"إنّ في مقدوري أن أتفهّم الجهل، ولكنّي لا أستطيع القبول بتمجيده، وأقلّ من ذلك القبول بحقّه في السيادة."
بجعات برية: دراما الصين في حياة نساء ثلاث 1909-1978
نبذة عن الرواية
تجمع "بجعات برّية" بين حميمية المذكرات وملحميّة الرواية، لتخبرنا قصة نساء ثلاث: يونغ تشانغ، جدة الكاتبة، المولودة في 1909 أيام الإقطاع في الصين، والتي مُنحت لأحد أمراء الحرب وجنرالاتها لتكون خليلته، فلم تستطع الهرب من قدرها هذا حتى 1932، عندما أوشك الجنرال أن يموت. ابنتها التي ترعرعت في منشوريا في ظل الاحتلالين الياباني فالروسي. وحين اندلعت الحرب الأهلية بين الكومنتانغ والشيوعيين، انضمت إلى المقاومة السرية وغامرت بحياتها كي تهرّب الأسرار إلى الشيوعيين فتم اعتقالها. وعندما أطلق سراحها اقترنت بشيوعي مثلها، وصار الاثنان من موظفي النظام الكبار ومن أهل ثورته. الحفيدة التي تسمّت باسم جدتها يونغ تشانغ، قضت طفولتها في أوساط أصحاب الامتيازات والسلطة، لكن وحشية "الثورة الثقافية" حملتها على التساؤل والشكّ حتى في ماوتسي تونغ نفسه. أبواها تعرضا للقهر والنفي إلى معسكرات العمل البعيدة، فجنّ والدها، وانطفأ تدريجياً ومات. أما هي، ولما تبلغ العشرين، فنفيت إلى أطراف جبال هملايا. "بجعات برّية" يجعلنا نتوغّل في الصين، في قصورها كما في سجونها، وفي مشاهدها الجماهيرية الحاشدة كما في مقصورات النساء والخليلات الهادئة. إنه، في آن، عمل مهم من أعمال التاريخ المعاصر، وشهادة غير عاديّة على الروح الإنسانية.عن الطبعة
- نشر سنة 2002
- 608 صفحة
- [ردمك 13] 9781855165441
- دار الساقي للطباعة والنشر
تحميل وقراءة الرواية على تطبيق أبجد
تحميل الكتاباقتباسات من رواية بجعات برية: دراما الصين في حياة نساء ثلاث 1909-1978
مشاركة من توفيق البوركي
كل الاقتباساتمراجعات
كن أول من يراجع الكتاب
-
shimo
اعتبرتها موسوعه ولكن هي سيره ذاتيه عن الكاتبه وعائلتها , تتكلم عن الفتره التي حكم فيها الرئيس الصيني( ماو- من اكثر الرؤساء ديكتاتوريه علي الاطلاق) , وعن الشيوعيه.
استفدت كثيرا ببعض المعلومات التي اجهلها عن الصين والشعب الصيني , وتغير تفكيري نحوهم بعد هذه الروايه كنت اعتقد انهم غليظون في التعامل ولديهم قسوه وجفاء ولكن علمت انه فرض عليهم هذا السلوك في حياتهم .
شعرت ببعض الملل لكثره التفاصيل ولكن عند الانتهاء منها شعرت باني سوف اشتاق لهم واني غادرت الصين .
في اخر الصفحات هناك صور حقيقيه عن شخصيات الروايه الحقيقيون تستطيع ان تكتفي بالصور لتشرح لك مضمون الكتاب ,تري في ملامحهم التاريخ وكيف ان علامات الحزن ترتسم علي وجوههم .
-
خولة حمدي
استمتعت بقراءة كل سطر من هذه الرواية و حلقت لأيام عبر الزمان و المكان إلى الصين الشيوعية مع عائلة الكاتبة جانغ شانغ عبر ثلاثة أجيال. تعجبت من شخصية القائد الشيوعي الصيني "ماو تسي تونغ" الذي يذكر على أنه أب الصين الحديثة و محرر الشعب من السلطة الطبقية. كيف يحكم الرجل بلاده بالفوضى و يفرض على شعبه الكوارث تلو الأخرى، من المجاعة إلى حملات التطهير إلى نفي المواطنين إلى الريف لتطويعهم عبر القسوة و الجهد العضلي؟
أعجبت كثيرا بوالد جانغ تشانغ، ذلك الرجل الثابت على مبادئه، الذي أعطى الحزب حياته و قدمه على كل أولوياته بما في ذلك حريته و عائلته، فلم يقدر الحزب تضحياته و لم يعترف بجميله أبدا.
