اقتباسات أحمد خالد توفيق

لكن الخطر الحقيقــى الداهــم هــو ( ناهد ) التى تحولت إلى نمر شرس ، وكــان العرق مــع الدموع قد غمر وجهها ، وسال كـل الطلاء الذى دهنت بە سحنتها ، فبدت كأحـد محاربـى ( الأبـاش ) بعد ما سلخ رأس الجنرال ( كاستر ) .. منظر مخيف فعلا

( ناهد ) هى نموذج جيد للزوجة التى تصنع زوجها .. تصنعە عن طريق تعذيبــە وإرغامــە علـى أن يغرق همومــە فــى العمل ومزيـد مـن العمل .. إنهــا صنعتنى بالطريقة التــى تصنع بهـا الكلاب المسعـورة بطلًا فى العَدْو !

دارت المرطبـات ــ فقط لحسن الحـظّ ــ ومعها الجاتـوە ، وحلـوى ما فى أطباق تشبە ذيول حيوان ( الأرماديللو ) ..

أما الشاب ذو النظرات الحزينة والسالفين الطويلين والشامـة ، والذى يتكلم همسًا وهو يسبِّل عينيە ، فهو المطرب الشاب ( سمير الصياد ) .. وهو قد أوغل فى تقليد ( عبد الحليم حافظ ) حتى إنە يوشك على الإصابة بالبلهارسيا وتليف الكبد مثله ..

والفصول فـى مصر قــد تتشابە ، وقــد تختلط ، لكن شيئًا واحدًا يميزها هو الرائحة .. رائحــة الأسفلت المبتلِّ فـى الشتاء .. رائحــة حبـوب اللقاح وزهــور البرتقال القادمة مـن أرض محروثــة .. هذا هو الربيع .. رائحــة العرق ورائحــة أنسام الليل الرحيمة فـى الصيف .. لكن الخريف لــە روائح عديدة .. سيحدثك التلميذ عـن رائحة ورق تغليف الكتب ، ورائحة الممحاة فـى الحقيبة الجلدية الجديدة .. وسيحدثك الموظف عن رائحة ( الجوافــة ) التى لا تفارق الثلاجة .. وستحدثك المراهقة دامعة العينين عن رائحة الحزن ذاتها .. وسأحدثك أنا عن رائحة المساء المبكر ..

نفخت غيظًا واحمرَّ وجههـا .. كانـت مـن النسـوة المتبرجات اللواتـى يزلن شعر حواجبهن ليرسمن بدلًا منها خطًّا بالقلم الأسود ، ولم يكن تأثير هذا ــ مع غضبها ــ محببًا للنفس .. كان تأثيرًا شبە شيطانى ..

إن أنانية الإنسان ولا مبالاتە تثيران حنقى دومًا .. لقد تعلمت ألا أندهـش لشىء ، وتعلمت أننا جميعًا حفنة من الأوغاد لن ينقذهم من عذاب جهنم إلا رحمة ربى ..

وكان هذا طبيعيًّا ، فهو من الناس العاديين ، رجال الشارع ــ لو سمحت لى ــ الذين يضعون الأمراض النفسية كلها فى سلة واحدة اسمها ( الجنون ) ، ومعه يغدو شرح الفارق ما بين ( العصاب ) و( الذهان ) عسيراً نوعاً ..

كدت أصارحە بأننى زاهـد فـى كــل ما يجعلنى أرى هذە الأســرة ثانيــة .. اختطاف وقتل ، وصـورة المرأة التى تلثم ثعبانًا ، وشاى ينسكب على الأرائك .. كل هذا أقوى منى ..

وسمعت صوت اللكمة الأولى كمـا كـان يحـدث فـى أفــلام ( فريد شوقى ) .. المؤثـرات الصوتيـة لألـواح الخشـب المتضاربــة ، و( حميدو ) يقهر اللصوص جميعًا ..

الله أعطانـا القدر الكافـى الصحيح من الحواس .. زيادة الحواس تقود للجنون .. نقصها متعب ..

إننى جميلة كأجمل أحلامك .. رقيقة كأرق خواطرك .. لطيفة كألطف دعابة سمعتها ..

ازدادت عيناە حولًا دلالة على اهتمامە بالأمر

صـوت الصمت ، وصـوت الأذان القادم من بعيد .. وإرهاق السهر .. كل هذا يحمل مذاقًا خاصًّا .. مذاق الشجن .. الأحزان التى اختزنتها الأجيال تركَّزت وعُتِّقت ، وهو ذا إكسيرها يتلخص فى لحظات شفافة هى السمو ذاتە ..

ثـم رحـت أقلِّب أفكارى كما يقلب الفأس الأرض بعد زراعـة البطاطس .. طبقات أخرى لم تخطر لى ببال تظهر ..

يقول الإنجليز : إن عـدم وجـود أخبار هو خبر طيب .. أى إنە لا توجد أخبار سيئة على الأقـل .. وهـو قـول آخر مـن تلك الأقوال الشهيرة التى تبدو للوهلة الأولى حكيمة ثـم يتضح أنهـا ساذجـة .. تخيل ، مثلًا ، انقطاع أخبار أخيك فى الحرب أو أبيك المسافر .. أحيانًا يكون انقطاع الأخبار خبرًا سيئًا فى حد ذاتە ..

وعلى حــدّ قولــە ( الضجيج لا يرحمنــى لحظة واحــدة ).

صافحنى الزوج فى ارتياب ، وصافحتنى هى فى شك ، فداعبت الرضيع فى اشمئزاز ، ثم جلسنا جميعًا فى توتر ..!

المتفائلون فى رأيى هم أكثر الناس إصابة بخيبة الأمل

وحــار الشيــوخ مطلقو البخور الذيــن استعانت بهــم أمــى .. إن أكثر هؤلاء نصابون على كـل حــال .. إن الشيخ ذا ( السر الباتــع ) حقًّا لا يطلب عشرين جنيهًا ودجاجــة أجرًا لە ..