نيوروسينما: رحلة استكشافية لأمراض الأعصاب في عالم السينما > مراجعات كتاب نيوروسينما: رحلة استكشافية لأمراض الأعصاب في عالم السينما > مراجعة ماجد رمضان

هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

تعجبني الكتب التي تثير التفكير وتعصف به، تهز العقل إلى أقسى ما يحتمله، وتلك الكتب التي تثير العاطفة وتستنزل الدموع، وتخرج إلى صور وأفاق جديدة وبعيدة، وتجذبني القصص والروايات التي تخرج من رحم المعاناة الإنسانية، الروايات التي جسدت المرض وحكت عن تجارب ذاتية مع المرض، فقرأت معظم ما كتب في هذا الباب، ولكوني طبيبا ومريضا بأحد هذه الأمراض العصبية ( (Parkinson’s diseasesفقد شدني وأثار انتباهي عنوان الكتاب على صفحة الجروب .

وحيث أن عنوان الكتاب هو العتبة الأولى ودليل القارئ إلى النص، وله أهمية كبيرة في تشكيل الخطاب لدى القارئ، خاصة أنه يشكل الرسالة التي يسعى المؤلف لنقلها إلى القارئ، ومن ثم فلابد أن تتوافر فيه شحنات دلالية مكثفة، تجعله قادرا على حمل الرسائل الكامنة في النص.

وعملية اختيار عنوان الكتاب والعناوين الفرعية عملية ليست سهلة، حيث يرى الكاتب والباحث في علوم التحليل النفسي كيفن توملينسون في بحث له بعنوان "سيكولوجية العناوين: عقلية المؤلف وعناوين كتبه" أن اختيار العنوان المثالي لعمل ما هو أكثر من مجرد العثور على كلمات جيدة إنما كلمات تثير ما في نفس الناظر إلى غلاف الكتاب ومركزه، أي العنوان، فالأسماء أدوات نفسية وهي وسيلة مرجعية أيضاً لما قد يحتويه الكتاب"

فجاء العنوان غامضا لافتا للمتلقي" نيوروسينما" إذ أنه مصطلح جديد ربما لم يسمع به الكثير من قبل، وهو مزيج بين تخصصين منفصلين غير مرتبطين إلى حد كبير وهم علم الأعصاب الإدراكي والدراسات السينمائية، لكن يأتي العنوان الفرعي" رحلة استكشافية لأمراض الأعصاب في عالم السينما "، فيفكّ شيئا من شفرة العنوان الرئيس.

وقد كان الكاتب موفقا كذلك باختيار العناوين الفرعية بارتباطها بموضوع الفصل ودلالتها السينمائية مثل (تريلرــ ستناد باي ــ كلاكيت ــ أكشن ـــ هاري بوتر والصداع اللعين ـــ النوم في العسل ـــ عودة الرجل الحديدي. الخ)

وقد ظهر الغلاف مزدانا بصورة آسرة تنشر هالة من الغموض، فتثير الانتباه وتجذب الأنظار، داعية القارئ للذهاب في رحلة استكشافية مثيرة داخل الدماغ البشري من خلال عالم السينما السحري.

إن هدف الكتاب كما يقول الكاتب: هدفان؛ أولهما الإمتاع، عن طريق مراجعة مجموعة متنوعة من أجمل أفلام السينما التي تناولت أمراض الأعصاب، وثانيهما؛ التثقيف

وقد قسم الكاتب الكتاب إلى ثلاثة أجزاء:

في الجزء الأول (كلاكيت): ناقش ماذا يعني مصطلح (نيوروسينما) وماهي أهميته، وكيفية تأثير الأفلام على أدمغتنا.

في الجزء الثاني) أكشن):

قام بمراجعة وتحليل ما يزيد على مائة فيلم التي تناولت أمراض المخ والأعصاب من الناحية الطبية والفنية، عن طريق تلخيص الحبكات، وتحليل المشاهد الرئيسية واللقطات الهامة، ثم شرح أكثر من خمسين مرضًا واضطرابًا عصبيًا هامًا، مثل الجلطات الدماغية وأمراض الصرع والصداع النصفي والشلل الرعاش والتصلب المتعدد ومرض الزهايمر فيما يتعلق بتاريخ اكتشافها وأعراضها وطرق تشخيصها وعلاجها. كما قام كذلك بتسليط الضوء على الأخطاء الموجودة فى هذه الأفلام إن وُجدت، مع دحض العديد من الخرافات المنتشرة حول تلك الأمراض.