دونت ملاحظات متفرقة بالتوازي مع التقدم في القراءة، بخصوص أكثر الأشياء التي صدمتني في الرواية :
أشياء كثيرة صادمة عن تقاليد الصين و تاريخها : تزويج الرجل من مرأة تكبره سنا حتى تساهم في تربيته !! في زمن الثورة الشيوعية، يمنع على الزوجين قضاء الليل في بيت واحد، بل ينام كل منهما في مركز عمله و إلا اتهم بكونه "يضع الحب أولا" في اعتباراته !! لم أكن قد قرأت شيئا كثيرا عن هذه الفترة من تاريخ الصين (النصف الأول من القرن العشرين) ما عدا عادة تحطيم عظام أصابع القدم عند المرأة لأن صغر القدم من علامات الجمال
"حتى تصبح شيوعيا جيدا يجب أن تتعذب" تلك القاعدة التي حكمت حياة الصينيين لعقود، مفككة العائلات و محطمة الذوات، حين ينكر المرء أصدقاؤه و أفراد عائلته حتى يكون ثوريا حقيقيا، حين تفقد المرأة جنينها دون تذمر أو بكاء لأن في ذلك علامة ضعف لا تناسب الثورة، و حين يتنافس الناس في حمل الحشرات الثورية (القمل) متنازلين عن رفاهية الاستحمام. فظاعات شديدة، و الرحلة مازالت مستمرة
أشد ما أثر فيّ، قصة أم الكاتبة التي أجبرت على السير على قدميها ثلاثة آلاف ميل معانية آلاما مبرحة (حتى سقط جنينها) في حين كان زوجها المسؤول الحزبي يركب سيارة، لأنه "ذو رصيد نضالي كاف" في حين أنها مازالت مستجدة في الحزب و عليها إثبات أهليتها للثورة !! كرهت ذلك الزوج الذي لم يتصل بزوجته أو يزرها مرة واحدة طيلة فترة التحقيق معها (ستة أشهر) بتهمة أن لها علاقات سابقة مع أشخاص ضد الثورة، و ذلك حتى لا يتهم بالمحسوبية و تقديم العلاقات العائلية على الولاء للحزب
ذلك الأب الذي أرسل أطفاله إلى حضانات مختلفة في غياب أمهم و تابع سفره عبر البلاد دون أن يوبخ نفسه على تقصيره، فالتقصير الوحيد الممكن في قاموسه هو تجاه الحزب
أشياء لا تصدق تروى في هذا الكتاب : الزعيم ماو تسي تونغ، رئيس الحزب الشيوعي أراد أن يسابق أمريكا و بريطانيا في صناعة الفولاذ بشكل أخرق فجمع الفلاحين من الحقول و كلفهم بصهر الفولاذ حتى أصابت البلاد مجاعة شديدة ذهب ضحيتها عشرات الملايين !!! لأنه لم يكن هناك من يزرع. لكن ماو فسر الأمر بـ"كوارث طبيعية" موهومة تخيل كل فرد أنها حصلت في مكان بعيد ما من الصين الشاسعة، لأن الإعلام كان بيد الحزب و لا أحد يمكنه التثبت من الأخبار
حزنت من أجل ذلك الأب الذي قسا على زوجته و أولاده في وفاء صارم لمبادئ الحزب الشيوعي، ثم غدر الحزب به و جعله كبش فداء، لكنه مع ذلك ظل على مبادئه و رفض الانتقام بنفس الأساليب الدنيئة التي استخدمت للتنكيل به. رجل مثل هذا يستحق الاحترام
عجيب أمر هذه "الثورة الثقافية الصينية" التي لا تمت إلى الثقافة بصلة. سمتها الغالبة هي الوحشية و الهمجية. سنوات عذاب لشعب كامل مصحوبة بغسيل دماغ شديد فيهيأ للفرد أنه يصلح نفسه من خلال خوض غمار حياة الشقاء اللاإنسانية
رواية رائعة تشهد على تاريخ شعب بأكمله. أنصح بقراءتها و بشدة
-
لونا
ربما كانت مظاهر اللا منطق والظلم المنتشرة حولنا، والعنف والموت الذي أصبح عنواناً رئيسياً لكل نشرة أخبار نشاهدها كل ذلك جعل مشاعري نوعاً ما تتبلَّد وأصبح عدد الضحايا عندما يتم وصفهم برقم منفرد يكاد لا يعني شيئاً فما بالك عندما يقترن الرقم بصفر يرفع من قيمته.. يا إلهي أصبح الرقم عشرة أو مئة وأحياناً ألف تمر مرور الكرام علي، فعلاً التعود على رؤية الموت على ذلك الصندوق أو المُسطح عصف وأصاب حس الإدراك عندي بالعطب .. فموت شخص (1) يعني فقد حياة كاملة تعني لغيري الكثير وقد تتغير حياة من حوله 180 درجة فما بالك ب(2) أو (20) أو (200) أو أكثر، وهذا الشيء أصبحت لا أدركه بكم الموت المتفشي هذه الأيام
أعتذر عن هذه المقدمة فلربما هي السبب في عدم الإحساس بكم البؤس في النصف الأول للرواية التي أصابتني قراءته بالجفاف الشديد التي كدت أن أتشقق بسببه، وكدت أن أتوقف عن قراءتها لولا ثقتي بآراء الأصدقاء الذين سبقوني بقراءتها وعدم اعتمادي على إحساس الجفاف الذي أصابني كمؤشر للتوقف عن قراءتها، بكون ما قرأت شيء عادي ولا يدعو للأسى فما يحدث الآن أشد بؤساً منه !!! وصممت على المواصلة
نقطة الانقلاب في هذه الرواية حدث في منتصف الرواية، تحديداً الصفحة 305 .. "عبثية ماو" ما هذه العبثية؟!! و المصيبة الكبرى أن يكون للعبثية عنوان عريض "الثورة الثقافية" .. من هنا تغير كل شيء وتحولت الرواية من عبء لمتعة .. المتعة بالطبع لفظ عريض في قاموسي يتحمل الكثير ويعني أحياناً عكس ما تعنيه الكلمة "ظاهرياً" فالمتعة في القراءة لا تعني الضحك والمرح والفرح، بل أن يشدني النص،يبهجني، يطربني ولو كان المحتوى مؤلم ومُبكي، والمقياس الأهم أن يعبث بالوقت التي يتحول لمفهوم نسبي، من قراءة للنصف الأول منها (قرابة 300 صفحة) في اثنا عشر يوم إلى قراءة النصف الثاني (قرابة 300 صفحة) في ثلاثة أيام لشخص بطيء في القراءة مثلي ويقرأ أكثر من كتاب في نفس الوقت .. .. لكم أعشق هذا "العبث" ولا أقصد بالتأكيد "عبثية ماو"!!!
