫وجاؤوا يشترون النار من صوتى

‫لأخرج من ظلام السجن ..

‫ما أفعلْ؟

‫- تحدَّ السجن والسجّان

‫فإن حلاوة الإيمان

‫تذيب مرارة الحنظلْ!

مرَّ في الأفق كوكبُ

‫نازلاً .. نازلاً

‫وكان قميصي

‫بين نار، وبين ريحْ

‫وعيوني تفكِّر

‫برسوم على التراب

‫وأبي قال مرة :

‫الذي ما له وطن

‫ماله في الثرى ضريح

‫.. ونهاني عن السفر!

ن في البيت أرغفهْ

‫ونبيذ, وأغطيه

‫وخيول, وأحذيهْ

‫وأبي قال مرة

‫حين صلّى على حجرْ:

‫غُضَّ طرفاً عن القمر

‫واحذر البحر .. والسفر!

وأدركني المساء

‫وكانت الأجراسْ

‫تدق لموكب المسبية الحسناءْ

‫وقلبي بارد كالماسْ

‫وأحلامي صناديقٌ على الميناء

‫- خذي مني الربيع

‫وودِّعيني ..