إن الغرض من التجريب العاطفة والمعرفة، وليس أقدر من الكتب على إثارة تلك العواطف التي تجعل حوادث الحياة أشدَّ تحريكًا للنفس، وتجعلها -أي النفس- أتمَّ استعدادًا لقبول المؤثِّرات على اختلاف أنواعها ودرجاتها
العمر الذاهب : رحلة المازني المعرفية > اقتباسات من كتاب العمر الذاهب : رحلة المازني المعرفية
اقتباسات من كتاب العمر الذاهب : رحلة المازني المعرفية
اقتباسات ومقتطفات من كتاب العمر الذاهب : رحلة المازني المعرفية أضافها القرّاء على أبجد. استمتع بقراءتها أو أضف اقتباسك المفضّل من الكتاب.
العمر الذاهب : رحلة المازني المعرفية
اقتباسات
-
مشاركة من أزهر البوسعيدي
-
وتعلَّمتُ ألا أكون أسير رأي أو كتاب؛ فإن مؤدَّى هذا الأسرِ الإفلاسُ العقليُّ والعاطفي. وفائدة الكتب أن يقرأها الإنسانُ ويدرسها ويفكِّر فيها، ويضيف عقول أصحابها إلى عقله، لا أن يظلَّ أسيرها.
مشاركة من أزهر البوسعيدي -
وكنت قد آليتُ ألا أقرأ من الكتب إلا ما هو مكتوبٌ بلغة جيِّدة، وأمضيتُ العزم على ذلك صارمًا.
مشاركة من أزهر البوسعيدي -
❞ إن فائدة القراءة كفائدة الطعام، والمرء يأكل ليصحَّ بدنُه، ولو أني نسيتُ اليوم ما أكلتُ في أمسي لما منع ذلك أن الفائدة قد حصلت، وأن جسمي انتفع بما طعمت، وكذلك العقل، يقرأ المرء ليستفيد علمًا ويقوِّي مداركَه وينمِّي ملكاته، ولا يمنع حصولَ الفائدة أنه نسي ما قرأ أو أن الكتاب غير موجود. ❝
#أبجد
#العمر_الذاهب_رحلة_المازني_المعرفية
مشاركة من أزهر البوسعيدي -
ومجالسة الكتب تحيلُ المرءَ أشبهَ بها، حتى ليعود وكأنما لا ينقصه إلا أن يغلَّف ويوضعَ على الرفِّ بين إخوته! وطولُ العهد بها يشيبُ النفسَ قبل إشابة الرأس، ويطفئ لمعة العين، ويعوق تدفُّق النشاط الجثماني، ويغري بالسُّهوم والصَّمت، ويفعل ما هو شرٌّ من ذلك: يبعث على التعلُّق بالمُثُل العليا وصور الكمال، ويُشْرِبُ النفسَ حبَّها، ويعلِّمها نِشدانَها، فإذا راح يضرب في غمرة الحياة تعثَّر ولقي في كلِّ خطوةٍ صدمة، كالذي يسلك طريقًا ومعه مصوَّرٌ(357) لخلافه!
مشاركة من سُمية -
ومِن أفحش الخطأ أن يتوهَّم متوهِّمٌ أن مجالستَه العلماء مثلًا أعودُ بالفائدة من مجالسة العامَّة والأميِّين؛ فإن الثقة بعلم العلماء تورث عقلَ مُجَالِسهم الكسَل، أما مجالسة العامة فتنشِّط الذهن وتبتعثه من رقاده، وتفتح له آفاقًا جديدةً من النظر والتأمُّل والقياس..