أعترف أن الجفاف الذي أصابني في بدايتها قد ارتوى بدموعي في النصف الثاني منها، فكم البؤس،الألم، الظلم، واللا منطق أدهشني وخصوصاً ما أنتجته فلسفة ماو العبثية "شعب ديكتاتوري مبتلى بالمرض البدني أو النفسي أو كلاهما" فعلاً لقد تفنن أشباه ماو من حُكام حكموا شعوبهم تحت مسميات مختلفة في العتو في الأرض فساداً (فليست الشيوعية في النظام الوحيد الظالم في العالم)، ولكن تبقى إرادة الإنسان والرغبة في البقاء خير أمل لنا في هذه الحياة
لو كان التقييم يقتصر على النصف الثاني من الرواية بالتأكيد خمسة نجوم لا تكفي الرواية
-
Woroud Nasr
" فكرت في سنواتي الست و العشرين : عرفت الامتياز ،وعرفت الادانة ،عرفت الشجاعة ،وعرفت الخوف، رأيت الطيبة و الوفاء ، و رأيت أعماق البشاعة الانسانية . وفي غمرة المعاناة و الخراب و الموت ،عرفت الحرب و القدرة البشرية ،التي لا تقهر على البقاء و البحث عن السعادة. "
توثيق التجربة الشيوعية في الصين منذ نشأتها وحتى وفاة ماو ،فرصة أتاحت لي الاقتراب من الواقع و الحقائق ، واقع تجلت فيه قوة الفكرة العادلة ونشرها والالتزام بها ، نشوء الديكاتورية و التأليه لماو ، معاناة الانسان التي يفرضها عليه أخوه الانسان بسبب التخبط في الجهل و الالتزام الأصم بالأوامر وتطبيقها حرفيا بغباء ...أتمنى ألا تعود مثل هذه التجارب و ألا تعايشها أية شعوب على وجه الأرض.
-
malaz hussein khojali
كنت أعلم دائما أن أدب الصين وأدب أمريكا اللاتينية بوعورة التاريخ والجبال والمحيطات هو أكثر جاذبية من قراءات العالم العربي المسطح الجغرافيا
أدهشتني تجربة الشيوعية التي برزت في حياة أم يونغ تشانغ، حيث غيرت مفهومي بأن القادة من يخدمون وليس العكس، وكلما ارتقيت في المراتب كلما سياط الحساب انهالت عليك
بعيدا عن القسوة والتضحيات. واعتقد اذا ما بذلنا ربع المعاناة من سيرة البجعات الثلاث سيتغير مفهومنا للأمة وللوطن ونبرز كقوة اجتماعية واقتصادية فعالة في افريقيا كمثال
-
Raeda Niroukh
بجعات برية
" ألم يعرف أن القمع يكون على أشده حين لا يكون هناك احتجاج؟! و يكون أسوأ مئة مرة عندما تقدم الضحية وجها باسما"
حين تُعدّ عليك أنفاسك.. و تُحاسب على ما قلت و ما لم تقل و ما قد تفكر ان تقوله يوما.. أن تُعذّب و تسجن و تصادر حريتك على هواجس نفسك و احلام يقظتك و كوابيس المساء ... ان تفرض رقابة بوليسية. على قسمات وجهك لِمَ َلم تعبر عن ولائك للقائد العظيم ..حين يصبح جارك و ابنك و زوجك جواسيس يترقبون سقطات لسانك !
حينها يصبح الصمت سيد الكلام و يسود الخوف و الموت و الدمار ... و تُجهض الأحلام الثورية و تصادر الحرية و يأله الزعيم وبهتاف ( معا الى الأبد ) تصادر حق الأجيال اللاحقة في الحياة!
عبر سيرة ثلاث نساء صينيات من ثلاثة اجيال من ( ١٩٠٩ / ١٩٩٠) ، تؤرخ الكاتبة ( يونغ تشانغ) لاحداث تاريخية ، تداخلت خطوطها ، فكانت سيرتهن سيرة وطن و امة .. و سيرة ظلم الانسان لاخيه الانسان!
قد لا يكون الظلم السياسي في بعض حالاته الا امتدادا لظلم اجتماعي اكتسب صفة المشروع!
الجدة التي أُخذت جارية لأحد اسياد الحرب و سجنها بعد ليلة واحدة قضاها معها ، لتبقى حبيسة القصر لسنوات عديدة بعد ان هجرها .. محاطة بجواسيس من خدمها قد تكون وشاية واحدة منهم كفيلة بقتلها!
مما يبعث على الاسى ان نظام الجواري و بيعهن كان أمرا معروفا في الصين و يحظى بقبول اجتماعي حينها، و لم يتوقف الا بعد الثورة الشيوعية عام ١٩٤٩ و بعض الاثنيات استمرت في التعاطي بتجارة الجواري حتى نهاية الخمسينات !
كانت بعض البوذيات تدعو ان تتقمص روحها في الحياة الاخرى ( كلبة او قطة و لكن ليس امرأة ) فعليا تلك الحيوانات لها قمة اكثر منها في ذاك الوقت!
في مجتمع يُؤْمِن بالتراتبية و الطبقية ، عاشت الجدة تعاني من التمييز و الازدراء من عائلة الطبيب شياو الذي اقترنت به بعد ان مات عنها سيدها و كانت قد أنجبت ابنة منه.
تمضي الايام و تكبر الطفلة و تنخرط في العمل الثوري و تنضم للحركة الشيوعية ، تلك الحركة التي قيل عنها انها ( ثورة فلاحين ) و جاءت لكسر الطبقية و تعميم المساواة بين أفراد الشعب ، فإذ بها تنقلب على قيمها، و تعزز الطبقية بين ابناء الوطن الواحد على أسس جديدة، منحت امتيازات كبيرة للمسؤولين في الحزب و لابنائهم ..
من فئة ( غاو _غان ) ( مسؤولين كبار من رتبة ١٣ فما فوق )
فقد كان السفر بالسيارة للمسؤولين كما حدث مع والد الكاتبة بينما زوجته مشت أشهرا على الأقدام حاملة فراشها على ظهرها و قد رفض حمله عنها في سيارته لانها مخصصة فقط للمسؤولين !
و قد كان يمنع الاستحمام بالماء الساخن الا لاصحاب رتب معينة من اجل توفير النقود !
و لهم مستشفيات و عناية طبية خاصة بهم ، و حين أجهضت ام الكاتبة رفض زوجها نقلها الى مستشفى افضل حيث الرعاية الصحية و الاهتمام و النظافة متطورة بمراحل عن مستشفى الشعب ، بحجة ان ذاك المشفى للمسؤولين من رتب خاصة!
الظلم لم يتغير ، فقط تغيرت الوجوه و المسميات .. فيما مضى كان الكومانتنغ هم من يمارسون الظلم و الان الشيوعيون يقومون بالمهمة نفسها و لكن بجنون أكبر !
