🌿
في دار الحاج حسن حوش به نخلتان، أتون عملاق، كانون، زير، دست نحاسي، ووعاء فخاري عظيم به ثقبان كالمصفاة. لحسن اثنا عشر أخا وأختا. قسموا الميراث؛ فاختاروا الأرض ووزعوها فيما بينهم، وتركوا له النخيل؛ فهو لا ولد له ولا وريث سوى إخوته. كان نصيبه مئة نخلة؛ جعل ذكورها بين إناثها، يستأنسون بالجوار، تلقحها الريح، فتينع. لم يذبح نخلة لحصاد جمارها، لم يقطع إلفاً عن خليله يوما، يرعى الهوى دوماً. إن مالت نخلة إلى بعل، مد بينها وبين معشوقها الذي إليه قد مالت رباطًا معقودًا، أو يتعلق عليها سعفة منه، أو ينفض في متاعها من غبار طلعه فلا تهزل، تمد جذورها بحثا عن العيش، تنجب وتزدهر. .... "
من الفصل التاسع من مناسك الخوف، دار الأدهم للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى ٢٠١٩ لسلوى محسن.
___________
🍀
مناسك الخوف > اقتباسات من رواية مناسك الخوف
اقتباسات من رواية مناسك الخوف
اقتباسات ومقتطفات من رواية مناسك الخوف أضافها القرّاء على أبجد. استمتع بقراءتها أو أضف اقتباسك المفضّل من الرواية.
مناسك الخوف
اقتباسات
-
مشاركة من Ait Bari
-
- ابويا بيلم السنابل فى الغيط.
- وابويا بيلم السمسم حوالين البيت.
- امى بتملا القنديل.
- وامى بتخبز عند ام خليل.
- تعالى نرسم.
- نرسم إيه؟
- هاتي بس السلم.
- وطلعت من جيبي الطباشير، ورسمنا قلب على باب البيت.
- بس انت مشيت.
- رحت لأمى اللي بتستلف زيت للقنديل.
- وأنا ناديت على أمى وهي بتخبز عيش لأم خليل.
- وأبويا وابوك لساهم فى الغيط.
- ولساها حيطان البيت مشقَقَّه.
- وكف ابويا بتِشْلِب شقا.
- والسنابل والسمسم ...
- مالهم؟.
- هيخلوا عيشتنا ضيقه؟
- تعالي نجيب السلم.
- تعالى.. ليه؟
- نرسم بيت.. شجره وعصفور بيزقزق.
- انا عايزه بيتنا محندق.
- ﻻ..ﻻ.
- ﻻ؟ ..ليه؟
- انا هرسم بيتنا واسع جدًّا.
- علشان عصفورنا يطير ويزقزق؟
- وعلى سطوح بيتنا ييجي اليمام ويعشش.
- وتبقى الشجره مركب.
- ونركب.
- نخلة طويلة.
- نخله طويله جدًّا جدًّا.
- وسقف السما هيقرب.
- ونجيب الغيمة.
- تطرح تمر.
- وتملا جيوبنا حَب.
- وندهن حيطة البيت.
- ونملا القنديل زيت.
- وامى تبطل تخبز ﻻم خليل عيشها.
- عشان تاخد أُجرتها حَطَب ووقيد ورغيفين عيش.
- وتبطل تخبز عندها عيشنا.
- ويبقى عندنا حطب ووقيد.
- وشجره ونخله.
- ومركب.
- وبيتنا تملاه ريحة العيش.
- ونعيش.
- بتحبيني ياحنة؟
- ابويا مات وامى لسه مجتش----
مناسك الخوف، دار الأدهم للنشر والتوزيع، 2019، ص ص 207-206
****
مشاركة من Ait Bari -
الحب ينشاف وينحس، لكن منقدرش نناديه، وكل بني آدم وشوفه، وكل قلب وشوقه، الحب ميستخباش واللي يحب لازم يقول لا يخاف ولا يستحي.
خبأت عيني في كفها وسألت:
_ وازاي أعرف الحب يا سارة؟
_ الحب بيبان في النني، وأنت لازم تكوني في النني، اللي يحبك لازم يقول لك في عينك وميسيبش البحر يكبر بينك وبينه، ولا يقول لك إنت الشمس وانت القمر والبحر أنت العمر اللي جي أو مجاش. اللي يحبك لازم يقول لك بنحبك يا مسرة قدام أخوكي، قدام أمك وأبوكي وقدام كل أهله كمان.
[...]
_ في العتمة ميفرعش زهر حتى لو ارتوى بحليب الفجر، والعشق بالبوح في العين .. يعيش.
