اقتباسات بثينة العيسى

"إن كل جملةٍ لابد أن تحقق أحد أمرين: إما أن تكشف عن شخصية، أو تدفع بالحدث"

ليست فراشات وحسب، بل فراشات صفراء. شيءٌ يراه القارئ بعينِ العقل، على حدِّ تعبير ستيفن كينغ. إنها صورة ترسمُ نفسها ببساطة في أذهاننا بحيث أننا لا نضطر إلى مساءلتها.

الكتابة ينبوعُ السؤال، ماءُ القلق، فن الوجود. الكتابة هي قلقلة السكون وهزهزة الثباتِ وترويعِ المطمئن. الكتابةُ ظهورٌ صريحٌ للمعرفة، وكل ظهور حجاب.

الزمن أول محرض للوعي وأول سؤال للإنسان. الزمنُ جرحكِ الفادحُ يا عائشة، بلحظاتهِ كنتِ تجلدين وعيكِ وتمزقين كبدكِ. اخلعي الزمن

أرى قلقه بوضوح، أبتسمُ لقلقه. قلقهُ جميلٌ ويعجبني.

‫ قل لي: من أنت وما هي أغنيتك؟

‫ أقول لك أيّ عالمٍ هذا الذي تساهمُ في بنائه.

‫ كلنا بناءون.

‫ مهما أمعنّا في الهدم.

أن تعرف، نعم.. أن تعرف بأن كل ما عليك فعله، بعد المعرفة، هو أن تصفح

ما نريده نحن الكبار، مهووسي السيطرة، هو أن ننشئ جيلاً من العبيد، لا يسائل ولا يتساءل..

ليس سهلاً أن تكوني أماً لطفلٍ مبكر النضج. تريدين أن تكوني الكبيرة في العلاقة، أن تتحكمي بالأمور إلى حدٍ ما وأن تمارسي نوعاً من الوصاية. من الصعب أن تقولي للطفل حان وقت النوم ثم يسألك لماذا يجب أن أنام

أنتِ تظنين بأنه من حقك - في إحساسك الداخلي الذي لا يخص أحداً غيرك - أن ترفضي حياتك وأن تكرهي وجودكِ، ومع ذلك تظنين بأن إحساسك هذا ليس كافياً لكي تموتي؟ أنتِ لم تقطعي شرياناً. ولكنك قطعتِ أملاً، وأنا لا فرقا بين الاثنين

أنتِ تريدين أن ترفضي حياتكِ لأنك تعتقدين بأنك لو فعلتِ ذلك، وأنتِ بنظرك شائهة وملوثة وآثمة، فأنتِ تقتربين قليلاً من التكفير عن وجودك؟ ولكن وجودك ليس خطيئة يا عائشة، وجودك ليس خطيئة لأنه ليس ملكك، لأنه ملكٌ للخالق.

أنتِ تريدين أن ترفضي حياتكِ لأنك تعتقدين بأنك لو فعلتِ ذلك، وأنتِ بنظرك شائهة وملوثة وآثمة، فأنتِ تقتربين قليلاً من التكفير عن وجودك؟ ولكن وجودك ليس خطيئة يا عائشة، وجودك ليس خطيئة لأنه ليس ملكك، لأنه ملكٌ للخالق.

محرومة من أن أحس بما أحس به! من أن أحس بأي شيءٍ بخلاف الحب والتسامح والأمل! إنني أرفض هذه الهرطقة، أرفضها! أرفض كل ما من شأنه أن يصادر مني إنسانيتي، وعندما أقول إنسانيتي، فأنا أعني الحزمة كاملة: الغضب والضعف والألم واليأس.. كل هذا من حقي

لقد حرمونا من حقنا بأن نشعر بما نشعر به، إنني حزينة ومليئة بالقرف من نفسي، إنني بصراحة شديدة أكرهُ كل شيءٍ في: أكره وجهي، أكره حياتي، أكره نقصي، إن مجرد تذكري مزعج بالنسبة لي، هذا ليس موقفاً أختاره، بل هو إحساسي ذاته

كان ينظر إليّ بشفقة لم يجتهد كثيراً في سبيل إخفائها. إن ألمي يؤلمه، ولكنه لا ينوي تخديري من هذا الألم بأي شكل

وساد صمت.. كان - على الأرجح - يحاول ترتيب أفكاره، وأنا كنتُ أحاول بعثرتها.

هذه هي نتيجة مشروع التناهي الذي أتبناه؟ أن تدور عجلةُ الألم، أن تثكل أمي، أن أكون ابني الذي ضاع، وتكون أمي هي أنا التي فقدت ضناها، أن أورث عائلتي ألماً مثل ألمي؟

ياه يا عائشة، أمورك انقلبت على عقبيها، ومشروعك العدمي هذا ليس إلا تزويراً لأكثر حقائقنا البشرية بساطة وابتذالاً: حاجتنا إلى الحب.

إنني أبكي الآن، دموعي تصبّ صباً.. كم أنا نموذجية في حزني: أبكي، أنشق، أمسح أنفي بأكمامي، أدفن رأسي تحت الوسائد، أعض الوسادة، أخافُ أن تتسرب صرخة.

الشرشفُ المرتّب مؤلم، المزهرية الفارغة مؤلمة، هاتفي الذي لا يرن يؤلمني، أسفل رقبتي يؤلمني، الفراغُ الشاسع في صدري يؤلمني، الثقوبُ في روحي، الشرخ في جدارِ غرفة الغسيل، المطبخ الذي تفوحُ منه رائحة الدهن، مربعاتُ السيراميك، صنبورِ المياه الذي يبكي بين كفي، كل شيء.. كل شيء