كالمستجير من الرمضاء بالنار كان حال الشعب الصيني، حين حاول التخلص من الاحتلال الياباني فلجأ الى الكومانتنغ ثم للشيوعيين. لكن الخيبة واحدة و الظلم اتخذ حججا اخرى ليفرض شرعيته!
فباسم الولاء للحزب و قيمه، تم تأليه الزعيم ماو و (كانت كل كلمة منه حقيقة كونية مطلقة، و كل كلمة تعادل عشرة آلاف كلمة) عُطلت العقول و منع النقد او التشكيك باي قرار من قراراته مهما بدا كارثيا ، و يكفي ان نذكر قراره في صب الجهود على صناعة الفولاذ و صهره في أواخر الخمسينات حتى الزم كل صيني بجمع الفولاذ و تغذية مراجله بالحطب ليل نهار، حتى الأطباء كانوا يخرجون من غرف العمليات لتغذية الافران التي تصهر الفولاذ في باحات المستشفيات بالحطب ! عدا عن ان أسرة المرضى الفولاذية كانت مما جمُع و صهر !! كل الشعب في عملية بحث حثيث عن الفولاذ و جمعه !
مما أدى الى إهمال الزراعة و التعدي على الثروة الشجرية فكانت المحصلة مجاعة راح ضحيتها ٣٠ مليون صيني! و اكل الناس جثث الاطفال كما ذكرت الكاتبة !! كانت الفتيات يعرضن للبيع مقابل عشرة كيلو من الأرز !
فقط لان احدا لم يجرؤ ليقول للزعيم اي جنون تأخذ البلاد اليه !؟ لم يعارضه احد و كل من كانت تسول له نفسه ان يبدي امتعاضا للاله الزعيم الذي استمد من ( الخوف) الذي زرعه في قلوب الصينية قوة ليمارس أقصى درجات الاستبداد و الظلم فتتساءل الكاتبة :
( أوجد ماو مزبلة أخلاقية، و أرضا للكره ، و لكن كم هو حجم المسوولية الفردية ، التي ينبغي ان يشترك فيها الناس العاديون؟؟ هذا ما لم أتمكن من تحديده!! )
و يستمر مسلسل الجنون للزعيم ماو ، لتكون ( الثورة الثقافية) على امتداد سنواتها العشرة فوضى عارمة، توقف التعليم الحقيقي ، عدا عن مذاكرة خطب و أقوال الزعيم و مناقشة مقالات في جريدة الشعب .. أعلنت الانتفاضة على ( القديمات الأربع ) و هم الفكر القديم و العرف القديم و الثقافة القديمة و العادات القديمة)
هدمت المعابد التي يعود بعضها الى ٢٠٠٠ سنة! و حُرّقت الكتب القديمة التي يعود بعضها الى مئات السنين و هوجم الأساتذة و المعلمون و اغلقت الجامعات و ضربت الهيئات التدريسية من قبل ما يسمى ( الحرس الحمر) من المراهقين و بدات الدسائس و تصفية الحسابات ، فكل من يود الأخذ بثأره من احد فما عليه الا اتهامه بمعاداة الثورة او انه ( عدو طبقي ) ا و انه من ( اصحاب الطريق الراسمالي )
مما يثير الدهشة ان غوستاف لوبون قد توقع مآل الثورة الشيوعية و انها ستصبح اشد استبدادا من النظام السابق ، يقول في كتابه روح الثورات 😞 و سترى الصين قريبا ما يكون امر بنيانها الجديد الذي لم يقم على دعائم الماضي، فالعلم لم يكشف بعد عصا السحر القادرة على ابقاء مجتمع فوضى ، فستضطر الصين بعد ان تغوص سنين في بحار الفتن التي تسفك بها الدماء الى الاعتصام بسلطة مستبدة اشد من السلطة التي قلبتها..) و هو ما كان فعلا !!!
الثورة تأكل اولادها و هذا ما حدث تماما ، زُج بثوار الامس مثل والدتها و والدها في المعتقلات و تعرضوا لما يسمى ( جلسات التنديد والادانة ) ، كانت تفرض عليهم ممارسة ( النقد الذاتي ) بحق أنفسهم ! و استغل اخرون مثل زوجة الزعيم ماو( و هي ممثلة سابقة) منصبها لأخذ بثاراتها القديمة فعذبت و قتلت ممثلة اخرى لانها فيما مضت اخذت دورا كانت تود القيام به و قصص اخرى لا يتسع المجال لسردها! كلها بحجة الثورة الثقافية !
اغلقت المسارح و المقاهي منذ ١٩٦٦ الى عام ١٩٨٣!
بحجة ان الجلوس في المقاهي عادة برجوازية .. حرمت كل انواع الترفيه الثقافي من فنون و أوبرا و معارض فنية .. تلاشت الألوان و ساد التماثل بالملابس حيث البدلة الرمادية الداكنة رمز لتساوي الجميع .. حتى وصل الخوف بالكاتبة ان تساءل نفسها عن نوع تسريحة الشعر التي يبيحها الحزب !!
"كيف ينبغي ان تكون ضفيرتاي؟ متقاربتين ام متباعدتين؟؟ منسدلتين ام معقوفتين قليلا في نهايتهما؟ هل ينبغي ان يكون الجزء المجدول أطول من الجزء الطليق ام العكس بالعكس ؟القرارات و كلها قرارات دقيقة ، كانت لا تنتهي ، لم تكن هناك أنظمة من الدولة حول تسريحات الشعر ؟ )
ولكن كيف أمكن للشيوعيين ان يحظوا على تأييد الشعب اذا ؟؟
حيث كان قادة الحزب الشيوعي يدركون ان افضل طريقة لضمان ولاء الشعب ، هي عبر تنشيئة ( جيل جديد) و تشويه ( تاريخه القديم ) من خلال ما كان يسمى ( جلسات العدو الطبقي) و ( مر الكلام ) حيث كان يؤتى بفلاحيين عانوا من اضطهاد الكومانتغ ونظامهم الاقطاعي قبل مجئ الشيوعيين و تصوير الحزب بانه ( المسيح المخلص ) لاضطهادهم.. كذلك كانت تعرض افلام وثائقية امام الطلبة حول تعذيب النظام السابق للشعب ، فتعرض مشاهد غاية في القسوة مثل شق احدهم الى نصفين و التمثيل بالجثث! و كذلك كان يخصص يوم لإطعام الطلبة و الشبيبة ( وجبة المرارة) و القول لهم ان هذا ما كان الناس يأكلونه ايام النظام البائد !
