ترفع القبعة للأسير الذي رغم قيده حرر قلمه و أبدع .
من أعظم إنجازات الرواية هو تجسيد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في الصراع النفسي بين نور و أور ، و الحقيقة أن النفسية التي تعبق الرواية بريحها هي النفسية النموذجية للشاب العربي هذه الأيام ، و نور شاب فلسطيني مثير للشفقة و غير قادر على مواجهة واقعه فيهرب منه و يتقنع بلباس أور ، يتحجج بظروفه و لا يسعى للتحسين ، صحيحٌ أن استسلام والده و صمته أورثه استسلاماً و أمراضاً نفسية ، حيث أن والده الذي خذله أقرانه من جماعة النضال كان بإمكانه أن يرفع صوته و أن يعمل بأي شيء بدلاً من الخنوع و التسليم الذي حل عليه ، الخنوع الذي أورثه لابنه الذي لم يتلق التربية السليمة بموت والدته مرة ، و والده على مراحل كما قال .
لكن هذا كله لا يبرر للشاب تصرفاته و بعده الكبير عن الدين حيث كان يدور في التفسيرات الغنوصية و الأناجيل و هو مفطرٌ في رمضان ، هذا دون ذكر أخلاقه طبعاً !
و كانت مرحلة التجلي في الرواية عندما ظهرت سماء إسماعيل الفلسطينية التي جعلته يراجع حساباته و يدرك أن المبررات التي كان يسوقها لنفسه تتقهقر أمام تصرفات سماء القوبة و شجاعتها في مواجهة الواقع .
و أتوقع أنه خاتمة الرواية تدل على أن نور سيبدأ في مراجعة نفسه و حساباته .
لكني رغم كل الاحترام و الفخر الذي أكنه للكاتب الذي لمست عبقريته في الرواية التي قرأتها تحت أصوات الزنانات و دوي الانفجارات لماكينة الإبادة التي لم تتوقف في غزة ، أود أن أقول بصراحة للكاتب أن سوء خلق الشخصية لا يبرر له أن يكتب بكل هذه الجرأة في بعض السطور ، و كان يكفي التلميح لها لإيصال الفكرة .
و شكراً.