اقتباسات من رواية ماريو وأبو العباس

ماذا يتبقى منا يا ابنتي سوى صور وبعض الحكايات؟

ولكن حكايتها كانت قيد الأحلام، بل لم تكن حكايتها؛ فما نحن إلا حراس للحكايات نتسلمها من فم إلى فم، نحملها كالأمانة، بعضنا يحرفها، والبعض ينساها، والقليلون ممن لا تُربكهم الدنيا يدركون ولا يكذبون الفؤاد

لم يخلقنا الله للسخط، الزهد أكبر من لبس الصوف. الزهد هو أن تَثبت مع تقلبات الحال بنفس راضية، وتجعل الدنيا في كف يدك وليست في قلبك. لو لبست الصوف لأنك غاضب فلا قرب، ولو زهدت في الدنيا وهي في قلبك فأنت لم تعرفها. اعرف الله وكن كيف شئت.

لا تحزن من عجزك.. كلنا عاجزون. أقول إن الطمأنينة في قربه ولكنه لا بد أن يجد مكانًا ليستقر في قلبك. فرغ قلبك مما دونه تصل.

الموت دومًا يأتي كزبد البحر، نعرف أنه سيأتي ونتوقعه ثم يفاجئنا.

جاء مجبولًا برحمة الله، هي تأتي من حيث لا نحتسب، وعطاؤه على يد عباده يكون بجود السماء وغيومها الكثيرة.

الأب صور في الذاكرة تأبى الرحيل، ورائحة تملأ الأنفاس بقية العمر الفاني. هو ضحكات تتذكرها كل حين لتدرك معها أن في هذا الوهم بعض الحقيقة، وأن اللقاء موصول حتى في الغياب.

كل أمراض الجسد سهلة، أمراض القلب هي التي تستعصي على الأطباء.

فكر في عدد سيئاتك لا في عدد أيام صومك وصلاتك، فكر كيف تجلي القلب وتصفيه لتقابله وأنت أهل لمقابلته. لا تتخفَّ وراء عدد التسبيحات ولا الصلوات فلا عاصم لك اليوم منه. واجه نفسك تنجُ. اصدق معها تجده.

سيئتان قل ما ينفع معهما كثرة الحسنات: السخط لقضاء الله، والظلم لعباد الله. وحسنتان قل ما يضر معهما كثرة السيئات: الرضا بقضاء الله والصفح عن عباد الله.

أحمد يظن أن الإسكندرية تطرده اليوم، ولكنني أقول لك إنه لن يمر يوم على الدهر إلا والإسكندرية تذكر اسمك؛ أبو العباس المُرسيّ، سيتردد اسمك بعدد الأنفاس لبقية الدهر.

وها أنا أقف أمام رجل فقد كل الحواس ولم يتذمر. تتلاشى الأشياء من حوله ولا تصيب روحه. تعلمت حينها أن السعادة منبعها الحرية، والحرية منبعها الروح، وكل ما دون الروح سواء، كل العلائق خارجة عن الروح لا تمسها،

ألم الجسد أتحمله فهو عين العافية، ولكنه ألم القلب الذي يجثم فوق صدري والذكريات التي تتناثر حولي

وأنت يا هو يا ألله، إليك أنت ألجأ.. قربني إليك فمحاولتي لا تبدو نافعة. تركت طيب العيش ولبست الصوف، ذكرتك محزونًا في الغار وبين ثنايا الجبال، خفت من سخطك ولم أفز برضاك. ماذا تطلب مني؟ كيف لي أن أعرف أنني اقتربت؟ وكيف لهذا الشيخِ أن يطيب له العيش بين سفك الدماء والغدر؟ أرى الاطمئنان في كلماته القليلة، والرضا في الأحداق والتسليم بين الجوارح. ها أنا أُحمل من مدينة إلى مدينة.. من مرسية إلى القيروان، ومن القيروان إلى الإسكندرية والغم

مهما ضيق البشر الرحمة فهي واسعة، هو يرحم كل عباده. استفتِ قلبك يا أحمد عندما يعجز العقل عن الوصول. سرُّ القدر يعيا العقل عن إدراكه، وفي الاعتراف بالعجز عن الإدراك إدراك. اطمئن له لتقترب. هل يقترب منك شيء؛ من إنسان أو حيوان إلا عندما تطمئن؟ ثِق به ولا تثق بغيره.

أسألك الإيمان بحفظك؛ إيمانًا يسكن به قلبي من هم الرزق وخوف الخلق. فطلبت من ربي أن أقترب منه فيحجب عني كل شر. طلبت منه أن أقترب فأغيب في حضرته وأقوى، وليس أقوى من الملك

لا أدري لمَ تتسم السجون بالعفن. هل لأنها تتوغل في العقل فتفقده براءته؟ أم لأنها تنزع من على جدار القلب شغافه؟

اعلم أيها التائه الغريب الوحيد أننا مُقيدون بصور الأشياء ما لم نُقتل بسيف الحب..

«ينكشف البشر في قصص العابرين».

للحكمة بذر ونبات، ووقت البذر غير وقت النبات، وقد يبذر فيك بذر الحكمة، ويبقى النبات موقوفًا على مجيء سحابة ماطرة، فإذا جاءت أظهرت من الأرض ما كان فيها كامنًا، فتبقى الودائع مطوية في العباد حتى تجيء أوقاتها.