ليشعروا بالامتنان للحزب و الزعيم الذي أنقذهم من ماضيهم الأسود .
وصل الامر بالطلبة حد السجود للزعيم ماو و الحج لرؤيته و التبرك بمسقط راْسه و اصبح في مرتبة ما فوق البشري ، يُفدى بالروح و المال و الاولاد، ومجرد التفكير بنقده جريمة لا يمكن غفرانها !
صاحب فكرة ( الطفرة الكبرى الى الامام ) التي أهلكت ارواح الملايين ، نجا بفعلته بل البعض قدم آيات الشكر له على بعد نظره و لتذهب ارواح ٣٠ مليون صيني هلكوا جوعا بسببه الى الجحيم فداء له!!
و قد بلغ من استهتار زوجته ، حين ضرب زلزال احدى المقاطعات الصينية و مات ٢٤٢ ألف صيني و جرح ١٦٤ ألف شخص ان قالت (كان هناك بعض مئات ألوف من القتلى لا غير !!! ماذا يعني ذلك ؟! ان ادانة دينغ شياو ينغ تهم ٨٠٠ مليون انسان )
اتساءل مقدار الوقاحة التي امتلكتها حتى تتحدث بمثل هذا الكلام ؟! لكن دهشتي الكبرى من مقدار الخوف الذي تملك قلوب الكثيرين فمنعهم من قول كلمة : لا و يكفي !
حتى يتصدوا لجنونها! لكن مما يثير الاسى ، ان قرار التصدي لها بعد موت ماو كان بمنتهى السهولة ! فأين كانوا لها بالمرصاد قبل ذلك ؟ هل كان لازما كل هذا الخوف و الجبن؟ هل كانت معارضتها و الثورة عليها و على ماو تستحق العناء ؟!
ان لم تكن تستحق فما هو بربكم ما يستحق الثورة عليه و الانتفاضة في وجهه؟!
لا يهم الشكل الذي جاء به الظلم معلبا.. سواء أكان احتلالا اجنبيا او ظلما حزبيا او ديكتاتورية باسم الوطنية .. لا قيمة لأي غلاف تغلف به ..فليس مبررا ان اقبل ظلم ابن حزبي بينما ادعو لمقاومة محتل اجنبي!
الحرية حق انساني لا معنى للحياة من دونه ، و هو ما تتبعت الكاتبة مسيرتها المتعثرة في بلدها في سيرة جدتها و والدتها و حياتها حتى استطاعت الخروج من الصين و الدراسة في بريطانيا بعد موت ماو .. بعد ان انفتحت الصين قليلا على العالم ، و تذكرت كيف كانوا يحشون رؤؤسهم بترهات البؤس الراسمالي خارج الصين و ان الاطفال هناك يتمنون حياتهم التي يحيونها في الصين ... حتى انها ( فكرت كم نشبه نحن الضفادع في قعر البئر ، في الأسطورة الصينية ، حيث تدعي ان حجم السماء ، لا يزيد على الفتحة الدائرية في اعلى البئر .. شعرت برغبة حارة و ملحة في رؤية العالم)
و هو ما تم لها حين سافرت الى الغرب و مكنها من كتابة هذه السيرة الحافلة عن مسيرة بلدها بحرية كبرى ، مع ان كتابها مازال ممنوعا من النشر في بلدها ،و كم تشبه مسيرة بلدها الكثير من بلداننا حيث تحضرني دوما مقولة يسري فودة : ( يتجسسون عليّ و عليك، بل و حتى على ملابسنا الداخلية ! ) .
فلا طابت أوقات مصادرين الحرية ولا طبنا ان تعودنا
#رائدة_نيروخ
#بجعات_برية
#يونغ_تشانغ
-
زينب مرهون
للتو انتهيت من هذا الكتاب والذي تروي فيه الكاتبة سيرة تاريخ بلادها من بداية القرن العشرين إلى حتى ثمانينات القرن. عبر نساء ثلاث وهم : الجدة والفتاة والحفيدة في ثلاث أزمنة مختلفة.
الزمن الأول يبدأ مع الجدة التي تحكي قصة حياتها في عصر الجواري والسادة. حيث كان للحنرالات في ذلك العصر جواري من الطبقات الفقيرة وكانت الجدة احدى هولاء الجواري إذ تقص تفاصيل تلك العلاقة بين الجنرال وسيدة المنزل الحقيقية والجواري الشبيهات بالخدم إلى أن يبتسم لها القدر وتتزوج من رجل فاضل.
بعدها ينتقل السرد على لسان أم الكاتبة التي عاصرت اللحظات الأولى لسطوع نجم الشيوعية في الصين من بداية نشأتها السرية ونشأة الأم تحت الاحتلال الياباني. في هذا الجزء من الكتاب يفصّل عن أسباب نشوء الشيوعية في الصين وأهدافها الشعبية وكيف أصبح هذا الحزب الشيوعي يستقبل أفواج هائلة من السكان دون ضغوط أو اجبار.
تتوالى الأحداث لتتحدث الكاتبة عن البيت التي ولدت فيه وتربيتها على قيم الشيوعية وعلى تقديس"ماو" في مجتمع مخابراتي عسكري حيث أغلب أفراده عبارة عن مجموعة من مخبرين يخشى الفرد فيه أن يفكر بينه وبين نفسه بأي شيء قد يخالف تعاليم"ماو".
تعيش الكاتبة الثورة الثقافية وتكون أحد أفرادها التي دعا إليها"ماو" حين بدأ الحماس للثورة الشيوعية يخف ودعا فيها للقضاء على كل الإرث الثقافي الصيني بأيدي الشباب المتحمس.
