اقتباسات إبراهيم نصر الله

‏"هذه بلاد بحجم القلب يا حاج، لا شيءَ فيها بعيد ولا شيء فيها غريب."

روح العالم، أين تتجسد الآن؟ أين تسكن؟ وكيف تستطيع اليوم الحفاظَ على براءتها في زمنِ القتل على الهواء مباشَرة، والحفاظ على ارتفاعِها في زمن الطائرات العمودية التي تصرُّ على أن تسوّي كلَّ شيء بالحضيض،

من أكثر الأمور قسوة وغرابة، أن تشعر أنك بعيد عن وطنك، في الشتات، وأنت ما زلت تعيش في ذلك الوطن.

❞ الخــيط

‫ الخريفُ. الشّتاءُ. الربيعُ ‫

وفي غفلةٍ من زهور القُرنفلِ يغمرنا الصّيفْ

فصولٌ موزَّعة في الحياةِ،

وفي الموتِ ‫أربعةٌ تزدهي.

ثم تخبو.

وتخبو ‫ إلى أن تلامسَ أطرافَ حزنِ الرَّحيلْ ‫..

أربعة تنفض الموتَ،

ثم تعود إلينا بكوكبها المستحيلْ

‫ولكن خيطاً من الكون يوصِلها بالحياةْ

‫ دائما بالحياةْ

‫ ونحن الذين يُغالبهم حزنُهم

‫ في لحظة نرتدي صمتَنا

‫ ثم نكتبُ في دفترِ الوقتِ:

‫ قد سقطتْ وردةُ البيلسانْ

‫ واحترقتْ غابةُ الاخضرارْ

‫ كسَّرتِ الريحُ عرسَ الدَّوالي

‫ وانطفأت أغنياتُ النّهار!!

‏ولكنّ خيطاً من الكون يوصلها بالحياة ‫..

دائما بالحياة ‫..

وأنا رجلٌ شاردٌ في فصولي ‫ هنالك فصلُ التّعبْ ‫وهنالك فصل الفرح ‫

وهنالك فصل انكسارٍ. ‫

وفصلُ اخضرارٍ ‫..

هنالك خيطٌ من الكونِ يوصِلني بالحياةْ ‫

هنالكَ أنتِ.!

🍂

#أناشيد_الصباح

الـيــد

هي اليدُ

غصنُ النهار الجميلْ ‫

ومورقةٌ بالأصابعِ.

ناعمةٌ كالهديلْ

لا تُمسك الريحَ.

لا تحبسُ الماءَ

لكنها حين تعلو

تلمُّ الفضاءَ

وتستجمِعُ الأرضَ.

من زهرة البرِِّ حتى النّخيلْ ‫

هي اليدُ ‫

طيبةٌ حين نُكسرُ

دافئةٌ حين نبكي

وعاشقةٌ حين نتعبْ

هي اليدُ

معجزةُ الحلمِ.. أسطورةُ الكونِ.. سطحُ البلادِ..

وأعمدةُ الضّوء.. أو حفنةُ الجمرِ..

تحنو… وتغضبْ

هي اليدُ ‫

حقلٌ.

وكوكبةٌ من أغاني الصِّغارِ

ليستْ كتاباً ‫ وليست خطوطاً

فلا تمعِنوا في التّفاصيلِ.

لا تقرأوا صمتَها ‫ وتضاريسَها

فلن تجدوا أيّ شيءْ ‫

كلُّ ما احتلَّها من مسارٍ ومن انحناءْ

‫حمّلوه لنا..

منذ أولى الشقاواتِ حتى انتشارِ الشّقاءْ

‫هي اليدُ

لا تقرأوها

اقرأوا ما الذي سوفَ تكتبهُ

اقرأوا ما الذي سوفَ تفعلهُ

وارفعوها..

ارفعوها..

إلى أن تكون السماءْ..

🍂 🌿

ابراهيم نصرالله

أناشيد الصباح

أنا لا يعنيني ما تؤمن به! يعنيني ما الذي تفعله بهذا الإيمان! ‏

الذي يجبرنا على أن نـزغرد في جنازات شهدائنا هو ذلك الذي قتلهم ‏

‫ نزغرد حتى لا نجعله يحسَّ لحظة أنه هزمنا ‏

‫ وإنْ عشنا، سأذكِّرُكِ أننا سنبكي كثيرًا بعد أن نتحرّر‏

ولكن الحَذِرَ يؤتى من مأمنه!

وقلت: لم أعد قادرًا على النوم.

‫ وقال لي: الذي لا ينام يصحو قبل الجميع!

لم نعرف مَن مات! كل الألسنة انعقدتْ، حتى ألسِنَة الصغار. كأنَّ الرّصاص قد سُكِبَ في حناجرهم! والذي مات لم نعرف متى مات، أو كيف، والذي بقي على قيد الحياة كنا نشكُّ فيه!

لم نعرف مَن مات! كل الألسنة انعقدتْ، حتى ألسِنَة الصغار. كأنَّ الرّصاص قد سُكِبَ في حناجرهم! والذي مات لم نعرف متى مات، أو كيف، والذي بقي على قيد الحياة كنا نشكُّ فيه!

شوارع العاصمة المزروعة بآلاف الأعين المعدنية الباردة.

وقال: وما الذي ستفعله الجماهير؟!

‫ قال أبي: تتظاهر، تحرق الأرض تحت أقدام زعمائها!

‫ وقال جارنا: منذ أيام والإذاعة تطلبُ منهم أن يحرقوا الأرض؟!

‫ فقال أبي: ربما ستهبُّ الجماهير، ربما ستحرق الأرض، ربما…

ومدّت أمي يدها للخبز ووزّعته بيننا، وقالت: كلوا، فلما أكلْنا قلنا لها: أنت لم تأكلي.

‫ فقالت: أنا أكلت زمان، أكلت قبلكم، وكانت تَضْمُرُ.

شوف، إنّ أفضل ما يمكن أن يفعله الفلسطيني أحيانًا، أن يُنجِب، فاهم!

‫ وصمتَ طويلًا ثم قال: لو كانوا يعرفون أن يدي مبتورة، لما دعوني للاحتفال.

‫ قلت: لماذا؟

‫ قال: لأن يدًا واحدةً لا تُصفّق! وحاول أن يضحك.

كنتُ صغيرة نعم، ولكن من قال إن عيون الصغار أقلُّ اتساعًا من عيون الكبار؟

قلت للآخر: من أين يأتي السّواد؟!

‫ قال: اخلط الألوانَ كلّها في وعاء واحد، يكون السّواد!

نحن ننسى لنعيش، لكننا لا ننسى تمامًا، كي لا نموت!‏

وها هم يخرجون -كما توعَّدونا دائما- من ظلال مفاتيح بيوتهم التي طردناهم منها، البيوت التي نسفناها