رقم واحد وسبعون / 2024
بجهات برية - دراما الصين في حياة ثلاث نساء 1909-1978
Wild Swans Three Daughters of China
يونغ تشانغ – Jung Chang
تطبيق ابجد
"“كان يقال لي دائماً، وكنت أصدق، إنني أعيش في فردوس على الأرض، في الصين الإشتراكية، في حين أن الرأسمالية جحيم. والآن سألت نفسي إذا كانت هذه هي الجنة فكيف يكون الجحيم""
""كان في مقدوري أن أتفهّم الجهل، ولكنّي لا أستطيع القبول بتمجيده، وأقلّ من ذلك القبول بحقّه في السيادة""
مصطلحات
• الثورة الصسنية : كانت ثورة شينهاي ، المعروفة أيضًا بالثورة الصينية أو ثورة 1911 ، وانتهت بإنهاء الملكية في الصين وخلع الإمبراطور وأسست جمهورية الصين . سميت الثورة بـ "شينهاي هسين هاي" لأنها حدثت في عام 1911، في عام شينهاي الدورة الستينية في التقويم الصيني هي مجموعة من الدورات القمرية مدتها ستين عام
• الزعيم ماو هو اب الثورة الصينية واب الخداع كما وصفته الكاتبة هو ماو تسي تونغ شخصية مثيرة للجدل وهو معروف أيضاً باسم المفكر السياسي والمنظِّر والاستراتيجي العسكري والشاعر والمفكر صاحب البصير
• بجع بري : او الإوزات البرية، وتعرف أيضًا بالبجعات البرية هي حكاية خرافية أدبية كتبها الشاعر الدنماركي هانس كريستيان أندرسن وتحكي قصة ملك تزوج امرأة دون أن يدري انها ساحرة، ومن غيرتها عليه حولت أولاده الأمراء الأحد عشر إلى إوزات حتى تتخلص منهم، ونجت من السحر أختهم الأميرة الوحيدة التي أنقذتهم من التعويذة الشريرة
• الثورة الثقافية : هي فترة من القلاقل مرت بها الصين. في 16 مايو 1966، دشّن الزعيم الصيني ماو تسي تونغ ثورة البروليتاريا الثقافية الكبرى. حذر ماو تسي تونغ آنذاك من أن من أسماهم "بممثليّ البورجوازية " قد اخترقوا الحزب الشيوعي، وأنه سيعمل على اجتثاثهم. وكان إعلانا ممزّق للمجتمع الصيني
• الكتاب بجعات برية هو الاسم الذي اختارته الكاتبة الصينية يونغ تشانغ، لملحمة روائية تستعرض تاريخ الصين في حياة ثلاثة أجيال، هم: الجدة، التي كانت شاهدة على حقبة الإقطاع في العقد الأول من القرن الماضي، والأم، التي عاصرت الاحتلال الياباني للصين، والحرب الأهلية بين الشيوعيين والكومينتانغ، والحفيدة يونغ وهي الكاتبة التي نشأت في أسرة شيوعية، وكانت عضواً في الحرس الأحمر الذي عاث فساداً خلال الثورة الثقافية التي اندلعت عام 1966، واستمرت عشرة أعوام. ليتم قراءة الكتاب عبر دار الساقي للنشر طبعة عام 2017 وتطبيث ابجد من خلال 28 فصلا مقسمة حسب تطور الوضع بالسنوات من 1909 حكاية الجدة – 1978 هروب الحفيدة الى بريطانيا.
