اقتباسات مصطفى صادق الرافعي

إن لهم وجودًا محزِنًا يستمتعون فيه

ومن مصائبنا -نحن الشرقيين- أننا لا نأخذ الرذائل كما هي، بلنزيد عليها ضَعْفنا فإذا هي رذائلُ مضاعفة.

ولو كشف لك عن الحقيقة لرأيت أقبح مافي كل شيء أن لا يبرح أبدا محبوسا في حقيقة لا يتجاوزها؛ ومن ثم خفف الله عن الإنسان؛ فأودع فيه قوة التخيل، يستريح إليها من الحقائق...

أيها الإنسان! إن للشجرة تماثيل يرفعها الله في كل مكان يوجد الإنسان فيه؛ لتقول له: كن دائماً ذا فروع ؛ لتظل بأبنائك موضعك من التاريخ، كريماً في حياتك تعطي مما تأخذ، كن طاهراً تعرف كيف تستمد من كل شيء شيئاً واحداً يعيش عليك، كن مع جنسك مختلف الظاهر على جرثومتك وموضعك؛ فذو ثمر أو زهر أو شوك، ولكن ابق في داخلك وعنصرك مع غيرك من الناس على قانون واحد.

فعلمت أن القوة كل القوة ألا يجزع الحيّ فإذا لم يجزع يجبن، وإذا أمن الجبن لم يستذله شيء ، ولم يكن الشقاء في رأيه شقاء بل مصادمة بالحياة لبعض نواميس الحياة.

كذلك لا تتبرج الروح إلا خارجة من شقاء أو مقبلة على شقاء.

أجد أثره في قلبي ، ولا أجد برهانه في لساني ، فإذا هممت أن أبين عنه وأبتغيه بالعبارة أخفته العبارة حتى لا يزيده البيان إلا غموضاً وسوء معرض.

تضيء الليالي بالنجوم وبدرها

وليل الجفا من غير نجم ولا بدر

وكلمة الشتم من العدو تنزل من القلب منزلة الدمّل يأكل موضعه ويتسع ليأكل مواضع أخرى، ولكنها من الحبيبة تضاف إلى دواعيها في القلب، فإذا هي كالورقة الجافة في شجرة خضراء ذوت هي ومنبتها حي، فما أسرع ما ترف ف مكانها ورقة أخرى أزهى وأنضر.

وأي قلبي ، ما هي المعجزة التي يمكن أن تمنع الأمر الذي وقع بعد ما وقع ..

ولكن يقال في الذي دلهه الجمال وشفه الحب: إنه في نعيم الهوى.

هي الحبيبة ولكنها كالعدو: صورة من أقسى ما في الطبيعة جاءت تمضي فيَّ قانوناً من عقوباتها،أعقل هذا أم جنون؟

بأي مكان فيه قد حل شخصها

وأي مكان شخصها فيه ما حلا؟

الفرح بالجمال لذة تقتل نفسها، ولا يمسك على الجمال روح النعمة خالدة في القلب إلا الحزن به أحياناً: كيوم الغيم ، ترى في سمائه قطعاً كأنها الهاربة من الليل ، تختبئ الشمس فيها،ثم تسطع من بعد سطوعاً يُخيل إليك أنها ما توارت في خيمة الغمائم إلا لتنضو غلائلها الشفافة وتتعرى.

يا ظلام القمر كيف تكون ظلاماً وقد تعلقت بمخلوق النور؟

إنك تتكلمين ولا تعرفين أن وجهك ينقح فيَّ معاني كلامك.

قالت له: إذا كنت تريدني سماء تستوحيها وتستنزل منها ملائكة معانيك فلماذا تنكر عليَّ أن يكون لي مع أنواري سحاب وظلمة ورعد وبرق؟

العقل يدل على نفسه بالنظر في الكون ويعبر عن ذلك بأفكاره، والقلب يدل على نفسه بالنظر في الحبيب ويعبر عن ذلك بأشواقه.

في الحب درجة من درجات الملائكة يرتفع إليها من قدر أن ينسى من حبيبة المادة الإنسانية وهي مالئه عينيه وحواسه، آه ما أشق أن يتحول العاشق في حبه إلى شريعة ، ولكن ما ألذَّ أن يتحول!

هل الطبيعة الإنسانية بتأليفها بين حبيبين تضرب المثل على إمكان هذا الائتلاف بين الجميع؟ أم على استحالة إمكان التآلف الصحيح إلا بين اثنين فقط من الجميع؟