مشاركة من سُمية -
❞ أراني أزداد على الأيام زهدًا في الجزم، ونفورًا من البَتِّ، وتردُّدًا بين النفي والإثبات، وإيثارًا للتريُّث؛ لعل وجهًا أو جانبًا آخر للأمر يتبدَّى، فأعرف ما كان غائبًا عنِّي، وما عسى أن يكون للإلمام به أثرٌ في الرأي الذي أذهب إليه، حتى صرتُ أتقلَّب بين الرأي وخلافه مرَّاتٍ قبل أن أستقر، ولستُ أحسُّ بعد طول التردُّد بالاطمئنان إلى الصَّواب، وما أظنُّ إلا أن هذا التردُّد قد أورثنيه ما وقعتُ فيه من الخطأ، وما رَكِبني مرارًا من الجهل، وما كثر تورُّطي فيه بالتسرُّع وقلَّة الأناة.
مشاركة من سُمية -
أراني أزداد على الأيام زهدًا في الجزم، ونفورًا من البَتِّ، وتردُّدًا بين النفي والإثبات، وإيثارًا للتريُّث؛ لعل وجهًا أو جانبًا آخر للأمر يتبدَّى، فأعرف ما كان غائبًا عنِّي، وما عسى أن يكون للإلمام به أثرٌ في الرأي الذي أذهب إليه،
أن أستقر، ولستُ أحسُّ بعد طول التردُّد بالاطمئنان إلى الصَّواب، وما أظنُّ إلا أن هذا التردُّد قد أورثنيه ما وقعتُ فيه من الخطأ، وما رَكِبني مرارًا من الجهل، وما كثر تورُّطي فيه بالتسرُّع وقلَّة الأناة.
مشاركة من سُمية -
وليست الذاكرة خزانةً مرتَّبة مبوَّبة، وإنما هي بحرٌ مائجٌ يرسبُ ما فيه ويطفو بلا ضابطٍ نعرفه، ومن غير أن يكون لنا على هذا سلطان، فالمرء يَذْكُر وينسى، ويغيبُ عنه الشيء ويحضر بغير إرادته وبلا جهدٍ منه، ويَعْلَق بذاكرته ما يَعْلَق وهو غير دارٍ أو مدركٍ لما يَحْدُث، وتتزاوجُ الخوالجُ وتتوالدُ كما يتزاوجُ الناسُ ويتوالدون وهو غير شاعرٍ بشيء ممَّا يجري في نفسه من التفاعل وأثره.
مشاركة من سُمية -
❞ وصحيحٌ أن الحياة جهاد، جهادٌ مع الطبيعة ومع الإنسان، ولكنَّا لسنا من الحيوان، فنضالُنا ليس بالأنياب والمخالب، بل بالعقول ونضال العقول متعة، لا يعيى به أو يستثقله إلا من لا يصلح لغير حمل الأثقال كالدوابِّ، وليس أمر الدنيا إلى هؤلاء المساكين الذين يُسَاقون، بل إلى أصحاب العقول. ولستَ تستطيع أن تعطِّل عقول الناس، وخيرٌ وأرشدُ أن لا تفعل حتى إذا استطعت.
وفي هذا النضال يتصفَّح المرء عقول منافسيه، ويضيفها إلى عقله، فهو يكسب أبدًا ولا يخسر، ويضيف كلَّ يوم ثروةً ذهنية إلى ما أوتي من ذلك، ويمنع عقله أن يصدأ، ويَجْلُوَه ويَشْحَذه ويُرْهِفَه.
.
مشاركة من سُمية -
❞فلولا الرزق والعيال لاستغنيتُ عن الناس، فما يفرِحني ما يفرِحهم، أو يسوؤني ما يسوؤهم؛ لأن خلاف آمالي ومساعيَّ، وهم يدبُّون على الأرض، وأنا أحاول أن أحلِّق فوق الحياة لو أن إلى هذا سبيلًا، وهم ينظرون إلى اللحظات التي تكون وتمضي عليهم ثم تمضي بهم، وأنا أعالج أن أنظر بعين الزَّمن، ومن كان هذا وُكْدَه ففيمَ
يعادي؟ وعلامَ يخاصِم؟
مشاركة من سُمية -
وكذلك شأني في كلِّ شيء
فالمال أنفِق منه الموجودَ كثر أم قلَّ، ولا أطيق أن يبقى منه شيء، كأنما يتعبني حملُه أو أجد له وخزًا، بل أنا أحسُّ له في كفي حِكاكًا يذهب متى أفنيتُه، ثم أقعد کاسفَ البال..
