اقتباسات من رواية مواليد حديقة الحيوان

❞ تعلمت في المدرسة أن الطقس في مصر حار جاف صيفًا.. دفيء ممطر شتاءً، وصدقت ما لقَّنوني إيَّاه، مع أن نظرة واحدة من نافذة الفصل وقتها في حصة الجغرافيا كفيلة بإدراك أن المناخ خرج عن النص، وراح يرتجل بعشوائية مفرطة. ❝

لم يذهب جدي للساحل الشمالي ولا حتى الجنوبي، فقط يسمع عنه مثلي، أساطير تُروى وتُنسج كل صيف عن هذه الأماكن وحفلات السهر والنساء العرايا على الشواطئ، جنة تُراق فيها أنهارٌ من الخمور كل ظهيرة حتى غروب الشمس، ومن منتصف الليل

فمدرستي الحكومية منحتني لغة إنجليزية كسيحة، تضُر أكثر ممَّا تنفع، وتجلب السخرية إذا ما تحدثت بها أمام آخرين.

تبخَّرت كل شجاعته على المواجهة والمفاوضة، بات مثل طائر لديه أجنحة كبيرة لكن لا فضاء للطيران، ولمَّا تكشَّفت السماء أمامه اكتشف أنه صار داجنًا، لن يطير مهما رفرف بجناحيه.

لا توجد بالضرورة مصادر مُحددة للبهجة، مثلما لا توجد أسباب واضحة للارتياح، سواء للأماكن أو الأشخاص، كلاهما يداهمك فجأة بشعورٍ طاغٍ حتى يملأك

❞ أحدق في الفراغ بلا أفكار أو أحاسيس، كل شيءٍ بلا معنى، الناس أطياف عابرة تمر برأسي، وصور مهزوزة تعبر مخيلتي، محطات لرحلة مشئومة خرجت منها تعيسًا، وحيدًا لا يعرف أحد شيئًا عنِّي ❝

هناك أسد واحد متوَّج بالقوة في غابة الحياة لكننا لا نراه، هو صاحب الصوت الأعلى، المسموعة كلماته دومًا حتى لو خرجت همسًا، هو المؤمن، المهيمن، المسيطر،

‫ الكل يبحث عن فرصة للخداع في هذه المدينة،

الدنيا مشدودة على خيط الأمل، فلا تفتر عزيمتك قبل أن تَخبُر كل الطُّرق أمامك.

فبعض الكلمات صور، لو تأملتها لرأيت تفاصيل لم تُدركها من النظرة الأولى

اليوم تأكد أن الحكومة كلها سوف تحميه باعتباره من العشرة المبشرين بالحصانة البرلمانية.

واكتشفت بدري أوي إن قولة الحق بتخليهم يكرهوك لأنك بتعريهم، فكان لازم أكدب وأكمل كدب وأصدق كدبتي علشان الناس تصدقني.

في مصر الهتاف والدعاء يكون لواحد فقط لا ثاني له، والمحبة المبالغ فيها والفداء بالروح والدم من الأمور التي لا تقبل القسمة على اثنين.

القاهرة منهوبة وليست محروسة، مدينة مقهورة، مترنحة، تتهاوى عارية كل حين من بعض قيمها حتى خلعت رداء فضيلتها ولم تعُد تأبه بستر عوراتها، مدينة هرِمة شارفت على السقوط، وعليهما أن ينهلا من بواقي خيراتها قبل دفنها تحت التراب.

بات مثل طائر لديه أجنحة كبيرة لكن لا فضاء للطيران، ولمَّا تكشَّفت السماء أمامه اكتشف أنه صار داجنًا، لن يطير مهما رفرف بجناحيه.

وأغمضت عيني، أمامي الآن أكبر شاشة عرض لكنها بلا فائدة، بعدما تبخرت أفلام خيالي، ولم يعُد متبقيًا سوى مأساتي، ومقولة شقيقتي حياة التي تتردد طوال الوقت في أذني.. كل الصور خادعة.

صرت أشبه بجثة دافئة تنتظر دفنها لكنها لا تبرد أبدًا، أحدق في الفراغ بلا أفكار أو أحاسيس،

أشعر كأنني نبتة غُرست في طين لا يناسبها، في أرض قاحلة ولا أحد يرويها بما يكفي لتُزهر، فظلت ذابلة لا تنمو ولا تورق، ولن يكون لها زهرة

❞ علا صوت جدي سائلًا جدتي عن مرادف صفار البيض، ممسكًا بقلمه، فاتحًا جريدته على صفحة الكلمات المتقاطعة، أجابته جدتي بعفوية بأنها تُفضِّل البياض عن الصفار تجنبًا للزفارة، قبل أن تسترسل أسكتها بنظرة حازمة ودفس رأسه في الجريدة ❝

الكل يبحث عن فرصة للخداع في هذه المدينة، الجميع يقدم أوراق اعتماده سفيرًا للزيف، ممثلًا شخصيًّا للكذب، مبعوثًا رسميًّا للغش، وفي كل الأحوال مُرحب بهم على الدوام.