في الرابع من آب لعام 2020
خرجت أنا المسكونة بالخوف من الإصابة بفيروس كورونا و القطط لأتمشى حول الحي مساء، الساعة تقارب الثامنة، و كل عالمي قد تغير في تلك اللحظة! فقد قابلت ( أوريو) القطة التي لاحقتني و بناء على استعطاف ولديّ قبلت على مضض اصطحابهما لها إلى البيت، وما أن اشعلت التلفاز حتى تهالكت على المقعد و أنا أشاهد الأخبار، و ما تنقله من دمار و موت في انفجار مرفأ بيروت! و انقلب عالمي مجدداً نحو الموت و الخوف، بعد لحظات من دعوة لحياة قطة تشاركنا أيامنا هي واولادها و أحفادها على مدى 4 سنين!
يعيد رشيد ضعيف رسم مشهد الانفجار بريشة فنان، يرسم الخطوط الأولية في القسم الأول من الرواية ( الى الفصل 14) رسم مبسط يصور فيه حال بيروت التي تغلي على نار هادئة ( انقطاع الكهرباء، غلاء الأسعار و التضخم، الأزمة المرورية، النفوس التي على شفير الانفجار في أي لحظة: في البحث عن موقف، التظاهرات، استغراق الشباب في شرب الكحول، والبحث عن وطن مثل العالم و الناس للعيش فيه)
جاءت لغة هذا الفصل بسيطة بل أقرب إلى السطحية! لم أصدق أن هذا هو قلم رشيد الضعيف نفسه الذي قرأت له ( الوجه الآخر من الظل) تلك اللغة المتعالية في جمالها! والأسلوب الذي يذكرك بقصص ألف ليلة و ليلة.. رواية ميثولوجيا بامتياز!
اكملت قراءة الرواية و أنا ابحث عن ( الوجه الآخر لرشيد ضعيف) الذي عرفته! لا يعقل ان تمضي الرواية بهذه السطحية!
حتى جاء القسم الثاني منها: ليقارب البعد الأسطوري الذي عهدته بكتابة رشيد ضعيف سابقا!
اسماك تجري في جروح المصابين في انفجار المرفأ، جرذان تمتص الدماء، و طائر اسطوري يحاول الطير فلا يفلح!
الطيور و الأسماك قد تغذت على دماء هؤلاء المنكوبين! في مجتمع الشفافية! مجتمع لا يحتمي سوى بالزجاج في ابنيته! حتى تشظى ذاك الزجاج و قتله!
شفافية!!! أي شفافية ينتقدها رشيد الضعيف!
شفافية الفساد التي لم تستح من نهب لبنان؟ السرقة على عينك يا تاجر كما يقال!
دائما هناك من يستفيد من الكوارث! من يحاول بناء مجده الشخصي منها! كذاك الطفل الذي تمنى لو كان الانفجار في الشتاء عوضا عن الصيف لينعم بيوم اجازة اضافي!
هناك دوماً أصابع الاتهام التي تشير للجناة.. لكن يأتي من يبترها.. وتغلق القضية .. و يُوقف التحقيق.. و تبرأ العدالة العمياء بعض من يستحقون دون غيرهم اللوم.. ذئاب الساسة حين يرتدون ثوب الحملان! ..
#ما_رأت_زينة_وما_لم_ترَ
#جائزة_البوكر_للرواية_العربية_2025