والكتبُ أقرؤها وهمِّي أن أفرغ منها وأطويها، لا أن أعيَ ما فيها، فإذا رأيتُ موضوعها يمسكني ويرغمني على التمهُّل غالطتُ نفسي ووثبتُ إلى آخر صفحة، وقلت معزِّيًا نفسي: ستنسى ما قرأتَ على كل حال، فقد ابتلاك الله بذاكرة ليس أخونَ منها ولا أغدر، فافترضْ أنك قرأتَ وأزعمُ أنك نسيت! وأرمي الكتاب أو أضعه على رفِّه، ولكني أظلُّ بعدها أرمقه مجذوبًا إليه كلما مررتُ بمكانه، حتى يضجرني هذا الحنينُ المُخامِر، فأتوكَّل على الله، وأسأله الصَّبر، وأتناول الكتاب مرَّة أخرى.
مشاركة من سُمية -
تطول فترات صمتي؛ ستـرًا للخواء الذي في رأسي، فإذا أحسستُ أنه امتلأ عَظُم فرحي بذلك، وأطلقتُ لساني حتی تفرَغ الذخيرة، وينضب المَعِين، فلا تسمع غير صوتي في المجلس حين أتكلَّم ثم تراني ولا تسمع مني حرفًا، ويبصرني الناس ساكتًا، فيحسبون أني أفكِّر، ويتكرَّر ذلك ويكثر، فيقولون: فيلسوفٌ غوَّاص، وأنَّى لهم أن يعرفوا أن الحوض فارغٌ وراء اللسان؟!
مشاركة من سُمية -
ويستوي عندي الآن أن تكون الغرفة خاليةً ساكنة، وأن تكون كالسُّوق القائمة كلَّها ضوضاء؛ فإن في وسعي أن أنصرف عن الضَّجَّة، وأن أحصر التفاتي في عملي بحيث لا أسمع ما يدور حولي من اللغط بالغًا ما بلغت ضجَّته، وما دام الذين حولي لا يوجِّهون الكلام إليَّ ولا يطلبون مني المشاركة في الحديث فإن لغطهم لا يعطِّلني ولا يُحْدِث لي أيَّ تعويق، لا في عملية التفكير، ولا في صَوغ العبارة عمَّا أريده؛ لأن انصرافي عنهم يكون تامًّا، فكأنهم غير موجودين.
دام
مشاركة من سُمية -
ومن أجل هذا كان مذهبي في النقد أن أنظر إلى جملة ما في الكتاب من الإحسان مَقِيسَةً إلى جملة ما فيه من العيب، فإذا أربى الإحسانُ على الإساءة تقبَّلتُه وتجاوزتُ عمَّا فيه من نقصٍ أو مأخذ، وإلا رفضتُه، فهو ميزانٌ يُنْصب، وأيُّ كفَّتيه رجَحَت أخذتُ بها. وهذا في مذهبي هو العدل الميسور في وزن الآراء والأعمال والحكم عليها.
مشاركة من سُمية -
أراني في هذه الأيام لا أكاد أعرف لي رأيًا في شيء، لا لأني كففتُ عن التفكير، فلعل الأمر على خلاف ذلك، وعسى أن أكون مسرفًا في النظر والتدبُّر وفي التماس الوجوه المختلفة للأمر الواحد الذي يعرض لي، وإنما ترجع حيرتي إلى أن إطالة النظر تكشف لي كلَّ يوم عن جديد، وإلى أن تدبُّر النواحي المختلفة تجعل الجزم عسيرًا، وتغري بالتردُّد، وتدفع إلى الشك.
مشاركة من سُمية