صفحات الكتاب :
1. تبدأ فصول الرواية مع أفول حقبة أسرة تشينغ (آخر السلالات الإمبراطورية الحاكمة في الصين)، حيث يتم تزويج الجدّة الشابة آنذاك، لأحد جنرالات الحرب، قبل أن يموت لتواجه مصير مجهول مع زوج آخر يكبرها سناً. يبرز من خلال قصة الجدّة، كم الاضطهاد الذي كانت تتعرض له المرأة في ظل فترة الإقطاع، حيث كانت تعامل كجارية، في وقت كان فيه الزواج ترتيباً بين عائلتين، ومجرد صفقة وليس مسألة مشاعر، وربما يلخص هذه الحالة المثل الصيني القائل: "للنساء شعر طويل وذكاء قصير، فإذا كنت المرأة متزوجة من ديك فعليها أن تطيع الديك، وإذا كنت متزوجة من كلب فعليها أن تطيع الكلب"
2. في عهد جدتها التي عانت من ربط القدم، وهو التقليد المتبع للجمال حيث تربط الفتيات الصينيات أقدامهن وتحطم القدم لتكون بطول ثلاث بوصات حتى يكون لهن مستقبل أفضل، ثم عانت مع أب ظالم ثم مع عائلة زوج ظالمة، في فصول القصة شخصيات إنسانية على نحو غريب، وأولها الدكتور شيا زوج الجدة الذي آمن بالعدل وبالمساواة في مداواة المرضى مهما كلفه ذلك وحتى آخر أعوامه الثمانين، ساعد الدكتور شيا على إنقاذ آلاف الأرواح من الاحتلال الياباني، حيث كان يمد المعذبين الصينيين المرغمين على تعذيب أبناء جلدتهم بأساليب تخدع المراقبين وتحفظ أرواح الضحايا بدلًا من أن تقتلهم، ثم كان ينتظر بهدوء في مكان تتوسطه حفرة عظيمة تلقى فيه الجثث مع زوجته ويفحصون الجثث ثم يحملون الناجين ويمضون بهم في رحلة تطبيبهم وعلاجهم، دليل حي على أن الإنسانية لا ترتبط بلون أو جنس بعينه
3. الشيوعية تفرد الكاتبة مساحة كبيرة في الرواية لفترة الشيوعية، بدءاً من تأسيس الحزب الشيوعي الصيني عام 1921، مروراً بالحرب الأهلية، ومن ثم القفزة الكبرى في أواخر الخمسينيات، وصولاً إلى الثورة الثقافية، وهي أحداث هامة شكلت علامات فارقة في تاريخ الصين الحديث. في ظل نظام شيوعي صارم، تتزوج الأم من قائد في الحزب، وفي غمرة سعيها لنشر قيم الاشتراكية التي آمنت بها، تجهض مرتين، بسبب انخراطها التام في العمل، حيث كان على الشيوعي أن يهب نفسه بالكامل للثورة والشعب، وأي مظهر من مظاهر الحب لأطفاله، كان ينظر إليه باستهجان على أنه دليل ولاءات موزعة. كما كان يعتبر آنذاك التعبير عن المشاعر، مظهراً من مظاهر البورجوازية.
4. في أعقاب تأسيس جمهورية الصين الشعبية، تولد الحفيدة في بيت يقدس مبادئ الشيوعية وتعاليم الزعيم ماو لذلك لم تحظ برعاية كافية، فترعرعت في كنف جدتها، حيث كان أبواها مشغولين بنشر أفكار ماو، فيما يتعلق بالقفزة الكبرى التي تهدف إلى تحويل المجتمع الصيني من الزاعة إلى الصناعة في وقت قياسي. سُحب لهذا الغرض حوالي 100 مليون فلاح من الحقول إلى إنتاج الفولاذ، فعريت الجبال من الأشجار لاستخدامها وقوداً، وتوقف الإنتاج الزراعي تماماً، ما أدى إلى أزمة غذاء سرعان ما تحولت إلى مجاعة في عموم البلاد، وحسب تقديرات غير رسمية، فإن عدد من ماتوا خلال تلك الفترة (1958 إلى 1961)، يبلغ حوالي ثلاثين مليوناً.
5. تروي الكاتبة فظائع كثيرة حدثت في تلك الفنرة و بعد كل هذا رفض ماو أن يتخلى عن سياساته وفقط بعد أن مات اكثر من ثلاثين مليونا قرر على مضض أن يتنازل عن حلمه الفولاذي ويسمح لوزرائه أن يعيدوا عجلة الحياة لانتظامها ونسقها الطبيعي ليعود كل إلى وظيفته وتنتهي المجاعة أخيرًا.
6. من ناحية الطعام لم يكن مسموحا في البيوت، كانت هناك «مطاعم» يتناول فيها كل الشعب ذات الوجبات، وهو ما يعني لأصحاب الشيوعية ألا يتضور أحد جوعًا لكنه عنى في الوقت ذاته ألا تملك لنفسك أي طعام خاص، في الأفلام شاهدت كثيرًا عوالم مستقبلة تشابه سكانها في كل شيء، في الملبس والفكر والطعام ولون الوجه وكيف تحول هذه السياسة العالم إلى مكان كئيب لا حياة فيه، وكيف أن الاختلاف حينما يموت تموت بهجة الحياة وإرادتها ولونها وطعمها معه!
