عرفت وقتها أن الناس يرون ما يريدون رؤيته، وأنا، رغم أنني أردت أن أرى ما يرونه، فإنني لم أقدر، نشق بأنفه، مسح عينيه بساعده. هل هذا هو الإيمان يا سعود؟ أنا لا أستطيع رؤية ما تراه سمية، لقد خلتني مؤمنًا طوال عُمري، ولكن الآن. ربّت شقيقه على كتفه؛ يعودُ كلّ شيءٍ بعودتِه. ابتسم؛ وماذا عنك يا سعود؟ ماذا عنّي؟ أراكَ تصلّي. إنّها تريحني. الصلاة؟ نعم. هنيئًا لك.
خرائط التيه > اقتباسات من رواية خرائط التيه
اقتباسات من رواية خرائط التيه
اقتباسات ومقتطفات من رواية خرائط التيه أضافها القرّاء على أبجد. استمتع بقراءتها أو أضف اقتباسك المفضّل من الرواية.
خرائط التيه
اقتباسات
-
مشاركة من سها السباعي
-
كانت فكرة عبقرية ما هي؟ السيّجارة تحت الجِسر، كان تصرّفًا ذكيًّا جدًّا لم يبدُ شقيقه سعيدًا بالإطراء؛ أرجو أن تكفَّ عن التدخين بعد عودتنا إلى الكويت هزَّ فيصل رأسَه؛ البعض منا يساعده الله، البعض الآخر. عليه أن يساعد نفسه. يا لقلة الحيلة يا فيصل، تساعد نفسك بهذه! نخر، بالضبط! قلة الحيلة تعبير معقول جدا.
مشاركة من سها السباعي -
يبدو الميت وكأنّه يبتسم، ولكنّه في الحقيقة لا يبتسم، العجيب أنّ جميع من دخلوا الغرفة يومها لوداعه قبل نقله إلى المقبرة، حسنًا، الجميع خرجوا مبتسمين، يمسحون دموع التأثر، ويهللون؛ تبارك الله! وجهه مبتسم! ضحكَ ذاهلًا؛ لم يكن مبتسمًا سعود، كان ميتا وحسب! قهقه والدموع تطفر من عينيه، نظر إليه شقيقه مشفقا، ما بك فيصل؟ ما الذي تحاول قوله؟ عرفت وقتها أن الناس يرون ما يؤيدون رؤيته، وأنا، رغم أنني أردت أن أرى ما يرونه، فإنني لم أقدر، نشق بأنفه، مسح عينه بساعده. هل هذا هو الإيمان يا سعود؟
مشاركة من سها السباعي -
ليس من حقّك أن تعطي طفلك أمانًا كاذبًا، ولكن أتدري أين المشكلة؟ المشكلة أنَّ الأمان كلّه كاذب، الأمان كذبة حتى لو خبأت طفلك في غرفة بمليون قفل، بحيث لا يستطيع أحد أن يصل إليه وأن يؤذيه، أصغر وأحقر فيروس في هذه الحياة قادر على أن يودي بحياته.
مشاركة من سها السباعي -
تتأمّل الأطفال التائهين المنهمكين في تيههم، يلعبون ويضحكون أمام شاشة البلازما العريضة شفتاها تردّدان تكبيرات العيد مع المآذن في الخارج، عيناها تسرحان في تفاصيل المكان هل هذا ما نبدو عليه في هذا العالم؟ مجرد أشخاصٍ تائهين لا يدرون أنهم تائهون؟
مشاركة من سها السباعي -
ما الذي تحاولُ فعله؟ سأل نفسه. هل تريدُ لها هذا التّيه؟ تريد أن تأخذ منها بوصلتها الوحيدة، بوصلتها المكسورة والمضحكة، لماذا؟
مشاركة من سها السباعي -
إحساسها يأخذها الآن إلى مزدلفة، رغم أن الصغير في الجنوب؛ في عسير أو جازان أو. من يدري، ربما كان في اليمن! كيف بوسعهِ أن يخبرها بأن إحساسَ الأمّ لا يعوّل عليه؟ كيف يأخذ منها الشيء الوحيد الذي لم تفقد ثقتها به؟
مشاركة من سها السباعي -
ما الذي حدث لولدِه طوال أربعة أيّام؟ همس لأخيه؛ أتمنى أحيانًا لو أنه مات. نظر إليه سعود غير مصدّق بأنه قد تفوّه بكلماتٍ كهذه. مسح عينيه بطرفِ يده؛ الموتُ مصابٌ محتمل مقارنةً بهذا.
مشاركة من سها السباعي -
لو قَدِمَ إلى المخيّمات بصفته مبشرًا أو داعية لما صدَّقَهُ أحد. يلزمه لونٌ مختلف، لون العالم المتحضّر، الذي يذهب إلى الجريمة بقفازاتٍ نظيفة، وربطة عنق.
