اقتباسات هادي هيكل

وجدت الرمال بعدها مُبللة، فأيقنت أنها دموعه وليست مياه الأمطار.. أنا أعلم هذا جيدًا.. هذه دموع الوجع.. وليس مياه الأمطار.

إذًا! عِش بلاءك دون أن تتلوى هكذا واصمت..

أنت لا تريد نسيانها.. صدِّقني.. أتدري على الرغم من هذا الألم الذي يحيطك، فوجودها في حياتك -حتى إن كان في خيالك- يجعل حياتك مريحة أكثر.. يكفي وجودها في أحلامك! يكفي وجودها في أحلامك صدِّقن

هي كالتي أخدت معها الشمس عندما بعدت عني، ولذلك غربت حياتي! أصبحت لا أرى النور بها.. تحاوطني رائحة الألم من كل اتجاه.. أتفهم ما أعني يا غريب.. هي أخذت شمسي معها.. هي أخذت شمسي معها!

كانت كلماته تتلاشى في زحام الأفكار.. يسكن الألم في كل حرف، وتتشابك الأحزان في كل جملة؛ هو يرسم صورة مأساوية لحياة مريرة، تغمرها الوحدة واليأس، ويعكس حالةً من الإحباط والانكسار..

في لحظات التلاشي بين الناس أجد نفسي دائمًا وحيدًا كطائر ضائع في سماء لا ينتمي إليها

كم هو وحيد هذا الصديق! وحيد إلى الدرجة التي بدأ يتأكد أنه لا شيء يريده.. كم كان خائفًا، ينظر إلى نفسه بدونية شديدة.. إلى الحد الذي تعجب به من تقبُّل الأرض له إلى الآن!

يقولون لكي تخرج

‫ من الوحدة لا بد من التقرب ممن يشبهك! مَن قائل هذه الجملة العجيبة؟! فإذا الجميع يعاني

‫ من الوحدة، فكيف إذًا سنجد بعضنا بعضًا، وكيف سنتعرف إذا كان كلٌّ منا يعاني من

حقًّا ماذا تعني كلمة صديق؟! فهذه كلمة لا أعرف معناها إلى الآن.. بحثت كثيرًا عن معنى هذه الكلمة في قاموسي فلم أجده! فقط وجدت بعض السخافات مثل أن الصديق هو مَن لا يجعلك تشعر نفسك وحيدًا أبدًا.. تأملت في هذه الجملة قليلًا.. إذًا أهذا يعني أن وحدتي هي صديقي، فهي لا تتركني على الإطلاق!

كل شيء أصبح تافهًا ولا قيمة له.. العالم الآن يريد فقط التافهين، والناس أصبحوا يدعمون ذلك كثيرًا، فكلما أصبحت تافهًا أكثر ازددت شهرةً، وكلما أصبحت تقدم اللامعنى الممزوج باللاقيمة علا قدرك بين الناس وجعلوا منك رمزًا مشهورًا بينهم. صارت مواقع التواصل وسيلةً لترميز هؤلاء الناس، وكلما ازداد ما تقدمه انحطاطًا ازدادت جماهيريتك.. هي أشبه بدائرة يدور الشباب بها، ولسبب ما يزدادون تفاهةً جيلًا بعد جيل!

دائمًا قدما المرء تأخذانه إلى حيث يشعر نفسه مطمئنًا، وقدماي تعرفان ما هي طمأنينتي..

تملأ الكتب كلَّ مكان حولي، فهي الشيء الوحيد الذي تبقَّى لي، تفصلني عن العالم الخارجي

مهموم البال لا يستطيع رؤية الجمال حوله مهما كان.

الأمل في الغد، وأن يكون للمرء هدفٌ يستيقظ من أجله كل يوم، هو جوهر الحياة الحقيقي.

‫***

‫ «يا روحي، انظري إليَّ من منظور الناس، واذهبي بعيدًا عني». بدأ يهمس ببعض الكلمات لنفسه وقال: «ليتك لم تُخلَق يا غريب! ليتك كنت نسيمًا خفيفًا يتلاشى في الهواء، لتمضي بلا أثر أو ألم، دون أن يعلم بك أحد. تختفي في بحر النسيان دون أن يبقى لك أثر».

لقد بلغت حياته حالة من الوحدة المفرطة التي جعلت نفسه هي صديقه الوحيد له..

فمن منا ليست لديه معاناة! كلٌّ منا يعاني.. بعضنا يعاني في صمت.. بعضنا يعاني ويتكلم مع الآخرين، وبعضنا من قصمت ظهره المعاناة، وجعلت روحه جافة ولسانه عاجزًا عن الوصف، فقرر أن يكتب عنها!

أتعجب كثيرًا ممن يحاولون الخروج من أصفاد وحدتهم، لأنهم في النهاية يعودون إلى الوحدة وبقوة أكثر فيما بعد.. يحاولون العبث بطبيعتهم! لذلك يعانون أكثر.. سُذَّج هم للغاية.. يظنون أن من حقهم أن يحيوا كالآخرين.

أصبحت أرفق كثيرًا بكبار السن الذين سلبت منهم الحياة هذا الحق.. حق الشكوى! على الرغم من أنهم يعانون كثيرًا، فإنهم لا بد لهم أن يبقوا صامدين.. بلا أي شكوى على الإطلاق؛ يظهرون أمامنا دومًا بصورة يملؤها الهيبة، ولكن بداخلهم يحترق.. يشعرون بالعجز أحيانًا، وبالخوف من اللاشيء أحيانًا كثيرة. يعتريهم هذا الشعور المؤلم.. التراكمات، التي تودي بحياة الشخص وتسلب منه سعادته، لذلك لا بد من الكلام.. هي نعمة كبيرة في بعض الأحيان.. لا مزيد من التراكمات.. لا مزيد من الآلام.. كفى حزنًا إلى هذا الحد.. كفى.. يكفي إلى هذا الحد من الخوف والشعور بالتيه في الحياة!

الكتب -كما أظن دائمًا- هي ما تبقيني على قيد الحياة إلى الآن.. هي ملجئي الأخير.. أختبئ بداخلها؛ كلما بكيت أبدأ في القراءة.. كلما شعرت بالتوتر -وهو الحال دائمًا- أبدأ في القراءة، ولذلك فأنا أشعر معها بالأمان.. دائمًا أقول لنفسي إذا شعرتُ بالضياع: «بالتأكيد ستجد نفسك بداخل الكتب.. بالتأكيد هناك قصة في داخل إحدى الصفحات الكثيرة التي أمامك»، أشعر في نفسي بأنني بطل هذه القصة، وأن أخيرًا هناك مَن يشعر بي ويصف حالي، ويثبت لي أنني لست وحيدًا في هذا العالم،