اقتباسات بثينة العيسى

أرسل عينيهِ إلى الوسائد المنجّدة بقماش السَّدو، ولوحات حلمي التوني،

وتساءلت إن كانت قد جَنَت على أولادها، وساورها إحساس بالذنب لمجرد كونها هيَ.

وتساءلت: ما الذي يمكن فعله إزاء الاختزال؟ اختزالها شخصيًّا؟ عندما تحوَّل لقاء الساعة إلى مقاطع فيديو لا تزيد على ثوانٍ، وثار الناس على تويتر، أحسَّت بأنها تُسحلُ في شوارع افتراضية، بأيادٍ افتراضية، تتلقى صفعاتٍ افتراضية،

يريدون منها أن تذيبَ الحقائق غير المريحة بماءِ الإيجابية المغشوشة، وأن تقدّم نفسها كشخصٍ يعرف أسرار النجاح، شخصٍ يملك إجابات مختصرة لأكثر الأسئلة تعقيدًا. ت

مع ذلك لم تكن سعيدة، لأنه ببساطة لم يكن ناصر، ورغم أنه يعرف أنَّ تعاستها لم تكن غلطته، فإن عليه أن يحاول أكثر.

لم يرغب أحد في الدفاع عن «مثقفة» متعالية، أحدثت جرحًا نرجسيًّا في ذات الجماهير التي لا تقبل الظهور إلا في صورتين: إما ثوّار، وإما ضحايا.

انحنت إلى المخازن السُّفلية تبحث عن حاوية، أحست بألمٍ أسفل ظهرها لكنها لم تجرؤ على الأنين. فالتعبير عن الألمِ، في سياقاتٍ بعينها، مرهون بوجود من يكترث.

لكنه لم يساعدها أيضًا، لم يخطر له أن يفعل. مثل أكثر الرّجال، كان يعتقدُ أنَّ التربية هي شأن النساء.

وهي تعرفُ الآن أنها اعتبرت الشعر، طوال حياتها، ضربًا من المسلَّمات، وأن أكثر الرجال لا يجيدون المغازلة ولا يعرفون الحب لأنهم لا يقرءون الشعر،

ماتوا.

‫ متنَ واحدة بعد أخرى، فهي لم تحظَ بالأهليةِ الكافية لتحافظ على أسماكها، واكتشفت، متأخرة جدًّا، أنَّ بعضها قد التهمَ البعضَ الآخر، ر

❞ مهما فعل من أجلها، ستبقى دائمًا في انتظار ناصِر. ❝

❞ وتفترض إلى الأبد حسن الطويَّة وسلامة النيَّات، ❝

أو تستعير كلمات جبران الصَّداحة، «إنجيل العقوق المقدس»: «أولادكم ليسوا لكم، أولادكم أبناء الحياة»، لكنها تعرفُ أنَّ هذا كلامٌ غير صحيح، فالواقع أنَّ «أولادكم ليسوا أولادكم، أولادكم أبناء النِّظام».

وقد وجدت أنَّ البيتَ يتوحَّشُ أكثر ما يتوحَّش في الصَّباح الباكِر، وفي آخر اللَّيل.. عندها تكتشفُ أن وراء الصمتِ صمتًا ثانيًا، وتحدسُ أن وراء الصَّمت الثاني صمتًا ثالثًا، ورابعًا وعاشرًا ومئةً وألفًا.

❞ يعرفُ أيضًا أنَّ العَلاقات معقدَّة، وأنَّ على الولد أحيانًا أن يتولى تربية والديه، وأنَّ العالَم مقلوبٌ على عقِبيه ❝

يجب أن يكون المرءُ جاهزًا للفرص عندما تأتي، وأن يعوِّل على الاحتمالات

لهذا السَّبب تمتلئ طاولاتها، طوال العام، بحاويات الشوكولاتة والفستق الحلبيِّ وحلوى راحة الحلقوم؛ «فخاخٌ منصوبة لأمومة معطّلة»، شيء لا تجسر على قوله

❞ الأمرُ الذي تكرههُ خولة أكثر من الشَّيخوخة هو التَّصابي، والأمر الذي تكرهُهُ أكثر من التَّصابي هو أمريكا. ❝

تكتشفُ خولة متاهة الصَّمتِ -وهي متاهة مؤلَّفة من غيابِ اللغةِ المحض، لا من قصورها- وتتحسَّسُ جدرانها كل صباحٍ وكل ليلةٍ، عندما تأكلُ وحيدة،

لأنَّها عندما انتبهت لوجود معركة، كان النظام مشغولًا بجمع الغنائم: أطفالها الثلاثة.

‫ «عْوير، وزْوير.. واللي ما فيه خير».