اقتباسات محمود درويش

خيول الروم .. أعرفها

‫وأعرف قبلها أني

‫أنا زينُ الشباب، وفارس الفرسان!

ملوَّثة، يا كؤوس الطفولهْ

‫بطعم الكهولهْ

‫شربنا، شربنا

‫على غفلة من شفاه الظمأ

‫وقلنا:

‫نخاف على شفتينا

‫نخاف الندى .. والصدأ!

سيداتي ..

‫آنساتي ..

‫سادتي !

‫سلَّيتكلم عشرين عامْ

‫آن لي أن أرحل اليوم

‫وأن أهرب من هذا الزحامْ

‫وأغنّي في الجليل

‫للعصافير التي تسكن عشَّ المستحيل

‫ولهذا .. أستقيل

‫أستقيل

‫أستقيل ..

نضع الليلةَ حدّاً للوصايهْ.

‫دمنا يرسم في خارطة الأرض الصريعهْ

‫كل أسماء الذين اكتشفوا

‫درب البدايهْ

‫كي يفرّوا من توابيت الفجيعهْ.

‫فدعونا نتكلم

‫ودعوا حنجرة الأموات فينا

‫تتكلَّم ..

‫من أين جاؤوا؟

‫وكرمُ اللوز سيَّجه

‫أهلي وأهلك

‫بالأشواك والكبد!..

‫كلّ موتٍ فيه وجهي

‫معطفٌ فوق شهيد

‫وغطاءٌ للتوابيت، وآه …

عادةً، لا يعمل الموتى،

‫ولكنَّ صديقي

‫كان من عادته أن يضع الأقمار

‫في الطينِ،

‫وأن يبذر في الأرض سَمَاءْ.

سقطتْ كالوَرَق الزائد

‫أسرابُ العصافير

‫بآبار الزمنْ ..

‫وأنا أنتشل الأجنحة الزرقاء

‫يا ريتا،

‫أنا شاهدةُ القبر الذي يكبرُ

‫يا ريتا،

‫أنا مَنْ تحفر الأغلالُ

‫في جلدي

‫شكلاً للوطنْ …

هِيَ لا تعرف ــ ‫

يا ريتا!

وهبناكِ أنا والموتُ ‫سِرَّ الفرح الذابل في باب الجماركْ ‫

وتجدَّدنا أنا والموت،

في قبلتك الأولى

وفي شبّاك دارك ‫

وأنا والموت وجهان ــ ‫

لماذا تهربين الآن من وجهي ‫

لماذا تهربين؟ ‫

ولماذا تهربين الآن ممّا ‫

يجعل القمح رموشَ الأرض، ممّا

‫يجعل البركان وجهاً آخر للياسمين؟..

ولا نأخذ من عالمنا

‫غير طعم الموت

‫في عزِّ الظهيرهْ ..

سقط القناعُ

‫عَرَبٌ أَطاعوا رُومَهم

‫عَرَبٌ وباعوا رُوْحَهُم

‫عَرَبٌ .. وضاعوا

‫سَقَطَ القناعُ

15.

‫أَرى ما أُريدُ من الناس: رغبتَهُمْ في الحنينْ

‫إِلى أَيِّ شيء، تباطُؤهُمْ في الذهاب إِلى شُغْلِهِمْ

‫وسُرْعَتهُمْ في الرجوع إِلى أهلهمْ ..

‫وحاجتهم للتحيَّةِ عند الصباح…

ولأذهبنَّ، بلا عُكَّاز وقافية، على طريق سلكناه، على غير هدى، بلا رغبة في الوصول، من فرط ما قرأنا من كُتُب أنْذَرَتْنا بخُلُوِّ الذرى مما بعدها.

ويجتاحني نداء راعف إلى عودة، عودة ما إلى أول الأشياء وإلى أول الأسماء، فكن أنت عودتي

ستكتب إليّ. سأكتب إليك… لأعود. فما زال في وسع الكلمات أن تحمل صاحبها وأن تعيد حاملها المحمول عليها إلى داره

لستُ نادماً على شيء، فما زلتُ قادراً على الجنون، وعلى الكتابة وعلى الحنين

كي تبهجني قراءة الرسائل! وكم أمقت كتابتها، لأني أخشى أن تشي ببوح حميم قد يخلق جواً فضائحياً لا ينقصني

وإني أُحبُّكِ

‫لكنني

‫لا أُحبُّ الأغاني السريعهْ

‫ولا القُبَلَ الخاطفهْ

‫وأنت تحبّينها

‫كبحّارة يائسين ..

‫أرى عبر زنبقة المائدهْ

‫وعبر أناملك الشاردهْ

‫أرى البرق يخطف وجهي القديم

‫إلى شرفة ضائعهْ

وذهبتُ أبحث عنك خلف الوقت والمذياع. شكلك

‫كان يكسرني .. ويتركني هباءْ.

‫كان الكلام خطيئةً، والصمت منفى.

يوم أراك، وأذهب.

‫أُغنّيك، أو لا أُغنّيك ــ

‫أسكتُ. أصرخُ. لا موعد للصراخ ولا موعد

‫للسكوت. وأنت الصراخ الوحيدُ وأنت السكوت

‫الوحيدْ.