في البداية لفت انتباهي هذا الكتاب في معرض الكتاب الماضي لسببين الأول هو اسم الكتاب والثاني هو حجمه وفكرته، فكنت اتساءل ما معنى اسمه، حتى قرر الأصدقاء قراءته فقررت خوض التجربة معهم وكانت تجربة ممتعة حقًا.
اسم الكتاب هو مزيج بين تخصصين منفصلين غير مرتبطين إلى حد كبير وهم علم الأعصاب الإدراكي والدراسات السينمائية، ولكن الغريبة أنك تجد الكاتب قد مزج بينهم وأقام خيط الوصل بينهم وكأنهم لا ينفصلان أبدًا.
ينقسم الكتاب إلى عدة أربعة أقسام في القسم الأول يتناول الكاتب الأمراض التي طرحت في الكثير من الأفلام غير العربية بشكل محدد، وفي هذا القسم كان من أكثر الأشياء الممتعة أن الكاتب يجذبك إلى تفاصيل الفيلم وأحداثه دون حرقها تمامًا، فيجعلك متشوق لمشاهدته وفي الوقت نفسه يعرفك على المرض الذي طرح في الفيلم وما هو الحقيقي من كل التفاصيل التي قيلت وما هو غير ذلك، وبالتالي يساعدك في إذا ما رأيت أي فيلم يعبر عن هذه الحالة يمكنك فهمها بشكل أفضل.
في القسم الثاني الذي كان باسم الخيال العلمي أم محض خيال، تناول فيه الكاتب فكرة طرح أفكار جديدة ومبتكرة في علم الأعصاب من خلال بعض الأفلام التي قد تكون منذ سنوات طويلة، البعض من هذه الأفكار كان خيال بكل ما في الكلمة من معنى لعدم إمكانية تحقيقه في أرض الواقع مثل عمليات نقل الرأس وفكرة فرانكنشتاين ، ومن هذه الأفكار كان حقيقي وأمكن تنفيذ بعد سنوات مثل فكرة دخول غواطة مصغرة للجسم لعلاج الجلطة والتي ظهرت في فيلم من القرن الماضي وتطورها فيما بعد لفكرة القسطرة في أرض الواقع.
في القسم الثالث تحت اسم النجوم والعرض الأخير تحدث الكاتب عن اصابة ممثلين بأمراض عصبية البعض منها كان السبب في موتهم نتيجة لتدهور الحالة أو لانتحارهم مثل روبين ويليامز، والبعض منهم كان مكافح وأستطاع محاربة مرضه حتى النهاية، ويعتبر هذا الجزء من الكتاب من أكثر الأجزاء المؤلمة والمؤثرة بالنسبة لي.
أما القسم الرابع بعنوان السينما العربية ونيورو سينما اونطة، تناول فيه الأفكار التي طرحت في بعض الأفلام المصرية بصورة هزلية وبها أخطاء واضحة ليس لها علاقة بعلم الأعصاب كعلم له دلائل واثباتات وقوانين واضحة.
الكتاب يعتبر من الكتب الدسمة الثقيلة التي يجب التأني في قرأتها ويمكنك قراءته بالتبادل مع بعض الكتب الأخرى الخفيفة والعودة له خاصة وأن موضوعاته منفصلة تتيح ذلك، ويظهر في الكتاب بشكل واضح الشغف الذي يتمتع به الكاتب بين علم الأعصاب والسينما مما جعل هذا الكتاب يأتي في صورة سلسلة وغير مملة، تجعلك متحمس للتعرف في كل فصل على مرض جديد وفيلم وقصة جديدة، ومتشوق لمشاهدة كل هذه الأفلام بعد الانتهاء من الكتاب.
كتاب من هذه النوعية من الضروري أن يدعم بالكثير من المراجع والملخصات والإحالات وهو ما قدمه الكاتب في نهاية الكتاب فلم يترك أي جزء ألا وقدم تفسير أو المرجع المتعلق به حتى وأن كان التنويه عن بعض الأشخاص الذين تم ذكرهم في الكتاب.
*اقتباسات:
❞ الدماغ هو أكبر قاعة سينما، فبين جنباته تدور الكثير من الأحداث الخيالية والدرامية والكوميدية، سواءً كان ذلك في أوقات يقظته أو حتى في أثناء النوم في هذه الأحداث يكون الدماغ كذلك هو المخرج، والمؤلف، وكاتب السيناريو، والمصور، بل وحتى عامل الكلاكيت. تسألني، وماذا عني أنا؟! أنت البطل بالطبع، بالرغم من أنك قد تبدو كالمتفرج أحيانًا! ❝
❞ «يجب ألا تكون هناك حدود للمساعي البشرية. نحن جميعًا مختلفون. مهما بدت الحياة سيئة، هناك دائمًا شيء يمكنك القيام به والنجاح فيه. بينما توجد الحياة، يوجد الأمل».
ستيفن هوكينج ❝
❞ قالوا قديمَا في الأثر إن مع كل مِحْنَةٍ تأتي مِنْحَةٌ، ولطالما آمنت بأن كل ما يصيب الشخص من اختبارات صعبة وعقبات في الحياة يكون لأهدافٍ وحِكَمٍ لا يراها في وقتها. تمنحه هذه الاختبارات النضج والانصهار اللذين يُظهران معدنه الحقيقي، تمامًا كما يُصْقَل الألماس ليزداد صفاءً ونقاءً. ❝
❞ الحزن ضروري للسعادة، فهو يساعدنا على التعبير عن المشاعر الصعبة والتعلم من أخطائنا وتقدير الأوقات الجيدة في حياتنا لهذا، وكما أنه من الضروري أن نسعى ألا يكون هناك حزن في حياتنا، إلا أننا يجب أن نتعلم كذلك أنه لا حياة ❝
❞ ولكن أليست الذكريات المؤلمة والمبهجة معًا هي ما تشكل هويتنا؟! ❝
❞مراحل الحزن الخمسة» (Five Stages of Grief) وهي الإنكار والغضب والمساومة والاكتئاب والقبول هذا النموذَج يَصِف خمس مراحِل للطريقة التي يتعامَل بها الإنسان مع الحزن الناتِج عن المصائب، خاصّة لو كان الشخص قد شُخّص بمرض عضال أو عانى من خسارةٍ كارثية لا يوجد ترتيب معين لهذه المراحل وليس بالضرورة حدوثهم جميعًا في كل الحالات. ابتكرت هذا النموذج الطبيبة النفسية السويسرية الأمريكية «إليزابيث كوبلر روس» (1926 - 2004). ❝