في الجزء الأخير: يناقش عددا من الموضوعات التي تتعلق بالعلوم العصبية مثل: أغرب واندر الاضطرابات العصبية، مثل «مرض الجوكر» و«متلازمة أليس فى بلاد العجائب» و«متلازمة الجمال النائم» و«متلازمة الجثة المتحركة» وغيرها الكثير

كما تناول أفلام الخيال العلمي ومدى إمكانية حدوثها، واستعرض الامراض العصبية التي أصابت نجوم السينما.

ثم كانت الخاتمة بمناقشة ماذا قدمت السينما العربية في هذا المجال.

مما يميز هذا الكتاب:

1. قال أهل البيان، من البلاغة حسن الابتداء، ويسمى براعة المطلع، ومن بلاغة الكاتب أن بدأ الكتاب بمجموعة من الأسئلة محفزة للعقل، مثيرة للانتباه.

2. حرص الكاتب على أن يكون الكتاب بلغة سهلة مبسطة وبطريقة سلسلة غير مملة، ولكن مع ذلك فإنه من الكتب الدسمة التي تحتاج تركيزا في القراءة، ولذا يجب التأني في قرأته، ويمكن قراءة كل فصل من فصوله بمفرده فموضوعاته منفصلة تتيح ذلك.

3. عرض في كل فصل مرض جديد والفيلم الذي تناوله ثم يقوم بشرح تفاصيل الفيلم وأحداثه دون حرقها تمامًا، وما هو الحقيقي وما هو غير ذلك، فيجعل القارئ متشوقا لمشاهدته.

4. تم دعم الكتاب بالكثير من المراجع والملاحق والهوامش في نهاية الكتاب فلم يترك الكاتب أي معلومة إلا وقدم لها تفسير أو ذكر المرجع المتعلق بها، موثقا كل معلومة وردت في الكتاب.

ومع ذلك، يؤخذ عل الكاتب استغراقه في تفاصيل الأمراض من حيث الأعراض وتصنيفاتها وطرق التشخيص ووسائل العلاج بل أسماء الأدوية، فقد قال: أن الكتاب علمي يهدف الى نشر المعرفة الطبية ولكن بأسلوب مبسط وسلس، ولكننا نجده في بعض الأحيان قد أصبح كتابا طبيا بحتا، وهذا لا يفيد القارئ غير المتخصص، مما يجعله يتخطى هذا الجزء من الكتاب، ويفقده التواصل مع الموضوع الذي يقرأه.

إن أهم سؤال، يطرحه القارئ على نفسه، بعد قراءة أي كتاب هو: هل ترك في النفس أثرا لا ينسى، وهل هذا الأثر الذي تركه ـــــــ إن كان قد فعل ذلك ـــ ناتج عن موضوع الكتاب وفكرته، أو عن طريقة العرض، أو أسلوب الكاتب ولغته؟

ومن المعلوم أن تأثير أي نص يتحقق من خلال طيف واسع يبدأ بتحقيق المتعة. ثم ترتقي مستويات التأثير لتتخطى المتعة، وتمتد إلى الفكرة والرسالة، وقد تصل إلى التحدي وقلب الموازين وبلبلة الأفكار، وهذا الكتاب من الكتب التي تشدك وتأثرك وتمتعك بعالمها السحري الجديد، النادر في المكتبة العربية من حيث الموضوع وطريقة التناول والطرافة أيضا. ولا تكتفي بالمتعة فقط ولكن يضاف إليها المعلومة الطبية المبسطة وعلى المستوى الشخصي فقد أعجبني على وجه الخصوص:

1. فصل: كيف تؤثر الأفلام على أدمغتنا؟: لا يوجد فن يؤثر على ضمائرنا بالطريقة التي يعمل بها الفيلم، إنه يذهب مباشرة إلى مشاعرنا، في أعماق الغرف المظلمة داخل أرواحنا " انجمار بيرجمان"

2. ضيوف الشرف وأندر الاضطرابات "المتلازمات" العصبية.

3. فصل: الخيال العلمي.. علمي ام محض خيال

وختاما:

وتلبية لدعوة الكاتب بمشاركته المتعة بمشاهدة الأفلام بعين أخرى بعد قراءة تحليلها ومراجعتها ومناقشتها في الكتاب فقد نويت التخطيط لمشاهدة عدد من الأفلام:

Love & other drugs – Faces in the crowd – Limitless – The theory of everything – 100 Meters – First do no harm – Extraordinary Measures – My left foot – Memento – Still Alice – The Father

#د_ماجد_رمضان

Facebook Twitter Link .
1 يوافقون
اضف تعليق