اقتباسات من رواية الغواص: أبو حامد الغزالي

الوزير أيضًا يحب مشاهدة اللعبة المتقنة؛ رجل يقتل رجلًا بكلمة وحجة ودليل، يجادله فيطرحه أرضًا بمعنًى غاب عنه أو جملة ضاعت من ذاكرته. عند الهزيمة يطأطئ المنهزم رأسه ويدرك أنه قتيل؛ فقد لجم آخر لسانه وهزم عقله. هذا قتلٌ أقسى ولكنه أكثر حنكة ورقيًّا. وجد المحارب الذي يبحث عنه. محمد الغزالي يصارع أقوى رجل فيهزمه، الكلمة أمام الكلمة، والأسلحة ليست في يد الجاهل ولا المتردد.

❞ خفق صدر الإمام لحظة انتشار الرمال على الصدر والرأس، ثم استسلام الجسد لدود الأرض وأصحابها الحقيقيين وملوكها القادرين، هي الديدان التي تقضي بالفعل، وتمحو اللحم، وتطمس آثار المجد. ❝

❞ العجز عن درك الإدراك إدراك ❝

كل حزب بما لديهم فرحون…من أين يأتي للسلاطين اليقين؟ وكيف للعامة أن يحاربوا من أجل معتقد بلا دليل؟ من يفني حياته مدافعًا عن نبي وهو لا يتخلق بأخلاقه؟! ومن يصيح ويهتف لإمام وهو لا يعرف عنه شيئًا؟!

كيف يدعو إلى التفكير من كان مجبولًا على التقليد منذ البدء؟

ابحث عن الحق، لا عن حبك للشخص أو المذهب. اجعل عقلك يتخلص من المألوف أولًا

لا تعرف الحق بالرجال، بل اعرف الحق تعرف أصحابه

قال الغزالي: ابحث عن الحق. ولتبحث عن الحق لا بد أولًا «ألا تعتقد شيئًا أصلًا»، فعليك أن تنظر «إلى الدليل وتسمي مقتضاه حقًّا ونقيضه باطلًا»،

يقول الغواص: إدراك عدم الإدراك إدراك».

«تعب كل واحد بقدر حرصه، وفقره بقدر طمعه، وراحته بحسب تسليمه».

لا تسأل عن العقل، فالعقل يعجز كثيرًا، ونعجز نحن عن السيطرة عليه.

«فإن من ترك الدنيا وظن أنه ترك شيئًا، فقد عظَّم الدنيا؛ إذ الدنيا عند ذوي البصائر لا شيء»

❞ «كل علم لا نتيقنه، فهو علم لا ثقة به ولا أمان معه، فمقياس اليقين إذن هو الأمان، ومعنى الأمان الثقة». ❝

هذا ليس إمامًا وأستاذًا وقاضيًا، لا هو رجل دولة ولا دين، بل هو رجل يصل إلى القلوب.

«فاعلم أن ذلك ليس بمحال، ولكنه عزيز نادر». فالقلب بطبعه يلاحظ ويقلق ويطلب ويتمنى، فحالة التوكل الكامل هذه ممكنة ولكن دوامها يحتاج إلى قلب سليم تحرر من كل علائق وغبار.

وقلب المؤمن يتوكل على الحي الذي لا يموت، يتوكل على الله ولكن التوكل درجات.

ولو اتسخ بجدال وغضب ورياء وكبر وغرور وحقد فلا حقيقة تقترب منه. ولو أصابه هوس وخوف من نار وعقاب وأصبحت العبادة إكراهًا وضغوطًا فلا نور يدخل مع الاضطراب والإكراه. أما القلب الراسخ في العلم، القادر على استقبال ضوء الحقيقة، فلا بد أن يجدها.

❞ تعب كل أحد بقدر حرصه، وفقره بقدر طمعه، وراحته بحسب تسليمه، وغناه نظير قناعته» ❝

وقد علمت أن الإلهام طورٌ من أطوار المعرفة يفوق العقل؛ لأنه يدرك بالذوق، ولا يُدرك بالفكر ولا الإثبات. هو حالة يتوقف اللسان عن شرحها. تأتي كالبرق الخاطف أحيانًا، وأحيانًا تستقر برهة، ثم تختفي، وهنا يعجز اللسان عن الكلام.

«وأعني بالتصوف ما خُلق الإنسان له من سلوك سبيل القرب إلى الله تعالى».

‫ الغزالي