اقتباسات حمدي أبو جليل

يبدو أن قدراتي على التعبير خذلتني كما العادة، ولكني أود أن أقول إن الكتابة كانت تمكنني من الاعتزاز بنفسي حتى وأنا أشيل الطين، مجرد تذكر أني أكتب القصص كان يعيد الأمور إلى نصابها.

بالسؤال، كان شيئا لا يمكن السكوت عليه، حاولت أن أعتذر، كدت أقبل يديه، قلت إنني من الأرياف وإنني تذكرت شيئا مضحكا، ولكنه صمم على إلغاء اللجنة، امتحاني وامتحان زميلي وباقي الإخوة.

وبمجرد أن انزلق من رحم أم جمال وقعت أو قل انهارت على عضوه بقُبلات حارة وهستيرية، قُبلات تاريخية ظلت لسنوات لا تتحرج من انتزاعها منه أمام الناس، والشيء الوحيد الذي كانت تتمناه في أَوْج سكرتها، ومنعتها هيبة الموت هو أن

الصديق الفاشل أشبه بمرآة دقيقة تُشعر الواحد بالثقة في قيمة ما يفعل، وتُريه تفاصيل نجاحاته رغم قِلتها وضآلتها، على عكس الصديق الناجح الذي يرفع في وجهك مرآة تُحبطك بشريط انتصاراته التي لا تنتهي.

الأستاذ رمضان يشبهني كان بمعنى ما فاشلًا ومن أجل السلام النفسي الواحد أحوج إلى مصادقة أشباهه من الفاشلين من مصادقة هؤلاء الذين لا يكفون عن مواصلة النجاح، فلو كان الصديق مرآة لصديقه حقًّا، فإن الصديق الفاشل أشبه بمرآة دقيقة تُشعر

هو، فكان عليه أن يُجهد خياله قليلًا لكي يتمكن من وصف أشياء تناسب جبروته كحارس ومُخطط للعملية، وفي نفس الوقت تناسب رقة زنوبة «كنت مفنجل عينيا، أبويا ماكانش عايز يتخمد، وكل شوية طالع نازل لعشة الفراخ، وإنت حليلك الموضوع ومش

الذاكرة بالحكي الرائق لصديق تثق به، فمثلا. جمال لقاء المحبوب لا يمكنك الاستمتاع به لحظة وقوعه الفعلي، بل حين تتخلص من عيون العُذّال ومن وجود الحبيب ذاته، وتنزوي بصديق وتستحضر أمامه مشهد اللقاء كما تبغي بالضبط، وتمحو الشوائب التي أثقلته

معتمدًا على مواهبك في الحكي، فجمال الأحداث لا تستمتع به لحظة وقوعها الفعلي، ولكنها تبدو رائعة في إعادة خلقها في شرفات الذاكرة بالحكي الرائق لصديق تثق به، فمثلا. جمال لقاء المحبوب لا يمكنك الاستمتاع به لحظة وقوعه الفعلي، بل حين

إنه مشد صدرها أو نهديها أو. لا أجد كلمة مناسبة، يبدو أن اللغة نفسها فشلت في الإتيان بكلمة تناسب بهاء هذا الشيء، الذي يشده أو ينصبه خيط رفيع ولامع، ربما بسبب خجل العرب القدامى، وربما لأن الصمت هو الطريقة المناسبة

جمال عبد الناصر، المدير كان ميت في جلده، ورُحت وقفلو زي السبع وقلتلو بالفُم المليان: يا باشا إحنا مش لاقيين حتة ننام فيها، فراح مشاور على المنشية كانت خرابة. أي والله كانت خرابة، وإن كنت مش مصدقني الصورة مابتكدبش» ويشهر

قطن، كان مزهوًّا بصلابة السقف، ولكن يبدو أنه بالغ في الدّك قليلًا، بالغ بشكل أثقل مما يتحمله عِرق خشبى، ففجأة انهار السقف، انهار تمامًا. انكسر العِرق الجديد والذى يليه والذى يليه مرة واحدة، وتحول المسجد إلى كومة هائلة من حطام

فوزي يحظى بثقة متناهية من زبائنه، كان ينتمي إلى تلك الفئة المنقرضة التي تؤمن بأن الإتقان غاية في حد ذاته بغض النظر عن راحة الزبون، كان يتعامل مع القِطَع الخشبية باعتبارها الأثر الباقي منه بعد رحيله وفي مرة كان يقوم

مشغولا بشيء آخر، كان يبحث عن بطولات تجعله يفخر بوالده لا ليحكيها لأبو جمال، ولكن لكي يُحدث نوعًا من الندية الداخلية مع حكاياته كان فوزي نجار القرية الوحيد الشبابيك والبيبان والفئوس والنوارج والسواقي كلها من صنع يديه، وتشبهه بشكل ما،

بالله لحد دلوقت فاكر طعمها في بُقّي، روخر طلعنا رجالة، من وانا عندي سبع سنين سُقت على حمير السبخ، وجمعت قطن وطلعت تراحيل، وكل قرش كنت اشتغل بيه كان يلهفه، وعلى رأس السبعتاشر سنة راح مجوّزني أم جمال، بنت ناس

ياد يا عادل، أبويا ده كان راجل عترة، كان ابن الكلب يصنكر باب البيت بعد صلاة العشا ومايفتحوش إلا لصلاة الفجر. كان مِمشّينا زي الساعة واللي كان يتأخر كان أحسنله يبات بره. مرة دخل علينا واحنا بندخن فروحنا واكلين السجاير»،

عادة على نيّة المهين، وأحيانا ما نكون أكثر إيلامًا حينما نهين شخصا بالمبالغة في الضعف.. في الانسحاق. خصوصا لو كان يعرف أننا لا نملك غير ذلك.

البكاء. بكاء قاسٍ لا يليق بشخص مُهان، بل بشخص يزهو بدموعه باعتبارها إهانة قاسية للشيخ عطوة، الإهانة كما كل المعاني نسبية وتعتمد عادة على نيّة المهين، وأحيانا ما نكون أكثر إيلامًا حينما نهين شخصا بالمبالغة في الضعف. في الانسحاق خصوصا

بعدم الحركة استعدادًا لقفزة كبيرة ومؤثرة، ولكن صمت عادل غاية في حد ذاته، إنه إبهار الصمت، إبهار أن نكون صامتَيْن مثل الآلهة التي ترقب ولا شيء غير ذلك، أو هو تمهيد لذروة قوته التي يبلغها بالانفج

المذكور ليس في المستشفى، ولكن في الأسرة المستقرة، وإذا كان يهمكم أمره كما نتوقع. فزوّجوه. زوّجوه في الحال»، فرقعت أم جمال بزغرودة أطالتها بأقصى ما تستطيع: «مبروك يا سيف، مبروك يا بني»، وانخرطت في البكاء بحرقة مَنْ حصل على البراءة

الطارئة بدون مقابل، كأن يتوسط للإفراج عن عامر في المرات العديدة التي ضُبط فيها متلبسا بتدخين البانجو في عرض الشارع قبل أن يصل الموضوع للنيابة، أو التعجيل بدخول سيف مستشفى المجانين دون الكشف عليه، أو الاستعداد لتلفيق قضية إرهاب للشيخ