ظل سؤالها يراودني، كلما اشتممت رائحتها في المرآة؛ وأنا أحدث القليل من ملامحي التي شاركتها فيها:
_ هو احنا ينفع ننادي ع الحب، هو احنا نعرفه؟.
في حدائق العشق مئة فرع واثتان، فأين تحط القلوب!
🥀
مناسك الخوف، سلوى محسن
مشاركة من Ait Bari -
- ليه احنا سمينا كل حاجة، يعني ليه الحاجات لها إسم؟
أتردد في الإجابة قبل أن أقول:
_ عشان لما ننادي عليها تيجي.
ضحكة ندية، وهي تقبلني:
_ يا سلام، هو كل الحاجات نقدر ننادي عليها لو عرفوا أساميها؟
[...]
صعدت معها جبلا خلف أراضي طرح البحر؛ وهي تجمع بعض ثمار البطيخ؛ فعرفت ما الجبل. بعد صمت وشرود وتنهيدة صغيرة دفنتها في صدرها قبل أن تنطلق:
_ والحب!
ارتعش قلبي. أعرف قليلاً عنه من حكاياتها ولهوها القليل مع أبي. ومن أقراني. سألت بصوت خفيض وحنان لا أدري مصدره:
_ الحُب!
أبعدتني قليلا؛ ولا أزال أنام في صدرها. قربت وجهها وتركت في عيني نظرة أرتجف كلما فاجأتنب حتى هذه اللحظة:
_ هو احنا ينفع ننادي ع الحب، هو احنا نعرفه؟
صمتت كثيرا وأكملت:
_ الحب ينشاف وينحس، لكن منقدرش نناديه، وكل بني آدم وشوفه، وكل قلب وشوقه، الحب ميستخباش واللي يحب لازم يقول لا يخاف ولا يستحي.
خبأت عيني في كفها وسألت:
_ وازاي أعرف الحب يا سارة؟
_ الحب بيبان في النني، وأنت لازم تكوني في النني، اللي يحبك لازم يقول لك في عينك وميسيبش البحر يكبر بينك وبينه، ولا يقول لك إنت الشمس وانت القمر والبحر أنت العمر اللي جي أو مجاش. اللي يحبك لازم يقول لك بنحبك يا مسرة قدام أخوكي، قدام أنك وأبوكي وقدام كل أهله كمان.
[...]
_ في العتمة ميفرعش زهر حتى لو ارتوى بحليب الفجر، والعشق بالبوح في العين .. يعيش.
ظل سؤالها يراودني، كلما اشتممت رائحتها في المرآة؛ وأنا أحدث القليل من ملامحي التي شاركتها فيها:
_ هو احنا ينفع ننادي ع الحب، هو احنا نعرفه؟.
في حدائق العشق مئة فرع واثتان، فأين تحط القلوب!
مناسك الخوف _ سلوى محسن (٣٤_٣٦).
مشاركة من Ait Bari -
- ابويا بيلم السنابل فى الغيط.
- وابويا بيلم السمسم حوالين البيت.
- امى بتملا القنديل.
- وامى بتخبز عند ام خليل.
- تعالى نرسم.
- نرسم إيه؟
- هاتي بس السلم.
- وطلعت من جيبي الطباشير، ورسمنا قلب على باب البيت.
- بس انت مشيت.
- رحت لأمى اللي بتستلف زيت للقنديل.
- وأنا ناديت على أمى وهي بتخبز عيش لأم خليل.
- وأبويا وابوك لساهم فى الغيط.
- ولساها حيطان البيت مشقَقَّه.
- وكف ابويا بتِشْلِب شقا.
- والسنابل والسمسم ...
- مالهم؟.
- هيخلوا عيشتنا ضيقه؟
- تعالي نجيب السلم.
- تعالى.. ليه؟
- نرسم بيت.. شجره وعصفور بيزقزق.
- انا عايزه بيتنا محندق.
- ﻻ..ﻻ.
- ﻻ؟ ..ليه؟
- انا هرسم بيتنا واسع جدًّا.
- علشان عصفورنا يطير ويزقزق؟
- وعلى سطوح بيتنا ييجي اليمام ويعشش.
- وتبقى الشجره مركب.
- ونركب.
- نخلة طويلة.
- نخله طويله جدًّا جدًّا.
- وسقف السما هيقرب.
- ونجيب الغيمة.
- تطرح تمر.
- وتملا جيوبنا حَب.
- وندهن حيطة البيت.
- ونملا القنديل زيت.
- وامى تبطل تخبز ﻻم خليل عيشها.
- عشان تاخد أُجرتها حَطَب ووقيد ورغيفين عيش.
