اقتباسات رضوى عاشور

في المركز من هذه البنية، حلم كالغول سيأكل لاحقا العديد منهم. (الآن على بعد خطوات من القبّة والنصب التذكاري، مقر السفارة الإسرائيلية مشرفٌ على تمثال نهضة مصر). يموت علاء قبل الأوان، تنتحر أروى، تترك سناء تفوّقها المهني لتجلس مع الباعة المتجولين على باب حديقة الحيوان بالقرب من السفارة والتمثال، بعدها، المستشفيات والمصحّات، ثم الرحيل. أما البهجة في الحكاية، أعني قصص الحب، فينتهى أغلبها، بعد الزواج السريع، بطلاق سريع، مُرّ.

الناس هنا يلهثون راكضين وراء القرش إلى حد أنهم لا يلتفتون خلفهم كي يشاهدوا الزاحفين

«وكما يعتاد الميت الموت فإن الأطرش يتعود الصمم. أحيانا أقول: كما يعتاد الإنسان العيش، فإن الأصم يعتاد الصمت»

عاجزون! عاجزون! مقيدون بتلك السلاسل الثقيلة من التخلف والشلل! لا تقل لي إنكم أمضيتم عشرين سنة تبكون! الدموع لا تسترد المفقودين ولا الضائعين ولا تجترح المعجزات

«قتال غير شريف كأنك تناطح بيديك العاريتين سيارة مصفحة»

فما دام الرجل والأرض والسلاح يشكلون وحدة عضوية فالهزيمة لن تكون إلا واقعا وقتيا والموت لن يكون سوى وهم لحظي يتكشف بعده أن الحياة كانت تمور تحت قشرته الخادعة.‏

«ما حدث كان فقط أنني حككت من فوق معصمي قشرة ناشفة لدمل قديم، حمل إلي اللذة الأليمة التي تغمر جسد الإنسان حين يقشر من فوق الندب الغطاء الدموي الجاف بتمهل وتصلب، فتسقط معه ذكرى الجرح ذاته، كأنها كانت ملتصقة هناك داخل ذلك الغطاء المحكم، ولا يتبقى ثمة إلا رقعة برصاء لا تمت مباشرة إلى أيما شيء».

الضد يولد من ضده، ومن جدول الدم، من مكان السقطة، سقطة الموت يولد الأسود الصغير الذي تطؤه الأقدام دون أن تعي وجوده، فهو تحت الأرض ما يزال، وجود كامن يتشكل لكي يصبح حضورا في التاريخ

«وإن في عين كل رجل - يقتل ظلما - يوجد طفل يولد في نفس لحظة الموت»

سألت مريم فجأة: «أين نحن يا مريم؟» فصاحت خالتي وهي ترفع كفها وتشرع أصابعها الخمسة: «هل ترين أصابعي؟» فضحكت بصوت عالٍ، هستيريّ. قالت: «ظننت أنك فقدت بصرك فجأة. حدث هذا الأمر من قبل لامرأة في بلدنا زمان. لم أنتبه أنك كنت تمزحين». لم أقل لها إنني لم أكن أمزح. ولا أن عينيّ كانتا مفتوحتين تماما، أرى بهما بوضوح ولكنني للحظة فقدت كل اتجاه. لم أعرف أين نحن، في شقتنا أم في الملجأ أم في مكان ثالث، فسألت مريم.‏

‫هناك احتمال آخر لتتويج مسعانا بغير الهزيمة، ما دمنا قررنا أننا لن نموت قبل أن نحاول أن نحيا.

أعي مدى شراسة هذا الورمِ السرطانيّ وضعفِ إمكانية الإفلات منه. أنا بطبيعتي مقاتلة، ولكنني بلغت قدرًا من النضج يسمح لي بالتمييز بين معركةٍ يمكن أن تحقّق أهدافَها، ومعارك دون كيشوتية لا جدوى من خوضها.

أسوأ ما في المرض أنه يُرْبِكُ ثقتك بنفسك فيتسرّب إليك الخوفُ من أنك لا تصلح، ولن تستطيع.‏

ثم إنني أعتقد أن أحد إنجازات الثورة هو شعور الناس بقيمتهم وقوّتهم وقدرتهم بل وبهاء مظهرهم ومخبرهم، وأن الثورة المضادة في المقابل، تعمل بلا كلل على إفقادهم هذه الثقة بأنفسهم وإشعارهم بطرق بسيطة وأخرى لا تخطر على بال إبليس، أنهم بلا قيمة، يستحقون الإهانة. ‏

قالت صديقتي: الثدييات تضحي بنفسها من أجل صغارها، ونحن نأكل صغارنا. كيف؟! ‏

❞ ل في الزمن النسيان حقا كما يقولون؟ ليس صحيحا. الزمن يجلو الذاكرة كأنـه المــاء تغمر الذهـب فيــه، يوما أو ألف عام فتجده في قاع النهر يلتمع. لا يفسـد المـاء ســوى المعـدن الرخيص، يصيب سطحه ساعة فيعلوه الصدأ. لا يسقط الزمن ❝

❞ الحرب لا يتصرف الناس كما خلقهم ربنا. يُجنُّ الخلق ويفلت الميزان. ساعتها لا يكون الشعر وحده أو الثوب مشعَّثًا بل يتشعَّث القلب. ❝

❞ لم يفهمني أخوي. غضب عليّ. ذهب دون أن أودِّعه. وكلما عدت إلى البلد تسللًا، أزور قبر أمي وأبي ولكني لا أعرف مكان قبره لأصالحه وأراضيه.⁠‫

‫يبكي عمي. فأنتقل من مقعدي وأجلس على الفراش بجواره. أربِّت على كتفه وأهدِّئه.⁠‫

‫ثم رحل.⁠‫ ❝

❞ مفتاح دارنا يا حسن. هديتي إلى رُقَيَّة الصغيرة.⁠‫ ❝

❞ بندقية واحدة ثمنها حكم بالإعدام. الله أكبر! ❝