اقتباسات مصطفى منير

ومشيت تجاه كتب شهداء البستان أتأمل العناوين: «إعلان عن قلب وحيد» لمحمد حسن خليفة، «قبل الفراق بخطوة» لأحمد مدحت، «مقابر الأحياء» لضياء الدين خليفة، «القطيفة الحمراء» لبهاء عبد المجيد…

أقول لنفسي يوميًّا يحب الرب الآخرين، أما أنا فيراني الشخص الأنسب لتجربة كل الأمور الغريبة، واقتنعت منذ صغري بأن التقسيم العام للكائنات الحية جاء في آخره قسم جديد عنوانه: فأر تجارب الرب.

بعينين مغلقتين ووجه ملائكي، تنعكس صورة ابني داخل كياني بأكمله، أقنع ذاتي بنوم صغيري وليس موته، لكن الشفتَين المنفرجتَين عن مساحة ضئيلة تظهر أسنانه الصغيرة تخبراني بعكس ذلك، تذكراني بحركات كان يفعلها في أثناء نومه، كتحرك شفتيه بحثًا عن اللبن

للحياة طرق غريبة في توزيع هداياها.

كلما حاول اليأس قتل صمودي وإضعاف مقاومتي، أقول له إن الإنسان الحي الذي ينتظره بيت صغير، به طاقة حب لانهائية سيفشل العالم دومًا في تكدير سلمه المؤقت، لأنه يواجه كل المساوئ بقوة الاشتياق للاجتماع بأحبابه مجددًا.

«ملعونة الكتابة! الواد ابني عيان ومحتاج علاج بالشيء الفلاني، تقول لي كتابة! عاوزني أقول للدكتور نعالج الواد بعتبات النص وحبكة العمل! يا أخي سيب الواحد في حاله، بلا كتابة بلا هم!».

مدرسة الشارع يا ولدي، تجعلك تكتب قصيدةً بحبر العوز، كل فقراء الشارع، شعراء وساردو حكايات مجهولون.

أوقاتٌ أسأل نفسي، لماذا الله؟ لماذا لم يتحدد جنسه مثلاً، الله طبعًا مُذكر، الجنس الغالب كالعادة، لماذا لم يكن أي اسمٍ آخر، يدل على أنوثة المُسمى؟ ولأنها أنثى، ستعتني بنا أكثر، وستهتم لما نقوله، وسترفض أن نُعاني هكذا!

الأسود هو عالمي، الأسود هو رائحتي وضحكتي، الأغنية التي أنشدها، رقصتي المفضلة، صفتي وحزني وفرحي، كرهي وحبي وخجلي، جنوني ورفاقي، حياتي وموتي، عُزلتي وأماني وخطري، حربي وسلامي وورود حديقتي، ثروتي وثورتي…

‫ وثورتي! أستطيع أن أصف الأسود حد اللا نهاية.

كلماتٌ.. كلماتٌ.. كلماتٌ..

‫ طوال اليوم وأنا أستقبل غيثَ الوحي كبلدةٍ فقيرة..

‫ والآن صرتُ أرى وأسمع!

فارسٌ اسمه، وسيفه الرّيشة، ومُلهمته ليلى؛ التي جعل اسمَها اسمَ معرضِه، غابَ الأبُ لأنّه لا يحب الرّسم، وغابتْ الأمُ لأنّها تحب الأب، اللوحةُ ليستْ كاملةً إذًا.

ميتٌ هو ذاك الّذي لا يقلب الطّاولة ولا يسمح لنفسِه ولو لمرةٍ واحدة في حياته بالهرب من النّصائح المنطقية. ذاك الّذي لا يسافر ولا يقرأ ولا يصغي إلى الموسيقى، ذاك الّذي لا يقبل مساعدة أحد ويمضي نهاراتَه متذمرًا من سوء حظّه أو من استمرار هطول المطر.

القلمُ هو صبرُ ورفيقُ وفقرُ وثورةُ ونصرُ وسيجار وفوضى وعِشقُ ووقودُ أنصارِ قضاياك.

تَساءلتُ هل ظلّي يعجبه كونه ظّلي؟

‫ أَيتمرّد حين أغفو ويركض هاربًا من جحيمِ ألواني؟

‫ أيعشق فتاةً هي ثورته؛ ترقص وتتمايل على صوتِ أنّاتِه؟

‫ أنا واثقٌ أنَّ مقولةَ: «كُنْ أنت لا ظلًّا» تزعجه كثيرًا!

‫إهداء

‫ إلى "شروق"

‫ التي تسألني في كل مرةٍ أطلب منها كوبَ شاي: "بالنعناع أم الفانيليا أم الفراولة أم بالتفاح يا مصطفى؟"

‫ شكرًا لأنكِ لم تغضبي يومًا وتطالبيني بتحديد النكهة من البداية.

‫ زوجُكِ متردد حتى في أبسط الأمور..

‫ وأنتِ الأمر الوحيد الذي سعى إليه بثبات.

الكُتَّاب الضحايا؛ بالنسبة لصاحب الدماغ الداهية؛ فئران ثقافة، صوتهم ضائع وسط مشغوليات يومهم والجري وراء لقمة العيش، وهو المطلوب يا ابني!

يعرف كيف يهاجمك الحزن فعلًا، ومتى ينشط ذاكرتك بكل المواقف المخزية في حق أحبابك، ومتى تحديدًا يزامل الندم كي يقضي عليك وعلى هشاشتك.

«هكذا هم الرجال، كرامتهم ثانيًا بعد القرش الحلال».

أحيانًا، تكافئ الحياة الطيبين بقص شريط العمر سريعًا!

لقد صدق الحاج إبراهيم حين قال إن صاحب الدماغ الداهية هو من قتل الأدباء دفاعًا عن كُتَّابها، مع تغيير طفيف في قصته