اقتباسات ريم بسيوني

يسمع أن الرومان قديمًا كانوا يتسلَّون بمشاهدة قتال ضارٍ بين رجلين أو بين رجل وأسد. ما الذي يُسلِّي النفس من مشاهدة الصراعات، أم أنها رغبة الرجال في اللعب حتى عند الكهولة؟ الوزير أيضًا يحب مشاهدة اللعبة المتقنة؛ رجل يقتل رجلًا بكلمة وحجة ودليل، يجادله فيطرحه أرضًا بمعنًى غاب عنه أو جملة ضاعت من ذاكرته. عند الهزيمة يطأطئ المنهزم رأسه ويدرك أنه قتيل؛ فقد لجم آخر لسانه وهزم عقله. هذا قتلٌ أقسى ولكنه أكثر حنكة ورقيًّا. وجد المحارب الذي يبحث عنه. محمد الغزالي يصارع أقوى رجل فيهزمه، الكلمة أمام الكلمة، والأسلحة ليست في يد الجاهل ولا المتردد.

كل شيء وهم! كل شيء! حتى زبد البحر يخدع العقل فيظنه شاطئًا ونجاةً. لم يعد النوم سهلًا، وأصبح ترديد الدروس التي لم يعد يقتنع بها أصعب من النوم. هناك علم لطلب العزة في الدنيا، وهناك علم لطلب الله. اختلطت عليه العلوم حتى وهو في هذه السن. خرج من درسه ينوي اللعب اليوم. يمتطي الفرس، ويجري في الصحراء يتسابق مع أخيه ويضحك، ويكتم شكه في كل حقيقة، ولكنه ليلًا ينظر إلى السماء طالبًا النجاة. ها هوعقله الذي ينجيه دومًا يغرقه اليوم ويهزمه.

«ومهما كان الرجل مجربًا للزمان فإنه ما لم ينظر في الكتب لا يكون كامل العقل».

‫ الغزالي

نحلم فنظن أن الحلم عين الحقيقة. نتألم في حلم، فنفزع طوال اليوم. تُرى أيكون الحلم هو الحقيقة أم تكون الحقيقة هي الحلم؟ وما جدوى الحياة بلا يقين؟

‫ ‏«ربِّ خذ بيدي، وارحم قلةَ صبري، وضعف جَلَدي، ربِّ إني أشكو إليك بَثِّي وحزني وكمدي، يا مَن هو غوثي وملجئي، ومولاي وسندي،… ربِّ فأطلقني من سجن الحجاب، ومُنَّ عليَّ بما مننت به على الأولياء الأحباب، وطهِّر قلبي من الشكِّ والشرك والارتياب، وثبتني دائمًا أبدًا في الحياة، وعند الممات على السنَّة والكتاب، وفهِّمني، وعلّمني، وذكّرني، ووفِّقني، واجعلني من أُولي الفهم في الخطاب، وكن لي بلطفك ورحمتك، وحنانك، ورأفتك فيما بَقيَ من عمري، وعند حضور أجلي، ويوم يقوم الحساب»‏(255)

‫‏داود بن ماخلا‏

ما أشد الأمور ألمًا على الإنسان؛ الفقد أم الفقر؟

‫ -مخالفة الهوى.

❞ المنازل الرفيعة لا تُنال إلا باقتحام الأخطار ❝

❞ هي دنيا لا قبل لنا بها، لو سالمناها تغدر، ولو حاربناها تنتصر، وليس أمامنا سوى الصبر على الأيام، فهي تنتهي هذا أكيد، ولا يقين اليوم إلا في الانتهاء. ❝

ترى أيقسم جنته بين عباده، هذه للغني وهذه للفقير، هذه لخليفة بغداد، وهذه لخليفة مصر؟ وهل سيعطي لغير المسلم؟

‫ - هي جنته، والسؤال عنها ذنب كبير وتدخُّل في مشيئته، ولكنه عادل أمرنا بالقسط.

«يا غلام: عظ نفسك أولاً، ثم عظ نفس غيرك، أنت أعمى كيف تقود غيرك، إنما يقود الناس البصير، إنما يخلصهم من البحر السابح المحمود.

❞ ⁠‫- قصة هزيمة أم انتصار؟

⁠‫- هكذا يقسِّم البشر مصائرهم حتى تبدو الحقائق واضحة، بينما العمر ليس به لا هزيمة ولا انتصار، هي أيام متفرقة تمتزج فيها الألوان، لم نعرف فيها منتصرًا قط، ولا خالدًا ولا عارفًا بكل شيء، ولا معصومًا ❝

❞ واعرف يا بني أن ما تراه العين هو ما تريد أن تراه دومًا، بينما الحقيقة تختفي كالهلال قبل الظهور. الضلال.. ما أوضحه! يسطع كبياض الصبح، كلنا نسير وراء موكبه، أما الحقيقة فطمس وظلام. ❝

❞ في التاريخ يكمن الأمان، فلا فجيعة تفزع بعد قراءته ولا انتصار يدعو للفخر. حدث وجرى ❝

❞ هناك صلاة لبعث الاطمئنان، وهناك صلاة لبعث الحياة في النفس، في صلاة كالأخيرة لا بد أن تصلي وحدك؛ فرحلة الالتئام بينك وبينه، هو من يشفي ويرحم ويهيمن، لا إمام يشفع ولا جماعة تساعدك، تحتاج هيمنته على النفس الجامحة وظلال رحمته ❝

❞ جاهد نفسك ولا تدلِّلها، ليس لنفسك أن تملي عليك من تكون، لا تجعلها هي الأقوى؛ فهي ضعيفة، بها الفجور قبل التقوى. ❝

❞ سألته بعد يوم لو كان وجودي يضايقه قال في هدوئه: هي كلها أماكن الله، كيف لي أن أَضْجَر وهذا ليس ملكي؟ وهي أماكن وأشياء نقتنع أنها لنا ثم نموت ونتركها، أو يخطفها عدو أحمق فَرِح بفوز لا يدوم، ومتاع الدنيا ❝

❞ ولكنه كان دومًا يقول إن الحضارات هي بضعة مبانٍ لا أكثر ولا أقل، وإنه بغير مُشيِّد العمائر لا يوجد تاريخ ولا مكان ولا انتصار. ❝

❞ لقد وعدتني يا ربي أن تبقى معي وها أنا في محنتي لا أراك حولي. ولكن الصوت جاء له من وراء حجاب : يا عبدي في لحظة محنتك لم ترني حولك لأني كنت أحملك لتمرّ.. ❝

❞ أفضِّل أن أتعلَّم وحدي؛ فالعلم بالنسبة لي كالوصول إلى الله، رحلة يقوم بها الفرد وحده بلا أهل ولا عشيرة، وإنْ لم يفعل فلن يصل أبدًا. ❝

❞ التاريخ انتصار وسط الهزائم المتتالية، وكتابته قوة وسط الدمار. ❝