ونحن نسير من الكاتبة في أحداثها تروي لنا بتفاصيل أدق انهيار قيم الشيوعية أمام مرأى أعينها ومعاناة والديها الذين بذلا عمريهما لخدمة الشيوعية ليجدا نفسيهما في موقف المتهم بالخيانة بعد كل شيء.
وأنا أقرأ هذا الكتاب أخذتني الكاتبة إلى واقعنا المظلم والمؤلم " الربيع العربي " الربيع الذي توقعناه ممكن أن يخلص عالمنا السواداوي إلى واقع أجمل وحياة طيبة والحرية التي تكون ممكنة في زمن يحارب فيه كل من ينطق بكلمة " حرية " لكن للأسف كان ربيعاً مدمراً. أتصور في نفسي ماهو مفهوم الحرية لدى السلطات التي تزمع بأن الحرية موجودة لكل مواطن عربي بينما واقعاً حرية المواطن وكرامته تُسحق في كل يوم بالموت أو الإعتقال.
أخيراً..
إذا كنتم تودون أن تكونوا بالقرب من تاريخ الصين ماعليكم إلا بقراءة هذه السيرة المؤلمة.
-
Rudina K Yasin
رقم واحد وسبعون / 2024
بجهات برية - دراما الصين في حياة ثلاث نساء 1909-1978
Wild Swans Three Daughters of China
يونغ تشانغ – Jung Chang
تطبيق ابجد
"“كان يقال لي دائماً، وكنت أصدق، إنني أعيش في فردوس على الأرض، في الصين الإشتراكية، في حين أن الرأسمالية جحيم. والآن سألت نفسي إذا كانت هذه هي الجنة فكيف يكون الجحيم""
""كان في مقدوري أن أتفهّم الجهل، ولكنّي لا أستطيع القبول بتمجيده، وأقلّ من ذلك القبول بحقّه في السيادة""
مصطلحات
• الثورة الصسنية : كانت ثورة شينهاي ، المعروفة أيضًا بالثورة الصينية أو ثورة 1911 ، وانتهت بإنهاء الملكية في الصين وخلع الإمبراطور وأسست جمهورية الصين . سميت الثورة بـ "شينهاي هسين هاي" لأنها حدثت في عام 1911، في عام شينهاي الدورة الستينية في التقويم الصيني هي مجموعة من الدورات القمرية مدتها ستين عام
• الزعيم ماو هو اب الثورة الصينية واب الخداع كما وصفته الكاتبة هو ماو تسي تونغ شخصية مثيرة للجدل وهو معروف أيضاً باسم المفكر السياسي والمنظِّر والاستراتيجي العسكري والشاعر والمفكر صاحب البصير
• بجع بري : او الإوزات البرية، وتعرف أيضًا بالبجعات البرية هي حكاية خرافية أدبية كتبها الشاعر الدنماركي هانس كريستيان أندرسن وتحكي قصة ملك تزوج امرأة دون أن يدري انها ساحرة، ومن غيرتها عليه حولت أولاده الأمراء الأحد عشر إلى إوزات حتى تتخلص منهم، ونجت من السحر أختهم الأميرة الوحيدة التي أنقذتهم من التعويذة الشريرة
• الثورة الثقافية : هي فترة من القلاقل مرت بها الصين. في 16 مايو 1966، دشّن الزعيم الصيني ماو تسي تونغ ثورة البروليتاريا الثقافية الكبرى. حذر ماو تسي تونغ آنذاك من أن من أسماهم "بممثليّ البورجوازية " قد اخترقوا الحزب الشيوعي، وأنه سيعمل على اجتثاثهم. وكان إعلانا ممزّق للمجتمع الصيني
• الكتاب بجعات برية هو الاسم الذي اختارته الكاتبة الصينية يونغ تشانغ، لملحمة روائية تستعرض تاريخ الصين في حياة ثلاثة أجيال، هم: الجدة، التي كانت شاهدة على حقبة الإقطاع في العقد الأول من القرن الماضي، والأم، التي عاصرت الاحتلال الياباني للصين، والحرب الأهلية بين الشيوعيين والكومينتانغ، والحفيدة يونغ وهي الكاتبة التي نشأت في أسرة شيوعية، وكانت عضواً في الحرس الأحمر الذي عاث فساداً خلال الثورة الثقافية التي اندلعت عام 1966، واستمرت عشرة أعوام. ليتم قراءة الكتاب عبر دار الساقي للنشر طبعة عام 2017 وتطبيث ابجد من خلال 28 فصلا مقسمة حسب تطور الوضع بالسنوات من 1909 حكاية الجدة – 1978 هروب الحفيدة الى بريطانيا.
