اقتباسات من رواية دار خولة

إنها تتناسى دائمًا حقيقة أنها تخلّت عنه في أصعب أيام حياته، وما لا يفهمه ناصر، أنه اضطرَّ بعد وفاةِ والده إلى أن يفقد أمَّه أيضًا، أن يتيتّم من الجهتين تركته خولة في رعاية جدَّته شهورًا دون أن تتَّصل، كأنَّها سُرَّت

تجاوزت الخامسة والخمسين منذ شهرين، وأنها قرَّرت أن تشيخ بكرامةٍ، رغم أنَّ «الشَّيخوخة في جوهرها إذلالٌ وئيد».

ورأت نفسها في الغد، واليوم الذي يليه، والذي يليه، والذي يليه أيضًا: حياة مديدة قاحلة، حيثُ البيتُ فارغ جدًّا، وخولة تأكل وحيدة.

وكانت قد سئمت كونها الملامة على كلِّ شيء، وأنهكها الطّوق اللعين حول عنق الكلبةِ، ومن اضطرارها الأبدي إلى أن تظهر رديئة وزائدة إن لم نقل مؤذية أحسَّت بالدم يفورُ في عروقها، من «الشيطنة التي تمّت هندستها بعناية» والتي تشرّبها ولدها

لم تجرؤ على الأنين. فالتعبير عن الألمِ، في سياقاتٍ بعينها، مرهون بوجود من يكترث.

الأمرُ الذي تكرههُ خولة أكثر من الشَّيخوخة هو التَّصابي، والأمر الذي تكرهُهُ أكثر من التَّصابي هو أمريكا.

فالتعبير عن الألمِ، في سياقاتٍ بعينها، مرهون بوجود من يكترث.

«يستحقون معرفة د. خولة سليمان على نحوٍ أعمق»، وهو ما جعل دَمها يفور، «فالنَّاس لا يستحقون أيَّ شيء!»،

أنَّ العَلاقات معقدَّة، وأنَّ على الولد أحيانًا أن يتولى تربية والديه، وأنَّ العالَم مقلوبٌ على عقِبيه.

«أمريكا ليست بلدًا آخر، أمريكا هي البلد، بألف لام التعريف، والآخرون هم الآخرون»

لقد خيبت أمريكا أملها، وأعطتها في المقابل: «كثير من البلادة، والإحساس الزَّائفِ بالتفوُّق، والغباءِ المطبقِ أمام التاريخ».

فالتعبير عن الألمِ، في سياقاتٍ بعينها، مرهون بوجود من يكترث

❞ ثمَّ طمأنت نفسها بأنَّ كراهيتها لأمريكا ينبغي ألَّا تخلو من استدراكات، «حتى تصبح موقفًا، لا مجرَّد تعصُّب» ❝

❞ تعرف خولة أنَّ المبالغة ليست اختراعًا أمريكيًّا، ❝

❞ لكنها في الأغلبِ تأكل وحيدة، لأنَّ «البيوت أضحت فندقيَّة إلى حدٍّ بعيد» ❝

❞ وكان وجودهما في البناءِ نفسه -المدعوُّ بالبيت- يملؤها مرارة، لكنها تستأنسُ بالاحتمالات، تعوِّل عليها؛ أن يمرَّ أحدهما بها صدفة، ويراها جالسة أمام التلفزيون مع علبة الزبادي وأصابع الخيار، ويقرّر أن يأخذ قضمة. ❝

❞ فخاخٌ منصوبة لأمومة معطّلة»، ❝

❞ إن كانت الشَّيخوخة والوحدة أمرين متلازمين»، ❝

وعرفت خولة أن الصَّمغ الذي يجمع أفراد عائلتها هو الادعاء، لا الحُب.

«البيوت أضحت فندقيَّة إلى حدٍّ بعيد»،