اقتباسات نيكوس كازانتزاكيس

‫* «لولا أن الإنسان يستطيع الرقص لما استطاع الصلاة. الملائكة لها أفواه. ولكن تنقصها القدرة على الكلام. ولذا فإنها تحدث الله رقصاً».

كنت أفكر في كريت. كريت وروحي. ولو أنني تمكنت من الولادة من جديد فإنني كنت سأتمنى رؤية الضوء هنا مرة أخرى، على هذه الأرض. هنا يكمن شيء من السحر غير المرئي. هيا بنا نذهب

المرأة المختبئة في أعماق أحشائي تستيقظ وتتلقى السماء كما تتلقى رجلاً رحت أتمشى جذلاً تحت المطر، لقد تخفف قلبي ولم أعد أفكر بالصبية الإيرلندية، إلا وأنا أعيد تشكيلها وتجسيدها بالكلمات لقد بدأت الآن تضطجع لتستلقي على الورق والحقيقة التي كانت

الأوراق بهية أما الثاني فأخذته في مسابقة لكتابة المسرحية لا أعرف كيف ولكن ذات يوم أحسست بدمي يلتهب فكتبت مسرحية حماسية مليئة بالعواطف والتشاؤم كانت حول الحب وسميتها «بزوغ النهار» ولقد كنت واثقاً من أنني أقدم للعالم أخلاقية أسمى، وحرية

الحميم يتحدث بتوتر واعظاً القرويين وينورهم. قبل كل شيء تحدث إليهم عن أصل الإنسان معلناً لهم أن سلفنا الأول قردة. وأننا يجب أن لا نكون مخدوعين إلى درجة الإيمان بمرتبتنا الحالية ككائنات متميزة خلقها الله.

هذا هو الجرح الأول أما الثاني فهو أن الإنسان ليس الأثير عند الله، وليس مخلوقه المفضل الله لم ينفخ في منخريه نفس الحياة، ولم يعطه الروح الخالدة إنه، مثل بقية المخلوقات، حلقة في السلسلة اللامتناهية من الحيوانات هو حفيد أو

باختصار، أية خرافة كان معلمونا، دون حياء، يهذرون بها حتى الآن – أن الله قد خلق الشمس والقمر زينة للأرض وأنه علق السماء ذات النجوم فوقنا كمشعل يمنحنا الضوء.

أسبوعين هناك أية وفرة، أية أشجار مثقلة بالفاكهة وأية غبطة لقد تحولت كريت إلى خرافة، إلى غيمة متوعدة موغلة في البعد دون إنذار بخطر ولا سفك لدم ولا كفاح لحرية هذا كله ذاب وتلاشى في الرفاه الناكسوسي الوسنان ‫ وجدت

لم أنس هذه اللحظة طوال حياتي وأعتقد أنها نفعتني كدرس عظيم في أزمات حياتي كنت دائماً أتذكر أبي وهو واقف بهدوء، دون حراك على العتبة، دون أن يلعن أو يتوسل أو يبكي بلا حراك كان يقف واقفاً يرقب الخراب ووحده

اللهيب حتى أمسك بي أحدهم من نقرتي ودفعني بعيداً وحين مات معلمنا كراساكيس كان علي أن أمنع نفسي قسراً من الضحك كان الأمر كما لو أن معلمي وبيت عمتي كانا ثقيلين وقد أزيحا عن كاهلي وتحررت منهما فالنار والطوفان والموت

الجدار من جهته ويصرخ: «هيه أنت هناك يا جار معك حق نعم وحق إيماني معك حق ولكن توقف عن قرع جداري وسأجلب لك جلدي ماعز مليئين بالزيت لمصابيحك وعشرين أقة من الشمع كل سنة لمراضاتك نحن جيران ولا داعي للمشاجرة»

كان كل إنسان عالَماً مغلقاً وكان كل بيت مغلقاً ومرتجاً معاً والطيبون داخل البيوت كانوا يشيخون يوماً بعد يوم وكانوا يحتفلون ويسكرون همساً لئلا يسمعهم أحد ويتشاجرون سراً أو يمرضون ويموتون صامتين عندها يفتح الباب وتظهر البقايا وتكشف الجدران الأربعة

وذات يوم كنت أقرأ قصة القديس يوحنا الكوخ saint john of the hut قفزت على قدمي وقد قررت: «سأذهب إلى جبل أثوس لأصبح قديساً» ودون أن ألتفت لألقي نظرة على أمي (القديس يوحنا لم يلتفت ليلقي نظرة على أمه) تجاوزت

الشعور وحاسرات وتفرقن في اتجاهات متعددة وهن يرتعدن من الخوف ويطلقن زعقات حادة كأصوات السنونو وتضمخ الزقاق كله برائحة المسك كن قد وقفن يصرخن ويزقزقن كالعصافير ومنذ تلك اللحظة صار للهزة الأرضية وجه مختلف بالنسبة إليَّ دام معي طوال حياتي

وذات يوم حاول معلمنا، باتيروبولوس العجوز، أن يهدئنا وشرح لنا قائلاً: «لا ينجم شيء عن الهزة الأرضية لا تخافوا منها إنها مجرد ثور تحت الأرض إنه يخور وينطح الأرض بقرنيه فتهتز كان الكريتيون القدامى يسمونه مينوتور Minotaur. ليس هناك ما

وكانت ميغالو كاسترو تتلاشى وتتسامى أمامي جبال كريت الهواء مليء بالصرخات: صرخات المسيحيين وصرخات الأتراك وتلتمع أمام عيني المسدسات ذوات القبضان الفضية كريت وتركيا تتقاتلان تصرخ الأولى: «الحرية!»، فتجيبها الأخرى: «الموت!» ويمتلئ ذهني بالدم ‫ وذات يوم حول عينيه نحوي

جدي وأبي وأحارب ‫ كانت هذه هي البذرة ومنها راحت شجرة حياتي كلها تنمو وتبرعم وتزهر وتثمر وما أثار نفسي في البدء لم يكن الخوف أو الألم، ولا المتعة أو الألعاب، بل كان التوق إلى الحرية كان عليَّ أن أنال

«لدي قمح منتقى في الجرة الصغيرة إنني أحتفظ به منذ زمن طويل من أجل التقدمة في ذكراي(16) اسلقوه في اليوم التاسع واحرصوا على وضع كمية كبيرة من اللوز (لدينا منه ما يكفي والحمد لله) ولا تقتروا بالسكر كما تفعلون عادة

قال: وداعاً أيها الفتيان لقد أكلت نصيبي من الخبز وأنا راحل الآن لقد ملأت داري بالأولاد والأحفاد وعبأت جراري بالزيت والعسل وبراميلي بالخمر - ليس لدي ما أشكو منه وداعاً! ‫ حرك يديه مودعاً ثم استدار ببطء ونظر إلى كل

من دراسته في باريس أشقر وأنيق يحمل نظارتين من الذهب ويرتدي قبعة رسمية وهو بالتأكيد أول طبيب يقطن في ميغالوكاسترو وكان يزور المرضى بالخفين لأن قدميه (كما قال) كانتا متورمتين وكان هذان الخفان مطرزين بيدي أخته العانس التي استهلكت