للتو انتهيت من هذا الكتاب والذي تروي فيه الكاتبة سيرة تاريخ بلادها من بداية القرن العشرين إلى حتى ثمانينات القرن. عبر نساء ثلاث وهم : الجدة والفتاة والحفيدة في ثلاث أزمنة مختلفة.
الزمن الأول يبدأ مع الجدة التي تحكي قصة حياتها في عصر الجواري والسادة. حيث كان للحنرالات في ذلك العصر جواري من الطبقات الفقيرة وكانت الجدة احدى هولاء الجواري إذ تقص تفاصيل تلك العلاقة بين الجنرال وسيدة المنزل الحقيقية والجواري الشبيهات بالخدم إلى أن يبتسم لها القدر وتتزوج من رجل فاضل.
بعدها ينتقل السرد على لسان أم الكاتبة التي عاصرت اللحظات الأولى لسطوع نجم الشيوعية في الصين من بداية نشأتها السرية ونشأة الأم تحت الاحتلال الياباني. في هذا الجزء من الكتاب يفصّل عن أسباب نشوء الشيوعية في الصين وأهدافها الشعبية وكيف أصبح هذا الحزب الشيوعي يستقبل أفواج هائلة من السكان دون ضغوط أو اجبار.
تتوالى الأحداث لتتحدث الكاتبة عن البيت التي ولدت فيه وتربيتها على قيم الشيوعية وعلى تقديس"ماو" في مجتمع مخابراتي عسكري حيث أغلب أفراده عبارة عن مجموعة من مخبرين يخشى الفرد فيه أن يفكر بينه وبين نفسه بأي شيء قد يخالف تعاليم"ماو".
تعيش الكاتبة الثورة الثقافية وتكون أحد أفرادها التي دعا إليها"ماو" حين بدأ الحماس للثورة الشيوعية يخف ودعا فيها للقضاء على كل الإرث الثقافي الصيني بأيدي الشباب المتحمس.
ونحن نسير من الكاتبة في أحداثها تروي لنا بتفاصيل أدق انهيار قيم الشيوعية أمام مرأى أعينها ومعاناة والديها الذين بذلا عمريهما لخدمة الشيوعية ليجدا نفسيهما في موقف المتهم بالخيانة بعد كل شيء.
وأنا أقرأ هذا الكتاب أخذتني الكاتبة إلى واقعنا المظلم والمؤلم " الربيع العربي " الربيع الذي توقعناه ممكن أن يخلص عالمنا السواداوي إلى واقع أجمل وحياة طيبة والحرية التي تكون ممكنة في زمن يحارب فيه كل من ينطق بكلمة " حرية " لكن للأسف كان ربيعاً مدمراً. أتصور في نفسي ماهو مفهوم الحرية لدى السلطات التي تزمع بأن الحرية موجودة لكل مواطن عربي بينما واقعاً حرية المواطن وكرامته تُسحق في كل يوم بالموت أو الإعتقال.
أخيراً..
إذا كنتم تودون أن تكونوا بالقرب من تاريخ الصين ماعليكم إلا بقراءة هذه السيرة المؤلمة.