صفحات الكتاب :
1. تبدأ فصول الرواية مع أفول حقبة أسرة تشينغ (آخر السلالات الإمبراطورية الحاكمة في الصين)، حيث يتم تزويج الجدّة الشابة آنذاك، لأحد جنرالات الحرب، قبل أن يموت لتواجه مصير مجهول مع زوج آخر يكبرها سناً. يبرز من خلال قصة الجدّة، كم الاضطهاد الذي كانت تتعرض له المرأة في ظل فترة الإقطاع، حيث كانت تعامل كجارية، في وقت كان فيه الزواج ترتيباً بين عائلتين، ومجرد صفقة وليس مسألة مشاعر، وربما يلخص هذه الحالة المثل الصيني القائل: "للنساء شعر طويل وذكاء قصير، فإذا كنت المرأة متزوجة من ديك فعليها أن تطيع الديك، وإذا كنت متزوجة من كلب فعليها أن تطيع الكلب"
2. في عهد جدتها التي عانت من ربط القدم، وهو التقليد المتبع للجمال حيث تربط الفتيات الصينيات أقدامهن وتحطم القدم لتكون بطول ثلاث بوصات حتى يكون لهن مستقبل أفضل، ثم عانت مع أب ظالم ثم مع عائلة زوج ظالمة، في فصول القصة شخصيات إنسانية على نحو غريب، وأولها الدكتور شيا زوج الجدة الذي آمن بالعدل وبالمساواة في مداواة المرضى مهما كلفه ذلك وحتى آخر أعوامه الثمانين، ساعد الدكتور شيا على إنقاذ آلاف الأرواح من الاحتلال الياباني، حيث كان يمد المعذبين الصينيين المرغمين على تعذيب أبناء جلدتهم بأساليب تخدع المراقبين وتحفظ أرواح الضحايا بدلًا من أن تقتلهم، ثم كان ينتظر بهدوء في مكان تتوسطه حفرة عظيمة تلقى فيه الجثث مع زوجته ويفحصون الجثث ثم يحملون الناجين ويمضون بهم في رحلة تطبيبهم وعلاجهم، دليل حي على أن الإنسانية لا ترتبط بلون أو جنس بعينه
3. الشيوعية تفرد الكاتبة مساحة كبيرة في الرواية لفترة الشيوعية، بدءاً من تأسيس الحزب الشيوعي الصيني عام 1921، مروراً بالحرب الأهلية، ومن ثم القفزة الكبرى في أواخر الخمسينيات، وصولاً إلى الثورة الثقافية، وهي أحداث هامة شكلت علامات فارقة في تاريخ الصين الحديث. في ظل نظام شيوعي صارم، تتزوج الأم من قائد في الحزب، وفي غمرة سعيها لنشر قيم الاشتراكية التي آمنت بها، تجهض مرتين، بسبب انخراطها التام في العمل، حيث كان على الشيوعي أن يهب نفسه بالكامل للثورة والشعب، وأي مظهر من مظاهر الحب لأطفاله، كان ينظر إليه باستهجان على أنه دليل ولاءات موزعة. كما كان يعتبر آنذاك التعبير عن المشاعر، مظهراً من مظاهر البورجوازية.
4. في أعقاب تأسيس جمهورية الصين الشعبية، تولد الحفيدة في بيت يقدس مبادئ الشيوعية وتعاليم الزعيم ماو لذلك لم تحظ برعاية كافية، فترعرعت في كنف جدتها، حيث كان أبواها مشغولين بنشر أفكار ماو، فيما يتعلق بالقفزة الكبرى التي تهدف إلى تحويل المجتمع الصيني من الزاعة إلى الصناعة في وقت قياسي. سُحب لهذا الغرض حوالي 100 مليون فلاح من الحقول إلى إنتاج الفولاذ، فعريت الجبال من الأشجار لاستخدامها وقوداً، وتوقف الإنتاج الزراعي تماماً، ما أدى إلى أزمة غذاء سرعان ما تحولت إلى مجاعة في عموم البلاد، وحسب تقديرات غير رسمية، فإن عدد من ماتوا خلال تلك الفترة (1958 إلى 1961)، يبلغ حوالي ثلاثين مليوناً.
5. تروي الكاتبة فظائع كثيرة حدثت في تلك الفنرة و بعد كل هذا رفض ماو أن يتخلى عن سياساته وفقط بعد أن مات اكثر من ثلاثين مليونا قرر على مضض أن يتنازل عن حلمه الفولاذي ويسمح لوزرائه أن يعيدوا عجلة الحياة لانتظامها ونسقها الطبيعي ليعود كل إلى وظيفته وتنتهي المجاعة أخيرًا.
6. من ناحية الطعام لم يكن مسموحا في البيوت، كانت هناك «مطاعم» يتناول فيها كل الشعب ذات الوجبات، وهو ما يعني لأصحاب الشيوعية ألا يتضور أحد جوعًا لكنه عنى في الوقت ذاته ألا تملك لنفسك أي طعام خاص، في الأفلام شاهدت كثيرًا عوالم مستقبلة تشابه سكانها في كل شيء، في الملبس والفكر والطعام ولون الوجه وكيف تحول هذه السياسة العالم إلى مكان كئيب لا حياة فيه، وكيف أن الاختلاف حينما يموت تموت بهجة الحياة وإرادتها ولونها وطعمها معه!
7. الثورة الثقافية تسهب الكاتبة في الحديث عن الثورة الثقافية وأهوالها، وتنطلق من شعور ماو بالإغاظة عندما شعر أن خصومه أذلوه بإظهاره غير كفؤ بسبب المجاعة التي تسبب فيها. فكان عليه أن ينتقم، كان يحتاج إلى زيادة سلطته، وإقامة ولاء وطاعة مطلقين له وحده، ولتحقيق ذلك كان يحتاج إلى فوضى عارمة تسد الطريق أمام أي اعتبار، فلجأ في إشعال الثورة، إلى شبان صغار تربوا على طاعته. فنزل الحرس الأحمر في سائر البلاد، منفسين عن نزعتهم التخريبية، دهموا البيوت، وحطموا التحف، ومزقوا اللوحات الفنية، وأحرقوا الكتب، فانتحر العديد من الكتاب بعد ضربهم وإهانتهم وإجبارهم على رؤية أعمالهم تحال إلى رماد. فكانت النتيجة أن فقدت الصين جل تراثها المكتوب، والكثير من معالمها الثقافية والتاريخية.
8. واخذت هذه الثورة القادة الشيوعيين، ومن بينهم والد الكاتبة، وفيما بعد أمها، إذ تحولا إلى مجرمين محسوبين على اليمين الرأسمالي، وذلك في إطار تصفية حسابات حزبية غير مبررة، حيث كانت البلاد تحكم بدكتاتورية تعمل على إبقاء الشعب جاهلاً، لضمان إذعانه، والعجيب في الأمر أن هؤلاء المثقفين هؤلاء الكبار لم يستطيعوا أن يرفعوا يدًا لحماية أنفسهم، فقط استجدوا المراهقين الصغار كي يكفوا عن تعذيبهم، بأي منطق؟!! بمنطق أن هذا قانون قد سنه رئيس الصين أي سيدهم، فجأة انهارت كل الأخلاقيات وصارت الشفقة والرحمة تجاه الآخر ضعفاً وبورجوازية، ومن يقصر في ضرب الأساتذة استحق عذابهم، إلى حد كان يتنافس فيه الشيوعيون على العفن وقلة النظاغة عن تلك الفترة تقول الكاتبة: “مثل كل الصينيين كنت عاجزة في تلك الأيام عن التفكير العقلاني، كنا مطوعين ومشوهين بالخوف والتلقين، بحيث لا يمكن تصور الخروج عن الطريق الذي رسمه ماو”.
