اقتباسات من رواية حواء آدم

«يقول سيدنا الإمام علي كرم الله وجهه: ليس الزهد ألا تملك شيئًا، ولكن الزهد ألا يملكك شيء.» والخوف أعظم ما يتملك قلوب البشر، وهو أساس معضلة التسيير والتخيير. فمن أحب شيئًا ومنعه خوفه من السعي له، أنزل نفسه منزلة المحروم، ورأى أنه مسير لا حيلة له. النفس تراود صاحبها بالاستسلام وتغلق الأبواب. أما من رأى برهان ربه فقد أدرك أنه جل في علاه كرمه بالإرادة ولم يسلبه الاختيار.

إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. لكل سفر متاع، ومتاع السفر لله الأدب. لا يصل السالك بالمجاهدة فقط، من تخلى عن متاعه فسد ترحاله وهبط.

وهل دخلت الدنيا قلبك يا شيخنا؟

‫ – دخلت، وأخرجت بعضها.

‫ – وكيف ذلك وقد هجرت الناس إلى خلوتك؟

‫ – ما زال العبد يجاهد نفسه حتى يصل.

‫ – ومتى وصل؟

‫ – متى وصل انتقل. ما دمت حيًّا فيها فإنها حية فيَّ.

‫ – لا تُنتزَع أبدًا؟

‫ – لا تُنتزَع أبدًا كاملة، تُروَّض فقط. هل أكلت كعكات محمود اليوم؟

‫ – أكلت، ولكن بدون عسل. الكعكات معك يا شيخي أطيب حتى وإن كانت نفسها.

‫ – إذن ما زال بعض من الدنيا بقلبك!

لم يترككم الله يا حواء؛ بعث الرسل إلى أبنائك يذكرونهم، ملأ الأرض بالصالحين، عرف الأولياء في كل زمن ولم يحرمكم. ضعي همك في طاعة ربك وما كلفك، إياك أن تكرريها هذه المرة أيضًا.

كان المحجوب عني يجذبني من ناحية، والمفروض عليَّ يجذبني من ناحية أخرى. رفاهية الاستسلام لم تكن متاحة منذ الهبوط، أو بمعنى أدق: اختيار الاستسلام كان اختيارًا باهظ الثمن عليَّ جدًّا بعد الثمن الذي دفعته بالزلة. كان لزامًا عليَّ أن أظل أقاوم أيًّا كانت الظروف والمعوقات

بعض الأمور لا نشعر بلذتها إلا عندما تأتي بعد انتظار.

‫ – ولماذا الانتظار؟ ما عليهم إلا مد أيديهم لأخذ الصحن مني.

‫ – الانتظار أدب، وتخطي الوقت تعدٍّ للإذن، وكل تعدٍّ إساءة أدب.

‫ – طعام الشيخ لكل للحاضرين!

‫ – حُصِر العطاء على محمود.

الطمع دائمًا يقود إلى خطأ، حتى وإن كان طمعًا محمودًا أو رغبة في استزادة من خير. في الالتزام بالمسموح أمان

إذن لا تغوصي في المر تمام الغوص عندما يمر بك، وخذي من الحلو قدر استطاعتك

كانت المياه تجدد ذكرى ذلك الشعور الذي شعرت به على سفينة ابني نوح؛ الأمل فكنت كلما تسلل إلى قلبي شعور بالضيق أتطهر منه فورًا بالذهاب إلى أقرب بحر أو نهر علَّمت ذلك لولدي المبارك يحيى، ويبدو أنه شعر بشعور جميل

السلام كان قانون الوطن، والسكن كان منحة ربنا لتتأقلم أرواحنا على حال مختلفة عما اعتدنا عليه. وكان هذا ثاني ملمح للحياة على الأرض؛ لا سلام.

كان وجود آدم ضروريًّا، ووجودي حتميًّا، نحن سلوى بعضنا لبعض كلما خنقت الغربة أرواحنا كم سكن إليَّ وكم سكنت فيه! وكان هذا الإحساس هو الأجمل من بين كل ما شعرت به على الأرض؛ السكن كان الأجمل لأنه كان الأقرب إلى

في الوجود في حال يستحيل وجود الجسد فيها أما الجسد فهو مجرد وعاء أودع ربي نفخته فيه، ومنح ذراته خاصية الشعور بمجرد نفخ الروح فيه الروح هي المهيمنة، وهي وحدها التي تمتلك الشعور، وتنقله إلى الجسد ليُعبِّر عنه بلغته الخاصة؛

كم آلمني الحنين! أصعبها جميعًا وأكثرها سطوة. الحنين هو رغبة الروح

فما كان في الجنة من جمال يمكن لربي أن يوجده في أي مكان بسهولة ويسر الجنة والأرض ملكه وملكوته ظننت أنها ستكون مجرد بقعة مختلفة في ملكوت الله لها قوانين تختلف عن وطني فقط، ولكن عرفت في ما بعد أن

فأي كلمات لن يكون لها جدوى، المتألم لا يرى ولا يسمع ولا يحس إلا بألمه، والرغبة في الانتقام تتجلى في نفوس البشر بطول الظلم، ومتى تجلت اختنقت الروح وبحثت عن فطرة العدل بالثأر أو بالبعد.

يظن البشر أن التعاطف مع معاناتهم يجب أن يأتي على شكل واحد؛ كلمات تواسي حالهم وتأسف على غدر الزمان بهم. لكن أباهم علمني أن رؤية الأشياء على حقيقتها وتسميتها بأسمائها هو التعاطف الحقيقي حتى وإن بدا صادمًا. المواجهة هي السبيل الوحيد لجعل الإرادة تتنفس في صدور البشر.

– لا يصرف قلوب البشر بعضها عن بعض إلا القسوة والغلظة والحيد عن طريق الله.

لم يطلب مني مرة التأقلم بالنسيان أو كبت الحنين، كان يعرف أن العلاج لا يكمن في التناسي والقهر، العلاج يكمن في الكلام، كان يقول لي: «تكلمي حتى يصير الألم ذكرى، الروح تختنق بالكتمان وتتحرر بالكلام، فلا تزيدي آلامها بالصمت.»

سلبت الغربة والوحدة والفقد طعم الزاد، كل الأشياء باهتة بدون الأحبة.

«يقول سيدنا الإمام علي كرم الله وجهه: ليس الزهد ألا تملك شيئًا، ولكن الزهد ألا يملكك شيء.»