- وتبطل تخبز عندها عيشنا.
- ويبقى عندنا حطب ووقيد.
- وشجره ونخله.
- ومركب.
- وبيتنا تملاه ريحة العيش.
- ونعيش.
- بتحبيني ياحنة؟
- ابويا مات وامى لسه مجتش!
----
مناسك الخوف، دار الأدهم للنشر والتوزيع، 2019، ص ص 207-206
قراءة موجزة لحوار متميز بين طفلين في الفصل 36 من رواية مناسك الخوف للدكتورة الروائية المصرية سلوى محسن Salwa Mohsen -
قبل أن يبدأ الحوار. هناك جملة محورية مهمة تسبقه في نص الرواية كما يلي:
"دق الـبـاب. تقلبت تـتـوجـع، نـاداهـا رومـا لـم تـرد. جـلـس بـجـوارهـا لم تلتفت، جرها إلى الحلم كالأسير."
لنحتفظ بالصورة الأخيرة في ذهننا "جرها إلى الحلم" والتشبيه "كالأسير" إلى ما بعد.
نعيد قراءة الحوار بتمعن لندرك أن نصه في حقيقته نص شعري، يمتلك خاصيات شعرية بنيوية ودلالية.
يأتي الحوار من 46 سطرا lines.
الحوار يدور بين فتاة وفتى، حِنه و روما (واسمه ايضا رمضان).
It's very important to be very attentive to who is speaking in each line
لأن الدلالات التي يخلقها الحوار ليس من السهولة رصدها وفهمها بشمولية عندما نفصل الحوار عن الفصل الذي انبثق فيه.
أول عنصر يثير انتباه القارئ - وأعني هنا القارئ المحلل للنص the so-called "close reader هو السؤال:
- Who is speaking?
- من هو المتحدث في كل سطر من هذا الحوار: هل روما أم حنه؟
وما هي الإحالات التي تأسس للدلالة فيه؟
الحوار يستهله روما بالسطر الأول، ترد حنه في السطر الثاني، وهلم دواليك.
في السطر 12 نقرأ
"وأبويا وأبوك لساهم في الغيط".
من التسلسل"المنطقي " في نص الحوار ، يفهم القارئ أن هذا السطر يقوله الفتى روما (أو رمضان) ويتبعه السطور الثلاثة التي تليها.
يستمر الحوار بين الاثنين الذي هو عبارة عن غزْل لحلم بينهما (الحلم الذي جرها إليه كالأسير - كما ورد أعلاه).
في السطر 24 تأخذ حنه سبق غزْل الحلم في هذا الحوار/الحلم بين السطور التالية:
- انا هرسم بيتنا واسع جدًا.
(- علشان عصفورنا يطير ويزقزق؟) (هذا السطر قاله روما)
- وعلى سطوح بيتنا ييجي اليمام ويعشش.
- وتبقى الشجره مركب.
- ونركب.
- نخلة طويلة.
- نخله طويله جدا جدا.
- وسقف السما هيقرب.
- ونجيب الغيمة.
- تطرح تمر.
- وتملا جيوبنا حب.
- وندهن حيطة البيت.
- ونملا القنديل زيت.
- وامي تبطل تخبز لام خليل عيشها.
- عشان تاخد أجرتها خطب ووقيد ورغيفين عيش.
- وتبطل تخبز عندها عيشنا.
- ويبقى عندنا حطب ووقيد.
- وشجره ونخله.
- ومركب.
- وبيتنا تملاه ريحة العيش.
- ونعيش.
روما يقطع على حنه حلمها بسؤال (وجودي في تلك اللحظة من حوارها الحلم السريالي)
- بتحبيني يا حنه؟
ما الذي روع روما في الحلم وهو الذي بذل المجهود الاكبر والأول لجر حنه للحلم كالأسير؟
ماذا كان "جواب" حنه على سؤال روما ؟
- ابويا مات وأمي لسه ما جاتش.
وهذا هو السطر الأخير في الحوار بين الاثنين.
مباشرة بعد نص الحوار هذا في نص الروايه، نقرأ الجملة السردية التالية. وهي التي تلئم "الشرخ" (so-called fissure) وهو شرخ دلالاي وإيحالي تركه الحوار السريالي هذا في السرد.
نقرأ:
"تركها روما في الحلم غاضبا".
القارئ المنتبه يفهم طبعا لماذا أنصرف روما عن حنه غاضبا. ليس فقط لأن ردها على استفساره لم يكن شافيا لقلقه (الوجودي) أنها "لا تحبه". السؤال في دلالته ليس استفسارا عن شك لحبها له من عدمه، بل السؤال (الحقيقي) هو "هل أنا موجود معك في ذلك/هذا الحلم؟ (أقرأ أعلاه) الحلم الذي تركها فيه ومضى غاضبا.
