اقتباسات أحمد عبد العزيز

إن كان الحلم تحول إلى حقيقة فهيا لأغتنمها الآن وإلا عشت ما تبقى من حياتي نادمًا على قراري…‏

هل أتجاهل الرسالة وكأنها لم تكن، وأئد حلم حياتي في مهده، أم أغامر بحياتي وأذهب إليها؟‏

‫ ‏وكيف لا أذهب إليها؟، كيف أتمكن من كبح رغبتي في العثور عليها، ورؤية ملامح وجهها التي رسمتها في خيالي مرارًا وتكرارًا، وبدلتها آلاف المرات!‏

‫ ‏لا يمكنني التراجع الآن…‏

أي جنون هذا…‏

‫ ‏هل تتجسد الأفكار؟!‏

‫ ‏هل تتحول الأمنيات إلى واقع، هل يمكن للخيال أن يصير حقيقة؟!‏

‫ ‏هل من المعقول أن تفلت حسناء الرواية من حبكتها، لتصنع لها مروية جديدة مع بطل آخر… رغم أنف الكاتب!‏

‫ ‏أم هي مكيدة للإيقاع بي بتهمة التفكير… أو الحب!‏

كانت الأرقام تتزايد يومًا بعد يوم، لم يكن يشغلني حساب سنوات عمري، ربما كنت فقط أحسب مع كل عام جديد كم بلغ فريد من العمر!‏

وكأنني دون قصد، كنت آمره أن يغلق فصلًا من حياتي، ويمحو إن استطاع ما علق به من ذكريات مشوهه.‏

ذهبت سارة… ‏

‫ ‏دون حتى أن تودعني، ذهبت إلى غير رجعة… ذهبت دون أن تأتي!‏

تم اقتياده مثل أقرانه، إلى معسكر المعرفة الأولية بالأكاديمية، أحسست لأول مرة بغصّة في حلقي ومرارة تعتصر قلبي، أدركت ما كان يقصده سعيد باللوعة، وعرفت أن للفراق ألمًا!‏

‏لقد جعلتني أسير لها… مجذوبًا لوردة حمراء، ولصاحبتها، أبحث عنها في كل مكان.‏

‫ ‏نعم، منذ ذلك اليوم لم أعد أبدًا مثلما كنت.‏

‫ ‏لقد امتلكت من يومها، قلبًا ينبض!‏

يبدو أن اختلاجات قلوب البشر تتفجر من معين واحد، لتتباين وتتماهى وتتسرب مستترة كشبح مخفي عن العيون، تتسلل في هدوء إلى الوجدان، وفي لحظة فارقة، تعلن عن نفسها بعنفوان بعد أن تتملك الأرواح والألباب.‏

‏نعم، كان هناك دومًا شيء ما في هذه الحياة اسمه الحب، لم أكن أعرف أنه موجود، هذا الشلال من المشاعر الذي يجتاح العقل والوجدان، والنبع الصافي من النور، الذي لا يعكر صفوه أي تعليمات أو قوانين، والذي منه انبثق شعوري بهذا الطفل

لقد أضحت مُلهمتي…‏

‫ ‏اكتشفت أنني كنت دون وعي أفتش عنها في كل الوجوه، أبحث عنها دون أن أعرف ملامحها، كنت أبدل تلك الملامح التي تخيلتها مع كل وجه جديد يطالعني، وأتلهف للوجه الذي سيخبرني يومًا ما أن نعم… ‏

وكأن للحب سطوة على القلوب

هذا الداء الذي انتشر في جنباتي وفتح عينيي على اتساعهما، وجعلهما تريان في الأشياء جمالًا غائبًا عن باقي العيون…‏

‫ ‏وكأن من أعراضه أن يمنح الحياة الرمادية التي كنت أحياها ألوانًا زاهية!‏

نعم، هي قصة حسناء من وضعت في عقلي بذرة هذا الاختلاف، كأنها فيروس، نما وتكاثر بداخل خلايا دماغي ثم ما لبث أن سيطر عليها وصبغها بصبغته، لقد أصابتني بداء الحب!‏

بحثت كثيرًا عن سبب يجعلني مختلفًا في شعوري نحو هذا الطفل، فلم أجد إلا سببًا واحدًا… هي مجددًا، حسناء!‏

كنت بصورة ما أرغب في التواجد دائمًا بجوار هذا الطفل، والتمعن في النظر إليه، كنت أجد نفسي أبتسم رغمًا عني كلما نظرت إلى وجهه أو لمحت حركاته ولفتاته التلقائية، وأشعر بإحساس غريب بالدفء لم أعهده من قبل كلما حملته لينام على كتفي!‏

‫ ‏وكأنما كان يمنحني نوع من الحياة كنت افتقده، أو لم أكن أعرفه من قبل!‏

كنت أتغير، أتبدل، ولا أملك أن أتوقف عن التمرد، كان هناك شيء غامض بداخلي يدفعني لذلك…‏

كانت حياتنا -إن صح تسميتها بالحياة- لا طعم لها ولا رائحة، كأنها لوحة عبثية باهتة معلقة على جدار رمادي، تجمد فيها الزمن والمشاعر والكلمات،

لم أكن أدري هل أنا حي… أم جماد!‏

‫ ‏هل أنا بشر… من الجنس الأرقى حقًا، أم صنف ممسوخ في سلسلة التطور!‏

‫ ‏هل ما أنا عليه… هو الرقي المنشود للبشر؟‏

‫ ‏أم هي همجية عبثية جديدة… ترتدي ثوب الرقي؟!‏

‏دون أن أبرح مكاني، كنت أرتحل أميالا، أتخطى أسوارًا، أبحر بعيدًا في محيط ثنايا عقلي، فلا أجد دليلًا أو مرشدًا.‏