9. الكفر بالمذهب الشيوعي انها رحلة التنوير والخلاص من ماو، ومتى وكيف كفرت الكاتبة بالمذهب الشيوعي وبماو، وبكل من ألحقوا بها وبأسرتها هذا الظلم، تتحدث عن موت أبيها من القهر والذل برغم أن السلطات كانت قد سمحت له بمغادرته معسكره لكنه وهو في الخمسين بدا في السبعين وغزته أمراض الجسد وأعياه أن لم يرد له اعتباره فقط لأنه تجرأ وعارض سياسة ماو.
10. تحدث عن أشقائها وبالأخص شقيقها الذي يصغرها، والذي كان أول من ساعدها على الكفر بماو وبالجنون الذي تتعرض له البلاد، وكيف أحب التجارب العلمية وكبار المؤلفين الأجانب في وقت كان يكفّر فيه كل من تجرأ ودافع عن سياسات أمريكا، وفي مشهد تطل فيه المفارقة بين قبل وبعد الثورة الثقافية، حيث صارت أمريكا فجأة صديقة وأليفة مرّ فوج سياح من أمريكا بقطار يغص بالمسافرين ومن بينهم الكاتبة وشقيقها،
11. تختم الكاتبة حكاياتها بتوقها الشديد آنذاك للهرب من الصين ويتحقق لها حلمها بعد كفاح ودراسة وجهد جهيد لتصبح أول امرأة شابة في عمرها (26 عامًا) تذهب في منحة للدراسة ببريطانيا، ولم تعد بعدها قط إلى الصين إلا لزيارة أمها فقط، وكذلك فعل شقيقها الذي صار عالمًا معترفاً به عالمياً في قسم الفيزياء
12. ، في الصين ردت لوالديها اعتباراتهما وتولى أشقاؤها مناصب كبيرة وتغيرت الصين للأفضل بعد غياب ماو واختفاء سياسته، لتكون الصين الآن دولة عظمى كما نراها الآن، وفي زيارة لوالدتها قصت عليها حكايات عن جدتها وعن نضالها هي نفسها إبان الغزو الياباني للبلاد ومع ما تحمله الكاتبة من ذكريات، جلست تتأمل بعد رحيل والدتها وقررت أن تكتب «بجعات برية»
-
kinda
اعتقد أن ما يميز الرواية أن الكاتبة من خلال قصتها الشخصية قصة الجدة و البنت و الحفيدة عرفتنا على أحداث عديدة مرت على الصين بتقلباتها السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و أثرها على شعبها .
و روت لنا قصة الآمال و الآلام و الانكسارات قصة العيش بين الوهم و الحقيقة قصة الجوع و الخوف .
صورة ماو في ذهني صورة مبهمة فلم أعرف عن هذه الشخصية الكثير كما لم أعرف عن تلك البقعة من العالم
لكن ماذا لو أصبح الجمال عقوبة و الألوان تهمة ؟؟
وأصبحت الأزهار و الأعشاب ترف برجوازي يجب اقتلاعه؟؟ .
ماذا لو جرد الإنسان من إنسانيته ؟؟ و فرغت الأسرة من معناها وبلغ التحكم فيها مبلغا" مرهقا", لا يمكن حتى تصوره على نحو منطقي ؟؟
ماذا لو أصبح كل شيء في الماضي مشروع تهمة يمكن في أي لحظة أن تقذف في وجهك تحت أي مسمى ؟؟
ماذا لو أصبح اقتناء الكتب شيئا" جنونيا ستعاقب عليه و التفكير و الانتقاد سيكون بمثابة رمي لنفسك في النار وطبعا لست وحدك من سيرمى وإنما أسرتك وكل من لا يفكر في التبرؤ منك ؟
ماذا لو أصبح الجميع جواسيس على الجميع ؟؟ وأصبح الشعب كالببغاء يردد ليل نهار ما لا يفهمه حتى ؟؟
ماذا لو أصبح الجميع نسخة واحدة ؟؟
في بعض الأمكنة من الرواية تمنيت لو أن الكاتبة احتفظت لنفسها ببعض التفاصيل عن أسرتها
-
Sarah Shahid
في هذه الرواية التي تروي فيها الكاتبة سيرة حينها وحياة أمها وجدتها أي تروي فيها حكاية ثلاثة أجيال متعاقبة لم تكن مجرد رواية لأحداث شخصية وإنما هي رواية عن الصين بأكملها من عام 1909 وحتى 1978.
حيث كانت الصين حينها ترزح تحت حكم الاحتلال الياباني، وبعدها القليل من التدخل السوفياتي والقليل من التدخل الأميركي، وبعدها حكم الكومنتانغ وأخيراً الحكم الشيوعي بقيادة ماو تسي هونغ والذي كان الأكثر فظاعة!
في 600 صفحة تروي لنا الكاتبة حكاية الصينيين الذي لم يعرفوا معنى للحياة ولم يعرفوا قيمة للإنسان أو لكرامته، فالحزبيّ الذي ناضل من أجل سيادة حزبه على أمل أن تعيش الصين، انقلب عليه الزمن ليصبح من المغضوب عليهم لمجرد نزوة اعترت ذهن ماو أو عثرة هددت سلطته.
لا تستطيع وأنت تقرأ هذه الرواية أن تمنع نفسك من التألم، لأنك أن تفكر بأنه بينما أنت تعيش هانئاً أو مستقراً، هناك العديد من الأشخاص في البلدان الأخرى والذين يعيشون في ظروف معيشية تعود في أصولها إلى الإنسان في حياته الأولى بعيداً عن ملامح التطور أو مواكبة بقية البلدان في العالم.
إن أردت أن تقرأ الصين فاقرأ هذه الرواية.