ذكرت في تعليق سابق على صفحة الدكتورة سلوى الاستفسار التالي:
- what is the (grammatical) mood or moods used on this text?
لن اجيب عن هذا السؤال هذه الليله.
الجواب عن السؤال يستلزم ضم الفصل كاملا لهذه القراءة. الفصل قصير جدا. لكنه عبارة عن شريحة microscopic للرواية ككل فيما يخص "مزاج " السرد narrative الذي حبكته سلوى محسن. وسنفعل ذلك بروية.
The most important question to ask is:
- What is the textual relevance of the last line in this dialogue :
ابويا مات وأمي لسه ما جاتش.
هذا اهم سؤال في هذه القراءة for the time being
هذا هو "الجواب" الذي ردت به حنه على روما عندما سألها "بتحيبيني يا حنه؟"
المحتوى الدلالي للسطر لا علاقة له بكنه سؤال روما. هي تتحدث وتحيل في هذا السطر عن "الأن" - الواقع الملموس:
- والد حنه متوفى (والدها ليس حيا بيلم السمسم وليس في الغيط either)
- وأم حنه لازالت غائبة عن البيت.
حنه في السطر الأخير من الحوار تنبه القارئ وروما أيضا (المحب القلق عن موقعه في الحلم) أن ما تتحدث عنه حنه ليس حلما حالما برائحة الطين (الغيط)
بل هو واقع قاسي جدا محروم جدا بارد جدا دامٍ جدا. واقع لا سقف له سوى "أمي" .
كم عدد المرات وردت هذه الكلمة في الحوار؟ ثمانية مرات اضافه الى ثلاثة لإحالات بضمير الغائب. وهو نفس عدد المرات التي وردت بها كلمة "بيت" إضافة إلى "سقف" كناية عن البيت طبعا.
"أبويا" وردت ستة مرات، السادسة نفي لوجوده أصلاً " أبويا مات".
هذه القراءة المقربة close reading لا تكتمل ابعادها الا بربطه بنص الفصل 36 كاملا.
الآن، وأخيرا، وجب على القارب المنتبه، أن يسأل نفسه : "لماذا ترد حنه في حوار شعري حالم بهذه الجملة:
"أمي لسه ما جاتش!"
عندما يقول طفل مثل الجملة سواء كلمات منطوقة أو ذهنية، هذا الطفل لديه مشكل.
"ابويا مات وأمي لسه ما جاتش."
لا تمت للحوار دلالة ومحتوى بصلة!
هنا ينتقل السرد في الحوار من "الخيال" Subjunctive as a modality
ل الواقع
the real , the grammatical indicative, the Real, in the Lacanian sense.
وهنا وجب قراءة الفصل كاملا.
Ait Bari
****.22 Berlin.
مشاركة من Ait Bari -
أخفى سيد شيئًا مما قاله جدي عن الذئب. لم يقل سوى أنه مجرد حيوان؛ أما الإنسان فأكرمه الله بالذرية والنساء يطأ منهن من يشــاء أنى شاء ويزين حياته بهن. بين لي زاد ما أخفاه سيد الواطية من حديث جدي:
(الديب رحيم على ولاده ومراته، يضحي بملو جوفه، يرجَّعُه لو شافهم جعانين ويعود لجوعه، مخلص ما له إلا وليفة واحده لا يعشق غيرها ولا يفرقهم إلا الموت، يحزن ويتوجع ويعوي شهور وسنين على فراقها. أما عياله فطبع الديابه فيهم غالب، يعني ابن الديب ميترباش، خلاف ابن الكلب).
مناسك الخوف، سلوى محسن، دار الأدهم، 2019، الفصل 45، صفحة 247.
مشاركة من Ait Bari -
"... بكى في حضن خالي كطفل سكن الدخان جسده وعاش بعلاته. كنا رضعاٌ عمدوهم يوم الحصاد بحليب الصبار."
مناسك الخوف، نهاية الفصل ٢٧، ص.١٦٠
دار الأدهم، الطبعة الأولى، ٢٠١٩
الراوئية سلوى محسن
Salwa Mohsen
_____________________
"كنا رضعاٌ عمدوهم يوم الحصاد بحليب الصبار"
واحدة من الجمل اللغز في هذه الرواية القصيدة.
