اقتباسات محمود درويش

في البال أُغنيّةٌ تتأرجح بين الحضور

⁠‫وبين الغياب

لم ينتظر شيئاً، ولا حتى مفاجأةً،

⁠‫فلن يَقْوَى على التكرار… أَعرفُ

⁠‫آخر المشوار مُنْذُ الخطوة الأولى -

⁠‫يقول لنفسه

ولم يَشْعُرْ بحاجتِهِ إلى أَملٍ ليؤنسَهُ

قال: يحاصرني واقعٌ لا أُجيد قراءته

حين تَسيرُ ولا تجد الحُلْمَ

⁠‫يمشي أَمامك كالظلّ /

⁠‫يصفرُّ قلبك …

ستقول لي: الرحلةُ ابتدأتْ؟

‫قلتُ: لا غد يبقى على حاله!

‫قلتَ: لكنه لم يصل

‫قلتُ: مرَّ بنا ومررنا به ذات يوم ولم ننتبه.

‫قلتَ: كم مرة ستقول لي الرحلةُ ابتدأت؟

‫قلتُ: إنَّ القصيدة ناقصةٌ…

وبكيتَ كما لم تفعل من قبل. بكيت من كل الحواس. بكيت كأنك لا تبكي، بل تذوب دفعة واحدة وتمطر.

كل شيء يبكي: السماء الواطئة. الرصاص الذي يودِّع المقاتلين يبكي. الشوارع تبكي، والشرفات وأطلال البنايات، والشعارات على جدران المدينة تبكي، والمواعيد المرمية في الممكن والمستحيل تبكي.

كم مرة نبدأ من البداية؟ ونجونا من موت كثير، وهزمنا النسيان، وقلت لي: نحن ننجو ولا ننتصر، وقلت لك: النجاة هيَ انتصار الطريدة الممكن على الصيّاد.

الهامش نافذة تطل على العالم، فلا أنت فيه ولا أنت خارجه. الهامش زنزانة بلا جدران. الهامش كاميرا شخصية تنتقي من المشهد ما تشاء من صور، فلا يكون الملك هو الملك. ولا يكون مقلاع داود إلّا سلاح جوليات.

السجنُ هو حرمان الكائن من مشهد الشجرة والبحر. والحرية هي المخيّلة القادرة على استدعائهما إلى السجن، وجعل ما ليس مرئياً مرئياً.

‫أنت، لا أنا، هو الخاسر، فمن يحيا على حرمان غيره من الضوء يغرق نفسه في عتمة ظلِّه ولن تتحرر مني إلّا إذا بالَغَتْ حريّتي في الكرم، كأنْ تعلِّمك السلام وترشدك إلى بيتك أنت الخائف، لا أنا، مما تفعله الزنزانة بي،

وأنتَ، أنتَ وأقلّ /

‫لا تستطيع وُلُوجَ يومٍ جديد بلا حمّام، وحلاقة، وصحيفة، وفنجان قهوة. حجم الأرض هنا متران مربّعان لهما بابٌ حديديٌّ دائمُ الإغلاق.

أن تسمَعَ صوتك المبحوح يعني أن آخَرَك قد سامَرَكَ وأسرَّ لك بأخبارك الشخصية

السجنُ كثافةٌ. ما مِنْ أحدٍ قضى ليلةً فيه إلَّا درَّب حنجرته على ما يُشْبِهُ الغناء، فتلك هي الطريقةُ المتاحةُ لترويض العُزْلة وصيانةِ كرامة الألم.

وقلبي مُدُناً تنهار من أوَّل هذا

‫ العمر حتى آخر الحلمِ …

يا انتحاري المتواصل

‫قف على ناصية الحلم وقاتلْ

‫فَلَكَ الأجراسُ ما زالت تدقُّ

‫ولك الساعةُ ما زالت تدقُّ

‫تجلس في مطعم المطار في ركن قصيّ، وتفكِّر في جدوى الرحلة: هل أنا في ذهاب أم إياب. لا أحد ينتظرني في الذهاب ولا سبب يدعوني إلى الإياب.

/ أخينا الثالث / عُدْ طفلاً لأرى وجهي في مرآتك / هل أنت أنا / وأنا أنت؟ / فعلِّمني الشعر لكي أرثيك الآن الآن الآن / كما تَرْثيني !

عُدْ طفلاً ثانيةً / علِّمني الشعر / وعلِّمني إيقاع البحر / وخُذْ بيدي / كي نعبر هذا البرزخ ما بين الليل وبين الفجر معاً / ومعاً نتعلَّم أُولى الكلمات / ونبني عشاً سرياً للدوري