اقتباسات محمود درويش

ويجتاحني نداء راعف إلى عودة، عودة ما إلى أول الأشياء وإلى أول الأسماء، فكن أنت عودتي

ستكتب إليّ. سأكتب إليك… لأعود. فما زال في وسع الكلمات أن تحمل صاحبها وأن تعيد حاملها المحمول عليها إلى داره

لستُ نادماً على شيء، فما زلتُ قادراً على الجنون، وعلى الكتابة وعلى الحنين

كي تبهجني قراءة الرسائل! وكم أمقت كتابتها، لأني أخشى أن تشي ببوح حميم قد يخلق جواً فضائحياً لا ينقصني

وإني أُحبُّكِ

‫لكنني

‫لا أُحبُّ الأغاني السريعهْ

‫ولا القُبَلَ الخاطفهْ

‫وأنت تحبّينها

‫كبحّارة يائسين ..

‫أرى عبر زنبقة المائدهْ

‫وعبر أناملك الشاردهْ

‫أرى البرق يخطف وجهي القديم

‫إلى شرفة ضائعهْ

وذهبتُ أبحث عنك خلف الوقت والمذياع. شكلك

‫كان يكسرني .. ويتركني هباءْ.

‫كان الكلام خطيئةً، والصمت منفى.

يوم أراك، وأذهب.

‫أُغنّيك، أو لا أُغنّيك ــ

‫أسكتُ. أصرخُ. لا موعد للصراخ ولا موعد

‫للسكوت. وأنت الصراخ الوحيدُ وأنت السكوت

‫الوحيدْ.

وما بيننا غيرُ هذا اللقاء، وما بيننا غير هذا الوداع.

‫أُحبُّك، أو لا أُحبُّك .

‫أنتِ التي لا أحبُّك حين أُحبُّك، أسوارُ بابلَ

‫ضيِّقَةٌ في النهار، وعيناك واسعتان، ووجهك

‫منتشر في الشعاع.

‫وأولُ دمعة في الأرض كانت دمعةً عربية

‫هل تذكرون دموع هاجر –

أوَّلِ امرأةٍ بكتْ في ‫ هجرة لا تنتهي؟ ‫

يا هاجَرُ احتفلي بهجرتي الجديدة

من ضلوع القبر ‫ حتى الكون أنهضُ

يسكنُ الشهداءُ أضلاعي الطليقةَ

‫ثم أمتشق القبور وساحلَ المتوسطِ ..

احتفلي بهجرتيَ الجديدهْ.

وتقاسمتْني هذه الأممُ القريبةُ والبعيدةُ.

‫كلُّ قاضٍ كان جزّاراً

‫تدرَّج في النبوءة والخطيئةِ

‫واختلفنا حين صار الكل في جزءٍ,

‫وصار الجرحُ وردتَنا جميعاً

‫وابتعدنا …

‫وها أنتَ يا كرملي كلَّما

‫جرَّدتني الحروبُ من الأرض أعطيتَني حُلُما.

الرماديُّ اعترافٌ.

كوني دمشق ‏

‫فلا يعبرون! ‏

‫ما أكبرَ الأرضَ!

‫ما أصغَر الجرحَ

‫هذا طريق الشام … وهذا هديل الحمام ‏

‫وهذا أنا. هذه جثتي. ‏

ــ من أي عامٍ جاء هذا الحزن ؟ ‫

ــ من سَنةٍ فلسطينيةٍ لا تنتهي ‫

وتشابهتْ كل الشهور ،

تشابه الموتى ‫وما حملوا خرائط أو رسوماً أو أغاني للوطن ‫

حملوا مقابرهم ‫

وساروا في مهمتهم ‫وسرنا في جنازتهم ‫

وكان العالم العربيُّ أضيق من توابيت الرجوع.

‫أنراك يا وطني

‫لأن عيونهم رسمْتكَ رؤيا .. لا قضيَّهْ!

‫أنراك يا وطني

‫لأن صدورهم مأوى عصافير الجليل وماء وجه المجدليَّهْ!

‫أنراك يا وطني

‫لأن أصابع الشهداء تحملنا إلى صفدٍ

‫صلاةً .. أو هويَّهْ!

دَمُهم أمامي ‫

يسكن المدنَ التي اقتربتْ ‫

كأنَّ جراحهم سفنُ الرجوعِ ‫

ووحدهم لا يرجعون …

دَمُهم أمامي

لا أراهُ ‫كأنه وطني ‫أمامي …

لا أراهُ ‫كأنه طُرُقات يافا ــ ‫

لا أراهُ ‫كأنه قرميدُ حيفا ــ ‫

لا أراهُ ‫كأنَّ كُلَّ نوافذ الوطن اختفتْ في اللحمِ

‫وحدَهمُ يرون

‫لأنهمْ يتحررون الآن من جلد الهزيمةِ

‫والمرايا

‫ها همُ يتطايرون على سطوحهم القديمةِ

‫كالسنونو والشظايا

‫ها هُم يتحررون …

‫طوبى لشيء غامضٍ

‫طوبى لشيء لم يصل

‫فكّوا طلاسمه ومزَّقهُمْ!

أحبُّ البحار التي سأحبُّ

‫أحبُّ الحقول التي سأحبُّ

‫ولكنَّ قطرةَ ماءٍ على ريشِ قُبَّرةٍ في حجارة حيفا

‫تعادل كل البحار

‫وتغسلني من ذنوبي التي سوف أرتكبُ

‫أدْخِلُوني إلى الجنَّة الضائعة

‫سأطلق صرخةَ ناظم حكمت:

‫آه … يا وطني !

‫يا أيها الشعراء … لا تتكاثروا!

‫ليست جراحي دفتراً.

‫يا أيها الزعماء … لا تتكاثروا!

‫ليست عظامي منبراً.

وأكتبُ عنك بلاداً

‫ويحتلّها الآخرون

‫وأرسمُ فيك جواداً

‫ويسرقه الآخرون

‫وأكتبُ

‫أرسمُ ..

‫كانت ذراعاك فاتحةَ الحزن والزهر !