7. الثورة الثقافية تسهب الكاتبة في الحديث عن الثورة الثقافية وأهوالها، وتنطلق من شعور ماو بالإغاظة عندما شعر أن خصومه أذلوه بإظهاره غير كفؤ بسبب المجاعة التي تسبب فيها. فكان عليه أن ينتقم، كان يحتاج إلى زيادة سلطته، وإقامة ولاء وطاعة مطلقين له وحده، ولتحقيق ذلك كان يحتاج إلى فوضى عارمة تسد الطريق أمام أي اعتبار، فلجأ في إشعال الثورة، إلى شبان صغار تربوا على طاعته. فنزل الحرس الأحمر في سائر البلاد، منفسين عن نزعتهم التخريبية، دهموا البيوت، وحطموا التحف، ومزقوا اللوحات الفنية، وأحرقوا الكتب، فانتحر العديد من الكتاب بعد ضربهم وإهانتهم وإجبارهم على رؤية أعمالهم تحال إلى رماد. فكانت النتيجة أن فقدت الصين جل تراثها المكتوب، والكثير من معالمها الثقافية والتاريخية.
8. واخذت هذه الثورة القادة الشيوعيين، ومن بينهم والد الكاتبة، وفيما بعد أمها، إذ تحولا إلى مجرمين محسوبين على اليمين الرأسمالي، وذلك في إطار تصفية حسابات حزبية غير مبررة، حيث كانت البلاد تحكم بدكتاتورية تعمل على إبقاء الشعب جاهلاً، لضمان إذعانه، والعجيب في الأمر أن هؤلاء المثقفين هؤلاء الكبار لم يستطيعوا أن يرفعوا يدًا لحماية أنفسهم، فقط استجدوا المراهقين الصغار كي يكفوا عن تعذيبهم، بأي منطق؟!! بمنطق أن هذا قانون قد سنه رئيس الصين أي سيدهم، فجأة انهارت كل الأخلاقيات وصارت الشفقة والرحمة تجاه الآخر ضعفاً وبورجوازية، ومن يقصر في ضرب الأساتذة استحق عذابهم، إلى حد كان يتنافس فيه الشيوعيون على العفن وقلة النظاغة عن تلك الفترة تقول الكاتبة: “مثل كل الصينيين كنت عاجزة في تلك الأيام عن التفكير العقلاني، كنا مطوعين ومشوهين بالخوف والتلقين، بحيث لا يمكن تصور الخروج عن الطريق الذي رسمه ماو”.
9. الكفر بالمذهب الشيوعي انها رحلة التنوير والخلاص من ماو، ومتى وكيف كفرت الكاتبة بالمذهب الشيوعي وبماو، وبكل من ألحقوا بها وبأسرتها هذا الظلم، تتحدث عن موت أبيها من القهر والذل برغم أن السلطات كانت قد سمحت له بمغادرته معسكره لكنه وهو في الخمسين بدا في السبعين وغزته أمراض الجسد وأعياه أن لم يرد له اعتباره فقط لأنه تجرأ وعارض سياسة ماو.
10. تحدث عن أشقائها وبالأخص شقيقها الذي يصغرها، والذي كان أول من ساعدها على الكفر بماو وبالجنون الذي تتعرض له البلاد، وكيف أحب التجارب العلمية وكبار المؤلفين الأجانب في وقت كان يكفّر فيه كل من تجرأ ودافع عن سياسات أمريكا، وفي مشهد تطل فيه المفارقة بين قبل وبعد الثورة الثقافية، حيث صارت أمريكا فجأة صديقة وأليفة مرّ فوج سياح من أمريكا بقطار يغص بالمسافرين ومن بينهم الكاتبة وشقيقها،
11. تختم الكاتبة حكاياتها بتوقها الشديد آنذاك للهرب من الصين ويتحقق لها حلمها بعد كفاح ودراسة وجهد جهيد لتصبح أول امرأة شابة في عمرها (26 عامًا) تذهب في منحة للدراسة ببريطانيا، ولم تعد بعدها قط إلى الصين إلا لزيارة أمها فقط، وكذلك فعل شقيقها الذي صار عالمًا معترفاً به عالمياً في قسم الفيزياء
12. ، في الصين ردت لوالديها اعتباراتهما وتولى أشقاؤها مناصب كبيرة وتغيرت الصين للأفضل بعد غياب ماو واختفاء سياسته، لتكون الصين الآن دولة عظمى كما نراها الآن، وفي زيارة لوالدتها قصت عليها حكايات عن جدتها وعن نضالها هي نفسها إبان الغزو الياباني للبلاد ومع ما تحمله الكاتبة من ذكريات، جلست تتأمل بعد رحيل والدتها وقررت أن تكتب «بجعات برية»