اقتباسات بثينة العيسى

لكن يوسف غير مهتمٍّ بأبيه أستاذ الأدب العربي، بقدر ما هو غير مهتم بأمِّه أستاذة الفلكلور.

لم تتخيل خولة أنَّها محتشدة بالكلام إلى هذه الدرجة، وقالت إنها عندما اختارت مدرسة أمريكية كانت تعوِّل على تنشئة أبناء فارقين، وليس «وقحين وكسالى ومتذاكين»، وهنا أعاد كلامه: إنها تريد أن يصير نسخة منها، وهي لا تستطيع فهمه، وتريد اقتلاعه

ستخلِف كل وعودها لقتيبة بشأن تعويض ناصر عن ضعفه في لغته، لأنَّ الأمر ببساطة غير ممكن مع عودته من المدرسة في الثالثة، وانشغاله منذ الخامسة وحتى الثامنة في حلِّ الواجبات والتحضير للمشاريع والاستعداد للاختبارات بدا ضربًا من ضروب التعذيب، أن

بقدر ما يعرفُ يوسف أنه شخصٌ بسيط، يعرفُ أيضًا أنَّ العَلاقات معقدَّة، وأنَّ على الولد أحيانًا أن يتولى تربية والديه، وأنَّ العالَم مقلوبٌ على عقِبيه.

وأنَّ العالم غير عادل، وأن سوء الفهم حتميٌّ وعلى ما يبدو: أبديٌّ جدًّا،

وخرج صوته طفوليًّا ودامعًا ومكسورًا عندما قال:

‫ - إنتي أصلًا ما تحبّيني.

عرفَ منذها أنه «فرخ البط القبيح» الذي شبَّ بلا أم، وأمضى عمره كلَّه ينتظر أن يتحوّل فرخُ البط هذا إلى بجعة -

والسبب الأهم، بزعم خولة، هو أنَّها امرأة، وأن المجتمعاتِ «تجوعُ بشكل موسميّ لحرق امرأة بتهمة الشعوذة أو إلقاء عذراءَ في النهر»

الأمرُ الذي تكرههُ خولة أكثر من الشَّيخوخة هو التَّصابي، والأمر الذي تكرهُهُ أكثر من التَّصابي هو أمريكا.

ما ظننته ضخمًا، في حقيقتهِ صغير، والألم الذي يشقّ أضلعي، هو لا شيء. ذرة تافهة في صحراء كونية، ودفينٌ على بقايا دفين، وحيٌّ يرزح تحت حيّ. وأنت الله الرؤوف الرحيم!

أهلًا بك في جحيم العدالة، في المكان الوحيد الذي يساوي بين البشر؛ في عالمِ الجريمة.

لجلاديك وأن تبرر لهم الأمر؟

يقول علي الظفيري: إن تسمية الأشياء بأسمائها فعلٌ واجبٌ وشجاع الأكيد أنه يتطلب شجاعة استثنائية، ولكن هل هو واجب؟ أن تتعرف على ألمك بكل تفاصيلِه، وتطلق عليه اسمه الصحيح؟ كيف يمكنك - بعد أن تعي أبعاد جرحك - أن تغفر

فلكلٍ منا أمل، أملٌ حقيقي وغير مغشوش، أن يخطو خطواته الأولى التي لم يخطها بعد، ولو بعد عشر سنوات.

تنز دموعي مثلما تتساقط أوراق فصل الخريف

هذي البلاد، البلاد الزجاجيَّة الهشَّة، الرازحة تحت وطأة التجهيل القسري والمنطق الإقصائي، كيف يبدو إنسانُها؟

أن تعرف نفسك على هذه الدرجة، أن تتعرف على خياراتك في الحياة، وأن تقبل بالنتائج، أن تمضي مرفوع الرأس رغم دودة الذنب التي تنخرُ روحك، أن تعرفَ كل هذا يعني أن يصير الضعف ترفاً، وأن لا يعود بإمكانك أن تكون إلا أن تكون ضحية نفسك

عندما نولدُ إناثاً، فنحنُ نولد قضايا، لأن العالم مزوّد بتقنياتٍ جاهزة للحدّ منا...

نحن ضحايا أنفسنا، الآخرون مجرد حجة.

يس من حقّك أن تعطي طفلك أمانًا كاذبًا، ولكن أتدري أين المشكلة؟ المشكلة أنَّ الأمان كلّه كاذب، الأمان كذبة حتى لو خبأت طفلك في غرفة بمليون قفل، بحيث لا يستطيع أحد أن يصل إليه وأن يؤذيه، أصغر وأحقر فيروس في