مشاركة من Ait Bari -
🌺 من رواية مناسك الخوف ٢٠١٩
… أخرجت منه حجرا داكناً مبللا؛ حجر كحل نقعته ثلاثة أشهر في الزعفران وماء الورد وورق الحنة. تركته يجف، سحقته في الهون، مررته خمس مرات من قطعة شاش وعبأته في مكحلة بمرود.
تهيئني للفرح. مسدت جفني بمرود الكحول الأزرق؛ فغسلت الدموع وجهي:
_ الحكل الحلو لازم يكون حامي …
ابتسمت مقدما، أعلم أنها ستمزح:
_ إزاي الحلو يكون حامي يا سارة؟
مررت المرود على جفنها بعد جفني، وأغلقت عينيها عليه. وأنا أفتح عيني بصعوبة والدمع ينهمر منهما:
_ ليه غمضتي عينك على المرود بعدما كحلتني بيه؟.
تضحك بصخب، لا تخبرني أنها لا تستطيع فتح عينبها وهي تكتحل. تعبث بعينيها الدامعتين، تغمضهما وتفتحهما على اتساعهما؛ فأرى حدقتيها السوداوين؛ بياض عينيها الواسعة كحوراء؛ معرقاً بالوردي بلون بشرتها.
_ عشان بنمد خيط النور من عينك لعيني، نشوفك حتى وأنت غايبه ولو في آخر الدنيا نشوفك حتى لو استخبيتي في العتمة، وهي دي حلاوة الحامي.
مناسك الخوف
سلوى محسن
Salwa Mohsen 🥀🥀🥀
مشاركة من Ait Bari -
تزوجت خالدا لأنجب أبناء غير داكني البشرة؛ خاصة لو جئن إناثًا، ولأن الزواج جبر في أغلب الأحوال فقد أردته مليحا بعض الشيء. هل اخترت خالدا؟ ريما، ساومت ستي. إن أرادت الخاص مني، فلتزوجني من رجل أبيض.
أتقنت احتمال المشقة؛ فصرت مزارعة قوية تبتهج للماء والإنبات. لم نستطع بناء مظلة من القش؛ لأن الرياح ستخلعها في لمحة. كان الأنسب بناء من الطوب؛ وكان ممنوعا علينا؛ فكنا نستظل بشجيرات علف الفيل التي نستخدمها سياجا ضد الرياح؛ أوراقها الكثيفة تزيد الجو سخونة ورطوبة، لكنه حر دون شمس على أية حال. في الشمس هيهات أن يطيق المحتر الصغير غطاء رأس؛ ولو كان جميلًا أصنعه يفيص باللعب. كنت أخشى على طفلتي إن أصابها لفح الشمس؛ فتغمق بشرتها وتُعيَّر بلونها. ظل هاجس اللون يطاردني في الشمس أكثر ما يطارد المرء في الليل كابوس.
انتبهت إلى تلميحات حليمة، وقررت مواجهتها. قالت لخالد:
- ربنا خلق الناس سـود وأمرهم يتطهرو، شویه استحمو فابیضو، وسابو للباقي شوية اميَّه، غسلو بطون إيديهم ورجليهم بس، وجايز الميه اللي سابوها البيض مكانتش كفايه أو مبتنضفش، أو إن السود مبيحبوش يستحمو.
ضحكة عالية أكثر دويًا من وضاعتها:
- ياحاجه، كل القصور زمان كان فيها عبيد سود وبيض، وكانو بيسمو العبد الابيض غلام رومي، أقولك يعني إيه غلام رومي وأقولك كمان الجواري البيض في القصور كان بيتعمل فيهم إيه وكانو بيعملو إيه؟ وبعدين يعني انت عارفه بياضك دا جي منين؟ جدرك مفيهوش بياض ياحاجه. وكمان اللي قلتيه دا معناه حاجه واحده بس، إن البيض حرامية وطماعين، دا لو كلامك صح. والمثل بيقول: المسك بالنفحه واللبن بالسطل، والجير بالقنطار والفلفل بالوقية، ولا معداش عليك الكلام؟
تمنيت أن يفهما المثل وإشارة الجذر. ردا بغيظ وعصبية:
- حليمة هانم، مش الحاجه.
ضحكت بسخرية أثارت خالدا، وانفجرت:
- ياحاجه دا انت حفيدة اللي ميعـرفـو ولا شافو في حياتهم غير الرمل، ودول في الأصل لا هم باشوات ولا هوانم.
مناسك الخوف، الفصل ٢٨، ص. ١٦١-١٦٢
عن دار الأدهم، الطبعة الأولى
للروائية سلوى محسن
Salwa Mohsen
______
مشاركة من Ait Bari
السابق | 1 | التالي |