مشاركة من سها السباعي -
تفاصيل، تفاصيل، تفاصيل… الألم يوجد في التفاصيل، الحبُّ يوجد في التفاصيل. سمع وقرأ دائمًا أن الرّب موجودٌ في التفاصيل، اليوم فقط فهمَ المقصود.
مشاركة من سها السباعي -
ما اسمك؟ بدا عليهِ، هذه المرّة، أنّه فهم سؤالها. ردّد ثلاثًا؛ كالي. كالي. كالي. أمسكت سميّة بيده وواصلت المشي. حسنًا يا كالي، سوف نبحثُ عن أمك. ثمّ رفعت عينيها إلى السماء حائرة؛ ألهذا أتيتَ بي إلى هنا؟
مشاركة من سها السباعي -
فتّشت جيوبه، لم تجد بطاقة تحمل أية بيانات. ماذا سأفعل بك الآن؟ سألته؛ ماما؟ انفجر باكيًا وردّد وراءها؛ ماما. شعرت بسكّين تخترقُ صدرها تشطرها نصفين. ماما؛ إنها كلمةٌ عابرة للقارّات، تنفذ إلى القلوب مثل مدية.
مشاركة من سها السباعي -
الأرضُ معبأةٌ بالحجيج، وكل هؤلاء، الذين أتوك من كلّ فجٍ وحدبٍ وصوْب. لقد عرفت! نحن، أنت أنا أنت ما ظننته ضخمًا، في حقيقتهِ صغير، والألم الذي يشقّ أضلعي، هو لا شيء ذرة تافهة في صحراء كونية، ودفينٌ على بقايا دفين، وحي يرزح تحت حي، وأنت الله الرؤوف الرحيم!
مشاركة من سها السباعي -
لقد عرفتُ يا الله! أجهشت؛ لقد عرفت! جبريل سأل الخليل؛ أعرفت؟ أعرفت؟ أجابه إبراهيم؛ عرفت، عرفت أنا عرفت! أنا حبّة رمل في صحراء قطرة ماء في محيط شعرة على جلد ثور هذا كل شيء، كل ما كان، كل ما سيكون، كل ما أحتاج إلى معرفته في حياتي.
مشاركة من سها السباعي -
ثواب حجّ الصبيّ لمن حجّجه. ووزر اختطافهِ.. على من؟
مشاركة من سها السباعي -
اليوم عرفة؟ يكاد لا يصدّق أن الزمن واصل المضيّ بالكيفية نفسها بعد اختطاف ولده. أن ملايين الحجّاج سيذهبون إلى الحج ببساطة، وكأن عالمه لم يتعرّض لهذا التدمير الشامل. أحسَّ بأنَّه مطرود، متروك، تحت سماءٍ صامتة.
مشاركة من سها السباعي -
تنظر إليه من بين دموعها مدّت سبابتها إلى وجهه؛ لو كنت حريصًا على ولدك لماذا كنت تطوف وحيدًا؟ لماذا لم تطُف بجانبي؟ لماذا لم تمسك بيدي؟ لماذا لم تمسك بيدِه؟ اخرسي! صاح عليها، احمرَّ وجهه واغرورقت عيناه أحسَّ بملايين الأيدي تطبق على عنقه. كنت تسبقني بشوط حتى!
مشاركة من سها السباعي -
وهل أترك صبيًّا في عمره مع جدته العجوز؟ سيجنّنها! سمية لا تكذبي خرج صوته هادئًا هذه المرّة كان يمكن أن نتركه مع سعود، مع إحدى شقيقاتك، ولكنك أردتِ أن يأتي ليرى الكعبة، وأنا. أنا ابن الكلب، أردتُ تطييب خاطركِ، طاب خاطرك سمية؟
مشاركة من سها السباعي -
جلبنا طفلًا في السابعة إلى مدينة تغص بملايين البشر في ماذا كنا نفكّر؟ ازداد صوته خفوتًا وهو يسأل؛ في ماذا كنتِ تفكّرين عندما تمنّيت لولدك أن يرى الكعبة؟ ها قد رآها الآن، فهل حصلتِ على تذكرة دخولكِ إلى الجنة؟ هل أنت راضية.. سمية؟
مشاركة من سها السباعي -
تشعرُ بأنّ حجب القداسة قد تمزقت جميعها، وتكشّف لك الوجه الآخر، العاجز، الكسيح، لمكة؛ لمدينة عاجزة عن الحراك لن ينقذك أحد ابنك مختطف منذ أربعٍ وعشرين ساعة ولكن لا معنى لذلك في ظل وجود ثلاثة ملايين حاج موسم العبادات؛ نورٌ عليهم، ونار عليك.
مشاركة من سها السباعي