اقتباسات منير عتيبة

"ليت عمري توقف عند سن العاشرة يا أمي، إذ كنت ملكة

❞ ربما لأننا لا نرى ما اعتدنا رؤيته، ❝

❞ ناولته الراديو دون أن تغلقه «بكم يا حاجه؟» «بلا ثمن»، أخذه، ووضعه على عربته الصغيرة، دفع العربة بيديه، وصوته يختلط بصوت أم كلثوم «السلام. ملابس قديمة للبيع. يا سلام. أجهزة قديمة للبيع. يا سلاااام. أي حاجه قديمة للبيع». ❝

❞ ⁠‫- جمع الأولاد الصغار، ويدهنون كل بيوت خورشيد باللون الأزرق السماوي، على حسابه، وهو يحمل جردل بوية مثلهم، وفرشاة ويدهن معهم. ❝

❞ تبدو ترعة المحمودية كشريط ما، يجاوره شريط آخر عريض من أرض لم تستعمر بعد بها بقايا الحفر، وجثث من ماتوا ودفنوا فيها، ثم بيوت عزبة أبو حسين، يليها المقابر التي تنتهي بشريط الرماد، والأحراش؛ بلد الذئاب. ❝

❞ لم تحب سنية ترعة المحمودية ولم تكرهها، لكنها بعد ذلك بوقت ليس طويلًا، كرهت هذه الترعة المشؤومة، وتمنت لو لم يترك مسيو كوست بلاده ويأتي إلى هنا، وقررت مقابلة الباشا الكبير لتشكو له ما فعلته الترعة بها، وترجوه ردمها ❝

❞ يتحدث حسين عن عائلته وتاريخها باحترام يقارب التقديس، ويتكلم عن خورشيد بحب يندر أن تجده لدى إنسان لقريته، ❝

❞ - يا ربي! كيف أفتح عيني أول ما أفتحهما على رؤيتك؟ ربنا يستر ولا ألد ولدًا أعرج!

⁠‫وتنهرها سعدية بشدة لأنها تراها كثيرًا :

⁠‫- أنتِ في كل مكان بالبيت. ألا تستطيعين الاختفاء حتى ألد ابني بسلام؟! ❝

❞ عدت لأن الكل بدأ يعود، الرئيس لم يصالح أمك، بل يبدو أنه غضب من خصامها، فبدلًا من أن يعيدك إلينا، سيأخذك بعد أيام في حرب أخرى مع عدو شرس اغتصب أرضنا بعنف بينما كان رجالنا يحاربون في أرضٍ أخرى. ❝

❞ كانت تظن أن الرئيس سيرق لحالها، وسيستمع إلى صديقته العزيزة أم حسين التي لا تفوت حديثًا له في الراديو، وتحفظ كلماته، وصل خيالها إلى أنه سيأمر بإحضار حسين فورًا بالطائرة، وأنهما ستتناولان الغداء مع الرئيس، ثم تستقبلان حسين البطل ❝

❞ كانت إجازة قصيرة سيعود بعدها إلى جبهة سيناء، ولا يعلم سوى الله متى يعود إلى خورشيد، إلى بيته وحبيبته وأحلام عمره، كان صوته ينضح بالمرارة، وينز ألمًا مقيتًا:

⁠‫- ذهبت لأحرر اليمن، ففقدت أرضي يا صباح. ❝

❞ ترام الرمل كان المكان الوحيد الذي يستطيع أن يتحمل فرحة عائدة بأول أيام عملها بالمستشفى، اعتادت ركوبه، تتأمل الشوارع والبيوت والناس التي تتراجع إلى الخلف مع حركته البطيئة اللطيفة إلى الأمام، تترك صوت أحلامها يعلو على ضجيج عجلاته ❝

❞ طلبت ذلك من الريس؟

⁠‫ابتسم رغمًا عنه لسذاجة سؤال صباح، ثم فكر عابثًا؛ ربما ليخفف ما بقلبه من توتر

⁠‫- لمَ لا؟ أمي قادرة على كل شيء، ربما أرسلت له رسالة عبر الراديو، أو بواسطة الجان الذين تسخرهم لها الشيخة سعاد. ❝

❞ الضجيج لا يترك لها فرصة التحديق في ذكرياتها، دموعها لا تتوقف، ونتف من صور الحياة الماضية تتوالى على ذهنها، وتتساءل بجزع:

⁠‫- أأصبح الأمس وأمس الأول والأسبوع الماضي «حياة ماضية»؟ ألهذه الدرجة حياتنا هشة، والزمن خادع؟ ❝

❞ لم يعد أحدهم الأيام التي مرت سريعًا وهم يحولون الأحراش المخيفة إلى قرية صغيرة مكونة من أربعة من البشر وثلاثة حيوانات وفضاء لا نهائي قابل للعمران. ❝

❞ لم يدفن في مقابر العائلة. سعى "عيد" إلى عم "عزت" الذي أقعده المرض، استأذنه أن يدفن "مسعود" مع "علي":

⁠‫-هما فقط القادران على أن يؤنس أحدهما الآخر، لا بد أن بينهما الكثير ليقولاه مما لم نعرفه بعد. ❝

❞ وصية عمي أن يدفن مع "أبو زيد".

⁠‫توقف الجميع فجأة كتماثيل من ملح. العيون كلها على "عزيزة" المطينة الصارخة بهستيريا تردد الوصية التي أقسم كثيرون أنهم سمعوها منها بصوت حامد. ❝

❞ لم يفق من موت "راوية" حتى ألقت أخته "فايزة" بنفسها في بئر الساقية حتى لا يرغمها أبوها على الزواج من قزم ابن رجل شديد الثراء من قرية مجاورة. ❝

❞ ، تلتقط مشط كبريت من الأرض، تشعل عودًا، بلا تردد تلقيه على نفسها، فتشتعل كلها في الحال، تصرخ؛ ليس طلبًا لنجدة، لكن وداعًا لعالم لم ينصفها. ❝

❞ كان يحلو لها الجلوس بجوار الحنفية التي تملأ القرية كلها منها مياه الشرب. تشكو لها ما بها من هموم، لا تخفي عنها شيئًا، تغسل ماسورتها بدموعها، ثم تفتحها، تشعر أن خرير مياهها يغسل روحها، تغسل وجهها فتحس بالروح ردت إليها. ❝